صورةُ بخيل ....
ووقفت أرقبُ في الظهيرةِ جارا
فكأنّهُ بالبابِ يحرسُ دارا
قد حط بين يديهِ رأساً وانثنى
يشكو إليك من الحياةِ دُوارا
وإذا ارتخت كفّاهُ أنزلَ هامةً
وتراهُ يقبضُ كفّهُ محتارا
مُغضٍ تجنّبَ في الأنام سؤالهم
متمنّعٌ قبض الأكُفَّ جهارا
الشمسُ لاهبةٌ تفُحُّ بوجههِ
ريحَ السَّمومِ ، يقلِّبُ الأنظارا
قَبِلَ الحرارةَ وهو يدري أنّهُ
وقتٌ سيأمنُ عندهُ الزّٰوّارا
ورأيتُهُ من بعد صمتٍ واقفاً
متلفّتاً في الجانبين حِذارا
ومشى يعدُّ لنفسهِ خُطُواتِهِ
سعراتُ جهدٍ سامها أسعارا
محدودباً يمشي تثاقلَ خطوُهُ
والرّأسُ من أفعاله تتوارى
وتراهُ للمحتاجِ ينظرُ نظرةً
ويودّ لو يبني عليهِ حِصارا
هذا النّحيلُ قوامُهُ والمُبْتلى
بالبخلِ يملأُ جوفهُ أسرارا
ويبلُّ ابهاماً لهُ من ريقهِ
لِيَعدَ من أموالهِ دينارا
لم يُبدِ نعمة ربّهِ في عيشةٍ
جسمٌ تقدّد واستبدّ إزارا
ويرى الكريمَ عدوَّهُ فيمُجّهُ
فكأنّهُ الموتورُ يُضمِرُ ثارا
من كان لا يسخو على النّفس ارتأى
أنّ السّخاءَ يزيدهُ إضرارا
حرصّ على الدّنيا تجاوزَ حَدّهُ
قد زادَ منهُ العارفينَ نِفارا
للبخلِ في دنيا البخيلِ غرائبٌ
لا تنقضي فاضرب عليهِ ستارا
يحيا فقيراً ثُمّ يفنى بالغنى
ما ضرّهُ لو صاحبَ الأبرارا
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال