تحفيز العقل الباطن أبرز استراتيجيات السيطرة على الغضب
الغضب يؤثر على انفعالات الجسد
يتصدر الغضب وسرعة الانفعال قائمة العوامل المسببة للاضطرابات النفسية والتشوش الذهني وإهدار طاقات الناس، وهو أيضاً من أهم أسباب اختلال التوافق واللياقة النفسية والاجتماعية، فالغضب لا يفرز إلا الضغينة والحقد وهو نار تحرق العقل وتسحق البدن وتصيبه بأمراض لا حصر لها. ويتفق خبراء الصحة النفسية على أن الغضب ضرورة لحماية النفس من عدوان العالم الخارجي، ولكن عندما يصبح الفرد سهل الاستثارة يغضب لأتفه الأسباب وتزداد حدة انفعالاته لفترات طويلة فإنه سيعاني من أعراض التوتر المستمر والقلق المزمن وضعف التركيز والإعياء الذهني والبدني وفقدان الرغبة في الاستمتاع بالحياة.
برمجة الذات
يعد التحكم في انفعال الغضب والسيطرة على النفس من الأمور بالغة الأهمية لكي ينجح الإنسان في حياته ويستطيع أن يتوافق مع نماذج البشر على اختلاف طباعها وأخلاقها، وأيضاً لكي يتجنب ما يسببه الغضب من اضطرابات نفسية وعضوية متعددة، ويتفادى كثرة التصادم والاحتكاك والذي يحصد بسببه خصومات وعداوات كثيرة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل حاولت التغلب على هذا السلوك من قبل وهل وجدت نفسك فاقد للحماس وغير قادر على الاستمرار.
“الغضب مثل البخار المضغوط في إناء محكم إذا لم يجد منفذاً لخروجه فانه يصيب الفرد بمرض أو أكثر من تلك المجموعة المسماة بـ”الأمراض النفسجسمية” مثل قرحة المعدة وارتفاع ضغط الدم والذبحة الصدرية والقولون العصبي والصداع العصبي المزمن” ، “لابد من السيطرة على الغضب من خلال برمجه الذات عن طريق العقل الباطن، حيث أن داخل كل إنسان قدرة داخلية تمكنه من التحكم في تصرفاته وما يبدر عنه نتيجة لتخاطب داخلي مع نفسه، ومن هنا نرى أن العقل من حيث الإدراك ينقسم إلى قسمين لكل منهما وظائف”. وتشرح “العقل الواعي له أربع وظائف رئيسية حيث أنه يتعرف على المعلومة ثم يقارن بينها وبين المعلومات الأخرى، ثم يحلل المعلومات ثم يأخذ قرار، بينما “العقل الباطن” له صفات عديدة من أهمها إنه لا ينسى، ولا يهمل شيئا وهنا مكمن الخطورة فيه على حياتنا؛ فلو أنك قلت مثلا لنفسك كلمة وأنت في حالة غضب (يا الهي كم أنا غبي) يستمع لك العقل الباطن ويخزن الكلمة وكأنك تأمره بأن يؤكد لك بأنك غبي فيقوم بعد برهة بفعل ما يؤكد هذا الغباء كأن تتعثر في شيء أو تتلعثم”. تؤكد الكثيري “عندما يفكر الشخص بفكرة سلبية ويتوقف عنها بعد لحظة نرى العقل الباطن يخزن نسخة منها تماما كما يخزن القرص الصلب للحاسوب نسخا من كل صفحات المعلومات التي يشتغل عليها هذه المعلومة السلبية التي يخزنها العقل الباطن في جوفه، ويمكن أن يخرجها في أي لحظة وبالذات لحظات المرض والتعاسة فيتراكم السلب في حياتك أكثر وأكثر. وكذلك العبارة الإيجابية التي توجهها لنفسك أو تقولها للآخرين يمكن أن يعيدها عليك العقل الباطن مرات ومرات فيحصل تراكم إيجابي لديك، لذلك لابد من الانتباه لما تقوله لذاتك أو لما تفكر به، فالعقل الباطن لا ينسى أبدا وهو سريع الاستجابة للسلب والإيجاب”.
قيادة العقل الباطن
“يعتبر العقل الباطن تركيزه لامحدود فهو يستوعب نحو اثني بليون معلومة في الثانية، وفيه معلومات من عمر الطفولة لذلك من يقول ذاكرتي ضعيفة هذا كلام غير صحيح وإنما يحتاج فقط إلى تدريب ذاكرته فذاكرته قدرتها لا محدودة”.
وحتى تقود هذه القوة الداخلية التي تملكها ألا وهي قوة العقل الباطن، “لابد من التعرف على قوانينه وأهمها لابد من معرفة قانون التركيز، وقانون الجهد المعكوس وقانون الإيحاء الذاتي وقانون التوقع الذي يجب أن يعلمه الجميع إن أي شيء تتوقعه وتضع معه شعورك وأحاسيسك سيحدث في عالمك الخارجي، ويعد هذا القانون من أخطر قوانين العقل الباطن بحسب ما تؤكده قاعدة في علم النفس (واقعك توقعك) حيث أن الأفكار التي تضعها في رأسك تجلب أفكارا مماثلة، فمثلا إن توقعت أنك ستفشل في الامتحان ستجد نفسك غير قادر على التفكير وأنك عاجز عن الإجابة على الأسئلة”، موضحة “ليس الواقع الذي يعيق الإنسان وإنما التوقع هو الذي يعيقه، فمن أراد أن يغير الواقع فليغير التوقع فليتغير الواقع السيئ إلى حسن فابدأ بالتغيير الذهني”.
وحتى يتخلص الفرد من الطباع السيئة مثل الغضب، واستبدالها بطباع حسنة باستخدام العقل الباطن أي باستخدام قانون الإيحاء الذاتي لابد في البداية إلى تحديد الهدف وإقناع العقل بأهمية هذا الهدف.
“احلم به وتخيل نفسك وقد حققته وصار كالعيان بتفاصيله الكاملة وفرحة ما بعد تحققه مستخدما حواسك، فالعقل الباطن يتقبل الصور بشكل أسرع من خلال تخيل ما تريده لا ما لا تريده، إلى جانب استخدم الإيحاء الذاتي، حيث أن الإيحاءات تفعل المستحيل مع إظهار الجدية في التغلب على تلك العادة بالإقلاع عن تلك العادة لفترة أكثر من 21 إلى 40 يوما حتى يصبح السلوك الجديد عادة، وليكن التغيير تدريجيا حتى لا تقاومها ذاتك، مع التكرار بالقول (أنا سعيد وناجح بفضل الله، أنا غير مدخن بعون الله) فمن خلال ذلك العقل الباطن يتعلم بالتكرار ويكون التكرار، مع الحذر من أن تحتوى عباراتك (الحقيقية إنني افكر بترك التدخين لكنه صعب) وكلمة (لا أريد أن أكون مدخنا”.
“العقل الباطن يحمل عباراتك على محمل الجد فيقوم بإعطائك مزيدا من السعادة فيخرج من جوفه المزيد من الذكريات السعيدة في حياتك فيزداد شعورك بالسعادة فعلا”.
“على الجميع أن يتأمل تلك القوة الداخلية التي وهبنا الله إياها ويستثمرها لصالحه، فإن أراد التخلص من الأفكار السلبية، فإن العقل الباطن بدوره سيخدمك في ذلك فيكف عن طرح الصور السلبية ويستبدلها بإيجابية محفزة للحيوية والأمل والتفاؤل والنجاح وربما أتحفك بفكرة ذكية تناسب هذا الذي تريده”.