نظرية العقد الاجتماعي
د. محمد ماهر الصواف
تعود جذور نظرية العقد الاجتماعي social contract إلى أرسطو الذي أكد على ان الدولة تنشئ برضى المجتمع أي قبوله. وبدأت هذه النظرية تتبلور بعد ان شعرت أوربا خلال القرن السابع عشر بحاجتها للعمل وضمان حرية التجارة. وكانت العمليات التجارية تتم بشكل تعاقدي وكان كثير من كبار التجار يقرضون الملوك والأمراء الذين كانوا فى حاجة إلي المال لاستخدامه فى حروبهم ضد أعدائهم.
ونظرا لأن التجار كانوا يقرضون الحاكم كان من الضروري ان يبحثوا عن ضمان لاسترداد قيمة القرض، ولكن مع سيطرة الفكر الديني والاعتقاد بنظرية الحق ألإلهي كان يصعب أو يستحيل مطالبة الحاكم برد ما أقترضه منهم. ومن هنا كان من الضروري أن تنشأ فلسفة جديدة توفر لهم مساءلة الحاكم ومطالبته بحقوقهم وساعد ذلك علي ظهور نظرية جديدة وهى نظرية العقد الاجتماعي.
ويفهم مما سبق أن فكرة العقد الإجتماعي طرحت بهدف تنظيم العلاقة بين الحاكم وأفراد الشعب وأنطلقت من رفض ما كان سائدا من أفكار في العصور الوسطي وهي أن :
<!--الله أرسل مندوبا أو أختار وكيلا له ليحكم البشر.
<!--وأن الحاكم وسلطة الحكام قدر من عند الله .
<!--ومن ثم لا يجوز مساءلة الحاكم وهو فوق القانون .
وقامت هذه الفكره علي تصور أن هناك عقد إجتماعي تم بموجبة اختيار الحاكم لينظم شئون المجتمع وينظم حريات وحقوق الأفراد ، وأنه يجوز للشعب محاسبة الحاكم إذا لم يلتزم بالقواعد الواردة في هذا العقد. وقد تبلورت هذه النظرية بشكل واضح على يد ثلاثة من مفكري العصر الحديث وهم: هوبز ، ولوك ، وجان جاك ورسو ، ولكنهم اختلفوا فيما بينهم حول أطراف العقد وتطور نشأته وآثاره .وهذا ما سنوضحة في مقال أخر بإذن الله .