العقل أكرم ما حمله الإنسان
-
إعداد د. صالح هويدي
العقل؛ آلة التفكير والتمييز والحكم، هو أكرم ما منح الله الإنسان وميّزه من سائر مخلوقاته، ليحمل الرسالة بعد أن عجزت عن حملها أطواد الجبال الراسخة. لكن الناس فيما بعد يتفاوتون في حرصهم على تنميته وتدريبه واستخدامه، ليكون المعيار في الحكم عليه، وتقويم سلوكه في الأحوال الطبيعية، لا حين تنكفئ الموازين وتعلو الأذناب على الرؤوس، ويشقى أهل الحكمة.
وفي ما يأتي شذرات من تلك الأقوال المعظمة لشأن العقل
قال علي بن أبي طالب (رضى الله عنه ): من استبدّ برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها
وقيل: إذا تم العقل نقص الكلام
وقيل: من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه
وقيل: عليكم بآراء الشيوخ فإنهم إن عدموا ذكاء الطبع، فقد أفادتهم الأيام حيلة وتجربة
فروق لغوية
الفرق بين الإطناب والإسهاب أن الإطناب: بسط للكلام بهدف زيادة الفائدة. ومن هنا فهو داخل في بلاغة التعبير. أما الإسهاب: فهو بسطه مع قلة الفائدة وراءه، أي سلوك طريق بعيدة. من هنا فقد عدّ عياً وضعفاً ولم يحسب على البلاغة
حكمة
قال المتوكل الليثي
ابدأ بنفسكَ فانهَهَا عن غيِّها فإذا انتهتْ عنه فأنتَ حكيمُ
لا تَنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثلَه عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ
في هذين البيتين حكمة جميلة وإرساء لمبدأ إنساني سام، من شأنه أن يحقق العدل ويفضي إلى السلوك الاجتماعي والأخلاقي القويم. ففي الوقت الذي يتحول فيه السلوك البشري إلى ظواهر لفظية وممارسات ازدواجية لا تراعي السلوك الشخصي وتنقم على سلوك الآخرين، يأتي الشاعر ليقرر أن مفتاح الصلاح إنما ينبع من الذات وجعلها مقياساً لما نريد من الآخرين أن يكونوا عليه، إذ من العيب أن ندعو إلى تحقيق القيم من دون أن نبادر إلى تجسيدها أو نسلك بما يخالفها
فوائد لغوية
يخطئ كثير منا حين يستعمل أي الاستفهامية مع المؤنث، فيقول: أية طالبة قرأت القصيدة؟ وأية امرأة حضرت الأمسية؟ فهما تعبيران غير دقيقين، إذ الصواب أن نستعمل أي الاستفهامية في التذكير والتأنيث، فنقول: أي طالبة قرأت القصيدة؟ وأي امرأة حضرت الأمسية؟ لأن أي الاستفهامية إذا أضيفت إلى نكرة، ظل لفظها مذكراً دائماً
يخطئ بعضنا حين يقول: أعدت قراءة التقرير آنف الذكر، إذ الصواب أن يقال: أعدت قراءة التقرير المذكور آنفاً. يظن كثير منا أن لفظة «الكاغد» عامية في دلالتها اللغوية، وهي فصيحة ومستعملة عند العرب، إذ تعني الورق أو القرطاس
رواية ذات مغزى
يروى أن ملكاً من الملوك خرج يسير في مملكته متنكراً، فنزل على رجل له بقرة تحلب له قدر ثلاث بقرات، فتعجب الملك من ذلك وحدثته نفسه بأخذها، فلما كان من الغد حلبت له النصف مما حلبت بالأمس، فقال له الملك: ما بال حلبها نقص، أرعت في غير مرعاها بالأمس؟ فقال: لا ولكن أظن أن ملكنا رآها أو وصله خيرها فهمّ بأخذها، فنقص لبنها، فإن الملك إذا ظلم أو همّ بالظلم ذهبت البركة. فتاب الملك وعاهد ربه في نفسه ألا يأخذها ولا يحسد أحداً من الرعية، فلما كان من الغد حلبت البقرة كما هو عهدها من قبل