د/ أحمد عبد الوهاب برانيه

أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية

 

ملتقي التعاونيات الخليجي الثاني

( التعاونيات في ضوء التجارب الدولية )

 

تعاونيات الصيد البحري

متطلبات نجاحها في التجارب الدولية


<!--

إعــداد
أ . د . أحمد عبد الوهاب برانيه
استاذ اقتصاد الموارد السمكية

معهد التخطيط القومي ( ج  م ع )

مستشار الاتحاد التعاوني للثروة المائية ( ج  م ع)

 

 

20 - 22 أكتوبر 2012

أبـو ظبـي - الامارات العربية المتحدة

المحتويـــات

أولا :       مفهوم تعاونيات الصيد البحري ومتطلباته

ثانيا :       الصعوبات والمشكلات التي تواجه تعاونيات الصيد البحري

ثالثا :       تجارب ناجحه في الصيد البحري في الوطن العربي وآسيا وأوروبا

             -      جمهورية مصر العربية

             -      مالـيزيـــــا

             -      كوريـا الجنوبيـــة

             -      النرويـــــــج

رابعا :      متطلبات نجاح تعاونيات الصيد البحري في دول مجلس التعاون الخليجي

مقدمـه :

    تعتبر المصايد البحرية نظم اجتماعية ايكولوجيه Social - ecological System

تدعم ملايين الصيادين حول العالم معظهم في الدول النامية.وتساهم في تحقيق الأمن الغذائي ، وخلق فرص عمل في المجتمعات الساحلية .

 وعلي مدي العقود الماضية تطور مفهوم تنمية الموارد السمكية من مجرد زيادة الأنتاج من الأسماك وغيرها من المنتجات البحرية إلي عملية مركبه       لها أبعاد اقتصادية - اجتماعية ( تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمنتجين ) . وسياسة ( مشاركة المنتجين في تخطيط وتنفيذ برامج ومشروعات التنمية ) ، وبيئية( المحافظة علي الموارد السمكية واستدامتها ) .

  أي أن تنمية الموارد السمكية تقوم علي عدة محاور أساسيه هي :

1  -   الأستغلال الأمثل للموارد مع الأخذ في الأعتبار الحاجات الاقتصادية والاجتماعية للمنتجين ( الصيادين) .

2  -   المشاركة الفعالة للمنتجين في مرحلتي تخطيط وتنفيذ برامج ومشروعات التنمية .

3  -   الدعم الفني طويل الأجل والتدريب بهدف ضمان استمرارية وبقاء المنتجين          في النشاط .

4  -   التنمية المتوازنة لكافة فروع القطاع السمكي ( الأنتاج - التصنيع - التسويق - الخدمات المعاونة ) .

 ومن استقراء تنمية مصايد الأسماك البحرية في العديد من دول العالم خاصـة الدول الناميـة يمكن ارجـاع فشل العديد من برامج التنمية إلي عدم التعرف علي آراء ورغبات القاعدة العريضه من الصيادين . ودفعهم إلي المشاركة  في تخطيط وتنفيذ هذه البرامج .

        ولما كان من الصعب أن تعقد الجهات المسئوله عن تنمية المصايد حوارا مع الآلاف من الصيادين للتعرف علي آرائهم وأحتياجاتهم . أصبح تجميع هؤلاء الصيادين في تنظيمات تمثلهم ، ومعترف بها وتتحدث بأسمهم هو الحل الوحيد لتحقيق هذا الهدف .

        وتعتبر الجمعيات التعاونية علي الرغم من تفاوت درجات نجاحها وفشلها أكثر التنظيمات قبولا لتمثيل الصيادين والتي من خلالها يمكن تنفيذ خطط وبرامج التنمية والتي تهدف إلي تقديم الخدمات الأساسية التي تساعد الصيادين في القيام بأنشطتهم الأنتاجية والخدمية المختلفة ، والتي تتم في بيئه طبيعية واجتماعية لا يملكون لها تغييرا دون المشاركة الجماعية فيما بينهم .

اولا : مفهوم تعاونيات الصيد البحري ومتطلباته
       أ  -  مفهوم التعاون السمكي :

          إن مفهوم التعاون في مجال الصيد البحري يعني موافقة مجموعة من الصيادين في مجتمع معين وباختيارهم الحر علي العمل معاً مستخدمين مواردهم وامكانياتهم الذاتيه من خلال منظمة معترف بها قانوناً ، لتحقيق أهداف اقتصادية أو اجتماعية أو كليهما لا يستطيعون تحقيقها فرادا . ويتم ادارتها - أي المنظمة من خلال مجلس إدارة ينتخب من المجموعة ( الأعضاء) بأسلوب ديمقراطي في اطار مبادئ العمل التعاوني المتعارف عليها ( الحريه - المساواه - الديمقراطية - العداله . . ) .

        وطبقا للظروف المحليه والامكانيات المتاحه فإن التعاونية يمكن أن تعمل في مجال أو أكثر من المجالات الأتيه :

1  -   الأنتاج والمحافظه علي الموارد السمكية .

2  -   توفير الامدادات اللازمة (المواد الغذائية - الوقود - خدمات - الاصلاح والصيانة).

3  -   توفير معدات وادوات الصيد .

4  -   التسويق .    

5  -   التصنيع .

6  -   تقديم الخدمات الاجتماعية ( التأمين علي قوارب الصيد - التأمين علي الحياه - المعاشات - الخدمات الطبيه . . الخ) .

7  -   التمويل والأئتمان .

  وتوجد ثلاثة مستويات من الجمعيات التعاونية للصيد البحري هي :

الجمعية التعاونية المحليه : والتي تمارس نشاط علي مستوي منطقة محدده       [ قريه ] .

الجمعية التعاونية المشتركه ( الأقليمية ) : والتي تضم في عضويتها جمعيتين    أو أكثر وتختص بتقديم الخدمات في كل أو بعض المجالات السابقه التي تطليها الجمعيات المنتميه إليها ولا تقبل الأفراد ضمن أعضائها .

الجمعيات التعاونية العامه : أو ما تعرف بالاتحاد التعاوني العام والذي يتكون من الجمعيات المحلية والمشتركة والذي يعتبر مظله تضم جميع التعاونيات العاملة في مجال الصيد ، والذي يلعب دوراً هاما كقوة ضغط  أمام الجهات الحكومية  والأشتراك في وضع التشريعات والسياسات المرتبطة بتعاونيات الصيد والدفاع عن مصالح الجمعيات التعاونية وأعضائها والقيام بتقديم الخدمات الاقتصادية والاجتماعية للجمعيات التعاونية المحلية .

ب :  متطلبات تكوين تعاونيات الصيد البحري :

        عند تكوين جمعية تعاونية فإنه يجب الأجابة علي الأسئله الأتيه :

-   ما هي الخدمات التي يحتاجها الصيادون ؟

-   ما هي الفوائد التي ستعود علي الصيادين ؟

-  ما هي  الأنشطة والأعمال المتوقع القيام بها لتحقيق الخدمات ؟

-  ما هو حجم الأموال المطلوبه لتنفيذ الأنشطة المستهدفه ؟

-  ما هي الاحتياجات من الأفراد لإدارة الأنشطة ؟

- هل الجمعية قادرة علي تحقيق عائد من الأعمال والأنشطة المقترحه؟ بمعني آخر هل الجمعية ذات جدوي علي مدي فترة زمنية مناسبه ؟

          وهذا السؤال له أهمية خاصة ، ذلك أن الجمعية الناجحه هي التي تكون ذات جدوي اقتصادية مثل أي مشروع اقتصادي . وهذا يعني مدي كفاية موارد الجمعية المالية في تغطية تكاليف الحصول علي الأصول والتسهيلات المطلوبه .

        ومن استقراء تجارب التنظيمات التعاونية في مجال الصيد البحري  في معظم الدول ، يمكــن القــول أنه من الصعب قيام تنظيمات تعاونيــة بدون دعــم من الدوله فــي شكـل اصدارتشريعات تعطي غطاءاً قانونيا للتعاونيه وتنظم أسلوب تكوينها وإدارتها ، بحيث لا يتحول هذا الدعم إلي سيطرة كاملة علي التعاونيات ، بمعني أن يقتصر دور التشريع علي وضع الأطر القانونية التي تحدد طريقة تكوين التعاونية والقواعد العامة لتنظيمها وإدارتها ، ومراقبة تنفيذ التعاونيات للتشريعات الصادرة وضمان عدم انحراف القائمين عليها وكذلك تقديم الدعم الفني والإداري للتعاونيات بالإضافة إلي عدة اعتبارات أخري إدارية واجتماعية . مع التأكيد علي ضرورة توفير الإدارة الذاتيه للتعاونيات من خلال التخطيط الذاتي والرقابة الذاتيه والحد من الرقابة الحكوميه بما يِمكن التعاونيات من ممارسة نشاطها بمرونه كافيه .

1 -  في مجال التشريعات :

                يجب أن يحدد التشريع العناصر الأتيه :

-    تعريف تعاونيات الصيد البحري والمجالات التي يمكن أن تعمل فيها لخدمة أعضائها بشكل عام والتي تتضمن المجالات السابقة .

-   شروط عضوية التعاونية والتي غالباً ما تقتصرعلي الأفراد الذين يزاولون مهنة الصيد بشكل مباشر أو غير مباشر مثل ملاك وحدات الصيد الذين لا يمارسون الصيد بأنفسهم .

-  إجراءات تأسيس التعاونية والاطار العام للنظام الداخلي والذي يعتبر دستوراً للتعاونية والذي يقوم الأعضاء باعداده .

        -       التعاون بين التعاونيات [ التعاونيات المحليه والمشتركه والعامه ] .

        -       مصادر تمويل التعاونية [ مساهمة الأعضاء - المنح - القروض ] .

        -       حماية أموال وممتلكات التعاونية وأسلوب مراقبة أعمالها .

        -       مهام ومسئولية الجمعية العمومية .

        -       مهام ومسئولية مجلس الإدارة .

        -       الإعفاءات والمزايا الممنوحه للتعاونية .

        -       انقضاء التعاونية وحلها .

-       في مجال الدعم المالي والفني  :

        نظراً لعدم كفاية الموارد الماليه الذاتيه للجمعيات التعاونية خاصة في المراحل الأولي من تأسيسها بسبب ضعف المراكز الماليه للأعضاء وكذلك عدم توفر الكوادر المدربه من الأعضاء علي إدارة أنشطة التعاونية ، فإن توفير الدعم المالي والفني والإداري من الدولة أو المؤسسات الخارجيه تعتبر مطلباً اساسيا لقيام التعاونية بتحقيق أهدافها التي أنشأت من أجلها . ويتحدد هذا الدعم بشكل اساسي في توفير التسهيلات الضرورية في مجالات عمل الجمعية [ الإنتاج - توفير مستلزمات الإنتاج - التصنيع - التسويق . . الخ ] مما يعطي التعاونية دفعه قوية Big push للإنطلاق . وكذلك توفير الكوادر اللازمه لإدارة وتشغيل هذه التسهيلات .

          ويجب التأكيد علي أهمية أن يتم تقديم الدعم بالأسلوب الذي يضمن قيام التعاونية بالاعتماد علي مواردها وامكانياتها الذاتيه بعد فترة محدده بعد أن تكون التعاونية في وضع مالي وإداري يسمح لها بإدارة وتوجيه كافة الأنشطة ذاتياً .

          إن توفير الدعم للتعاونيات وتحقيق المستهدف منه سوف يزيد من قناعة الصيادين اعضاء التعاونية بجدوي العمل التعاوني وارتباطهم بالتعاونية وحرصهم علي استدامتها .

          3  - المطلبات الاقتصادية و الإدارية والاجتماعية :

          -  يجب أن يكون واضحا بشكل محدد المزايا التي ستعود علي الصيادين من انضمامهم للجمعية التعاونية ، ولا شك أن الحوافز الاقتصادية تعتبر القاعدة الاساسية لأي عمل جماعي .ذلك ان حماس الاعضاء سوف يخبو اذا لم يحصل كل منهم علي مزايا  من العمل التعاوني خلال وقت محدد . وعليه يجب    أن تكون الجمعية قادرة علي تحقيق مزايا اقتصادية لأعضائها مثلها في ذلك مثل أي مشروع اقتصادي آخر . وهذا لا يعني أغفال المزايا الاجتماعية الممكن تحقيقها.

        -  اعتبار الجمعية التعاونية منظمة للمساعدة الذاتية وأن أي مدخلات من الخارج تعتبر مكمله لمساهمات أعضائها والتي يجب أن تكون في الحجم الذي يجعلهم يشعرون بالخسارة التي ستلحق بهم اذا ما فشلت التعاونية .

- يجب اتاحة الفرصة لاعضاء التعاونية بالمشاركة في وضع القواعد وشكل التنظيم الذي يرغبونه وذلك في اطار المبادئ العامة للتعاون ، وتعتبر الإدارة التي تتميز بالكفاءة العالية أهم العناصر اللازمة لأية تعاونية . فهي تحتاج إلي اداريين ذوي خبرة من خارج التعاونية لمعاونتها في المراحل الأولي . الا أن هذه الإدارة يجب أن تكون تحت أشراف مجلس إدارة التعاونية الذي يتم انتخابه بواسطة الأعضاء .

-  إن توفير الرقابة الداخلية من جانب اعضاء التعاونية وكذلك وجود رقابة خارجية من جانب الجهات المعنية سواء حكومية أو شعبية ( الاتحاد التعاوني ) تعتبر احد الاعتبارات الاساسية لتفادي الانحرافات واستغلال النفوذ سواء من قبل القيادات أو الجهاز الإداري للتعاونية .

        -  انشاء الصناديق اللازمة لدعم النشاط الاقتصادي والاجتماعي للجمعيات التعاونية مثل صناديق التمويل التعاونية ، صناديق التأمين علي سفن الصيد والعاملين عليها.

        -  اهتمام التنظيمات التعاونية الأعلي (الجمعيات العامة أو الاتحاد التعاوني ) بالتدريب التعاوني لأعضاء الجمعيات التعاونية وخاصة أعضاء مجالس الإدارة ومديرو الجمعيات والأعضاء .

ثانيا :  الصعوبات والمشكلات التي تواجه تعاونيات الصيد البحري :

ان تناول الصعوبات والمشكلات التي تواجه تعاونيات الصيد البحري يتطلب تناول المشاكل والصعوبات التي تواجه المصايد البحرية بشكل عام باعتبارها مصدر الانتاج والمحدد الرئيسي لانتاجية الصياد ودخله ، وأن العوامل والمحددات التي تواجه المصايد البحرية هي المحرك الرئيسي للصياد الفرد للتعاون مع الآخرين لمواجهتها حيث لا يمكنه التعامل معها منفردا .

أ  -المشاكل والصعوبات التي تواجه المصايد البحرية :

1 -    تناقص القدرة الإنتاجية للمصايد :

تتعرض معظم المصايد البحرية علي مستوي العالم وباعتراف من المنظمات الدولية  ( منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO  ) لعمليات استنزاف مستمرة اما بسبب الصيد الجائر أو بسبب الاثار الناتجة من التلوث البيئي بأشكاله المختلفة ( التلوث البترولي والصناعي واستخدام معدات صيـد مدمـره للبيئه كذلك استقطاع مساحات من المسطحات المائية ) ، وكلها عوامل تؤدي إلي تقليل حجم المخزونات السمكية ، وبالتالي انخفاض قدرتها علي استعاضة عناصرها ، ذلك أن خاصية تكرار الأنتاج السمكي دون تدخل الأنسان ، سببها الطبيعة الديناميكية للموارد السمكية والتي هي عملية تبادل مستمر للاجيال علي مر الزمن تتضمن ولادة للاجيال المتتابعة ثم نموها ثم هلاكها وذلك من خلال نظام انضباطي يتكيف بصورة آلية مع أي تغيير في ظروف حياة هذه الموارد بطريقة انضباطية أخري ، وتعتبر عملية الصيد من حيث طبيعة تأثيرها علي الموارد السمكية ورد فعلها عليها عاملاً هاماً من عوامل التغييــر ، اذ يجــب أن تكــون عمليــة الصيــد متوازنــة مع عملية استعادة الموارد السمكية لعناصرها بواسطة النمو والتوالد ، فاذا لم يتحقق هذا التوازن ، أي كانت نسبة الصيد أعلي من التعويض لعناصر الموارد السمكية كانت النتيجة تناقص هذه الموارد ثم انقراضها في النهاية ، لذا فإن الهدف والمهمة الأولي للادارة العلمية للمصايد تنحصر في تحديد مستوي الاستغلال البيولوجي الأمثل والذي يعني أكبر كمية من الأسماك يمكن أن تحصل عليها علي المدي الطويل والذي نطلق عليه المستوي الحرج للاستغلال .

         وعلي هذا فإن الزيادة غير المخططة في اعداد ونوعية مراكب الصيد وتلوث المياه بالمخلفات الصناعية والبترولية ، وتجفيف مساحات من المناطق الساحليه واستخدام طرق ووسائل صيد مخالفة ، تؤدي إلي أنخفاض أنتاجية الصيادين الذي ينعكس علي مستوي دخولهم وقدراتهم المالية .

          2  -  انخفاض مستوي وسائل الأنتاج ونقص عناصر البيئة الاساسية في قطاع الصيد البحري

         أن تنمية الأنتاج السمكي البحري سواء من حيث الكم أو النوع مرتبط اساسا بمستوي تتطور وسائل الأنتاج ومدي توفير عناصر البنية الاساسية الضرورية لاستغلال الموارد المتاحة . وتتصف وسائل الأنتاج السمكي المستخدمة في المناطق الساحلية بأنها تقليدية ، مما لا يسمح بالابتعاد كثيراً عن الساحل ، وكذلك فإن صغر حجم القوارب لا يسمح بوجود تجهيزات لحفظ الأسماك . وفي معظم مواقع الانزال لا تتوفر التسهيلات الاساسية الضرورية .

         ونظرا لكون الأسماك سلعة سريعة التلف خاصة في الظروف المناخيـة الحــارة مثــل المنطقــة العربيـة ، فـإن حفظ الأسماك خلال مراحل التداول المختلفة تعتبر أحد المشاكل التي تعوق تنمية المصايد ، وذلك نتيجة النقص في أنتاج الثلج ، وكذلك وسائل التبريد والتجميد ونقل الأسماك واصلاح وصيانة وحدات الصيد .

         3  -   تناقص اعداد الصيادين

         أدت العوامل السابقة إلي الهجرة من قطاع الصيد إلي القطاعات الاقتصادية الأخري كما ، أدي التباين في مستوي المعيشة بين قري الصيد ، والمناطق الحضرية يسبب تشتت تجمعات الصيادين علي امتداد السواحل والشواطئ ، وفي مناطق تكاد تكون معزولة في بعض الاحيان ، جعل من الصعوبة توفير عناصر البنيه الاساسية والخدمات الاجتماعية مما انعكس في انخفاض مستوي المعيشــة فـي مجتمعــات الصياديـن ، وهـذا بدوره أدي إلي الهجـره مـن قــري الصيد إلي المنـــاطق الحضرية بحثا عن مستوي معيشة أفضل ، كذلك فإن تطور بعض القطاعات الاقتصادية الاخري في المناطق القريبة من مجتمعات الصيادين وارتفاع مستوي الدخل فيها بالمقارنة بقطاع الصيد مثل السياحة والمناجم والبترول والنقل البحري والتشييد والبناء ، دفعت العديد من الصيادين إلي ترك مهنتهم والاتجاه للعمل بهذه القطاعات للحصول علي مزايا مادية واجتماعية في ظل ظروف عمل أكثر أمانا من قطاع الصيد .

         4  -   المحددات الادارية والتنظيمية

         وتشمل المحددات الادارية والتنظيمية مجموعة المؤسسات والتنظيمات والتشريعات التي تتصل بشكل مباشر أو غير مباشر بقطاع الصيد البحري. ويمكن القول بصفة عامة أن المهام الاساسية والتي تمثل الحد الأدني للوظائف التي يجب أن تقوم بها الجهات المعنية في القطاع قد تكـون غـير متوفـره فـي بعـض الحـالات ، ويرجـع ذلك إلـي عدم تطور هذه الجهات بالشكل الذي يتيح لها القيام بهذه المهام ، حيث يعاني العديد منها من نقص الكوادر العلمية والفنية .

ب  :  المشاكل والمعوقات الخاصة بالتعاونيات

تعاني معظم تعاونيات الصيد البحري من مجموعتين من المشاكل أوالمعوقات:

الأولي : انخفاض مستوي الخدمات التي تقدمها لأعضائها نتيجة لضعف مواردها المالية بسبب نقص التمويل الخارجي أو انخفاض مساهمة الأعضاء ، والذي بدوره يمكن ارجاعه أما إلي انخفاض مستوي دخول الأعضاء أو إلي احجامهم عن دفع مساهماتهم كاملة نظرا لعدم حصولهم علي ما كان متوقعا من خدمات في المقابل أو كلا  السببين ، ومجموعة هذه الأسباب المتداخلة تضع التعاونيات في حلقة مفرغة تعوقها عن تقديم الخدمات المستهدفة .

الثانية :  انخفاض مستوي الإدارة التعاونية ، بسبب نقص الوعي التعاوني لدي الأعضاء وتفشي الأميه أحيانا ، وعدم توفر كوادر ادارية – في معظم الجمعيات – ذات مستوي مناسب من بين أعضائها ، أو بسبب عدم قدرة  التعاونيه عن دفع أجور للخبرات المناسبة من خارج التعاونية .

ثالثا: نماذج عن تعاونيات الصيد البحري في بعض الدول

          1  -   تعاونيات الصيد البحري في جمهورية مصر العربية :

          تمهيد :

          نشأت وتطورت التنظيمات التعاونية السمكية في مصر في اطار نشأة وتطوير الحركة التعاونية الزراعية المصرية باعتبارها الأم التي خرجت من احضانها التعاونيات السمكية وأرتبطت بها خلال مراحل تطورها المختلفة .

                وفي ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي كانت سائدة كان من المستحيل قيام تنظيمات تعاونيات بدون تدخل من الدولة في شكل تشريعات تعاونية وكذلك مصادر تمويل مناسبه . وعليه فإن جميع الاشكال التعاونية التي وجدت في مرحلة ما يسمي ما قبل التشريع التعاوني والتي قامت علي اساس اختياري محض ودون دعم من الدولة ،كانت اتجازاتها محدود، وتقلص نشاطها تدريجيا إلي أن توقفت تماما.وعلي هذا ظهرت الحاجه إلي ضرورة إصدار تشريع تعاوني قبل السعي إلي تأسيس أية جمعيات تعاونية . وتوالي صدور الفوانيين المنظمة للتعاونيات السمكية وكان آخرها قانون تعاونيات السمكية رقم 123 لسنة 1983 والذي حدد مفهموم الجمعيا التعاونية السمكية باعتبارها وحدات اقتصاديــة اجتماعيـة تهدف إلي تطويــر وتنمية الثروة المائيـة في مجالاتها المختلفة وتقديم الخدمات المختلفة لاعضائها وتسهم في التنمية الاجتماعية في مناطق عملها وذلك بهدف رفع مستوي أعضائخها وغيرهم اقتصاديا واجتماعيا في اطار الخطة العامة للدولة ومما لا يتعارض والمبادئ المتعارف عليها دوليا .

 وقد حدد القانون التنظيمات التعاونية السمكية كما يلي :

          1  -   الجمعيات التعاونية المحلية

وتتكون كل جمعية من عشرين عضوا علي الأقل، وتمارس أغراضها علي مستوي منطقــة صيد أوأكثر ذات حجم اقتصادي مناسب ويصدربتحديدها قرار من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، [ الجهه الحكوميه المسئوله عن قطاع الثروة السمكية ] ويبين النظام الداخلي للجمعية مقرها ومنطقة عملها ، ويجوز بقرار من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية أن تنشأ بمنطقة الصيد الواحدة أكثر من جمعية تعاونية من نوع واحد . وقد حدد القانون مهام الجمعيات المحلية في مجالات الانتاج وتنمية وتسويق الثروة المائية والقيام بالخدمات التي يحتاجها أعضائها في منطقة عملها خاصة في المجالات الاتية :

-  مد أعضائها بادوات ومعدات الصيد المحلية والمستوردة .

- تمكين أعضائها من امتلاك مراكب وقوارب الصيد ولوازمه .

- امتلاك أو تدبير وسائل النقل المجهزة لنقل الأسماك .

-  تسويق منتجات الثروة المائية واقامة المنشآت التسويقية اللازمة لذلك .

- انشاء وإدارة المزارع السمكية التعاونية  .

-   الاقراض والاقتراض لتنفيذ أغراضها من مصادر التمويل المختلفة.

                -  تقديم الخدمات الاجتماعية والثقافية لرفع مستوي أعضائها.

                   -       تنفيذ البرامج التدريبية التي تنظمها الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بالتنسيق مع الاتحاد التعاوني للثروة المائية .

                   2  -   الجمعيات التعاونية المشتركة

     لكل جمعيتين تعاونيتين محليتين أو أكثر أن تؤسس جمعية تعاونية مشتركــة تختـص بتقديـم خدمـات اقتصاديـة أو ماليـة  أو اجتماعيـة تتطلبهــــا الجمعيات المنتمية إليها أو تحديد الوسائل التي تكفل للجمعيات المذكورة تحقيق هذه الخدمات ولا يجوز أن تقبل الأفراد ضمن أعضائها .

  ومن مهامها تقديم خدمات الاصلاح والصيانة لمراكب الصيد والتسويق والتصنيع والاستزراع السمكي واقتراح مواعيد الصيد وطرقه وحرفه لأعضائها .

 3  -   الجمعيات التعاونية العامة :

 وهي التي تضم في عضويتها الجمعيات التعاونية المحليه والجمعيات التعاونية المشتركة .

  وتهدف الجمعية العامة إلي معاونة الجمعيات التعاونية المحلية والمشتركة للثروة المائية  المنتمية إليها في اداء نشاطها وتحقيــق أغراضهـــا وتقديـــم الخدمـــات الاقتصاديـــة أوالماليــة أو الاجتماعية التي تتطلبها هذه الجمعيات ، ولها علي الأخص القيام بما يلي :

                   أ  -    توفير احتياجات الجمعيات الأعضاء من معدات وآلات وقطع غيار وكافة مستلزمات الأنتاج المختلفة .

                ب-     القيام بعمليات التسويق التعاوني .

                ج-     تصدير المنتجات لحساب أعضائها .

                د -     انشـــاء الصناديــق اللازمــة لدعـم النشــــاط الاقتصـــادي والاجتماعي ومساعدة الجمعيات الأعضاء في انشاء هذه الصناديق.

                        ويوجد في الوقت الحالي 100 جمعية تعاونية سمكية    منها  69جمعية  تعاونية تعمل في مجال الصيد البحري علي سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر وخليجي السويس والعقبه، 21 جمعية تعمل في المياه الداخليه ، 10جمعيات استزراع سمكي .

                   4  -   الاتحاد التعاوني للثروة المائية

يتآلف الاتحاد التعاوني للثروة المائية من الجمعيات التعاونية المحلية والمشتركة والعامـة ، ونص قانـون تعاونيات الثروة المائية أن مهمة الاتحــاد نشـر الدعـوة إلي التعاون والدفــاع عــن مصالح الجمعيات التعاونيـة وارشادها في إدارة أعمالها ومراجعة حساباتها والتفتيش علي أعمالها وبث الروح التعاونية ومساعدة المواطنين علي انشاء الجمعيات التعاونية  وله في سبيل ذلك أن يعين المشرفين والمنظمين والمراجعين لهذه الأعمال .

ويشكل البنيان التعاوني للثروة المائية أحد مكونات ، البنيان التعاوني القومي الذي يمثله الاتحاد التعاوني العام للتعاونيات والذي يضم الجمعيات الزراعية والاستهلاكية والانتاجية والاسكانية .

ويشارك الاتحاد التعاوني للثروة المائية بشكل فعال في وضع السياسات الخاصة بإدارة المصايد وحمايتها من خلال عضويته  في مجلـــس إدارة الهيئة العامـة لتنميـة الثــروة السمكيـة وهــي الجهـه الحكوميـة المسئوله عــن تخطـــيط وإدارة تنميـــة المصايـد السمكية ، وكذلك المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد والمختص باجراء البحوث والدراسات المتعلقة بمصايد الأسماك ، والتي بناءاً علي توصياته يتم صياغة التشريعات ووضع السياسات ذات العلاقه بمصايد الأسماك .

5  -   صندوق دعم الجمعيات التعاونية لصائدي الأسماك

          وهو صندوق خاص يوفر الائتمان للجمعيات التعاونية من خلال منح القروض القصيرة والمتوسطة الأجل بدون فوائد في مجالات بناء قوارب الصيد ، وتوفير مستلزمات الأنتاج ، وانشاء مقار لتسويق اسماك الجمعيات التعانية. وتساهم الحكومة بالكامل في رأس مال الصندوق من خلال الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية .

        وعلي الرغم من تفاوت درجات نجاح وفشل الجمعيات التعاونية المحلية والمشتركة والعامة . فإن تجميع هذه الوحدات تحت مظلة الاتحاد التعاوني للثروة المائية قد مكن الاتحاد من تحقيق الانجازات الآتيه :

<!--تنظيم دورات تدربية لاعضاء الجمعيات التعاونية والجهاز الإداري.

<!--تمثيل الحركة التعاونية للثروة المائية في الخارج وذلك بالاشتراك في عضوية المنظمات التعاونية والإقليمية والعربية والاشتراك فــي المؤتمـرات الخارجيـة وتبـادل الخبرات التعاونية

<!--مع مختلف المنظمات الدولية وقبول العون المادي من المنظمات التعاونية الخارجية وذلك كله بالتنسيق مع وزارة الزراعة .

<!--انشاء صندوق تأمين تعاوني علي مراكب الصيد والعاملين عليها حيث قدرت اجمالي التعويضات عن الحوادث بحوالي( 16مليون جنيه) بالنسبة للمراكب واجمالي تعويضات العاملين بقيمة  (3مليون جنيه) خلال الفترة من 2003 حتي 2013 .

<!--إنشاء صندوق تكافل اجتماعي لجميع العاملين في قطاع الصيد ويهدف إلي صرف الإعانات المالية للأعضاء في الحالات الآتية:

-   في حالة الوفاة وتصرف الإعانة التي تقرر للورثة الشرعيين.

     -  في حالات العجز .   

     -  في حالات الحوادث أو النكبات التي تحدث للعضو اثناء العمل وبسببه وفقاً لمدة الاشتراك بالصندوق .

     -  منح مكافآت مالية عند بلوغ سن التقاعد .

<!--  توقيع بروتوكول تعاون مع جهاز شئون البيئة الهدف منه حماية البيئة المائية والبحرية وكذلك الرقابة والمتابعة علي أية أنشطة ملوثه للبيئه البحريه .

<!--  توقيع اتفاقية مع مصلحة الضرائب لوضع قواعد وأسس محاسبية تتناسب وطبيعة العمل لكل منطقة صيد علي حده .

<!-- توقيع إتفاقية مع الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية واكاديمية النقل البحري لتدريب العاملين الغير مؤهلين علي سفن الصيد والتي تعمل خارج المياه الإقليمية .

<!-- الحصول علي اعفاء ضريبي من الارباح التجارية والصناعية لمشروعات القطاع [ مراكب صيد - استزراع سمكي ] لمدة 10 سنوات من تاريخ بدء النشاط .

<!--الحصول علي تعويضات من ناقلات البترول العابرة والتي   تقوم بإحداث أي تلوث بالمياه المصريه لصالح الجمعيات الموجودة بمنطقة التلوث . وقد قدرت قيمة التعويضات التي    تم الحصول عليها لصالح الجمعيات حوالي 58 مليون جنيه حتي عام 2013.

<!-- توقيع عدة اتفاقيات للصيد مع دول الجوار مثل [ اليمن - اريتريا - السودان - الصومال ] .

<!--اصدار جريدة دوريه " جريدة الصياد " تعبر عن آراء وأفكار العاملين بالقطاع وتعرض المشكلات التي يواجهونها وتوزع علي الجمعيات وجميع الجهات التي لها علاقة بقطاع الثروة السمكية مجانا.


drBarrania

د/ أحمد برانية أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1614 مشاهدة
نشرت فى 27 أكتوبر 2014 بواسطة drBarrania

ساحة النقاش

د/ أحمد عبد الوهاب برانية

drBarrania
أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

336,112