<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
السيكاثينيا (Psychasthneia)
السيكاثينا اصطلاح أطلقه "جانيه" على عدة اضطرابات ذات طبيعة قهرية، ومعناه حرفياً نقص الطاقة النفسية للإبقاء على التكامل العادي.
وتشمل السكاثينيا الأعراض المرضية التالية:
1- المخاوف. 2- الوساوس المتسلطة. 3- الأفعال القسرية.
فيما يلي شرح لكل عرض من تلك الأعراض:
1) المخاوف (Phobias)
تعتبر هذه المخاوف إشارة مرضية غير منطقية، لا يعرف المريض سبباً لها. كما لا يستطيع التخلص منها أو التحكم فيها، وفي الوقت ذاته يشعر أن سلوكه في بعض المواقف يثير الخوف والقلق، ويعمل على إثارة ضحك الآخرين.
إن المخاوف المرضية المعروفة هي:
1- الخوف من الأماكن المغلقة.
2- الخوف من الأماكن المرتفعة.
3- الخوف من الأماكن المفتوحه.
4- الخوف من الدم.
5- الخوف من القذارة "النجاسة"
6- الخوف من الازدحام.
7- الخوف من الحيوانات أو من بعض أنواعها.
تفسير المخاوف:
من وجهة نظر المدرسة السلوكية على أنها نوع من التعلم الشرطي. انتقلت فيه القدرة على إحداث الاستجابة من المثير الأصلي الطبيعي إلى بعض الظروف التي اقترنت بالمثير الأصلي في حادثة قديمة مر بها المريض في طفولته، ونتيجة الترابط تكتسب المثير غير الطبيعي "الشرطي" صفات المثير الطبيعي فأصبح يفعل ما يفعله.
ولما كان التعليم الشرطي يتميز بأن العلاقة فيه بين المثير الأصلي والمثير الطبيعي لا يلزم أن تكون واضحة في ذهن المتعلم، كان من الممكن أن يستجيب المريض لمؤثرات شبيهة للمؤثر الشرطي دون أن يعرف العلاقة بين هذه المؤثرات والمؤثر الأصلي. وحتى إذا كان المريض قد أدرك العلاقة في الموقف فإنه يقوم بعد ذلك بعملية كبت، أي حذف هذه العلاقة – من ذكريات ومن تعبير لغوي – من خبرته الشعورية، ولكن ذلك لا يعني أنه قد تخلص من الخبرة كلية، فالذي يبقى عبارة عن جزء من الموقف وهو وجه التشابه بين الموقف الحالي والموقف الأصلي الذي يصبح مثيراً للخبرة الانفعالية التي سبق أن مر بها.
(مثــال): كان هناك ضابط يخاف من الأماكن المغلقة حيث كان يصرخ وهو يرابط هو وفرقته في خندق من الخنادق بالقرب من الخط الأمامي لمعركة من المعارك الحربية، وبسبب هذا الصراخ المتكرر أرسل إلى المستشفى أثناء العلاج واتضحت القصة الآتية:
عندما كان طفلاً أرسلته جدته لبيع بعض السلع القديمة فذهب الطفل بهذه السلع لرجل كان قد اتخذ له مكاناً في نهاية ممر مظلم، وفي أثناء سيره بالممر الضيق هجم عليه كلب كبير كان ينبح نباحاً شديداً فذعر الطفل وتفسير هذه الحالة على حسب المدرسة السلوكية على النحو التالي: المثير الأصلي الطبيعي" نباح الكلب". الملابسات المصاحبة للمثير الأصلي هي "المكان المظلم الضيق، وفي أي موقف مثير كالذي نحن بصدده تحدث خبرتين:
1- خبرة انفعالية "الخوف".
2- خبرة إدراكية "إدراك العلاقات بين أجزاء الموقف" والذي حدث بعد فترة من الزمن في هذه الحالة هو التخلص من الناحية الإدراكية، أي "كبتها في اللاشعور حسب تفسير فرويد" بينما تبقى الخبرات الانفعالية قابلة للتكرار بشكل آلى عن طريق مؤثرات متشابهة، ولماذا تنسى الخبرات الإدراكية؟ تنسي لأنها خبرات مؤلمة والإنسان بطبيعته ميال إلى الابتعاد عما هو مؤلم.
عصاب الوسواس والحواز ( القهر )
Obsession – Compulsion Neurosis
تعريف الوسواس:
مرض نفسي يتميز بوجود تصور أو طقوس حركية أو دورية أو فكرة تراود المريض وتعاوده أو تلازمه دون أن يستطيع طردها أو التخلص منها بالرغم من شعوره وإدراكه لغرابتها وعدم واقعيتها أو جدواها. بل إن المريض يبذل من طاقته الكثير لمحاولة درء مثل هذه الأفكار عن ذهنه، حتى يصبح شاغله الشاغل هو القضاء عليها واستبعادها. أنا باستخدام منطقة في إقناع نفسه بعدم واقعية أو جدوى الفكرة ، وآنا آخر باللجوء إلى الآخرين لإقناعه بذلك. فقد تكون هذه الفكرة فكرة عامة ، غير ذات أهمية إطلاقا للمريض، مثل التفكير فيما إذا كانت البيضة ، وجدت قبل الدجاجة ، أم العكس. وقد تكون لها أهمية عاطفية، مثل التفكير في وفاه أحد الأقارب . وأحيانا تكون الفكرة مرتبطة بحادث يهم المريض ولكنها لا تتفق مع واقعه وحقائق الأشياء مثل تفكير طالب ما فيما إذا كانت نتيجة امتحان العام السابق نتيجة صحيحة أم لا ، وذلك رغم انتقاله إلى السنة الدراسية التالية ، ورغم أنه يحاول إبعاد هذه الفكرة عبثا.
إذن فلا غرابة إذن أن تظهر على المريض الوسواسي أعراض الإرهاق والتعب لكثرة ما يبذل من طاقة في الوسواس وفي مقاومته، أما الفكرة الوسواسية التي تشغل بال المريض فقد تظل هي نفسها دون تغيير، أو قد تختفي لتحل محلها فكرة أخرى لتختفي حتى تعود الفكرة الأولى أو تحل ثالثة محلها، كما قد تجتمع أكثر من فكرة وسواسية في نفس الوقت، والأفكار الوسواسية كثيرة يصعب حصرها، فهذا مريض تلح عليه فكرة أن كل أفراد الجنس الآخر ينظرون إليه نظرات جنسية، وآخر تلح عليه فكرة أن الآخرين من الجنس الآخر يفسرون نظراته على أنها جنسية صرفة، ويبدو لذلك مرتبكا في حضرتهم وخجولا ، وثالث عليه فكرة أنه شخص فاشل لا يصلح لشيء ... ، وعندما تحدثنا في هذا الفصل عن مظاهر الأمراض النفسية ذكرنا كمثل على اضطراب التفكير وسواس أم عند خروج ابنها . وبطبيعة الحال، فإن الإقناع المنطقي يفشل في علاج المريض الوسواسي، طالما أن هذه الأفكار لم تأت نتيجة منطقيتها، بل إنها تعتنق بالرغم من مخالفتها للمنطق وللواقع معا، فالوسواس والقهر أو الحواز عادة متلازمان كأنهما وجهان لعملة واحدة.
أما تعريف الحواز فهو عبارة عن قيام المريض بأفعال حركية رتيبة جامدة متكررة (على نمط واحد) لا تحقق له أية فائدة ، وليس لها معنى منطقي لدى غيره، بل وربما لدى المريض نفسه، وإن كان في بعض الأحيان يلتمس لها المريض أسبابا: مثل المريض الحوازي الذي يكرر غسل يديه مئات المرات بحجة وقاية نفسه من المرض عن طريق إزالة الجراثيم التي تعلق بيديه بغسلها باستمرار، وفي حالات كثيرة ، يجاهد المريض الحوازي نفسه بنفسه ليمنعها من إتمام الفعل الحوازي لاقتناعه بعدم جدواه وبعدم منطقيته ، لكنه في النهاية يفشل في ذلك ويستسلم للدافع الداخلي الذي يطالبه بإتمام الفعل الحوازي . ومعنى هذا أن الدافع وراء الفعل الحوازي يكون أقوى من الإرادة الشعورية للمريض بحيث يريد المريض على المستوى الشعوري التخلص من القيام بالفعل الحوازي لإدراكه ما فيه من غرابة وعدم فائدة ، لكن المريض يجد نفسه في نهاية الأمر مقهورا ومستسلما لأداء هذا الفعل الحوازى، حتى أن بعض العلماء يميلون إلى تسمية الأفعال الحوازية بالأفعال القهرية، نسبة إلى أن المريض يكون مقهورا على تكرار أدائها بالرغم عنه، والقهر هنا بطبيعة الحال هو القهر الذي تقوم به الدوافع اللاشعورية التي لا يدري عنها شيئا.
أما الأفعال الحوازية التي يمكن أن تصبح أعراضا لمرض الحواز ، فهي كثيرة لا يمكن حصرها ، فهذا مريض يقوم عدة مرات من سريره قبل الاستغراق في نومه للتأكد من أن باب الشقة مغلق ، وهذا آخر يقوم بأفعال محددة وبترتيب جامد قبل أن يخرج من المنزل فيفتش كل حجرات المنزل تفتيشا دقيقا ، فينظر تحت الأسرة ويفتح الدواليب .. ويكرر ذلك عدة مرات حتى يطمئن بنفسه ، إلى أن كل شيء على ما يرام .. وهذا ثالث يعد درجات السلم الذي يصعده ، فإن شك في ، أنه قد أخطأ العد نزل ثانية لإعادة العد ... وإذا ما حيل بين المريض وبين أن يتم فعله الحوازي أصيب بقلق بالغ وخوف شديد من المجهول ، حتى تتاح له فرصة إنجاز فعله الحوازي فيهدأ إلى حين ، لكي تعاوده من جديد الرغبة في تكرار فعله الحوازي وهكذا. يظل المريض نهبا لدوافع إتيان الفعل الحوازي ولمحاولة تجاهله ثم استسلامه لإتمامه في نهاية الأمر . ثم لا يلبث قليلا حتى تعود هذه الدوافع من جديد ليستسلم لها المريض من جديد ، بعد محاولات جاهدة لمقاومة إتمامها . وهكذا ، يقضي حياته طالما ظل مريضا ، ولا يخفي مدى تأثير هذا المرض على تبديد طاقة المريض في أفعال متكررة لا طائل من ورائها ، وفي محاولات من جانب المريض لمقاومة هذه الأفعال وعدم إتيانها الأمر الذي يسبب إنهاكا شديدا للمريض ، وضيقا بالغا له.
أسباب عصاب الوسواس والقهر:
فيما يلي أهم أسباب عصاب الوسواس والقهر:
1 - الوراثة :
ويدل على أهمية هذا العامل أننا نجد أن شخصية والدي المريض بهذا العصاب قد تتصف هي أيضا بالنزعة إلى الوسوسة.
2– التكوين الجسمي :
يغلب التكوين الجسمي النحيف على مرضى هذا العصاب.
3 – أسباب بيئية مهيئة :
أ - كتقليد سلوك الوالدين أو الكبار المرضي بالوسواس والقهر .
ب - والإحباط المستمر في المجتمع، والتهديد المتواصل بالحرمان، وفقدان الشعور بالأمن، ولذا يبدو المريض وكأنه يتلمس الأمن، ويتجنب الخطر في النظام والتدقيق والنظافة وغير ذلك من أعراض الوسواس والقهر .
ج – التنشئة الاجتماعية الخاطئة والتربية المتزمتة الصارمة المتسلطة الآمرة الناهية القامعة، والقسوة والعقاب، والتدريب الخاطئ المتشدد المتعسف على النظافة والإخراج في الطفولة.
وقد تكون الأسباب البيئية مرسبة ، فيبدأ المرض عقب وقوع حادث نفسي معين ، مثل خيبة الأمل والاصطدام بواقع الحياة، لاسيما وأن قيم ومثل المريض تكون – عادة – بعيدة عن الواقع.
4 – أسباب فسيولوجية :
يوجد الكثير من الشواهد أو الملاحظات التي تؤيد احتمال نشأة هذا المرض من أسباب فسيولوجية ، فظهوره في الأطفال بكثرة حيث الجهاز العصبي لم يكتمل نضجه ، وكذلك وجود المرض بطريقة دورية وفي هيئة نوبات متكررة ، مع اضطرابات الموجات الكهربائية في الدماغ ، مع ظهور هذا المرض بعد أمراض خاصة في الجهاز العصبي مثل الحمى المخية ، والصرع النفسي الحركي ، كل ذلك يؤيد الأساس الفسيولوجي.
5 – أسباب نفسية :
أ - كالصراع بين عناصر الخير والشر في الفرد ، والصراع بين إرضاء الدوافع الجنسية والعدوانية وبين الخوف من العقاب وتأنيب الضمير ، ووجود رغبات لاشعورية متصارعة تجد التعبير عنها في صورة الفكر الوسواسي والسلوك القهري، وكذلك الصراع بين التمرد على مطالب الكبار وتقبلها.
ب – الخوف ، وعدم الثقة في النفس والكبت .
ج – ويعتقد أصحاب المدرسة السلوكية أن الوسواس يمثل مثير شرطي للقلق، ولتخفيف القلق يقوم الفرد بسلوك معين يخفف القلق المرتبط بالفكر الوسواسي.
د – ويرى فرويد أن بعض حالات الوسواس والقهر ترجع إلى خبرة جنسية مثلية سلبية ، تكبت وتظهر فيما بعد ، معبرا عنها بأفكار تسلطية وسلوك قهري، كما ويرى فرويد أن هذا المرض يرحع إلى اضطراب في المرحلة الشرجية في تكوين شخصية الفرد.
هـ – ويعتبر التكوين العكسي من أهم الحيل الدفاعية في عصاب الوسواس والقهر، مثلا الأم التي تحاول التخلص من جنينها ثم تمنت موته عند ولادته ، وبعد ولادتها أصبحت تغسل يديها مرارا قبل لمسه وتغلي ملابسه وأدوات رضاعته باستمرار ولا تسمح لأحد أن يلمسه ، خشية تعرضه للعدوى والمرض .
و – وتلعب حيلة الإلغاء أو الإبطال دور هام في عصاب الوسواس ، وفيه يلغي المريض ما قام به فعلا من سلوك ، لأنه غير مقبول شخصيا أو اجتماعيا ، كالأم الذي تلغي عقابها لطفلها بإغراقه بالحب.
ي – الشعور بالإثم وعقدة الذنب ، وتأنيب الضمير ، وسعي المريض لاشعوريا إلى عقاب ذاته ، ويكون السلوك القهري بمثابة تكفير رمزي ، وإراحة للضمير (فمثلا يمكن أن يكون غسيل الأيدي القهري رمزا لغسيل النفس وتطهيرها من الإثم المتصل بخطيئة أو بخبرة مكبوتة).
أعراض عصاب الوسواس والقهر :
فيما يلي أهم أعراض عصاب الوسواس والقهر :
1 – الأفكار المتسلطة ، ويكون معظمها تشككية أو اتهامية أو عدوانية أو جنسية (الشك في الخلق والتفكير في الموت والبعث والاعتقاد في الخيانة الزوجية) والانشغال بفكرة ثابتة تسلطية، والتحريض على القيام بسلوك قهري .
2 – المعاودة الفكرية، والتفكير الاجتراري كترديد كلمات الأغاني بطريقة شاذة.
3 – التفكير الخرافي البدائي والإيمان بالسحر والشعوذة والأحجبة، والأفكار السوداء، والتشاؤم، وتوقع الشر، وتوقع أسوأ الاحتمالات والكوارث.
4 – الانطواء والاكتئاب والهم وحرمان النفس من أشياء ومنع كثيرة، وسوء التوافق الاجتماعي وقلة الميول والاهتمامات نتيجة التركيز على الأفكار المتسلطة والسلوك القهري.
5 – الضمير الحي الزائد عن الحد، والشعور المبالغ فيه بالذنب، والجمود، وعدم التسامح والعناد والجدية المفرطة، والدقة الزائدة.
6 – الاستغراق في أحلام اليقظة.
7 – القلق إذا وقع في المحظور، وخرج عن القيود والحدود ، والتحريمات التي فرضها على نفسه فكرا وسلوكا.
8 – السلوك القهري والطقوس الحركية كالمشي على الخطوط البيضاء في الشارع ، والمشي بطريقة معينة ، ولمس حدود الأسوار، وعد الأشياء التي لا يعدها الناس كطوابق المنازل والشبابيك ودرجات السلم وأعمدة الكهرباء ، والتوقيع على أي ورقة عددا معينا من المرات.
9 – النظام والنظافة والتدقيق والأناقة وحب القيام بطقوس ثابتة وطويله في النظافة وغسل اليدين المتكرر ونظام ثابت في لبس الملابس وخلعها، وفي ترتيب الأثاث، فلكل شيء مكان ووضع وكل شيء في مكانة وموضعه وهكذا .
10 – التتابع القهري في السلوك ، والبطء في العمل ، والتردد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات .
11 – الشك المتطرف في الذات ، والتأكد المتكرر من الأعمال ، والتردد والمراجعة الكثيرة ، وتكرار السلوك ( كتكرار قفل الأبواب ومحابس المياه والغاز ...) .
12 – الخواف خاصة من الجراثيم والميكروبات والقذارة والتلوث والعدوى ، ولذلك يتجنب مصافحة الناس ، أو تناول الطعام والشراب الذي يقدم له في المناسبات ...
13 – السلوك القهري المضاد للمجتمع ، كهوس إشعال النار وهوس السرقة ، وهوس شرب الخمر ، والهوس الجنسي.
تشخيص عصاب الوسواس والقهر :
1 – قد تلاحظ بعض أشكال خفيفة من الفكر الوسواسي والسلوك القهري عند الشخص العادي ، ولكن الفيصل هو اعتبار الفكر وسواسيا والسلوك قهريا هو تكرار وقوعه وظهور القلق والتوتر عند مقاومته أو منع الفرد تأدية عمله اليومي والتأثير على كفاءته وسوء توافقه الاجتماعي .
2 – يلاحظ إذا طغى الفكر الوسواسي أكثر ، كانت الحالة شديدة ، أما إذا طغى السلوك القهري ، كانت الحالة أخف .
3 – يجب المفارقة بين عصاب الوسواس والقهر كمرض في حد ذاته أو كعرض من أعراض مرض آخر ، مثل ذهان الهوس والاكتئاب أو الفصام.
4 – ويجب المفارقة بين عصاب الوسواس والقهر وبين الهذاء. والفارق الرئيسي هو أنه في عصاب الوسواس والقهر يتأكد المريض من عدم صحة وتفاهة وغرابة وسخف فكرة المتسلط وسلوكه القهري، أما في الهذاء فإن الأفكار والسلوك يؤمن المريض بصحتها تماما .
5 - ويتشابه الحواز في أصله وطابعه مع الوسواس ، وكثيرا ما يتواجدان سويا في المريض الواحد . ولا يكاد يختلف الحواز عن الوسواس إلا في أن الحواز يتميز أكثر بأنه حركي ، بينما الوسواس يتميز أكثر بأنه فكري . فالحواز يقوم بأفعال حركية متكررة ، بينما الوسواسي تراوده وتعاوده أفكار غريبة . والمريض في الحالتين يعي تماما أنه مريض . ويجاهد في أن يوقف الأفعال الحركية الحوازية لإدراكه لسخفها . وفي أن يدرأ الأفكار الوسواسية لإدراكه لعدم منطقيتها وزيفها . وإن كان يفشل في الحالتين لأن الدوافع إليهما دوافع لا شعورية لا يدركها ولا يملك التحكم فيها ولا يستطيع مواجهتها بشكل ناجح إلا إذا أدرك حقيقتها وأهدافها بعد أن يخضع للتحليل النفسي.
علاج عصاب الوسواس والقهر:
قد يظهر العصاب لمدة قصيرة ويشفى تلقائيا دون علاج ، ولكن معظم الحالات تحتاج إلى فترة طويلة تحت العلاج . وأهم ملامح العلاج ما يلي :
1 – العلاج العضوي لعصاب الوسواس والقهر :
أ – العلاج بالصدمات الكهربائية والتنويم الكهربائي لا سيما في الحالات المصحوبة بالاكتئاب .
ب – العلاج بالعقاقير: ويفيد في تخفيف حدة التوتر المصاحب للوسواس والقهر، باستخدام الأدوية المهدئة لتقليل حدة الاضطراب والتوتر المصاحب للوسواس والقهر (مثل ليبريوم) ، وإن لم ينجح في القضاء على الفكرة الغريبة ذاتها ، وفي بداية ظهور الوسواس قد يستجيب للعلاج المكثف بمضادات الاكتئاب مع المهدئات العظيمة، ويوصي بعض المعالجين باستخدام علاج النوم المستمر في بعض الحالات.
ج – العلاج الجراحي:(شق الفص الجبهي) كآخر حل أحيانا في حالة استحالة التخلص من الوسواس والقهر الذي يعطل حياة المريض ، بقطع الفص الأمامي في المخ في الحالات المستعصية التي تصل فيها الوساوس والقهر درجة يستحيل معها أي نشاط آخر للإنسان (مثل حالة وصلت لأن تغسل الخبز بالماء والصابون ، ثم لا تأكله طبعا، حتى كادت تهلك هزالا).
2 – العلاج النفسي لعصاب الوسواس والقهر:
وخاصة التحليل النفسي ، للكشف عن الأسباب وإزالتها ، وتفسير طبيعة الأعراض ومعناها الرمزي واللاشعوري . وعلاج الشرح والتفسير والتوضيح والإيحاء ، وتنمية البصيرة بالنسبة للعوامل والديناميات والمخاوف وما يصاحبها من حيل ووسائل دفاع لاشعورية ، قد يكون دورهم – بالإضافة إلى العلاج العضوي – في إزالة التوتر المصاحب للوسواس والقهر. وكذلك علاج المساندة والتشجيع والتطمين والتقليل من الخوف ، وتجنب مثيرات الوساوس ومواقفها وخبراتها ، وإعادة الثقة بالنفس، والعلاج بالإزاحة (أي إزاحة الأفكار الوسواسية والسلوك القهري بأفكار بناءة وسلوك مفيد).
3 – العلاج الاجتماعي والعلاج البيئي:
وهو يوجه نحو إزالة مزيد من الصعوبات البيئية التي قد تزيد من توتر المريض وضيقه، فيتم تغيير المسكن أو العمل.
4 – العلاج السلوكي:
وهو يفيد كثيرا في ربط الأعراض عرض بمؤثرات منفرة ، وذلك لإزاحة هذه الأعراض وبصفة خاصة للتخلص من المخاوف المصاحبة وخاصة باستخدام أسلوبي الكف المتبادل والخبرة المنفرة، والعلاج بالعمل (في حالة الكبار)، والعلاج باللعب (في حالة الأطفال).
وفيما يلي حالة تدل على خصائص هذا النوع (الوسواس القهري):
في هذه الحالة ينشغل المريض بفكرة أو عدة أفكار، تعطل كل اهتمام آخر للمريض، الأمر الذي يسبب له الضيق والتوتر:
طالب بالجامعة، عمره (23 سنة)، لم يتزوج، جاء يشكو من خوف ، وعدم قدرة على التركيز ، وتفكير شديد لا يستطيع التخلص منه " .... الحكاية بدأت لما كنت قاعد باذاكر ، وجه واحد زميلي باحبه وأعزه ، قال لي " ارحم نفسك " ، قعدت أفكر في الكلمة دي ، ومش قادر اتخلص منها ، ومانمتش كويس ، وأقعد أقول الواحد لازم يبطل أفكار قبل ما ينام ، يقوم الفكر يجيلي تاني : والزميل ده ، اللي ساكن معايا ، حساس زيي ، وفيه صفات كثير مني ، وأنا باحترمه ، وباحبه ، لكن خايف الحب ده يكون نوع من الشذوذ ... وبعدين الفكرة تقلب معايا : يا ترى أنا عندي شذوذ جنسي ولا لأ ؟ ... واش معنى باهتم بالجدع ده ، دون خلق الله ، وليه بازعل منه هوه بالذات لما يمس طرفي ، وعلى كل حال هوه يشبهني قوي ".
وبدراسة تاريخه ، وجد أنه نشأ في عائلة ريفية متزمتة ، وأن والده كان يتصف بالشدة والحساسية ، وكان بينه وبين آخرين ثأرا لم يأخذه ، فكان دائم التحفز والتوتر والحذر ، ولما قتل غريمه بغير يده ، أحس أنه لم يقم بما عليه من واجب ... وتبين أن والده كان يكثر من تحذيره من العلاقات الجنسية الشاذة بين الأولاد " ..... أول ما انتبهت للحكاية دي كنت اتأخرت بره شوية ، فوالدي قال لي لازم العيال كانوا بيعملوا فيك حاجة ... صدمت وبكيت وعز علي نفسي ، وبقيت حاسس جدا، لو حد لمس جلابيتي لازم ألمس جلابيته زي ما لمسني .... ".
هذا وقد استمر اجترار أفكاره مدة طويلة لدرجة أنها هاجمته في امتحان الفصل الدراسي الأول، ولم يستطع التخلص منها ، فكانت سببا في رسوبه، ثم عاودته الأفكار وزادت عليها فكرة احتمال تكرار المأساة في الفصل الدراسي الثاني وعدم جدوى العلاج ، وقد عولج المريض بالمهدئات والعلاج النفسي ، وتحسنت حالته ، وهدأ نومه ، وحسن استعداده للامتحان ، ورغم أن الأفكار كانت تراوده بين الحين والحين إلا أن التوتر كان أقل شدة بالتأكيد .
وهكذا نرى علاقة الوسواس بالحساسية الشخصية : وكيف يمكن أن تؤثر حالة الوالد النفسية في طفله ، كما نرى كيف أن الكلام العابر مهما بدا عرضيا قد يترك في النفس آثارا عميقة ، وقد يرسب المرض النفسي فعلا.