Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

أزمة العلاقات الأوربية التركية

                        د. محمد ماهر الصواف

إستغل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان محاولة الانقلاب الفاشلة فى يوليو 2016  فى السعى إلى تعديل دستور بلاده بغرض منحه مزيد من السلطات والإختصاصات وتغيير نظام الحكم من النظام البرلمانى إلى النظام الرئاسى . ورأت وسائل الإعلام الغربية أنه إذا تم هذا التعديل الدستورى سيتحول أردوغان إلى دكتاتور، خاصة وأنه  قام بحملة تطهير غير مسبوقة شملت حوالى 200 ألف شخص من ضباط شرطة، وأكاديميين وبيروقراطيين. ومن الملفت للنظر أن تبنى أردوغان نفسه هذا الوصف حين قال : "لو قال الغرب عن واحد إنه ديكتاتور، فإنَّ هذا، من وجهة نظرى، أمر جيد ".

ونتيجة لما تردد تخوفت الحكومات الأوربية من تعديل الدستور التركى، وتمنت أن ترفض الأغلبية التركية هذه التعديلات الدستورية، وبالتالى لم تسمح بعض الدول الأوربية بقيام الوزراء الأتراك بزيارة بلادهم وذلك لإقناع الجاليات التركية بالتصويت والموافقة على التعديلات الدستورية التى ستُجرى فى منتصف شهر أبريل القادم.

فمن المعلوم أنه  يوجود عدد كبير من الأتراك، أو من أصحاب الأصول التركية، والذين يحق لهم التصويت فى الاستفتاء التركى يعيشون  ببعض الدول الآوربية ، فيعيش في ألمانيا الإتحادية  وحدها على سبيل المثال ما يزيد على ثلاثة ملايين شخص من أصول تركية، منهم حوالي 1.4 مليون شخص يحق لهم التصويت، مما يجعلها تبدو كما لو كانت دائرة انتخابية تركية. لذا فكرت تركيا في ارسال عددا من المسؤلين السياسيين الأتراك لبعض الدول الأوربية، مثل ألمانيا، والنمسا، وهولندا، وفرنسا. وكان من المفترض أن تتحرك عدد من مسيرات التأييد لأوردغان فى هذه الدول وقد اعتبر المسؤولون  ألمانيون،  وهولنديون، ونمساويون وجود مثل هذه اللقاءات على أراضيها تهديداً  للأمن والنظام العام  لذلك مُنعت المسيرات فيها .

وبدأت الأزمة بحدتها عندما أعلن أن رئيس الوزراء الهولندى، مارك روتى، أن بلاده لا تسمح لساسة الدول الأخرى باستخدام أراضيها لحملاتهم الانتخابية. ثم أعلنت السلطات الهولندية رفضها السماح بهبوط طائرة وزير الخارجية التركى، على أراضيها، والذى كان مقررًا زيارته لهولندا . وأدان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ما فعلته هولندا، وطالب المنظمات الدولية المختلفة بفرض عقوبات عليها، متهمًا بعض الدول الغربية بمعاداة الإسلام، أو الإسلاموفوبيا. ثم أعلن طرد السفير الهولندى من تركيا، وغلق السفارة فى الوقت الحالى،

ولم يكتفِ أرودغان بهذا فقط ، بل وصف الهولنديين ببقايا النازيين قال إنه اعتقد أن النازية قد انتهت، ولكنه كان مخطئًا، وهو التصريح الذى دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للهجوم على أردوغان، لتصفه بداعم الإرهابيين، مستنكرة: «لماذا يختبئ الإرهابيون فى بلدكم؟ أنت لا تفعل شيئًا".

وجدير بالذكر فى هذا السياق الإشارة إلى أن الرئيس التركى قام  بأفعال مثيرة للجدل، بداية من احتواء بلاده لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الفارين من مصر والدول العربية، ليلقب بألقاب مختلفة مفادها أنه "حامي الإسلام فى العالم . "ويدعمه فى هذا التوجه إتحاد علماء المسلمين برئاسة الدكتور يوسف القرضاوى والذى أفتى بأن النظام الرئاسى حلال ووفقًا للمعايير الإسلامية ودفاعاً عن أردوغان والنظام الرئاسى الجديد الذى سيُطرح للتصويت، إذ صرّح الاتحاد بأنّ النظام الذى يطرحه أردوغان هوَ «النظام الذى يتفق مع التعاليم الإسلامية، التي تجعل أمير المؤمنين أو الرئيس الأعلى هو رقم (1) في السلطة .وقد آثار بيان الاتحاد جدلًا وحديثًا كبيرًا عن التوظيف السياسي للدين  وكيفَ يستخدم الاتحاد فتاواه على النحو الذى يعضد إلى هذا الحد توجهات أردوغان السياسية.

 

 

 

 

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

331,292

ابحث