سلوكيات رمضان


جاءنا رمضان، فمن المسلمين مَن حرص على استثمار ساعاته ودقائقه في الطاعة والمغفرة، ومنهم من كان ممن وصفهم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البزّار والبيهقي: "كم من صائم ليس له من صيامه إلاّ الجوع، وكم من قائم ليس له من قيامه إلاّ السّهر".

ومن أجل هذا الغرض إليكَ أخي الصائم جملة من النصائح التي وردت في القرآن الكريم والسنّة المطهّرة، من أجل أن نسمو بصيامنا إلى أعلى الدرجات بإذن الله.

توضأ قبل الغروب لتكون مستعدّاً للصلاة منتظراً لها، ولتتمكّن من أدائها في أول وقتها، إذ من المخالفة للسنة تأخير صلاة المغرب، سواء في شهر رمضان أو في غيره من الشهور.

من السنة تعجيل الفطر بعد التأكد من دخول الليل، لقوله تعالى: (ثمّ أتمّوا الصيام إلى الليل) والليل لا يدخل بمجرّد غياب الشمس عن النظر. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ فطر الصائم إنما يكون إذا أدبر النهار وغربت الشمس من ههنا، أي من الغرب، وأقبل الليل من ههنا ().

...

عندما تفطر بعد دخول وقت المغرب ليكن فطورك على رُطبات أو تمرات، فإن لم تجد فعلى قليل من الماء. ثمّ صلِّ المغرب إن لم تكن نفسك تتوق إلى الأكل، وإلاّ فكُلْ بلا تلكُّؤ ولا إبطاء، لتقوم إلى صلاة المغرب قبل أن تتشابك النجوم.

أكثر من الدعاء السنةَ كلّها فإنّ الدعاء هو العبادة، وزد منه في هذا الشهر، ولتكن الزيادة العظمى قبل الفِطر وعند الفطر وفي وقت السّحر، فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنَّ ثلاثة لا تُرَدُّ دعوتهم ومنهم الصائم حتّى يُفطر أو حين يُفطر، وأخبر أنّ للصائم عند فِطره لَدعوةً ما تُرَدُّ.

تناول فطورك باعتدال، فالإكثار مُضرٌّ في جميع الأيام، وهو أكثر ضرراً في حقّ الصائم. وتذكّر قوله صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ ابنُ آدم وعاءً شراً من بطنه".

تجنّب السهر بعد صلاة العشاء والتراويح، إلاّ لعلم أو ذكر، لتتمكّن من الاستيقاظ لأكلة السحور. وإياك أن تُضيع هذه السُّنّة المباركة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "فَصْلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكْلةُ السّحر".

استيقظ قبل الفجر بوقت يَسَعُ صلاة التهجّد وأكلة السحور، ولا يكن همّك الأوحد الاستيقاظ للأكل فقط.

اجتنب ما يفعله بعض الغافلين، يسهرون إلى ما بعد نصف الليل، فيتسحّرون وينامون، وقد يصعب عليهم بعد هذا أن ينهضوا لصلاة الصّبح، وبذلك يضيعون فريضة عظيمة، ويقعون في الإثم، ويُضرُّون أجسامهم بالسّهر، ويُخالفون السنَّة التي حثّت على تأخير السّحور. فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "تسحّرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ قُمنا إلى الصلاة ـ يعني صلاة الفجر ـ قيل: كم كان بينهما؟ قال: خمسون آية". متّفق عليه.

أرأيتَ كيف أخّروا السّحور حتّى لم يكن بينه وبين صلاة الفجر سوى زمن يتّسع لقراءة خمسين آية من كتاب الله عزّ وجل، لكن ذلك كان في الليل وقبل أن يظهر أول خيط من خيوط الفجر.

الأفضل أن لا تنام بعد صلاة الفجر مباشرة، وحبذا مجاهدة النفس على ذلك، واملأ هذا الوقت بالذِّكر إلى أن تطلع الشمس وترتفع، لأداء صلاة الضّحى. وإذا فعلت هذا في المسجد كان لك أجرُ حجّ وعمرة تامَّة تامَّة. ومن الممكن أن تنام وقت القيلولة أو بعد صلاة الظّهر.

احرص، أخي الصائم على أن تختم القرآن في هذا الشّهر أكثر من مرة، مع تدبّر معانيه، فإن لم تستطع تكرار خَتْمِهِ فلا أقلّ من أن تختمه مرة واحدة.

شمّر للعبادة بأنواعها كلها وأكثِر من الطاعات، مُغتنماً أوقات هذا الشهر الذي تُضاعف فيه الحسنات، والذي تُصفّد فيه الشياطين، فيكون ذلك أعونَ على الخير والاجتهاد في العبادة. فهو شهرٌ أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.

صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذّ بسبع وعشرين درجة فلا تقصّر في شهودها.

أكثر من البرّ والمعروف والصدقة وفِعْلِ الخير في شهر الخير، فقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس على الدوام، أما في شهر رمضان فحدّث عن جوده ولا حرج، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، يُخبر عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان: "وكان يلقاه جبريل في كلّ ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فلَرَسول الله، حين يلقاه جبريل، أجودُ بالخير من الريح المرسلة.

اختَر ساعة مناسبة من كل يوم تجمع فيها أهل بيتك لنصحهم وتعليمهم. ومن المفيد تفسير ما قد يصعب فهمه عليهم من الآيات القرآنية، مستعيناً ببعض كتب التفسير، ولو على مستوى معاني المفردات. واحرص على حضور الدروس في بيوت الله تعالى.

اختر وقتاً من الليل، أو النهار، أو كليهما، تخلو فيه بربّك، وتذكره فيه بما تشاء من صيغ الذكر الواردة.

هذا بعض ما ننصح به في هذا الشهر، لكن العبرة في العمل لا بالقول، فنسأله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.

أخي الصائم:

إنّ على الصائم أن يحفظ صيامه من كلّ ما يُفسده أو يُنقص ثوابه، وليس الصيام الحق هو ترك الطعام والشراب وبقية المفطّرات فحسب، بل ترك كلّ ما يلوّث الصوم أو يخدشه، من لغو ورفث وغيبة ونميمة، كذلك.

واعلم أنّ من تمام الصوم أن يصوم السمع عن سماع ما لا يحلّ سماعه، بل عن سماع ما لا فائدة فيه، وإن كان حلالاً. وهناك مرتبة، علينا أن نعمل على بلوغها، وهي أن يصوم القلب عمّا سوى الرب عزّ وجل.

المصدر: http://shadipal.com/vb/threads/15775 منتديات شادي فلسطين
drkhaledomran

كـلّ نـورٍ غير نـورِ الله ظـلُ ******** كل عــز غير عــز الله ذل ................ للمراسلة والتواصل والاستفسار من خلال [email protected] ما يقدمه هذا الموقع هو خالص لوجه الله تعالي ... ولانستهدف منه التربح بأي شكل من الأشكال. الموقع الرسمي للدكتور خالد عمران https://staffsites.sohag-univ.edu.eg/Prof.khaledomran?p=home

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
8 تصويتات / 366 مشاهدة

ساحة النقاش

hamdimisr

نسأل الله العلي القدير علي يزيدك علما ونورا ويجعل لك من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا وبرزقك من حيث لا تحتسب

drkhaledomran

شكرا لك أخي الكريم
مهندس/حمدي محمود

أ.د/ خالد عمران فى 30 يوليو 2011

أ.د/ خالد عمران

drkhaledomran
أستاذ المناهج وتقنيات تعليم الدراسات الاجتماعية - عميد كلية التربية - ووكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث السابق كلية التربية - جامعة سوهاج - جمهورية مصر العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,736,945