ماما أمينة ..

السيدة أمينة ،امرأة رائعة :ربة بيت من الطراز الأول ،زوجة مثالية ، أمّ في قلبها حنان، بقربها أمان ...طويلة القامة ممتلئة ..قوية الشخصية مع روح خفيفة و دعابة لا تخبو أبدا ..دائما مبتسمة حتى في غضبها بعض الأحيان .
كانت أما لزميلتي في الشغل ،و أصبحت  أحبَّ إلي   من ابنتها ،لا تفتأ تزورني و تدعوني لزيارتهم باستمرار كوني غريبة عن المدينة ...
تدور الأيام ..و يفرقنا الشغل ..و تتغير أرقام الهواتف ...
و أعود ثانية ، و أول ما أفعله ،أذهب لزيارتها ..
مع أول رنة للجرس أسمع صوتا بعيدا : من ؟؟؟؟
من نبرة الصوت علمت أنها الأخت الوسطى ....بقيت مدة لا بأس بها و بعدها فتحتْ فاطمة الباب ..و هي تقول: سامحيني تأخرت عليك، تفضلي خديجة ...(تذكرني كما أذكرها ).
و دخلت،و بعد السلام و السؤال عن الأحوال ..أدرت رأسي يمينا و شمالا و سألت أين ماما أمينة ..
أدخلتني الصغرى (أماني )غرفة ماما فإذا بها مسجاة على سرير خاص ..طفلة صغيرة في عمر العام الأول، بنظراتها المشدودة إلى أعلى ..بأصواتها غير المفهومة ..بحركات يديها ..
يا الله ..أ هذا ما فعله بها الملعون الزهايمر ؟؟؟؟
أماني كانت أصغر بناتها هي الآن أم صغيرة  لهذه الطفلة الكبيرة ..تمسح عن وجهها ..تدغدغها حتى تبتسم ..تناولها حساء الخضر بملعقة صغيرة بعد أن تضع طوقا على صدر الطفلة ..
قالت أماني :يعيبون علي عنوستي و رفضي الزواج و أولهم إخوتي الذكور...انظري ماما  كيف أصبحتْ ..لا تعرف أحدا ..لا تشكو إن تألمتْ ..لا تطلبُ طعاما إن  جاعتْ ،بالله عليك من سيحس بها غيري ..و من يقضي حاجاتها الأخرى بقلب مطمئن و بحب و حنان غيري ..لمن أتركها ؟؟؟لزوجات إخوتي ؟؟و هي حماتهن ؟؟؟أختي الكبرى تعرفين
أنها بعيدة عنا و منشغلة ببيتها و شغلها ..و هذه فاطمة  فقدت  بصرها فلا تكاد ترى غير شعاع تنتقل به من هنا و هناك ..إثر حادثة سير ..
هذه حياتي و أنا راضية و سعيدة ،إنها أمي، إنها ماما أمينة .لن أتركها لغيري يخدمونها بدافع الشفقة، و هي التي خدمت الجميع بدافع الحب .
تعانقنا و بكينا .ثم ابتسمنا و ضحكنا .نعم ، ضحكت .ضحكت فرحا لهذه النبتة الطيبة و هذه الأواصر المرتبطة .
ليت كل ماما أمينة تملك بنتا مثل أماني ..
و ليت كل أماني تجد شهما يحتويها و بحضنها ماما أمينة..
لكي نبقى أسرا متلاحمة نهتم بمرضانا ..و نرعى عجائزنا ..
........
بقلمي : خديجة قرشي