التحق العقاد بالمدرسة الابتدائية فى أسوان كباقى الاطفال لكنه لم يكن مثلهم فكان نبوغه ظاهر و محل اعجاب الجميع و احيانا حتى الغيرة فمن المعروف ان العقاد كان متفوق فى الحساب و الرياضيات و كان هذا مصد ضجر لأحد مدرسيه و كان يغير منه على ذلك حيث ان هذا المدرس اعطى اعمال منزلية ذات يوم للتلاميذ فزاد عليها العقاد و اجاب على من لا طالعوه فى المدرسة حتى فاقامه المدرس و قال له انك مغرور و متفزلك و كتب له معادلة و قال له حلها فقام العقاد و حلها فازداد خنق المدرس عليه و قال انك جاوبت خطأ و انت تلميذ فاشل ,,, و كان العقاد يقرأ و يطالع الكثير غير كتب المدرسة و يستعير الكثير من مكتبه ابيه الضخمة و كان له حظ الاسد فى مادة الانشأ و تفوق فيها وحين قام الامام محمد عبده بزيارة اسوان مر على المدرسة الابتدائية و كان العقاد يومها تلميذ فسأل عن النابغين فقال له مدير المدرسة اقرأ موضوع انشاء للتلميذ عباس العقاد
فقرأ الامام محمد للتلميذ الصغير عباس محمود العقاد و قال فى استحسان ( يجدر بك ان تكون كاتب و أديب) و كأنها كانت نبؤة من الامام.
و من الغريب و المعروف ايضا عن العقاد انه اكتفى بالتعليم الابتدائى و لم يكمل باقى مراحل الدراسة و فضل العمل مع انه لم يكن فى حاجة الى المال لكنه كان دائم الشعور بالمسئولية و وجوب الاعتماد على النفس ..
بعد ترك العقاد للمدرسة قام بشراء مكتبة ضخمة من امهات الكتب فى التراث العربي و اهم الاعمال الادبية و الفكرية الانجليزية
و عكف على قرأتها مع عمله لأنه كان يعتبر العلوم و المعرفة غريزة انسانية مثل الحاجة للطعام و الشراب و النوم و عمل فى هذا الوقت موظفا فى السكة الحديد المصرية ثم انتقل الى دمياط ليعمل فى البريد و ثم جأ الى القاهرة اخيرا فى وظيفة حكومية ايضا و لكنه لم يفارق القرأة و المطالعة ابدا و كان ينهل منها يوميا ليزداد علمه و يسابق الدارسين و الاكاديمين و حتى المتفوقين منهم و بدأ فى العمل الصحفى و خلع قيود الوظيفة الحكومية عن نفسه و كان فى وقتها ان يستقيل احد من وظيفة حكومية حدث كبير و نادرة تكاد لا تصدق حيث كان وفرة الدخل و التأمين المادى و الاجتماعى و الفخر بالميري و لهذا عرف كثير من الامثال فى المصرية فى الحرص على الوظيفة الميرى او الحكومى و عن نفسه قال العقاد فى هذا الموقف انه يحسب نفسه اول من استقال فى مصر من وظيفة حكومية ,, لكن العقاد كان حر و كان يعشق الحياه على طريقته و كان يرى نفسه احق واحد باداره حياته بالاسلوب الذى يرضيه ..
تدرج العقاد فى السلم الصحفى وانتقل من جرائد الى مجلات الى جرائد اخرى و كان من اشد القائلين بافكار الزعيم سعد باشا زغلول و من المطالبين بالاستقلال عن انجلترا و وضع دستور يحدد سلطة الملك و يفرض حكم الاغلبية من الشعب و بسبب تلك الافكار و هذا الاجتهاد عانى الكثير و الكثير مع انه كان فى تلك الآونة شاب صغير لكنه كان يكتب و يعبر عن ارائه و اراء جيله و مجتمعه بكل حرية و شجاعة و كان احد الكاتبين عن حزب الوفد و كان يناصر سعد باشا على الملأ حين قام الملك بنفيه و اصدر قرار بعدم ذكر اسم سعد حتى فى الشوارع و بين المارة,, لكن العقاد لم يكترث لذلك و كان ينادى بعودة زعيم الامة امام كل الناس..
و استمر هذا نهج العقاد فى الكتابة الساسية على هذا النوح لكنه لم ينسى الادب و الفكر يوما فكان فى تلك الفترة اصدر اكثر من ديوان شعر و اراء له عن الادباء المصريين و العالميين و كان يجيد فن النقد الادبي ,,و تألق فى سماء الادب
و بعدما مات سعد باشا زغلول و تغيرت بعض سياسة الوفد فى مهادنة الانجليز احيانا للتغلب على القصر ورجاله و فى التهادن احيانا مع القصر لمهاجمة الانجليز و كان طلب الاستقلال يقدم للانجليز بطريقة يرفضها العقاد فانقلب العقاد على الوفد و اعلن عدم انتمائه لأى حزب و رشح نفسه فى البرلمان المصري و كان يقول انا لست متحزبا و لكنى لسان حال المصريين و فى احد جلسات البرلمان المصرى فى حضور رئيس الحكومة المصرية انذاك مصطفى باشا النحاس و كانوا يتناقشون حول اعطاء المزيد من الصلحيات للملك على حساب الدستور و تعطيل بعض مواد الدستور لكن العقاد رفض هذا بشدة و قام يخطب فى الجالسين و قال فيما قال (ان الامة على استعداد سحق اكبر رأس فى البلد يخون الامة و يعتدى على دستورها) و كان يقصد باكبر رأس فى البلد الملك فؤاد الاول و علم بهذا القصر و حاكمه بتهمه العيب فى الذات الملكية و حكم عليه 9 شهور , و فى ظلمات السجن فتحت طاقة من النور للعقاد حيث قرأ روائع الادب العالمى و تعلم الفرنسية قرأة و كتابة و تعمق فى كتب و مؤلفات الامام ابوحامد الغزالى و مرض العقاد و هو فى السجن و نقل الى مستشفى للعلاج و كان بجانب سريره يرقد مريض اخر بالقلب و كان يتأوه الرجل طوال الليل فلم يتحمل العقاد و بكى و تنحب من اجل الام الرجل و طلب ان يعود الى السجن فالسجن عنده ارحم من ان يرى انسان يتألم

 

بعد خروج العقاد من السجن قال انه حكم عليه بـ 9 شهور و كانت تلك الشهور بالنسبة له ميلاد جديد و قال انه لم يخرج من السجن خائفا او مهادن للباطل فى سبيل الحرية لكنه قال ان اقصى شعور بالحرية هو ان تسجن من ظالم او جاهل لقول الحق.

 

تعمق العقاد اكثر فى الادب و التاريخ و الفلسفة و الشعر و النقد الاجتماعى و كتب كنوز من المعارف و العلوم وكتب عن تجربة السجن كتابه (سدود و قيود) و انطلق بعدها ليكتب سلسلة العبقريات الاسلامية و التى أشهد بانها كتابات عبقرية عن اناس عباقرة ,, و تعتبر العبقريات من اهم و اشهر كتب العقاد و العبقريات هى عبارة عن مجموعة كتب مختلفة كل كتاب يتكلم عن شخص معيين فى عبقرية له ... و من اهم عبقربات العقاد : عبقرية محمد , عبقرية عمر الفاروق , عبقرية الصديق , عبقرية الإمام علي , عبقرية خالد بن الوليد و كتب اخرى عن سيدنا عثمان و معاوية و بلال بن رباح و كتاب الصديقة بنت الصديق و كتاب الزهراء عن فاطمة الزهراء و عمرو بن العاص و رائعته الخالدة ابو الشهداء الامام الحسين بن علي و كانت هذه الكتب فى بعض الشخصيات الاسلامية التى كان يري العقاد وجوب الكتابة عنها , و كان يكتب رحمه الله عن كل شخصية لهدف و ليس للبحث فقط فكان مثلا يري ان هناك شخصيات عظيمة نعرفها و نردد اسمائها لكننا لا نعرف عنها الكثير و قال حينها الكل يعلم من هو الحسين و من هو صلاح الدين و كلنا نحب كلا من الشخصيتين لكننا ان سئلنا احد عنهما سيفيض فى ذكر صلاح الدين و سيذكر الحسين فى كلمات قليلة و هذا ليس انتقاص من مكانة سيد شباب اهل الجنة و لكنه الجهل الموروث , فأراد العقاد ان يلقى الضؤ على مثل تلك الشخصيات و من الملاحظ فى كتباته عن الشخصيات انه لم يكتفى بسرد و ترجمة حياه الفرد منهم لكنه كان يعود الى اهله و اجداده و بيته و طفولته و يحللها و يري ان تلك العوامل هى التى ادت الى افعال معينة فكان فى كتبه يستعمل نظريات علم النفس و الفلسفة الفكرية للحكم على الاشخاص التاريخية او تبرير مواقفهم.
و كتب العقاد ايضا كتابه العبقري عن العقيدة و هو كتاب (الله) و الذى هاجمه البعض لكنى اري ان الكتاب عبقري ايضا فى الفكر و المنطق , حيث ان الكتاب ليس مكتوب فى الله جل جلاله من منظور الاسلام , لكنه كتبه عن مفهوم العقيدة و الاولهية عند شعوب الارض فذكر اساطير و تخاريف ما قبل الحضارات ثم فصل الديانات القديمة فى بلاد مصر و العراق و فارس و الهند و الصين ثم ذكر ديانات الله على الارض ففصل فى اليهودية و المسيحية و الاسلام ثم ذكر ما اتى بعدهم من نحل و افكار و حتى انه ذكر الفلاسفة المعاصرين و ارائهم , و كان مضمون الكتاب و الفكرة الام هو تنزيه الاسلام و قال بوجوب الديانات القديمة لدى الحضارات السالفة و هذا الوجوب ليس وجوب ديني لكنه وجوب منطقى , حيث قال ان فى بداية الانسانية عندما كان الانسان لا يدرك من العلوم و المعارف شيئا,, فكر فى الدين فلم يخطر له وجود خالق اوحد للكون و كان ساعتها الانسان يصدق ما يري و يسمع فعبد ارواح الصالحين و الاجداد و ما لمسه بيده و او علق فى ذهنه ثم تطور فعبد الاصنام و الكواكب و النجوم ثم جأ اليه دين الله حيث اليهودية فآمن بها البعض لكن لجهلهم و اجترأهم تصوروا ما لم تأتى به اليهودية فحرفوا فيها و غيروها ثم كانت رسالة المسيح فصدقها البعض و آمن بها لكن الانسان كان لا يزال على تأخره العقلى فتصور الله ابا و اساطير للابن و الروح و اخيرا كان الاسلام الذى انزله الله للعقل السليم حيث اكتمال نضوج الفكر الانسانى و قال ان الاسلام دين العاقلين اصحاب المنطق السليم.
كما كتب العقاد عن بعض الانبياء غير سيدنا محمد حيث كان كتابه العبقرى (ابراهيم ابو الانبياء) و بحث فى الكتاب عن سيدنا فى اقوال اليهودية و المسيحية و الاسلام و الصابئة و ذكر اثار ابراهيم و لغته و الحفريات التى تدل عليه,,, كما كتب العقاد عن المسيح فى كتابه (المسيح نور و كلمة) و فصل فيه ايضا اقوال المسيحين و الاسلام و اثار المسيح و نبل رسالته .

 

كان العقاد يري ان كتابته هى واجب عليه و ان الله اعطاه علم فوجب عليه النصح و و توصيل المعرفة و كان يري انه خير سبيل للتقدم العملى و العلمى للشرق و الوطن العربي هو انتهال معارفنا و قيمنا و تطويرها و المزج الصالح بينها و بين ما نستطيع ان نأخذه من الغرب على حذر و كان يري ان الاهتمام باللغة العربية هو من اهم سبل التقدم و كان يري اذا اصبح كل فرد يتكلم العربية بطلاقة و يقرأ بها و يفتخر بها دائما فاننا قد انجزنا شوط كبير من التقدم و كان يري ان الاسلام مع التقدم العلمى هو خارطتنا نحو الافاق و كتب فى هذا عدة كتب كان منها , الاسلام فى القرن العشرين , الاسلام دعوة عالمية , الديمقراطية فى الاسلام , التفكير فريضة اسلامية , أثر العرب فى الحضارة الاوروبية و الثقافة العربية.
و كان من ضمن معتقدات العقاد هى القومية العربية و تحالف الشرق العربي المسلم و لكنه كان يختلف مع قومية عبدالناصر فيما بعد و ناصر القومية جدا فى كتابه ( عبدالرحمن الكواكبي)
و من منطلق مثل تلك الافكار كان العقاد يتخذ موقف حازم و صارم من بعد الفلسفات المهينة للعقل الانسانى على حد تعبيره مثل الشيوعية و الوجودية والصهيونية و البهائية وكان فى زمن العقاد من ثلاثينات القرن الماضى بدأ القول بالشيوعية و الاشتراكية و انتشر هذا القول بين الشباب المصري بشكل كبير و خاصة الجامعيين و المثقفين فكتب العقاد ينقد و يهاجم تلك الافكار فى كتب عديدة مثل , مذهب ذوى العاهات , لاشيوعية لا استعمار , الشيوعية الانسانية . و من خلال تلك الكتب فند العقاد اراء الشيوعيين و كان فى بحثه لكتابة تلك المؤلفات تعمق كثيرا فى الشيوعية و اصبح ملم بها و بافكارها و ما خفي منها و ما اعلن اكثر من القائلين بالشيوعية و كان من اشد الاختلافات الفلسفية بين العقاد و الفكر الشيوعى مفهوم البطولة حيث يري الشيوعين ان البطل او العبقرى هو مندوب من الشعب حمل احلامهم و امالهم فى طفولته و تأثر بهم فكان,, و ترجع الشيوعية فضل المتفوق و البطل للمجتمع و ان الشعب هو صاحب الفضل لكن العقاد يري عكس ذلك و كان يقول ان البطل و الانسان العبقري هو فلتة و هو نابغ من نفسه و كل ما فيه انما هو نعمة من الله اغدقه بها و لم ينعم على الكثير بمثلها فضرب العقاد مثلا لأشخاص ولدوا و نشأوا فى بيئات و مجتمعات فقيرة جاهلة متخلفة ماجنة كافرة فخرج من بينهم انسان صالح و خيير و مفكر فكيف يكون هذا حمل احلام و طموحات اولئك .
كما ان العقاد هاجم الوجودية اشد هجوم و كانت انتشرت تلك الفلسفة فى اوروبا بعد الحرب العالمية الاولى و انتقلت الى مصر على يد المستشرقين الذين كانوا يعملوا فى الجامعات المصرية و على يد الطلاب المصرين الذين سافروا اوروبا و كان من اشد القائلين بها فى مصر د. عبدالرحمن بدوى و لكن العقاد كان يري ان تلك الفلسفة هى مثل البكتريا و الميكروبات التى نشأت على جثث المجتعات الاوروبية العفنة بعد دمارها الفكرى و الحضارى نتيجة الذى شهدته اوروبا عقب الحرب العالمية الاولى و ان تلك الفلسفة خرجت لتكرس السلبية و تعلي من شأنها و كان يعيب اشد العيب على فيلسوف الوجودية الفرنسي جان بول سارتر انه عندما غزت المانيا فرنسا قال سارتر انه عندما غزتنا و احتلتنا المانيا أخذت منا كل الكرامة و اعطت لنا كل الحرية حيث انه عندما يكون الاحتلال تكون الحرية لأن الاحتلال يسلب المسئولية من الانسان و المسئولية هى اشد عدو للحرية !!!
كما ان العقاد اتخذ موقف معادى جدا للبهائية و التى كانت انتشرت فى مصر بعض الشئ اوائل القرن الماضى و فتحت مصر بمساعدة الانجليز ابواب مصر للبهائين و لاقامة محافلهم بحرية كاملة و بعد هذا جأ الى مصر كبير البهائين فى هذا الوقت و هو عباس افندى عبدالبهاء ليبشر بدينه و دين ابوه بين المصريين لكن العقاد وقف له بالمرصاد و ناقشه بالعقل و المنطق و فند ارائه و سفه دينه حتى رحل عن مصر و تركها سالمة .
و كذلك العقاد لم يرضى عن الصهيونية و اعمال اليهود و كان يقول ان اليهود اشد الناس كذبا و يكفى ان تأذى واحد منهم او تقوم مشادة بينكم فى احد اشارات المرور لكى يجتمع عليك كل يهود العالم و يقول انك همجى لا تملك قلب كيف تأذى هذا , الا تعرف ما عاناه اجداده .و كان يقول ان اليهود اكثر الناس ترويجا للاشاعات و يفعلون كل الطرق لتصدقها و ان لم تفعل اتهموك بالجحود و كذلك كان واضح جدا فى كتابة (الهيونية و العالمية)
تقلب العقاد بين العلوم و الاداب و المعارف و لم يترك صنف من العلوم إلا و نهل منه حتى يحكى انه ذات مرة تحدى احد علماء الطب البيطرى بجامعة القاهرة على بعض العلامات فى نوع معين من القرود و اتى مدير حديقة الحيوان بنوع القرد و ثبت صدق العقاد و اخفاق العالم البيطرى , كما يحكى على لسان الكاتب الكبير انيس منصور و هو من تلامذة العقاد لكنه وجودى المذهب ان العقاد كتب ذات مرة مقال عن الوجودية و هاجم فيها افكارهم و فلاسفتهم و ذكر مصطلح فلسلفى لاتينى و هلع انيس منصور عند قرأة المقال لوجود هذا المصطلح ,, ان المصطلح كتب خطأ!! , فذهب انيس الى الجريدة ليتأكد ان كان خطأ مطبعى فعرف ان العقاد ارسل المقال بهذه الصورة , فقال انيس عن هذا الموقف انه فرح جدا بهذا و لم يكن فرحه بسبب خطأ للعقاد لكنه فرح انه يعدل على العقاد نفسه و يكتشف خطأ له و قرر ان يقول للعقاد عن خطأه لكى يصححه له و كان منتشي انيس منصور بسبب هذا الحدث جدا و عند اول لقاء بينهما قال انيس منصور للعقاد على ما اكتشفة من خطأ فى المقال فضحك العقاد حتى دمعت عيناه و قال له خطأ فى مقالى انا !! . عيب يا مولانا تكون رجل دارس للفلسفة الحديثة فى الجامعة و مدرس لها الأن فى جامعة عين شمس ثم تقول هذا و بيين العقاد لأنيس منصور ان ما كتبه صحيح و اتى له بدليل من المراجع اللاتينية و قال له ما ذكرته انا صحيح و ما ذكرته انت صحيح انهما كلمتان لنفس المعنى .

  • Currently 135/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
45 تصويتات / 1618 مشاهدة
نشرت فى 6 سبتمبر 2010 بواسطة bios

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

473,535