في حياة الشعوب لحظات فارقة يتوقف عندها الزمن ليبدأ حياة جديدة مختلفة ، مخلفا ورائه إرثا يصبح تاريخاً بحلاوته ومرارته ، لحظات ينتفض  الشعب فيها ليقول كلمته الفاصلة ، فالتاريخ منذ آدم عليه السلام وإلى قيام الساعة يؤكد لنا أن من حق كل شعب أن يحيا حياته كما يريد بعيدا عن الظلم والاستعباد والأنانية والكراهية ، وعندما انتفض شبابنا في 25 يناير كان التاريخ بانتظار ميلاد جديد لبلد عظيم ظل عظيماً وسيبقى بأبنائه وتمسكهم بقيم دينهم ومصريتهم وحبهم لتراب هذا البلد.ولعل هناك فئة من هذا الشعب أراد الله لها أن تكون دائماً في الطليعة – أو هكذا يجب – لمالها من تأثير فاعل في حياة هؤلاء الشباب الذين قادوا الثورة وحققوا الحلم المستحيل ؛ هذه الفئة هم أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية ، هؤلاء الأساتذة الذين ظلوا على مر التاريخ في طليعة المفكرين والعلماء وحتى الساسة. ولعل ما يحدث في محيط أعضاء هيئة التدريس هذه الأيام قد يخدش الصورة المثالية المستقرة في أذهان المصريين عنهم ، فاختلافهم حول أوضاعهم العلمية والثقافية والمادية بعد الثورة يطفو على السطح ويعلو على صوت الاتحاد وتجمع الكلمة ، وظهر هذا واضحاً في الآونة الأخيرة عندما اتخذت حكومة ما بعد الثورة قرارها الحاسم بإبعاد كل قيادات الجامعة من رئيس القسم إلى رئيس الجامعة مروراً بوكلاء وعمداء الكليات ونواب رؤساء الجامعات ، والكل يعلم جيداً أسباب ودوافع هذا القرار الذي ارتكز على حقيقة ظاهرة مؤداها أن كل هذه القيادات من مخلفات العهد المباركي الفاسد وتبعات أمن الدولة وحاشية الحزب الوطني المنحل ، ولكن أتى شهر أغسطس وانتهى ولم ينفذ هذا القرار ، وبقيت قيادات الماضي راسخة على قلوب وعقول الجامعات المصرية متحدية كل الرغبات والتطلعات , ذلك بحجة قانونية فاسدة فحواها أن القانون يحمي هذه القيادات التي لم تنتهِ مدتها القانونية بعد ، ولا يستطيع أحد إبعادهم عن سلطتهم إلا بعد انتهاء مددهم القانونية. أي قانون هذا !!؟؟؟القانون الذي وضعه أعضاء ينتسبون إلى الحزب الوطني  المنحل الذين أفسدوا علينا حياتنا وعقولنا وتفكيرنا وحتى الهواء الذي نتنفسه؟ القانون الذي كان يُقترح من حكومات فاسدة منتهية الصلاحية قبل أن تبدأ وبجرة قلم من أصحاب (موافقة,موافقة)؟  أين قانون الثورة؟ أين رغبات الناس وتطلعاتهم إلى مستقبل مشرق يبدأ من بحث علمي مهني سليم؟ أين إرادة أصحاب المصلحة في الجامعات المصرية التي تخلفت لسنوات طوال عن ركب الجامعات العالمية وأصبحت من مهازل جامعات العالم بسبب هذه السياسات المجحفة والقوانين  العقيمة؟الثورة لابد أن يكون لها تبعات يا سادة , أولها إلقاء تلك القوانين التي تحمى الفساد  في سلة المهملات ، أولها وضع قوانين وضوابط حاكمة جديدة تساعد على النمو والتطور والعلمية ولا تخلق جيلاً فاسداً  آخر عانينا من جبروته لسنوات . أولها أن يستقيل أو يقال كل هؤلاء الفسدة والمفسدين والذين جاءوا لكراسيهم بالتزلف والنفاق و المحسوبية بعيداً كل البعد عن الكفاءة والقدرة .إخواني أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية: لن يقود الجامعات في المستقبل إلا من نختاره نحن عن طريق انتخابات حرة ونزيهة وشفافة . اختيار يقوم على مراعاة الله في هذا البلد الذي عانى الأمرين ليصل إلى ما نحن فيه الآن ، وليدرك الجميع أن الجامعة عماد الوطن ، لو لم يتغير فكرها وتتغير أساليبها لن ينصلح حال هذا البلد، وأبشروا بسوء العاقبة .

 

بقلم

د/ أحمد عبد العظيم سالم

المصدر: بقلم : د/ أحمد عبد العظيم سالم - محرر إلكترونى
caheft

صحيفة الأدب العربى الإلكترونية

  • Currently 14/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
3 تصويتات / 375 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2011 بواسطة caheft

صحيفة الأدب العربى الإلكترونية

caheft
صحيفة الأدب العربى الإلكترونية - على كنانة أون لاين »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

173,572