رحيل  كرستا فولف سيدة الرواية الالمانية

باصابع محترقة اكتب عن طبيعة النار

 

 

 

 

<!--<!--

 

 

 

   لطيف الحبيب  /  برلين  21. 12 .2011

latifalhabib@aol:de

كلما قرأنا كتابا لهذه الكاتبة الفذة تقفز عبارة (لحظة الصدق لحظة الكتابة ),طالما تغنت بها كرستا فولف من قعر الذاكرة وتنقر على سطحها ,  تعود دوما بنا الي حيث  كنا   وترينا  اين يجب ان نكون  نحترم شجاعة وقفتها مع شعبها  في ساحة الكسندر بلاتس ضد النظام الشمولي مع شعبها في 4 . 11 . 1989 حيث قالت (( كل حركة ثورية تحرر اللغة , وكل ما كان صعب التعبير عنه ينساب الان بحرية من شفاهنا , نحن نعجب لما كان يعتمل في عقولنا نصرخه اليوم ..الديمقراطية الان والا فلا ونحن نعني غلبة الشعب , نحن نتذكر كل الانتكاسات والهزائم الدموية الراسبة في تاريخنا , نرغب ان تكون هذه الازمة فرصة توقظ كل قوانا الابداعية , اللغة تنهض من عزلتها وتستعيد طاقة مفرداتها , واحدة منها , انه الحلم , نحلم بيقظة واعية . هل يمكن ان نتصور انها الاشتراكية وليس هناك من يغادر الوطن ؟؟ انه التحول الذي لا يصدق , شعب المانيا الديمقراطية يتظاهر في الشوارع ليتعرف على نفسه . انه يهتف ( نحن الشعب ) وهذه اهم جملة سمعتها خلال هذه الاسابيع .) من كلمتها  في الكسندربلاتس ( من كتابها Auf dem Weg nach Tabo  ص 11 الصار في عام 1994)  .لقد نشأ جيل كامل مع كتب كرستا فولف  ,وعرف هذا الجيل ان لكل كاتب لحظة معينة تظهر فيها مادة أو فكرة جديدة وحيدة طيعة هي جزء من حياته , تعد كرستا فولف من بين اهم الكتاب  واكثرهم  شهرة في الالمانيتين .  رحلت في يوم الخميس  الاول من ديسمبر  2011 في احدى مستشفيات برلين  عن عمر ناهز 82 عاما ;  , كانت بالقرب من الموت تتوقعه بعد مرضها , اعلنت قبل رحيلها  واثناء قراءتها بعض فصول روياتها الاخير في اكاديمية الفنون  انه اخر كتبها , صفق لها الجمهور بحرارة  , بجهد استطاعت ان تقف على عكازتها وتغادر المسرح  انذاك بلغت من العمر 81 عاما      

■  ولدت كر ستا  فولف  18 ـ 3 ـ  1929  في مدينة لاندبورغ

■ عملت ناقدة ادبية  في صحيفة المانيا الجديدة

 ■ عملت  رئيسة لدار  نشر الحياة الجديدة

■  انتمت الى الاتحاد النساء الاشتراكي الالماني عام  1945

 ■عضوة اكاديمية  العلوم الالمانية

 ■ تدرس في لوس انجلس في معهد دراسات الفنون التاريخية  في سانت موناغو  وبنفس الوقت تعمل في اعداد كتاب جديد .

 ■ لخدماتها الجليلة في حقل الادب وخاصة في برلين , منحت مع زوجها في  25 ـ 3 ـ 1994 جائزة [ فون ـ انس ]..

 

ـمن اهم اعمالها : ـــــ

1 ــ السماء المجزءة                    رواية                        1963

2ـ  تأملات حول كرستا  ــ ت ــ            رواية                 1968

3ــ   القراءة  والكتابة                  مقالات وملاحظات        1973 

4 ــ  تحت الزيزفون               قصص غيرحقيقية             1974

5 ــــ نموذج الطفولة                   رواية                         1976

6ــ لامكان  في هذه البقعة             قصص                       1976 

7ــ كسندرا                             رواية                           1983

8 ــحكايات                              قصص                       1985 

9 ــ الكارثة                               رواية                        1987  

10 ــ حكاية صيف                      قصص                       1989

11 ــ ابعاد الكاتب  مقالات  خطب ومقابلات   ج ـــ 1          1989

12ـ  في الطريق  الى  الطابو                                        1994  

اخر رواية كتبتها  ملاك المدينة

بمثل هذا العدد من الكتب بلغت كرستا فولف  82 عاما  والتي تمثل مراحل تطورها الادبي والكتابي  التقني  وتمثل ايضا فترات عمرها  الفتوة , والصبا , والشيخوخة ! وتشهد على تحول الرؤيا عند الكاتبة خلال هذه الفترات  من الامل  الى الوهم الى الواقع   .تنتمي كرستا فولف  واعمالها الى تاريخ المانيا الديمقراطية  وبرلين الشرقية , الى تاريخ دولة اشتراكية  يتعرض الان  من قبل الكثرين  الى التشويه , روايتها الاولى ( السماء المجزءة )1963, دفعتها  الى مصاف  الكتاب الكبار,وتميزت كناقده  للوضع السائد حينذاك بين اقرانها  , الا انها تصم بالخيانة كل من يغادر  الوطن  [المانيا الديمقراطية ] ,اضافة الى جراءة التعبير لايصال الحقائق التي لم يعتد عليها الناس في فترة الستينات . اصطدم الكثير من من قراء ومحبي  مكسيم غوركي , شلخوف , هاينرش هاينه , هاينرش مان , فيويشتفاغنر , انا سيغرز  بمضمون  وشكل الكتابة الجديد والتصورات الجديده  الدقيقة لكرستا فولف  التي كسرت اشتراطات وآيات  [ بابوات] الادب الاشتراكي  الذي تأسس في الاربعينات  والخمسينات تحت شعار الواقعية الاشتراكية التي لم يخضع لها لا الشخوص  ولا البناء الروائي  لحكاية [ السماء المجزءة]  ولا اعاملها الادبية لاحقا . كرلاستا فولف من الكتاب الذين ارتقوا مسرح الادب  وامتلكوا ناصية فنونه وخاصة القصة والرواية ,بدأت النشر في بداية الستينات تحت تاثير الحرب البارده  وتقسيم المانيا الى دولتين  اشتراكية ورأسمالية , عاشت الحرب بكل الامها  وخرابها  الذي حل في العالم , لذا تشكلت  لديها ميول ونزعات مسالمة  مدافعة عن الانسان بعد التفريط به وتقرير مستقبله ومصائره  دون ارادته من قبل الفاشية والنازية , اما انعكاسات الحرب التي ادت الى تغيرات عميقة في العلاقات الاجتماعية  والنفسية اثرت بشكل مباشر ايضا على طرق تفكيرها  ,وغيرت الكثير من مفاهيمها  وخلخلت عديد من النظريات الفلسفية والفنية التي آمنت بها  . فترة ما بعد الحرب  طرحت جديدها ايضا , جديدها القادم من قلق الانسان  ويأسه وفقدانه الايمان بأمكاناته  وطاقته , الضياع , العبث , الفراغ الفوضى او الحريات المطلقة  وعدم المسؤولية , ادى الى خلق صدمة الوعي  والنزوع الى تغير العالم من جديد [ دون العودة الى طرائق التفكير القديم   ]  . مثلما انتشرت حكاية السماء المجزءة  في كل العالم وحولت الى فلم سينمائي , كذلك حدث مع روايتها [ كرستا  ـ ت ],التي حذرت فيها من نظام لايحث الناس على  معرفة انفسهم  ويمنع مبادراتهم , ويعيق حتى نموهم  العاطفي , لقداخذت هذه الرواية طريق الشهرة في العالم  برغم من عدد النسخ القليلة المنشورة ,, لقد حصل القراء على هذه الرواية  باشكال وطرق متنوعة ! وما يسمى في الزمن الاشتراكي (من تحت الطاولة ).

الروح النقدية المتصاعدة لاعمال كرستا فولف كانت الامل عند الكثيرين ,لاحداث تحول ديقراطي في النظام الاشتراكي القائم انذاك في المانيا الديمقراطية ,وفعلا هذا ماكانت تهدف اليه النصوص التي اثارت الاعجاب  ليس في المانيا الديمقراطية  بل في العالم اجمع .

وقفت مع كل الناس  ومرت بكل الاحزان  وكل كتاب كان  ومازال يثير  النقاشات الحادة  , في الرابع من نوفمبر 1989 تجمع الشعب اللالماني الديمقراطي في ساحة الكسندر وسط برلين الشرقية , ولم  يكن التجمع ادبيا وانما كان احتجاجا ومطالبة ديمقراطية , كرستا فولف كانت بين الخطباء . كان هذا اليوم لقاء مع ابطالها  مع (كسندرا ) كان لقاء الناس مع ام الادب , لقد كانت تعتقد ان المجتمع الاشتراكي سوف يقف على قدميه ثانية , بلغة حالمة طالبت الجماهير المحتشدة ان تتخلى  عن يأسها  وتنجز التحولات الديمقراطية , احتجت بشدة على كل من يصف المانيا الديقراطية [ بدولةالاشرار ] كما كان يطلق عليها الغرب , اني احب هذه الارض  تقول كرستا فولف ,,( هذه الارض التي عاش فيها  ارنست بلوخ , برتولد برشت , انا سيغرز ,  ويعيش فيها ,, شتيفان هرملين  ,, شتيفان هايم ,, وهاينر ميلر).رغم كل هذا الحب فقد كانت المانيا الديقراطية  لهاعالمين عالم القراء الذي يحبها  وعالم السلطة الذي يمقتها . .يتصاعد السؤال دوما لماذا لم تغادر كرستا فولف المانية الشرقية حتى مماتها؟ كانت تكرر القول " لقد احببنا هذه الارض" ماذا تفعل في الغرب الالماني؟ انها تتمتع بامتيازات خاصة منحها لها جمهور المانيا الشرقية  ( كتاب مثل رواية كسندرا لم اكن قادرة على انجازه في مكان اخر غير المانيا الشرقية ) كانت اجابنها واضحة

يعتبر كتابها  بعد سقوط المانيا الشرقية (في الطريق الى  الطابو) 1994  مجموعة اخبار سردية  حول تطورها  في السنوات الاربع الاخيرة  بعد التحولات التي جرت في المانيا , بماذا تفكر؟ اين اصبحت ؟ اين راجعت نفسها ؟  وانتقدتها ؟ يحتوي الكتاب على 30 موضوعا  منذ 1989 ــ 1994 حوارات مع النفس  وتقول عنه [ انه قضية  احكم بها بنفسي على نفسي  وضد نفسي ] .

قضت كرستا فولف معظم وقتها تتعامل مع اللغة  وكيف تطوع هذه اللغة  كمفهوم للمسؤولية , انها  برومثيوس الذي جلب النار , هكذا تقول عن اللغة . عن دورها في تاريخ الادب الالماني تقول  اني اتذكر برج الشاعر  هولدرن في توبنغ  , وبشنرز غراب في زيورخ  واتعلم الان ان انظر الى نفسي ككاتبة المانية .

في كل ثامن من مارس تتمنى كرستا فولف ان تحقق النساء طموحاتهن الخاصة  ان يدافعن عن حقوفهن . ان يكن في مواقع التحدي ومراكز الاهتمام ,  وان لايكن  مشروعات في مجتمعات رجالية ,, انكن صاحبات القرار .

كانت كرستا فولف  بالنسبة للغرب رمز المعارضة في المانيا الديمقراطية , اما اليوم هي قطب معارض للنظام الغربي ,انها الروح المخلصة انها الجلد الاصيل . الناقد الالماني الغربي  مارسيل رايس ـ راينكه [ نحن لاننسى رواية كرستا ـ ت  ورغم كل شيئ تبقى كرستا فولف ابنتنا  ويجب ان تستمر بالكتابة , اتمنى ان اقرأ دوما جديد كرستا فولف ]

,, اما الاهتمام الادبي النظري لكرستا فولف انصب على تفكير إبداعي لخلق شكل فني جديد يخرج عما سبقه من طروحات ادبية واشكال  و طرائق فنية ,  بالواقعية  والشكلية  كمفاهيم متقدمة وعصر الانحطاط يعتبر جزءا من التراث .  التجديدية هو ما يجب ان يقوم به الجيل الجديد بالاضافة الى اقناع القارئ  وتقديم الحقائق الجوهرية اليه في مجرى  توافق الرأي والكمال  في بناء الاشكال الادبية . من اسوء مايعتاده الانسان الاستسلام  لما مفروض  والنظر للظواهر الادبية  دون أي  مبدأ  ادبي نقدي , هذا ما وقف ضده جيل كرستا فولف .هل هي صدفة ان ترتبط في كتب كرستا فولف  الحياة  بأحداثها ووقائعها بالادب واشتراطاته  الابداعية ؟؟   وكثير مانعيش احداث  واشكاليات  يومية  مصنوعة من خيالها  محكية بلغتها , لكن تفاصيلها من حياتنا العادية اليومية ونكتشفها من جديد .

 

السماء المجزءة  1963

بتبحر وتعمق هادئ واسلوب نفسي تغور الكاتبة في تاريخ البطلة  وتكشف بشفافية عن خلجاتها في قصة حب مؤثرة  طارحة نقائض المجتمع في شخصية البطلة [ريتا زايدل ]

التي ادركت بعد شقاء  وعناء  ان السماء اثقلت  بالامل والشوق  احدودبت من الحب والحزن , انفطرت وتجزأت .القصة  من اهم الاعمال الادبية التي تعالج قضية الوطن  خاصة بعد تقسيم  المانيا  , جعلت الكاتبة  نمو وتطور الشخصيات غير متعلق بالوطن , وانما بثقة الانسان بأمكانياته  ومن خلالها ثقته بوطنه من عدمها , ان اختيار بطل الرواية [ مانفريد هيرفورت ] مغادرة المانيا الشرقية الى برلين الغربية  لم يكن اختيارا صادقا بسبب تردده وارتباكه وعدم  صدق وطنيته  ولم تكن له القدرة على الثقة في نفسه  والتي تأكدت في اول لقاء له مع ضده في غرب برلين , حب التملك ,الشك , الحسد من تقاليد المجتمع  .  كان عمر ريتا زايدل  19 عاما  حينما  ولهت بدكتور الكيمياء[مانفريد هيرفورت ]  الذي يكبرها  بعشر سنوات  وكان حبها الاول , اختفى حبيبها  بعد ان تعرضت لحادث  ودخلت المستشفى , رفضت ان تلحق به الى برلين الغربية  حيث يعد خرقا لقوانين المانيا الشرقية , عانت بعد ذالك من مرارة الفراق  والشوق . لقد كان حبهما من اول نظرة  وقد نسيا العالم من حولهما , ما كانت  تعرف , ان المرء لايستطيع ان يعيش بمعزل عن العالم  والناس والصراع  واشكاليات المجتمع اليومية الحياتية , انتقلت  ريتا زايدل  الى المدينة لدراسة العلوم التربوية  وصدمت  بعوالم المدينة وخفاياها واسرارها ,, السرقة , الخيانة  الوصولية  الانتهازية رفضت  ريتا كل هذا المساس بالعدالة الاجتماعية التي تسعى الوصول اليها  . قابلت حبيبها في غرب برلين  فعادة منهارة الاعصاب  , دخلت المصح للعلاج , بعد فترة وجدت  ريتا  القوة للتغلب على شخصيتها المنهارة  ثم تجاوزها الى عالم جديد حيث يستمر الانسان  بالعطاء .

القص مكثفا يأخذ اشكال ملحمية  سيرت محادثات  ريتا   وخيالاتها  وردود  فعلها لقد  تمكنت الكاتبة وبجدارة  ان تصور مشاكل  المجتمع الحقيقية  وتحيلها  الى حقائق يومية تواجه الفرد اذ نكتشف كيف ربطت بين البلاد المقسمة  والعالم المجزء ولتسريع  الفهم والادراك عند القارئ  وتشويقه  ربطت احداث الرواية  بعلاقاتها العائلية الخاصة

[ تأملات  كرستا ــ ت ــ ] 1968

لايستطيع المرء ان يلم بجمع احداث رواية [ تأملات  كرستا ــ ت ــ ]  او يحتفظ بها غيبا  لان الاحداث  التي ترويها حول صديق الصبا والتلمذة مؤثرة  مملوءة بالتساؤلات  والتقولات  .من الملاحظ في هذه الرواية  المحاولات  الجادة للخروج من الاشكال الادبية السائدة في ذالك الوقت ومن المشاغل المهمة التامل والتفكير في صياغات جديدة للاشكال المحتملة والجديدة لعلاقة الفرد في المجتمع .

رواية [ نموذج الطفولة ] 1976 تبقى راسخة في الذاكرة  بكل قيمها وعادات وتقاليد القرن الحالي الخارجة عن رغبة الانسان  والممثلة لكل قيم التخلف  السابقة  بأشكالها المختلفة  .  البلاهة  والحماقة المعادة , تجارب  وخبر اماكننا  المستلبة  تتحدث عنها  كرستا فولف والتي تمس طفولتها  وصباها مباشرة  , يخجل الانسان  ان يتحدث عنها , تحكي باختصار وشاعرية  عن الاماكن التي التي سكنتها  او مرت بها وعاطفة جياشة نحو الانسان الذي  كان يشاركها السكن , الحي او المدينة ; يتلقى القارئ رسالتها بهدو  ويلتقط معانيها  بشوق لمعارف اكثر .  بسبب خبرتها  وخبريتها  عن كل شيئ  يتلقف الجميع كتبها, استطاعت  أن توصل للفرد الاوربي  ما هو خارج عن  اشكاليته وتكراره  اليومي  وقراريته الحادة  حول مصائر  الانسان  في القارات الاخرى , بالاضافة الى فضول وتطلع  كرستا فولف الى كل ما هو انساني  جديد عاكسة اياه بلغة نثرية ادبية شاعرية في قصصها ورواياتها .

 

ابعادالكاتبة

العلاقة بين الادب والمجتمع كان لها اهمية كبرى في الستينات من هذا القرن  وتعاظمت قيمتها خاصة عند[  كرستا فولف ] و [ ارمتراند مورغنر ] ـ2ـ المعالجات  المقدمة من قبل الكاتبة  حول الفرد واشكالاته  الاجتماعية  انذاك  مازلت تاخذ حيزا من تفكير الناس  وكانت سببا  ومازالت في  شهرة اعمال كرستا فولف  الادبية  والفلسفية  ونوعية تفكيرها  تدفع الكثير من القراء  الى التأمل  والتوقف طويلا امام كتبها .يؤكد اغلب كتاب الستينات في الادب الالماني  على انهم  ليسوا  اصحاب  حلول جاهزة لمشكلة علاقة الفرد بالمجتمع ( يجب اختيار الشروط والقوانين  الادبية  وقدرتها  على ابداع  انسان  متميز  واخلاقي )  ـ3ـ  . الكاتبة تهتم بكتابات  اخرى لكتاب من مختلف الاتجاهات  والمشارب , تحاول دوما اكتشاف الاخرين ,كتبت كرستا فولف  دراسة عن  رواية  انا سيغر ـ4ـ < القرار >بعد سنتين من صدورها {ايضا كتابها الجديد يهدف ككل كتبها  التي كتبتها منذ ثلاثين سنة , مباشرة الى وعي وادراك المرحلة  التي نعيش فيها ,, انها تمسك موضوعاتنا من المركز ,, انها تسطر اسس تاريخية لجزء من طريق الانسانيةْ}  .اهتمت ايضا في الستينات بتطور العلوم حتى ان هاجس الحرب اصبح شغلها الشاغل . حيث قالت في قصة [ ماذا تبقى ] ( لاتكن خائفا ... في كل لغة اخرى  اسمعها ولا انطقها .. ساحكي يوما ما .اليوم اعلم جيدا  ان الحديث  سيكون مبكرا جدا,ولكني احسه حين  ياتي الوقت ).

قصة الكارثة (اخبار احد الايام ) 1987 في مقدمة القصة  نقرا  ان شخصيات النص ليس لها اي علاقة  بناس احياء  وانما من الخيال , تمتاز هذه القصة بخطابها السياسي المباشر , تحدثنا فيه عن كارثة ( تشرنوبيل ) المفاعل النووي في الاتحاد السوفيتي سابق ,خلالها تجري عملية جراحية  في الدماغ  لراوي القصة  , نامل في نجاح العملية  اعتماداعلى خبرة الطبيب الواسعة  وتطور العلوم  , لمساعدة  المصاب من اجل الحفاظ على كفائته,, هنا تاتي افكار استخدام الطاقة  النووية  وما تسببه من اضرار للبشرية  توثق الكاتبة سعة اطلاعها العلمية التي توحي بالاقناع .الكارثة  تختلف تماما عن الكتب الاخرى حيث نشأ هذا الكتاب بين [ يونيو وسبتمبر 1987] وخاصة حين نقرا  كتاب ( كسندرا )  كثافة شعرية  وسرد قصصي محبك . ان ازدحام الاسئلة  اجبرت الكاتبة على الاجابة السريعة  , هكذا تفهم  كرستا فولف الادب اليوم , الكاتبة الباحثة عن الهدؤ  , الباحثة بحيرة  عن مكامن القلق لتلقي حجرا  لعلها  المياه تهدأ بعد ان ترسم دوائرها الموجية المتناسقة الاشكال .

الخيال الفني  والاساطير

محاكات الارث الادبي  والتعامل مع الظواهر الادبية الخارجة عن الانواع الادبية  والمرتبطة مع الحكاية الشعبية يجب النظر اليها دائما بتجديد,مثل ممارسة عملية النقد الادبي في لحظة ومكان ولادتها وبادوات النقد المتوفرة في تلك الفترة بعيدا عن ادوات  ومفاهيم النقد الادبي المعاصرة , ربطت كرستا فولف  قصة الستينات والسبعينات  ومستلزماتها الواقعية مع الاساطير وعناصرها  التي تحولها الى فنطازيا رائعة , في الاعمال الادبية يجب ان نلمس حقيقة الانسان الحي الساكن في المجتمع وصل  هذا  الى الادب الالماني عبر تأثير الاداب العالمية  ومبدعيها  ,, غوغول,, دستوفسكي حاملة نبضات الواقعين الكبار  هوميروس,, دانتي,, غوته ,, شكسبير

(ان اغلب ادباء االشرائح الوسطى من المجتمع كتبوا  الرواية والمسرحية  في القرنين الاخرين تغلب عليها رؤيا الحزن ,, بعض النبلاء الشباب الذين يحاولون  تحقيق احلام الامراء في حياتهم  لكنهم يتكسرون اخلاقيا ونفسيا امام مجتمعهم  ,   اما الجيل الجديد[نحن]  بدأنا  بكتابة اول جمل الحقيقة في تاريخنا المعاصر وليس تاريخ الاغبياء المضحك الذين يحلمون بقفزات فوق الغيوم , نحن نكتب عن الخسارة ليس في الملكية الخاصة وانما في امكانيات الانسان الطاقة الحقيقة للابداع , الحقائق  والواقع هي مادتنا الخام  الاولى التي لاتدفعنا لتحطيم شخصيات رواياتنا نفسيا  , الصراع لاينتهي بل سوف  يتصاعداخلاقيا و انسانيا ).

كسندرا رواية خلقت  ضجة   1983 وتحولت الى رمز لحركة النساء الالمانيات المعارضات

 (نحن لم نعد نعرف  هل نحن في اشد  الزوايا حلكة  ام نحن في نهاية تاريخ اوربا , وحينما يشاهد المرء غروب اوربا  تبدو احينا مثل غياب قارة اطلنطا ! . اوربا اسم اقتبس من اليونان , اوربا ابنة احد الملوك الفنيقيين  خطفها الاله  زيسوس بعد ان تلبس شكل ثور من فينيقيا الى كريت , و من اخر الملوك  مينوس ولدت عدة اطفال , من حالة العنف هذه ضد المراءة خلق تاريخ اوربا في الاساطير اليونانية.  ان المي على هذا الجزءمن الارض بعض الاحيان مرض وهمي  ليس فقط علي جزء مفقود  وانما على جزء لم يعد متطورا  ولاحضاريا فاقدا للمشاعر والعواطف !)   من رواية  كسندرا

  غلاف الرواية الاخير [ كان تلقف الجماهير للكتاب بشكل لايوصف ]صدرت في المانيا الشرقية بسبب نقص في خزين الورق ثمان طبعات , بيع من مجموع هذه الطبعات ( 200 ) الف نسخة اما في المانيا الغربية صدرت  <14> طبعة بيع من مجموعها ايضا [ 200] الف نسخة  اما مجموع مابيع من النسخ  [700] الف نسخة .

كسندرا  في الاساطير اليونانية هي بنت الملك [ براموس ] ملك طرواده التي رفضت حب [ ابولونيوس] لذالك وجب عليهاان تحمل اللعنة  لفترة طويلة  وكأنها قدر محتوم  ولا خلاص من وخيم العواقب , اثيرت النفوس  والمشاعر مرة اخرى في عالمنا المعاصر بولادة [ كسندرا ] , كرستا فولف اعادة تصوير طرواده  وكشفت كل التكهنات بغروبها

وتحول سكانها الى عبيد  ثم موتها , حولت الاحداث والشخوص الى حكاية ادبية تروي وتسرد من خلالها التاريخ  و وقائعه  بقص روائي مممتع ,رغم عنف الموت الذي واجهته بطلتها غير انها امنت بنفسها  ايمانا مطلق .   لقد كان ممتعا حقا ومدهشا كيف احالت كرستافولف هذه الاسطورة الموغلة بالقدم  باشكال فنية غير عادية جديدة وجعلتها تتوائم  مع اشكاليات زمننا الحالي , لقد دفعت القارئ الى حس الحرب والتسلح  في الزمن الطروادي من جديد  ومست هاجس اعادة قراءة التاريخ  وصياغته من جديد باشكال فنية ماهرة , وحبكة قصصية مذهلة مثيرة غبار الماضي .  استعارت كرستا فولف التقاليد العريقة  وما وصل الينا منها, ونقبت عما يخلق منه مجددا وصاغته على شكل رواية تعيد بعث التاريخ حديثا معاصرا , انها حالة انبهار كبرى .

اثارت الرواية نقاشات حادة وواسعة في مختلف انحاء اوربا حول تاريخ طروادة  وحروبها , لقد بويعت نبوءة كرستا فولف واصبحت الرواية مصدر من مصادر التاريخ الطروادي , لتفضح  الجدف والشتم الذي يعم العالم  ولم تذكر محاسن وخصائل البعض  وانما اوضحت قوة الكشف الانساني االلامحدودة  بالخوض والبحث وصولا الى حل تشابك الرموز التاريخية  الانسانية وكانت هذه وجهة الرواية  التي وصلتها بشكل خارق لامثيل له .  ترجمت الرواية الى [ 26] لغه  كما صدرت في عديد من عواصم العالم  ,طوكيو , استانبول , القدس, هلسنكي , لشبونه [ لم نطلع على ترجمة الى اللغة العربية ] ,  ايضا اصبحت الرواية حافزا وخيالا مستوفز لكثير من الفنانين حيث اقيم معرضا جوالا في اوربا لعرض اللوحات التي رسمت بتاثير الرواية . كما اقتبست منها اعمال مسرحية عديدة  وعرضت في زيورخ , برلين . والسويد , تلقت الكاتبة عديد من الرسائل  وحتى من داخل السجون ترحب بالرواية  ومنها سجنMykene .

تطمح الكاتبة الى تحقيق الكتاب العالمي حيث تقوم بجمع كل المواد والحوارات والرسائل حول رواية كسندرا وتحيلها الى رواية عالمية يشترك في تأليفها كل العالم . رسم الفنان [ فيرنر ميركوفر] كتاب تخطيطي من [106] لوحة مستوحات من عوالم الرواية  . هذه ا لرواية كلمة ولكنها صريحة قادمة من عالم بعيد عتيق لم يدفن بعد, ايقظت فيه حرب الطرواده  مرة اخرى , سيئة هي الحرب  وابطال الموت يتحدون  في نزيف دموي قاتل.

في المانيا الديمقراطية عانت  كسندرا عسف الاشتراكية

اختصرت الرواية في المانيا الشرقية تحت حكم الاشتراكية  السابق خوفا من كلمة صريحة, حذفت منها مقاطع وعبارات  ولم يسمح بنشرها  ادناه بعضها  :ـ

1ـ ليس لنا اي فرصة ,, كيف اترك امرنا الى الخبراء الذين اوصلونا الى هذا الحد ؟؟؟ ليس لي اية رغبة

سوى ان يتركوا اطفالي واحفادي  بسلام  ويبدو لي انها رغبة غير محققة  لانها الرغبة العقلانية الوحيدة , ان نزع السلاح من طرف واحد ارتاب فيه  ولا ارى طريقا اخر , من جهة ضغط الرأي العام العالمي ومن جهة اخرى ابتزاز الدكتاتورية السوفيتية في التنازل عن الضربة النووية الاولى , تتصاعد خطو رة اندلاع حرب نووية يوميا  ودون علم احد  اوسبب  وربما انها ستندلع من اي حادث طارئ , هذه افكاري  اطالب كل الجيل ان يفكر معي .

2ـ كل الاخبار تقول ان الطرفين  سوف يقومون بقصف البشرية دون رحمة بكل ماهو ضروري من استعدادات حربية , نفسيا غير محتملة حيث سيكون الدمار سريعا بسرعة الصواريخ التي تنتج من الطرف الاخر

3ـ من يستطيع ان يغير حالة جنون الحرب والدمار التي ترتكبها الحكومات ؟.

4ــ اكره كل انسان بعد هذه التهديدات بالحرب ان يذهب الى العمل فرحا , ان هذا الكره هو مايحتاجه حكام السلاح النووي

5 ـ الخطورة ليس استعداد المرء للقتال  والحرب وانما هتافاتهم بالحرية والسلام وخرق كل القوانين من اجل استعدادات الحرب .

 

هوامش ومراجع

1ـ الادب ووعي التاريخ   تاليف  مانفريد ديرس و فلفريد هارتنكر ــ مقال كرستا فولف  الادراك وبدائية الوعي

2ــ كاتب الماني

3ـ مقال كرستا فولف  القراءة والكتابة

4ـ كاتبة المانية

5ـ الادب والوعي

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 231 مشاهدة
نشرت فى 21 ديسمبر 2011 بواسطة berlin

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

7,951