يُعد جبل جيس من أبرز المعالم الطبيعية والسياحية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو أعلى قمة جبلية في البلاد بارتفاع يبلغ نحو 1,934 متراً فوق سطح البحر. يقع الجبل في إمارة رأس الخيمة ضمن سلسلة جبال الحجر الممتدة عبر شمال شرق الإمارات وجنوب سلطنة عمان، ويُعتبر وجهةً مثالية لعشّاق الطبيعة والمغامرة والطقس البارد، إضافةً إلى كونه رمزاً لجمال التضاريس الجبلية التي تتميز بها المنطقة.
الطبيعة الجغرافية والمناخ
يتميز جبل جيس بطبيعته الجبلية الوعرة وتضاريسه المتنوعة التي تجمع بين الصخور الجيرية والمنحدرات العميقة والوديان المتعرجة. هذه الجغرافيا المميزة جعلت منه مكاناً فريداً لمحبي الرحلات الجبلية والمصورين الذين يسعون لالتقاط مشاهد بانورامية خلابة.
المناخ في جبل جيس يختلف عن باقي مناطق الإمارات، حيث تنخفض درجات الحرارة فيه بمعدل 10 درجات مئوية عن مستوى البحر، ما يجعله ملاذاً مثالياً خلال أشهر الصيف الحارة. وفي فصل الشتاء، تنخفض الحرارة إلى ما دون الصفر أحياناً، وتُسجَّل تساقطات ثلجية نادرة تجعل من الجبل لوحة طبيعية مدهشة، الأمر الذي يجذب الزوار من مختلف أنحاء الدولة للاستمتاع بمشاهدة الثلوج.
التطوير السياحي والبنية التحتية
شهد جبل جيس في السنوات الأخيرة نهضة سياحية وتنموية كبيرة ضمن رؤية حكومة رأس الخيمة لتعزيز السياحة الجبلية. فقد تم تطوير طريق جبلي يمتد لأكثر من 30 كيلومتراً، يتيح للسيارات الصعود بسهولة إلى مناطق مرتفعة توفر إطلالات رائعة على الوديان والجبال المحيطة.
كما أنشأت الإمارة مناطق استراحة ومنصات للمشاهدة، إضافة إلى مركز للزوار يقدم معلومات عن تاريخ الجبل وطبيعته البيئية. وتتوفر في المنطقة مقاهٍ ومرافق خدمية حديثة، ما جعل التجربة أكثر راحة للعائلات والسياح.
أطول زيبلاين في العالم
من أبرز عوامل الجذب في جبل جيس وجود أطول مسار انزلاقي (زيبلاين) في العالم، الذي افتُتح عام 2018 وسُجّل في موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية. يبلغ طول الزيبلاين نحو 2.83 كيلومتر، ويمكّن المغامرين من التحليق بسرعة تصل إلى 150 كيلومتراً في الساعة بين القمم الشاهقة، ما يتيح تجربة استثنائية تجمع بين التشويق وروعة المناظر الطبيعية.
هذا المشروع عزز مكانة رأس الخيمة كوجهة رئيسية لعشّاق المغامرات في الشرق الأوسط، وساهم في زيادة أعداد الزوار الدوليين إلى الإمارة.
السياحة البيئية والمغامرات
تسعى إمارة رأس الخيمة إلى تحقيق توازن بين التطوير والحفاظ على البيئة الطبيعية في جبل جيس. إذ تم إطلاق مشاريع سياحية صديقة للبيئة، مثل مسارات المشي الطويلة ورياضة تسلّق الجبال والتخييم المنظم، بما يراعي المعايير البيئية ويحافظ على التنوع الطبيعي في المنطقة.
وتقام في الجبل فعاليات وأنشطة مختلفة على مدار العام، مثل سباقات الجري الجبلي وسباقات الدراجات الهوائية، إضافة إلى الفعاليات الثقافية التي تحتفي بالتراث الإماراتي في أحضان الطبيعة.
أهمية جبل جيس الثقافية والسياحية
لا يقتصر جمال جبل جيس على طبيعته المذهلة، بل يمتد ليشكل جزءاً من هوية إمارة رأس الخيمة وتراثها العريق. فهو شاهد على التاريخ الجيولوجي العميق للإمارات، كما يمثل أحد أهم المقاصد السياحية التي تسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتنويع مصادر الدخل.
ومع استمرار الاستثمارات في تطوير البنية التحتية السياحية، من المتوقع أن يتحول جبل جيس إلى وجهة عالمية للسياحة الجبلية والمغامرات، تجمع بين الحداثة وروح الطبيعة الأصيلة.
خاتمة
يظل جبل جيس أيقونةً طبيعية وسياحية تُجسد التنوع الجغرافي الذي تتميز به الإمارات. فبين القمم الصخرية والوديان العميقة والهواء البارد العليل، يجد الزائر تجربة لا تُنسى تجمع بين الراحة والمغامرة، وبين سحر الطبيعة وروعة التطوير الحديث. إنه بحق جوهرة رأس الخيمة ونافذة الإمارات إلى سماء الجبال.

