بقلم : د/ على مهران هشام
تمثل الزلازل أحد الكوارث الطبيعية التي تتعرض لها الأرض كثيراً أو يرتبط تاريخها بتاريخ الأرض مثل كل مجموعة المعارف المتنوعة ولقد فسرت في الماضي تفسيرات غير علمية حتي أن عالم الرياضيات اليوناني فيثاغورث قال أن الزلازل تحدث بسبب حروب الموتي مع بعضهم البعض ؟!! إن التغيير المستمر وعدم الإستقرار في كوكب الأرض سواء نتيجة لأعمال التنمية المتسارعة أو النزاعات والحروب الإقليمية والدولية أو العبث البشري بمعطيات وموارد البيئة وعدم الإهتمام بتوازنها الايكولوجي والطبيعي يمثل جزءاً كبيراً لإختلاف التركيبة الجيولوجية للأرض وبالتالي حدوث الزلازل التي تخلف ورائها الإنتكاسات والفواجع والأحزان والضحايا والخسائر سواء في الأرواح أو الممتلكات على الجانب الآخر ، فإن خطط التنمية والإستثمارات لنهضة الأمم تتأثر كثيراً حيث أن مواقع الزلازل أو إحتمالات حدوثها في أماكن معينة يعتبر عنصراً لطرد المستثمرين ونطاط غير جاذبة للتنمية مما يؤثر على الإقتصاد والإذدهار الإجتماعي والحضاري للأمم . في الثالث عشر من يناير من هذا العام ضرب زلزال مدمر بقوة سبع درجات بمقياس ريختر ولأكثر من دقيقة دولة هايتي الفقيرة ولقد فجع العالم في صباح اليوم التالي على الدولة الكاريبية وكأنها مسحت من الخريطة العالمية ..... حتي أن القصر الرئاسي تحطم وأصبح آلاف الأفراد الذين نجوا من الموت في العراء دون كساء أو مأوي أو علاج أو غذاء ... أنتفض الضمير الإنساني والإخلاقي للتعاون والتكافل وتقديم يد العون لإخوانهم في الإنسانية حتي أن غزة الفلسطينية المحاصرة جمعت معونات لإرسالها إلي هايتي ؟!! الزلازل ظاهرة لا يملك الإنسان التحكم فيها وإلي الآن لا توجد معارف أو تقنيات علمية واضحة لمعرفة وقت حدوثها أو التنبؤ بوقوعها ولكن الدروس المستفادة أن تراعي خطط التنمية العمرانية مواقع الفوالق الأرضية والتركيبة الجيولوجية وفحوصات التربة قبل البدء في المشروعات التنموية والإلتزام بالمعايير الهندسية والفنية وضبط الجودة للمنشآت وعلى الدول الالتزام بالمراقبة والمتابعة وعدم تجاهل الأسس التخطيطية والعلمية فالقضية تتعلق بأرواح البشر ومستقبل الأوطان والحكومات والأفراد معنيون بالتعاون وتقديم المصلحة العامة على المنفعة الخاصة الضيقة والمهلكة . إن عمل خريطة زلزالية تغطي جميع المواقع الجغرافية للوطن يمثل ضرورة ملحة وتكون إرشادية لجميع المحافظات ومراكز المدن والمحليات وأجهزة المساحة والآثار والدفاع المدني ويمكن عرضها على مراكز الشباب ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص لمراعاتها عند الإطلاع بأعمال التنمية والإستثمارات . إن الثقافة الزلزالية أصبحت مطلباً حيوياً ويمكن تحقيق ذلك من خلال المدارس والجامعات والمؤسسات المجتمعية والإعلامية فالوعي بالزلازل يساهم إلي حد كبير في تقليل الاضرار والخسائر كما يمكن عمل تجارب عملية لمحاكاة حدوث زلزال وكيفية التصرف والسلوك لتقليل صدمات المفاجأة التي تتسبب في هزات نفسية وأمراض سلوكية وفيزيائية وخاصة على النساء والأطفال وأخيراً ترديد الدعاء (اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه) . والله المستعان ،،، (Email: drmahran @ hotmail . com)
ساحة النقاش