ومضات تنموية
وماذا عنك أنت؟
د.عبد اللطيف العزعزي
يعيش البعض وكل همهم وتفكيرهم مساعدة الآخرين بأي شكل من الأشكال، فهناك من يفكر في كيفية إسعادهم، وكيفية إرضائهم، وكيفية تحقيق ما يريحهم وما يريدونه وما يحلمون به.. إلخ. فهذا يعمل ليلاً نهاراً ليرضي «س» من الناس، وذلك ينفق ما لديه ليرى «ص» سعيداً ومرتاحاً قرير العين. وآخر يكابد ليكون «س» نجما لامعا له مكانته في المجتمع، وآخر ينتظر قدوم (س) على أحر من الجمروتحت ضغط نفسي ليعرف أخباره وأحواله
والسؤال
الذي يطرح نفسه هنا وبقوة، ماذا عنك أنت يا من تكابد وما يريده ويتمناه" س"؟؟؟. ماذا عن ذاتك وكيانك وحياتك وأحلامك ورغباتك، وفكرك وجسدك..؟
نحن لا نقول: توقف عن تقديم المساعدة للآخرين، ولكننا نقول، مثلما أنك تساعدهم فساعد نفسك على الأقل، واعطها حقها ولب حاجاتها، فأنت بشر لك حقوق وواجبات واحتياجات ولك طاقات وإمكانات محدودة عليك إدارتها بالشكل الأفضل لتعيش بالصورة الصحيحة وتنعم بالحياة. فلماذا إهمال الذات والبكاء بعد فوات الأوان؟
لقد قابلت مئات الحالات وجدت أن أصحابها ما بين ندم وبكاء وحرقة وغضب وزعل لما يلاقونه من سوء معاملة أو سوء تقدير أو عدم احترام أو نكران للجميل، وغير ذلك من هؤلاء الذين منحوهم الكثير من وقتهم وصحتهم وأموالهم لدرجة أن بعضهم قال: ما ندمت في حياتي كما ندمت على ما فعلته لأجل فلان. فهؤلاء نسوا أنفسهم فنسيهم الكثيرون فالبعض ينشغل في مهامه الوظيفية لدرجة إدمان العمل فيقصر في جوانب حياته الأخرى وأولها نفسه، يصاب بالتعب والأعياء وليس لديه وقت لزيارة الطبيب، وليس لديه وقت لأخذ إجازة سنوية للاستجمام والنقاهة
ومعظم الأمهات يقضين حياتهن في الاهتمام ببيوتهن وأبنائهن والمجاملات العائلية والاجتماعية ناسيات أنفسهن في زحمة تلك الواجبات، فمنهن من بدا على وجهها آثار الهموم والمسؤوليات، ومنهن من ظهر على أجسادهن علامات التقدم في السن وهن لازلن صغيرات في العمر، ومنهن من أصبن بأوجاع وأمراض وعلل لا تظهر إلا على كبار السن، وغيرها من علامات ودلالات إهمال الذات في نواحي كثيرة
لذا عليك عزيزي القارئ بالاهتمام في الأمور الآتية لتجعل من نفسك إنساناً حياً متجدداً ومفعماً بالحيوية والنشاط مقبلاً على الحياة بروح ملؤها الحب والتفاؤل، قادراً على الإنتاج والعطاء والتفاني بشكل أفضل
تقدير الذات واحترامها ومحبتها-
العلم والمعرفة والثقافة-
الأكل والمظهر والصحة واللياقة-
|
وقد قال سلمان الفارسي رضي الله عنه لأخيه أبي الدرداء رضي الله عنه في القصة المشهورة: إن لنفسك عليك حقاً، ولربك عليك حقاً، ولضيفك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه
فهل أنت مستعد عزيزي القارئ لإعادة الموازين وتوزيع الحقوق مع عدم إهمال النفس ومتطلباتها؟