رواية : هـذيان الجدران المعتمة 2
وكـانـت هـى هـنـاك
كانت هى هناك ؛ حيث الغربة في حديث النفس للنفس ؛ والتيه مع ذكريات
مضت تحت وطأة الحيرة والأسئلة التي لا تعرف الإجابة ؛ كانت تعيش لا
تعرف سوى ظلها ؛ وإن كانت تخشى ظلَّها من كثرة ما رأت في قاموس
حياتها من معاني الخوف ؛ هى تخاف حتى من الآمال حين تنسجها في خيالها ؛
كل شيء لا يعرف سوى السراب ؛ قصة حياة كانت لها ؛ ولكنها صارت تؤمن
بأن القصة انتهت مع بدء حياتها الجديدة بين جدران أربعة ؛ لم تعد تعرف معنى
الحزن ؛ لأنها لم تعرف معنى الفرح ؛ باكية العين لا ؛ مهمومة الخاطر لا ؛
تعيسة الفؤاد لا ؛ ليس هناك من معنى سوى الصمت الذي هزم الحياة الماضية
وتعالى على حقيقة الحياة الحاضرة ؛ لقد ماتت كل المعاني ؛ لم يبق سوى صمت
الأمكنة ؛ تروح وتجيء في مسكنها كأنها ذات إنسانية انفصلت عن هذا العالم ؛
فهى تعيش أيامها ؛ فقط لأن قدرها أن تعيش ؛ هى لا تعرف أحداً ؛ ولا تريد
أن تعرف ؛ كل شيءٍ هى تغلقه بقفل عظيم ليحول بين كل ما يقف خارج باب
بيتها وبينها ؛ حياتها كنوافذ هذا البيت ؛ نوافذ لا تفتح أبداً ؛ لم تعرف أضداد
المعاني لأنها لا تعرف المعاني ؛ كل شيءٍ قـد مات !
تلك هى الجالسة هناك ؛ كانت هى هناك ؛ وكان هو هنا ؛ وكان القدر يحمل
لهما سرَّاً غريباً !
نشرت فى 29 مايو 2016
بواسطة darch89
عدد زيارات الموقع
18,637