في كتابها "السيدة الأولى" توضح أحلام حسين، وهي صحفية وكاتبة بأنه منذ تم رسميا ـ صك ـ المصطلح السياسي «السيدة الأولى»-لأول مرة- في عهد الرئيس الأميركي الراحل جورج واشنطن، وزوجات الرؤساء ورؤساء الوزراء اللاتي يحملن هذا اللقب قد أصبحن في بؤرة الاهتمام، كما أزواجهن، بل في بعض الأحيان يختطفن منهم الأضواء، لما يكون لبعضهن من تأثير كبير على مقاليد الأمور في البلاد، وبدرجة تفوق ما للرئيس أو رئيس الوزراء نفسه، ومن الأزواج الزعماء.
ومع ذلك (تقول حسين) فواقع الحال يؤكد أنهن يكن في بعض الأحوال الحكام الفعليين أو «الزعماء» بعد أن تختطفن القرار السياسي من الزوج الذي يسلم لها كل صلاحياته ويتحول إلى «زوج الست» الذي لا حول له ولا قوة.
وأحياناً تكون «السيدة الأولى» نعمة للزعماء السياسيين، تؤازره وتشجعه، وتشاركه أعباء الحكم، ولكن دون ظهور يضعه في حرج، وغالباً ما يكون دورها اجتماعياً أكثر منه سياسياً.
وهذا الدور يزيد من أسهم الزعيم ويضفي عليه المزيد من الاحترام والحب وهذا ما تنطبق على زوجة رجب طيب أردوغان(رئيس الوزراء تركيا) أمينة أردوغان التي تقف دائما إلى جانب زوجها حتى في مواقفه السياسية التي تشاركه فيها بل وتدافع عنها بكل ما أوتيت من قوة .
وتنقل المؤلفة كيف ان زوجة أردوغان كانت تذرف دموعا عندما انسحب زوجها من مؤتمر دافوس بعد المشاجرة التي حدث بين أردوغان وشمعون بيريز حول غزة.
فتقول المؤلفة: كانت كلمات قرينة أردوغان أمينة المبللة بالدموع في غاية القوة حيث وصفت بيريز بـ «الكذاب». وهذه الصفات تنسحب على السيدة الأولى الراحلة في الأرجنتين إيفا بيرون وهي أصدق مثال على ذلك، لدرجة أن الشعب الذي أسماها» أم الفقراء» اختارها لخلافة الرئيس الزوج خوان بيرون، عقب رحيله، لتتحول إلى رمز خالد في حياة هذا الشعب إلى يومنا هذا.
ولم يكن غريباً أن تستلهم رئيسة الأرجنتين» كريستينا كريشنر» تجربة «إيفا بيرون» الناجحة، فتكون نعم» السيدة الأولى» للرئيس السابق الزوج، وبعد انتهاء فترتي رئاسته، يختارها الشعب كرئيسة، انتظار لعودة الرئيس كريشنر بعد ذلك، لأن الدستور لا يسمح له بأكثر من فترتي رئاسة متتاليتين.
وأحياناً أخرى تكون «السيدة الأولى» نقمة أو لعنة على الزعماء حيث تنخرط في سلوكيات أو تنحرف بالسلطة بعد انتزاعها منه، أو أن تغدق على نفسها وحاشيتها ثروات البلاد، بينما الشعب يتضور جوعاً، فتشوه صورة الزوج، وتقلب عليه مواطنيه، وتكون هي بتجاوزاتها تدق مسمارا في نعش حكمه.
ولعل إميلدا ماركوس زوجة الرئيس الفلبيني الراحل فرديناندو ماركوس وإلينا تشاوشيسكو زوجة الرئيس التشيكي الراحل تشاوشيسكو من أسوء النماذج من النموذج « السيدة الأولى» فتكون بمثابة» الشيطان» بالنسبة له، أو تكون «ظل الشيطان» وشريكه.
وتقول أحلام حسين بان إلينا تشاوشيسكو كانت «امرأة عادية ولكنها متعطشة للسلطة، وعندما تمكنت منها، جعلتها طريقتها المفضلة إلى المال والنفوذ والظلم والجور والقهر، وحين تمت لها السيطرة على كل شيء، أخذت تعيد صياغة شخصيتها من جديد، فصدقت ما تطرحه على نفسها» أم الفقراء»، و» المحسنة الكبيرة»..
وجمعت حولها أقاربها وأصدقاءها، ونهّازي الفرص، لتكتمل بعد ذلك صورة لزوجة ديكتاتور شيوعي سيئ السمعة، وعندما سقطت أرصدة زوجها الطاغية سقطت معه، وعندما حانت لحظة القصاص منه، لاقت معه نفس المصير!!».
وبحسب المؤلفة أن مصادر قوة هيلاري المولودة في عام 1947 عديدة وقديمة تعود إلى شخصيتها ومواهبها الفطرية، فهي تنحدر من أسرة متوسطة الحال تمكنت بذكائها وعملها الدائم ورغبتها في التحدي واثبات نفسها كامرأة قادرة على التفوق على أقوى الرجال...وبذلك بنت هيلاري نفسها منذ البداية كأنثى حديدية ترنو إلى أعلى المناصب والى منازلة أقوى الرجال.
وتضيف المؤلفة» خلال فترة حكم بيل كلينتون لأركنساس تعرض لاتهامات مختلفة بإقامة علاقات غير مشروعة، ويقال ان هيلاري ضاقت كثيراً بتلك الاتهامات وفكرت أحياناً في الطلاق ولكنها غلّبت عقلها على قلبها وفضلت الاستمرار في زواجها مما حير الكثيرين».
وتنقل المؤلفة ما تقول هيلاري:» لا أحد يعيش حياة مثالية. لا يتمتع أحد بحياة خالية من المآسي. هذه حقيقة مسلم بها. ولكن تعتمد سعادتنا على طريقة تكيّفنا مع ما نصادفه في حياتنا.
أنا شاكرة جداً لما أملكه... وأحاول دوماً العمل من أجل بلدي». بقي القول ان هذا الكتاب يحمل في طياته عشرات القصص لزوجات حملن لقب» السيدة الأولى» في الماضي والحاضر..قصص مثيرة لا تخلو من مآس وفضائح ودروس وعبر.
ومع ذلك ان الكتاب لا يسلط الضوء بشكل موسع على كل «السيدات الأولى» سواء كان في العالم العربي أو في منطقة الشرق الأوسط، وكان الكتاب سيبقى جميلاً لو عرفنا دور السيدات الأولى في منطقتنا، وحتى ان الكتاب يفتقر إلى بعض النساء كانت في يوم من الأيام الأولى مثل «لطيفة خانم» تلك الامرأة الاستثنائية (زوجة مصطفى كمال أتاتورك) والذي صدر ترجمة كتاب من قبل الصحافي والمترجم الحلبي السوري بكر صدقي بدمشق قبل الأشهر.
الكتاب: السيدة الأولى(قصص مثيرة وفضائح بالجملة لنساء اختطفن السلطة من الأزواج الزعماء!!)
تأليف: أحلام حسين
الناشر: دار الكتاب العربي(دمشق- القاهرة) 2010-08-20
الصفحات:275 صفحة
القطع: الكبير
المصدر: جريدة البيان / فاروق حجّي مصطفى
نشرت فى 13 أكتوبر 2010
بواسطة books
عدد زيارات الموقع
68,360
ساحة النقاش