مشاهدة اللون
بالرغم من أن الحالة الدقيقة للون حاليا تقع تحت الجدال الفلسفي, فإن اللون قابل أيضا للجدال من الناحية السيكوفيزيائية التي تقع فقط في أدمغتنا (شاهد كوالا). التفاحة الحمراء لا تعطى ضوء أحمر, وهذا يؤدى بالطبع لسوء فهم عند التفكير في الأشياء التي نراها, أو الضوء نفسه, إذا ما كان ملون أم لا. كما أن التفاحة ببساطة تمتص الضوء بأطوال موجية مختلفة ويشع عليها بدرجات متفاوتة, بالطريقة التي تجعل الضوء الغير ممتص ينعكس ليعطى الإحساس ابللون الأحمر. التفاحة سببت الإحساس باللون الأحمر فقط لأن رؤية اللون بالعين البشرية يحس بالضوء الذي له أطوال موجية مختلطة بطريقة مختلفة - ونحن لدينا لغة لوصف هذا الإختلاف.
في عام 1931 قامت مجموعة من الخبراء الدوليين يطلق عليها اسم هيئة الإضاءة الدولية
(Commission Internationale d'Eclairage CIE) بتطوير طريقة حسابية لنموذج اللون. وكانت الفرضيات التي إستخدمتها الهيئة CIE أن اللون هو اتحاد لثلاث أشياء: مصدر ضوء, جسم, مشاهد. وقامت الهيئة CIE بالتحكم بشدة في هذه المتغيرات في تجربة أنتجت القياسات لهذا النظام.
بالرغم من أن أريستول والعلماء القدماء الأخرون إفترضوا أن أصل الضوء تسبب رؤية اللون, حتى قام نيوتن بتعريف أن الضوء هو مصدر الإحساس باللون. وقام جوته بدراسة نظرية اللون, وفى عام 1801 إقترح توماس يونج نظرية ثلاثي اللون, والتي تم تنقيتها لاحقا بمعرفة هيرمان فون هيلمهولتز. وهذه النظرية تم تأكيد صحتها في فترة الستينات من القرن العشرين وسيتم شرحها لاحقا.
شبكية العين البشرية تحتوى على ثلاث أنواع خلايا مختلفة يمكن أن تلاحظ اللون أو خلية المخروط (بالشبكية). نوع منهم مختلف نسبيا عن النوعين الأخرىن, ويستجيب أكثر للضوء البنفسجي الذي نستقبله, والذي له طول موجي يتراوح حول 420 نانو متر (الخلايا المخروطية من هذا النوع يطلق عليها أحيانا خلايا الطول الموجي القصير, خلايا مخروطية S, وأحيانا الخلايا المخروطية الزقاء). النوعين الأخرىن متقاربين جينيا, وكيميائيا وفى الإستجابة أيضا, وكلاهما يكون حساس للون الأخضر أو المخضر. أحد هذين النوعين (يسمى أحيانا خلايا الطول الموجي الطويل, خلايا مخروطية L,وأحيانا الخلايا المخروطية الحمراء) وهي حساسة للضوء الذي نحسه كأصفر أو أصفر-مخضر, وله طول موجي حول 564 نانو متر. النوع الأخر (يسمى أحيانا خلايا الطول الموجي المتوسط, خلايا مخروطية M,وأحيانا الخلايا المخروطية الخضراء) وتكون حساسة للضوء الذي نحسه كأخضر, وله طول موجي حول 534 نانو متر. المصطلح "الخلايا المخروطية الحمراء" للخلايا التي تحس بالأطوال الموجية الطويلة لا يفضل استخدامه نظرا لأن هذا النوع يستجيب كحد أقصى للضوء الذي نستقبله كمخضر, بالرغم من أن الطول الموجي للضوء الأطول من ذلك والذي أخر مداه أن يثير الخلايا متوسطة الطول الموجي \ "الخضراء".
منحنيات الإحساس للخلايا المخروطية تقريبا تشبه شكل الجرس, وتتداخل إلى حد معقول. وعلى هذا فإن الإشارة الطيفية القادمة يتم تقليلها بالعين إلى ثلاث قيم, ويسى ذلك أحيانا قيم الباعث الثلاثية وتمثل شدة الإستجابة لكل نوع من أنواع الخلايا المخروطية.
وبسبب التداخل بين مدى الحساسية, فإن بعض تداخلات الإستجابة للثلاث أنواع من الخلايا لا يمكن أن تحدث, بغض النظر عن نوع تحفيز الضوء. فمثلا لا يمكن تحفيز الخلايا متوسطة الطول الموجي/"الأخضر" فقط, يجب تحفيز الخلايا الأخرى لدرجة ما في نفس الوقت, حتى لو تم استخدام ضوء له طول موجي واحد(متضمنا الطول الموجي الأقصى الذي يمكن أن تحس به اى من الخلايا). مجموعة كل قيم الباعث الثلاثية الممكنة تحدد الفراغ اللوني البشري. وقد تم حساب أن الإنسان يمكن أن يفرق بالتقريب بين 10 مليون درجة لون مختلفة, بالرغم من أن تعريف لون معين صعب للغاية, حيث ان كل عين في نفس الشخص يمكن أن تستقبل اللون بإختلاف بسيط. وهذا سيتم مناقشة بالتفصيل لاحقا.
نظام صف الألوان (والذي تعتمد عليه الرؤية في الضوء المنخفض بشدة) لا يمكن الإحساس بوجود اختلاف في الطول الموجي, وعلى هذا لا يمكن تطبيقه في رؤية اللون. ولكن التجارب وضحت أنه في بعض الظروف الثانوية فإن الإتحاد بين الحث في نظام صف الألوان والحث في الخلايا المخروطية يمكن أن ينتج حيود في الأحساس باللون بطريقة غير التي تم شرحها بالأعلى.
وبينما أن آلية رؤية اللون بالخلايا المخروطية في مستوى الخلايا بالشبكية يوصف جيدا بوحدات الباعث الثلاثي (شاهد بالأعلى), فإن الإحساس باللون وتمييزه فوق هذا المستوى الأساسي يتم تنظيمه بطريقة مختلفة. النظرية الغالبة لآلية إحساس الأعصاب برؤية اللون تفترض ثلاث عمليات متعاكسة أو قنوات متعاكسة, موجودة خارج النظام المدخلات الأصلية للخلايا المخروطية, قناة أحمر-أخضر, قناة أزرق-أصفر, قناة أسود-أبيض ("التألق"). وهذه النظرية تؤخذ في الإعتبار أحيانا في تركيب موضوعنا عن خبرة اللون (شاهد التوضيح بالأسفل). الأزرق والأصفر يعتبرا ألوان مكملة أو متعاكسين, فلا يمكن ملاحظة لون أزرق مصفر (أو أحمر مخضر), كما لا يمكن ملاحظة بريق للظلام أو سخونة للبرد. الأربعة "أقطاب" للألوان المقترحة في العمليات المتعاكسة بخلاف الأسود والأبيض, لها أحقية طبيعية لأن يطلق عليها ألوان أساسية. وهذا بالتنافس مع المجموعات المختلفة للثلاث ألوان الأساسية المقترحة "كمولدات" لكل الألوان التي يشعر بها الإنسان (شاهد بالأسفل).
ملحوظات طبية
في حالة عدم وجود واحد أو أكثر من الخلايا المخروطية أو عد إحساسها مثل الطبيعي للضوء, فإن هذا يؤدى إلى حيود أو قلة في الفراغ اللوني وتسمى هذه الحالة بإنحراف اللون. كما أن هناك مصطلح يستخدم بكثرة عمى الألوان, وقد أدى هذا لبعض الإربتاك في الفهم حيث أن عدد قليل جدا ممن لديهم هذا المرض تكون الألوان عندهم أبيض وأسود, ومعظهم يكون لديه انحراف في الإحساس باللون. وبعض حالات حيود الألوان تنشأ من حيود في عدد أو طبيعة أنواع الخلايا المخروطية, كما تم شرحه من قبل. والبعض الأخر قد ينشأ من التهاب الأعصاب في هذه الأجزاء من المخ.
بعض الحيوانات لها القدرة على استقبال أكثر من ثلاث أنواع من الألوان (الطيور, الزواحف, الأسماك,معظم الثدييات, تنائية اللون أو أحادية اللون)
في بعض حالات الإندهاش أو التعجب الشديد قد يؤثر في الإحساس بالألوان ورؤيتها بحياد.
رباعي اللون
الإنسان العادي ثلاثى الإحساس باللون. ونظريا يمكن للإنسان أن يملك أربعة أنواع من الخلايا المخروطية. ولو أن هذه الخلايا في حالة تسمح لها بتمييز الألوان والنظام العصبي لهذه الأنواع قادر على التعامل مع ذلك, فإن الشخص يصبح رباعي الإحساس باللون. ويمتلك مثل هذا الشخص نسخة مختلفة قليلا من الخلايا المخروطية المتوسطة أو الطويلة الموجات. ولا يوجد دليل على وجود مثل هؤلاء الأشخاص, أو إذا ما كان المخ البشري يمكن أن يتعامل مع الخلايا المخروطية الإضافية بمفردها بدون الثلاث أنواع القياسية. وعموما, فإنه هناك دليل قوي على إمكانية حدوث ذلك, وهو الإناث بتركيبهم الجيني, حيث أن عقلهم يمكن أن يستوعب الخلايا الزائدة. ولكثير من الكائنات يعتبر الإحساس الرباعي باللون طبيعيا, وذلك رغم أن الخلايا المخروطية للحيوانات تختلف (مسطحة أكثر) في إحساسها للطيف عن العين البشرية.
إدراك اللون
توجد ظاهرة مشوقة تحدث عندما يستخدم أى رسام لوحة ألوان محدودة, وذلك أن العين تميل لتتعويض برؤية اللون الرمادى أو الألوان المتعادلة بصفة عامة كما لو كان اللون الناقص في لوحة الألوان. فمثلا, في لوحة ألوان تتكون من الأحمر, الأصفر, الأسود, الأبيض, فإن الخليط من الأسود والأصفر سيبدو كدرجات مختلفة للأخضر, كما أن الخليط من الأحمر والأسود سيظهر كدرجات للإرجواني, بينما الرمادى سيظهر مزرق.
وعندما تفقد العين تركيزها بعد النظر إلى لون لفترة من الوقت, فإن الأحساس باللون المكمل (اللون المعاكس لذلك اللون في عجلة الألوان) لذلك اللون سيلازم العين أينما نظرت لبعض الوقت. وقد تم ملاحظة هذه الظاهرة بواسطة فينسنت فان غوخ.
تأثير اختلاف البريق
يجب ملاحظة أن الخبرة المتعلقة بلون معين يمكن أن تتغير طبقا لدرجة البريق وذلك لأن نظام صف الألوان والخلايا المخروطية ينشطا في الحال بالعين, ونظرا لأن كل منهما له منحنى مختلف للإحساس باللون, ويكون الإحساس في نظام صف الألوان أسرع من الخلايا المخروطية عند تقليل البريق. وهذا التأثير يؤدى إلى تغير في الحكم على اللون في مستويات البريق العالية وهذا يمكن أن يختصر في منحنيات كرويثوف.
التأثير الثقافي
الثقافات المختلفة لها أسماء مختلفة للألوان, ويمكن أن يتم تحديد اسم لون لمناطق متغيرة نسبيا في الطيف, أو أن لها لون مختلف أصلا. ولوهلة, فإن شكل هان 青 (ينطق qīng كونج في اللغة الصينية القياسية وaoi أوي في اللغة اليابانية له معانى تغطى كل من الأزرق والأخضر, ويعتبرا درجات اللون 青.
ومثل ذلك, يتم اختيار اللغة عند تفريق الهيو لألوان مختلفة على أساس درجة اللون وما إذا كان فاتح أو غامق. فمثلا تدرج الألوان أسود-رمادي-أبيض له وصف إنجليزي يقسم الهيو لعدة ألوان مختلفة طبقا لدرجتها. وأيض مثل الأحمر والبرتقالي والقرنفلي والبني. وللمتحدثين بالإنجليزية, هذه الأزواج من الألوان التي لا يوجد فرق كبير بينها في الواقع, لا يقوموا بتسمية الأخضر الفاتح والغامق بإسمين مختلفين بالرغم من وجود فرق كبير بينهما. والإيطاليين لديهم نفس الفروق في الدرجات من الأحمر-القرنفلي والبني-البرتقالي, ولكنهم يقوموا أيضا بالتفرقة بين كل من الأزرق والأزورو والذي يطلق عليه المتحدثين بالإنجليزية أزرق فاتح.
تطور استنباط الألوان. إن عدد الألوان الأساسية المحدودة, والتي يتم استخدامها بصورة منفصلة في كل ثقافة من الأمور التي عليها جدال. فمثلا, في ثقافة معينة يتم البدء بمصطلحين, الغوامق (وتغطي الأسود, الألوان الغامقة والألوان مثل الأزرق) والفواتح (وتغطى الأبيض, ا ألوان الفاتحة, والألوان الدافئة مثل الأحمر), وذلك قبل البدء في إضافة الألوان الأخرى, وبالترتيب لأحمر, الأخضر, الأخضر و/أو الأصفر, الأزرق, البني, البرتقالي, القنفلي, القرمزي, و/أو الرمادي. يوجد جدال قديم حول هذه النظرية حيث أن تسمية الألوان الأساسية طبقا للتطور التدريجي يعطى الإنطباع بأنه نظرا للتطور التكنولوجي المعقد فإن هذا الموضوع لا يمكن تحقيقه بهذه الطريقة.
ويوجد مثال مؤرخ لنظرية أصناف الألوان العالمية مصطلحات الألوان الأساسية بمعرفة برينت بيرلين وبول كاي 1969 عالمية الألوان وتطورها. ومثال أحدث من هذا للتحديد اللغوي بمعرفة يوليوس دايفيدوف 1999 هل تصنيف الألوان عالمي؟ دليل جديد من العصر الحجري وفكرة التحديد اللغوي لأصناف الألوان كانت تستخدم كدليل في إفتراضات سابير-ورف (اللغة, الأفكار, والحقيقة 1956 بمعرفة بينيامين لي ورف.
وبالإضافة إلى ذلك, فإن الألوان المختلفة غالبا ما ترتبط بالحالة الوجدانية, والقيم, والجماعات, ولكن هذه الحالات غالبا ما تكون متغيرة بين الثقافات. فمثلا في أحد الثقافات يكون اللون الأحمر دافع للحركة, البرتقالي والأرجواني للحالة الروحية, الأصفر للإبتهاج, الأخضر للراحة والدفء, الأزرق للاسترخاء, الأبيض يكون إما للنقاء أو الموت. وهذه الإرتباطات مشروحة بالكامل في صفحات الألوان, سيكولوجية الألوان.
ساحة النقاش