امبراطورية الثروة: التاريخ الملحمي للقوة الاقتصادية الامريكية (١)

وهو بالمناسبة
اسم الكتاب: امبراطورية الثروة التاريخ الملحمي للقوة الاقتصادية الأمريكية
اسم المؤلف: جون ستيل جوردون.
اسم المترجم: محمد مجد الدين باكير.
اسم الناشر: سلسةعالم المعرفة - الكويت.
سنة النشر : 2008


نبذة عن الكتاب :
هذا الكتاب ملحمة مثيرة ترسم الملامح المميزة للاقتصاد الأمريكي عبر سرد نسيجه روعة المغامرة ومآسي الأزمة. يضع المؤلف يده – بدءا من فجر الثورة إلى الكساد العظيم،فعصر الانترنت ومطلع الألفية الجديدة – على العناصر التي استمدت منها الأمة الأمريكية قوتها عبر السنين، وهو يجوب مسالك التاريخ الاقتصادي الحافل للولايات المتحدة منذ فجر صناعاتها الأولي، ويعرج على ابرز الأفكار والابتكارات والاختراعات التي جاد بها خيال مطلق العنان، كان دائما السبيل الفعالة للتصدي للازمات المالية والاجتماعية والسياسية التي عرفها هذا البلد في تاريخه القصير. ويري المؤلف أن كبرى نقاط قوة الولايات المتحدة لا تكمن في المجال العسكري،بل في ثروتها، وتوزع هذه الثروة بين شرائح واسعة من سكانها، وقدرتها على تعظيم الثروة، وإمكانية الابتكارية غير المحدودة في تطوير أساليب جديدة تفيد في استخدام تلك الثروة استخداما منتجا.

وليس الاقتصاد الأمريكي أكبر اقتصادات العالم فقط، بل أكثرها دينامية وقدرة على الابتكار. إذ كانت الولايات المتحدة مهد جميع نتاجات التقدم التكنولوجي التي شهدها القرن العشرين تقريبا، أعظم القرون في تاريخ التكنولوجيا. وعلى الرغم من ذلك فإن تاريخ الاقتصاد الأمريكي ليس سلسلة من الانتصارات المتعاقبة، ففي كثير من مراحل تاريخ الولايات المتحدة مر الاقتصاد بصعوبات بالغة كانت ستتفاقم وتخرج على السيطرة لو أن القيادة السياسية انتهت إلى الفشل كما كان مصير دول كثيرة.
باختصار، تحمل قصة "إمبراطورية الثروة" – كمعظم قصص الإمبراطوريات في التاريخ – طابعا ملحميا حافلا بالانتصارات والهزائم، بالجرأة والتردد، بالأفكار الجديدة والرواسب القديمة، بالعقلاء والحمقى، لكنها كانت في شطرها الأعظم ملحمة قادتها الملايين التي لم يقف في طريقها شيء، في سعيها إلى تحقيق مصالحها الذاتية في ظل حكم القانون، وهذا هو أساس الحرية.




نورس محمد قدور



يصنع الرجال تاريخهم، لكنهم لا يصنعونه كما يشتهون، لا يصنعونه في ظروف يختارونها بأنفسهم، بل في ظروف تنشأ مباشرة عن الماضي وتنبثق منه.
"كارل ماركس"



وهذا التاريخ الذي يصنعه الرجال سواء كان بيدهم أو غير ذلك قد يكون سببا للنجاح، وأحياناً يكون النجاح وليد اللحظة. فالنجاح هو شعارنا في الحياة، وكل شخص أو أمة ترى النجاح من منظورها، ولكن ما نجمع عليه وما يتفق عليه الجميع ان النجاح وفي اي مجال يبنىعلى عامل أساسي هو: القوة. وقد نجحت امريكا في هذا العامل، مما جعلها تلقب بامبراطورة الدول، وسلاحها في هذه الثروة، امبراطورية بنيت على النجاح الاقتصادي والفكر والتطبيق اللذين عززا ذلك النجاح. الا أن قصة امبراطورية الثروة تحمل، كمعظم قصص الامبراطوريات، طابعا ملحميا حافلا بالانتصارات والهزائم ، بالجرأة والتردد ،بالأفكار الجديدة والرواسب القديمة ،بالعقلاء والحمقى.لكنها كانت في شطرها الأعظم ملحمة قادتها الملايين التي لم يقف في طريقها شيء في سعيها الى تحقيق مصالحها الذاتية في ظل حكم القانون، وهذا هو اساس الحرية. وهذه الملحمة تعتبر بجوهرها نافذة نطل منها الى كل ما يحقق انسانيتنا، من خلال كتاب (إمبراطورية الثروة: التاريخ الملحمي للقوة الاقتصادية الامريكية) تأليف "جون ستيل جوردون" حاصل على إجازة في الفنون – قسم التاريخ بجامعة فاندربيلت، ومن خلال ترجمة:" محمد مجد الدين باكير" في سلسلة عالم المعرفة، العدد 357، نوفمبر 2008 (الجزء الاول) .




الفصل الاول : الارض والقانون والشعب



الشعب والارض والقانون:هذه العناصر الثلاثة الذي يقول عنها ابراهام لنكولن أن أي أمة مهما تجاوزت قدراتها هي نتاج هذه العناصر(مقومات الامة).


لم يكن هناك الا الارض التي ستصبح الولايات المتحدة - فيمابعد- مكانا صالحا للسكنى بخلاف الارض التي ترعرع فيها المستكشفون والمستوطنون الاوربيون أول مرة.فقد تمركزت الكثافة السكانية في أوربا الغربية في المدن والقرى والضياع ،كانت الاراضي الزراعية تحرث بانتظام وكانت الحياة البرية محدودة كما كانت الغابات نادرة.


تقع امريكا في المنطقة الحرارية نفسها التي تمتد عليها القارة الاوربية وتعيش فيها أصناف من الاشجار والنباتات والحيوانات المعروفة ،لكن وراء الساحل الصخري والشاطئ الرملي الواسع تمتد البراري البكر التي لم تمسها أيادي السكان الا قليلا.هذه البراري كانت ذات يوم غابة تفوق بمساحتها أوربا الغربية مجتمعة،هذه الغابة العملاقة كانت مكونة من رقع متباينة .ففي الشمال انتصبت جدران عالية من الصنوبر الابيض –التي كانت أخشابه من أجود الانواع لصناعة السفن الشرعية- تتناوب مع غابات الخشب الصلب حيث أشجار القيقب والجميز والدردار التي تفترش الاراضي المنخفضة،والبلوط والجوزيات التي تتسلق المنحدرات العالية.


يتميز الساحل الشرقي لامريكا الشمالية بتضاريسه المنبسطة ،وقد ساعد السهل الساحلي الواسع على الاستيطان دون بالغ صعوبة فهناك شبه جزر مثل كيب كود وديل، وديلمارفا ،وجزر مثل لونغ آيلاند ،وهناك الشواطىء المنعزلة التي تمتد الى أعماق الجنوب التي وفرت مرفأ آمنا لطلائع السفن الوافدة،وبفضل وفرة الانهار(الميريماك تشارلز،البوتوماك) وجدت المراكب الصغيرة المبحرة آنذاك في المياه الضحلة، أما مناخ امريكا الشمالية فكان مألوفا وغريبا معا.


إن مناخ الجانب الشرقي في هذه القارة الواسعة الذي كان قاريا بطبيعته مقارنة بمناخ أوربا الغربية البحري الذي تعتدل درجة حرارته بفضل موجة الدفء القادمة من نسيم الخليج ،يجعل من فصل الشتاء في امريكا أشد برودة من شتاء أوربا الغربية ،كما انه يجعل فصل الصيف أشد حرا. هذه الارض الشاسعة لم تكن خالية من السكان .وقد عاش سكان أمريكا الاصليون في كل انحاء القارة التي كانت تعتبر مقارنة بأوربا قليلة السكان نسبة الى مساحة الارض ،وكان عدد السكان الهنود في الشطر الشرقي من امريكا الشمالية يتراوح 1-2 مليون نسمة زمن كولومبس.وكان هناك 250 لغة حية في امريكا الشمالية مع بداية الكشوف الاوربية ،حتى تلك الجماعات من سكان امريكا الشمالية التي تكلمت لغة واحدة كانت منقسمة الى قبائل صغيرة متناحرة ،وكانت المناوشات بينها لا تنقطع.


ان أقل من 1% من الاراضي الزراعية في الشطر الشرقي من امريكا الشمالية استخدمت لزراعة المحاصيل الغذائية ،وباعتمادهم أسلوب حرق الاراضي استطاع الهنود زراعة الذرة واليقطين والبقول في رقعة من الارض بضع سنين والانتقال الى رقعة أرض أخرى مع تدني خصوبة الرقعة القديمة.


فتح الباب أمام استيطان العالم الجديد تقدمين تقنيين أولهما:ابتكار المطبعة، فقد ساهم هذا الابتكار في تقليل تكاليف انتاج الكتاب وبالتالي تكاليف المعرفة.اذا كان عدد الكتب لا ينجاوز 50ألف في قارة أوربا كلها ومعظمها خاضع لرقابة الكنيسة، والتي كانت تشرف أيضا على الجامعات. وفي نهاية القرن بلغ عدد الكتب في أوربا 10ملايين كتاب شملت مواضيع كثيرة أكثرها في المجال التقني والزراعي. أما الابتكار الآخرالذي شهدته العصور الوسطى فكان السفينة الشراعية المهيأة لرحلات طويلة عبر المحيط . وبفضل السفن الشراعية، أتم الاوربيون الغربيون الدوران حول مناطق نفوذ المسلمين التي امتدت عبرها طرق التجارة.ويعد كولومبوس من طلائع المستكشفين الذين اكتشفوا حقا العالم الجديد.وعملت القوى البحرية الاوربية الغربية على تمويل الحملات الاستكشافية.وكان الاسبان أول من أصابوا نجاحا وتحققت لهم الثروة مع فتحهم المكسيك، ثم البيروا بعد عشر سنوات ثم بدأت كميات هائلة من الذهب والفضة والاحجار الكريمة تتدفق الى اسبانيا التي تحولت نتيجة ذلك الى قوة مهيمنة في أوربا. وبدأت البرتغال بإنتاج السكر في البرازيل مع منتصف القرن السادس عشر اذ أصبح السكر بسرعة محصولاً مربحاً حين كانت زراعته تعتمد على سواعد العبيد.


في عام 1606سمح الملك جيمس الأول بترخيص شركة فيرجينيا التي تأسست على أيدي مجموعة من تجار لندن ونص ميثاق الشركة على أن هدف الشركة كان بناء أسطول تجاري لانكلترا وزيادة عدد البحارة المتمرسين من خلال زيادة حجم تجارتها واكتشاف المعادن الثمينة وتأسيس مستوطنة بروتستانتية في أرض كانت تحت رحمة التهديدات الاسبانية ،ومن جملة ذلك إدخال الوثنيين في المسيحية .وقد أدى التدفق الكبير للذهب والفضة الى الاقتصاد الاوربي من العالم الجديد الى اطلاق العنان للتضخم الجامح وارتفعت الاسعار 400% من القرن السادس عشر.


كان موطئ قدم الانجليز في قارة أمريكا الشمالية لا يزال عرضة لتهديدات متعددة من بينها هجمات الهنود وغارات الاسبان والمرض والمجاعة.ولم يقل عن هذه التهديدات حدة واقع شركة فيرجينيا التي كانت تجهل آنذاك السبيل لتحقيق عوائد أكثر من النفقات في هذه المستوطنة. وقد ظهر نبات محلي شائع الانتشار يدعى"تبغ النيكوتين" وقد زرع طيلة آلاف السنين قبل قدوم الاوربيين. وكان تدخين الأوراق المجففة يعطي شعورا بالمتعة في البداية ثم يعقبها إدمان التدخين. وفي الوقت الذي وصل فيه كولومبس الى العالم الجديد انتشرت هذه العادة في النواحي المعتدلة من نصف الكرة الارضية الغربي وما وراءه حيث يمكن زراعة التبغ.
ومع نقل كولومبس التبغ لدى عودته الى أوربا انتشر بسرعة في العالم القديم وبدأت زراعته بالانتشارفي حوض المتوسط، وشرع الاسبان في زراعته في "ويست إنديز" أيضا بهدف التصدير. وانتشرت العادة سريعا في بريطانيا رغم أن ملكها جيمس أبدى نفورا من التبغ وألف كتيبا ونشره بعنوان"في دحض التبغ" ولم يلقى الكتاب اهتماما يذكر اذ استمرت شعبية التدحين بالازدياد.


وفي عام 1612جلب رجل يدعى جون رولف حفنة من البذور التي حصل عليها في تلك البلاد – من ترينيداد على الاغلب – وزرعها. وقد نمت البذور بسرعة في جو فيرجينيا الحار الرطب، وذلك بفضل الهنود المحليين (تزوج رولف الأميرة الهندية بوكاهونتاس) وبذلك تعلم جون فن زراعة التبغ. في عام 1616 نقل جون أول محصول تجاري الى انجلترا وفي 1617 احتفلت فيرجينيا بأول أعياد الشكر في أمريكا لأن محصول تلك السنة من التبغ كان وفيرا وجيدا مما بشر بالخلاص التجاري للمستعمرة. وفي 1618أنتج عشرون ألف رطل من التبغ في فرجينيا لتشحن بعدها الى انجلترا وبعد ثلاث سنوات وبالرغم من هجوم الهنود على المستوطنين وقتل ثلثهم _بمن فيهم جون رولف حسب بعض الروايات_ فقد تضاعف المحصول ثلاث مرات، الى أن وصل في عام 1638 ثلاث ملايين سنويا كانت تصدرها فيرجينا الى انجلترا، وأضحت فرجينيا المصدرالرئيسي للتبغ لأوربا الغربية وقد تفوقت على ويست إنديز.وكانت سياسة فرجينيا جذابة فبدلا من الطلب الى المستوطنين العمل في الاراضي لحسابها فتحت الشركة الباب أمام المستوطنيين لامتلاك اراضيهم، وأملاً في جذب المزيد من المهاجرين قدمت الشركة أراضي مجانية للمستوطنيين الجدد، فقد أعطي كل رجل تحمل بنفسه مصاريف سفره الى تلك البلاد 50 هكتارا، و50 أخرى عن كل قريب اصطحبه، و50 أخرى عن كل خادم تكفل هو بمصاريف رحلته الى هذه البلاد….


ففي عصر كانت فيه الزراعة أساس كل الاقتصاديات الوطنية، كانت الثروة لا تقاس بالمال، بل بملكية الاراضي ففي أوربا التي افتقرت الى الاراضي الشاسعة كان امتلاك 200 "أكر" من الاراضي الزراعية الخصبة يجعل المرء غنياً، أما فيرجينا التي وهبت الاراضي، فقد استفادت من الميزات التنافسية التي تمتعت بها امريكا :رصيدها الذي لا ينضب من الاراضي الشاسعة.
لقد ساعد ازهار صناعة التبغ في انقاذ فيرجينيا، لكنه لم ينقذ شركة فيرجينيا، الى جانب ديونها تكبدت خسائر فاقت امكاناتها وفي 1624سحب الملك جيمس رخصة الشركة المفلسة ووضع يديه على فرجينيا لتصبح إحدى مستعمرات التاج،وقد حمله نفوره من التبغ والتدخين على فرض الضرائب من دون تردد على هذه التجارة .أما سنة 1619 حيث كانت تجارة التبغ تغير وجه فرجينيا واقتصادها فستكون سنة حاسمة في تاريخ فرجينيا وتاريح البلاد.في عام 1619 استقدمت الشركة سفينة محملة بالنساء(90تحديدا)الى المستعمرة وقبلهن المستوطنين زوجات لهم مقابل 125رطل تبغ عن كل امرأة(ويا بخت يلي يتزوج أربعة في فرجينيا) بعد أن بقوا طويلا من دون زوجات .وبدأ مجتمع فرجينيا يشهد تحولا سريعا وبدأ الطابع الذكوري بالانحسار وأخذ يحل محله تدريجيا مجتمع بشري أشبه بذاك الذي خلفه الفيرجينيون في انجلترا. وهكذا فقد ضمنت فيرجينيا مصدر حياتها الاقتصادية بفضل نجاحها في زراعة وتصدير التبغ ،ووجدا أولئك الذين يرطنون الانجليزية مقاما لهم في العالم الجديد.


الفصل الثاني: باسم الله ثم الربح



تأسست "ماريلاند" المحاذية لفرجينيا عام 1632عندما منح الملك تشاريز الاول صديقه سيسيليوس كالفرت لورد بالتيمور الثاني نحو اثني عشر فدانا من الارض شمال نهر بوتومان، ومن باب العرفان بالجميل أطلق كالفرت على المستعمرة الجديدة اسم زوجة تشارلز الملكة هينريتا ماريا. أرسل بالتيمور أخاه الاصغر ليونارد كالفرت ليضطلع بمنصب الحاكم حيث يرأس حكومة تضاهي حكومة فيرجينيا ، وقد وضع مجلس المستعمرة في عام 1649 قانون التسامح الذي ضمن حقوق جميع المسيحين ولم يهضم حق اليهود على الرغم من قلة عددهم في المستعمرة، اذا كانوا يعاملون معاملة ليست بالسيئة (كما وصفها المؤلف).


وأصابت ماريلاندر ازدهارا سريعا . أما أرضها الخصبة ومناخها الدافئ الرطب فكانا مناسبين تماما لزراعة التبغ الذي أصبح بفضل فيرجينا مصدرا مهما للدخل والارباح ،كما أن اطلالة ماريلاند الواسعة عيى خليج تشزابيك بخطوطها الساحلية شديدة التعرج قد وفرت لكثير من أراضيها إمكانات الشحن الرخيص.


كان اقتصاد المستعمرة يعتمد على التجارة مع هنود المناطق الداخلية وكانت جبال الابالاتشيان تنتهي الى هضاب صغيرة في منطقة تعرف اليوم بجورجيا الشمالية وكان هذا يتيح للتجار بلوغ أعماق المناطق الداخلية، وكان حاكم كارولينا يقول بافتخار"تجارة تشارلز تاون تمتد بعمق 1000ميل داخل القارة".


وكانت المنطقة تمتد الى الجنوب الاقصى بما لا يسمح لها بانتاج فرو عالي الجودة ،ولكن الهنود فيها باعوا جلود الرنة - التي كانت تشحن الى أوربا لتدخل في صناعة جلود الكتب والاحزمة والقفازات وكل صناعة تحتاج لجلود طرية – وذلك في مقابل الملاءات والالبسة والعدد المعدنية والاسلحة والذخائر والخرز.فالرنة كانت متوفرة بأعداد كبيرة ،وقد تسنى للصيادين الهنود بفضل الاسلحة قتل أعداد كبيرة منها أكثر نت قبل ،وساعدت لحوم الرنة على توفير الاستقرار الغذائي للسكان.صدرت كاليفورنيا في المتوسط 350 ألف من جلود الرنة سنويا الى انجلترا. كما أصبحت الماشية سلعة أساسية من سلع التصدير وخصوصا ال انديز الغربية حيث كامن كل قطعة من الارض تستخدم لزراعة السكر الذي كان يدر ارباحا كبيرة .وانتشرت تربية الماشية والخنازير في الاراضي والغابات الواطئة التي تكثر فيها المراعي . وكان العبيد السود الذين تعلموا أصول رعي الحيوانات في افريقيا يرعون هذه القطعان التي كانت تطلق من دون قيد في الاراضي غير المأهولة من المستعمرة.والكلمة الامريكية" كاوبوي" انما أطلقت بادئ الامر على العبيد السود الذين رعوا الماشية في كارولينا ايام كانت مستعمرة.


لكن الفضل في قيام اقتصاد كارولينا يعود الى الارز الذي دخل اليها على يد "توماس سميث" لكن أصول زراعته التي تحتاج الى خبرة كبيرة أخذت من العبيد الذين اشتغلوا في زراعته في غربي افريقيا.وقد صدرت كارولينا في عام 1700 (400)ألف رطل الارز وبعدها بأربعين سنة وصلت صادراتها الى 43 مليون رطل ، إن ما يطلق عليهم ملوك الارز أصبحوا أغنى أغنياء الانجليز في امريكا الشمالية.وفي ما بعد أصبحت النيلة المحصول الثاني الاكثر ربحية (والنيلة نبات يفرز صبغا أزرق اللون وكان يستخدم في صناعة الالبسة )وقد ساعدت النيلة والارز والخشب والماشية على جعل تشارلز تاون أكثر الموانئ حركة في مستوطنات الجنوب وكبرى مدنها لم يكن التطهيريون – أعضاء في جماعة بروتستانية في انجلترا ونيوإنغلاند في القرنين السادس والسابع عشر وكانت تدعو هذه الجماعة الى تبسيط طقوس العبادة والتمسك الصارم بالفضيلة – معارضين للازدهار والرخاء في هذا العالم ما دامت عبادة الرب تأتي في المقام الاول .لقد اعتبروا ذلك دليلا على فضل الله، وإشارة على خلاص الفرد ،وهكذا سيكتب تجار القرنين السادس والسابع عشر في دفاترهم المحاسبية_وكثيرا منهم تطهيريون – العبارة التالية: "باسم الرب ثم الربح".


لم تكن نيوإنغلاند مثل المستعمرات الجنوبية فالمناخ كان أبرد وكان موسم الزراعة قصير وكانت التربة صخرية وسطحية وقد جردت الارض من كثير من قشرتها حتى بلغت الصخر الام بفعل حركة المجلدات في العصر الجليدي. ولم يكن ثمة عوامل مشتركة بين المهاجرين الاوائل باستثناء أنهم انجليز. وقد جاء المهاجرون الى فيرجينيا وماريالاند أساسا من جنوب انجلترا وان معظمهم فقراء مدقعين،بينما كان قلة منهم يتحدرون من عائلات غنية ذات أطيان. ولأن كثيرا من المهاجرين اليها كانوا من الطبقة الوسطى وآمنوا كثيرا بتلاوة الانجيل، فقد كانت معدلات الامية في نيوإنغلاند أدنى من المعدلات في العالم الغربي في القرن السابع عشر.



وعندما تأسست مدن جديدة كان بناء المدارس على قدم وساق مع بناء الكنائس.
أرسل جون سميث رجالا من أجل صيد سمك القد بعد أن أخفق في العثور على الذهب. والقد هو نوع من السمك يمكن أن يصل وزنه الى 200رطل وكان من المأكولات الاوربية الشائعة على مر قرون ،ويمكن تخزينه أشهر بعد تجفيفه وتمليحه ،وفي أوربا كثرت مزارع تربيته في بحر الشمال الى الغرب من أيسلاند.وقد صار القد عماد اقتصاد نيوانغلاند، لكن لم يكن المهيمن على اقتصادها - كما هيمن التبغ على اقتصاد فيرجينيا – فكان سلعة أساسية لكن ليست الوحيدة لأن اقتصاد نيوإنغلاند أصبح الاكثر تنوعا في امريكا الشمالية التي حل بها البريطانيون. فإلى جانب القد صدرت نيوإنغلاند الخشب وصواري السفن والصابون والزبدة وكل ما فاض عن حاجة مزارعيها من انتاجهم من القمح والبازلاء…..

  • Currently 36/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
13 تصويتات / 503 مشاهدة
نشرت فى 9 مايو 2011 بواسطة croom

ساحة النقاش

بدر العتيبي

croom
أهلا وسهلا بكم في موقعي لدى شبكة كنانة اون لاين اقسام الموقع ستكون عن الأسهم السعودية وقراءة لأهم الشركات اضافة الى بعض الاقسام الأخرى التي سأضيفها قريبا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

13,448