جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
يعيش العالم في يومنا هذا حالة من الفوضى والتوتر بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد ، وفي مثل هذه المواقف الصعبة التي تواجهك ، قد تكون ردّة فعلك الغريزية هي الشعور بالهلع والخوف.
أغلقت البشرية أبوابها تضرعاً لغرف الوقاية والحجر المنزلى ، وانقطعت الزيارات والسبل بين الناس ، لكن الحياة لم تنتهى ولا تتوقف ، وهذا بطبيعة العولمة ، والتقدم العلمي والتكنولوجيا من خلال التواصل عبر الانترنت ، وسرعة التواصل بين الناس في اي مكان بالعالم ، وكذلك التواصل بين الدول وبعضها رسمياً واجتماعيا .. حيث الرسالة لا تستغرق بضع ثوانٍ ، مما جعل التواصل على مر الزمان تغير كلياً عن الفترة الحالية ، وهذا بطبيعة سيطرة السرعة على العالم ، واتساع مساحة لمشاركة المثقف وغير المثقف افكارهم فى آن واحد .
لذا يتساوى الفيروس المادى بالفيروس النفسى من مخاوف البشرية وانتقال عدوتها .
الفيروس المادى يضرب الجسد مباشرة فيصبح مصاب ، اما الفيروس النفسى فيصيب الجميع علي حداً سواء ، فينتشر الهلع والخوف واللايقين وانتظار الحل وايضا الخوف من الاخر .
وهذا كله ينتقل من فرد لآخر ومنه للشعوب والدول ، فيتساوى الفيروس المادى بالفيروس النفسى .
وهذا ما ينشأ السيكولوجيا الجديدة لدى الناس ، وتكون الحالة النفسية الجماعية التى يتعاملون بها مع الوباء ، مثل الخوف من الاخر حتى يصبح الجار محل شك ، وتغير انماط العلاقة بين افراد الاسرة نفسها ، بعد أن استيقظ الملايين على حديث عن فيروس غامض يمكنه سلب البشر حياتهم ،إذ لم يتخيل أحد أن يتحول ذلك الفيروس الحامل لاسم لا يعكس أي خطورة أن يصبح كابوساً يطارد الجميع لفترة لا يُعرف مداها .
من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالقلق وعدم الارتياح بين الوقت والأخر ، فيمكن أن يشعر بالقلق لفترات قصيرة أو طويلة ولكن إذا كان القلق ملازم للإنسان بشكل دائم فقد يتحول الأمر الى مرض نفسي خطير ، وبسبب القلق الزائد ظهرت الأعراض الوسواسية القهرية مثل :
* التعقيم هاجس الجميع في هذه المرحلة الحساسة ، واللجوء لتعقيم المنازل باستمرار ، ومحاولة تعقيم كل الاشياء من حوله بطريقة ممكن تكون غير صحية وتضر به بدلاً من الاستفادة منها
*غسل اليدين بطريقة هيستريه ومستمرة طوال اليوم
*المبالغة في تعقيم النقود وغسلها بمادة الكحول بطريقة يقع فيها الكثير من الناس
* اتجهت حكومات الدول في جميع انحاء العالم لفرض حالة من الحظر للحد من انتشار الوباء ، وهذا ما لا يتقبله البعض وسادت حالة من الاعتراض والتذمر بحجة توقف نشاطاتهم اليومية ، وذلك قد يتسبب في حالة من عدم الاستقرار الأمني لعدم التزام بعض الناس
* ماحدث في قرية شبرا البهو ورفض الأهالي دفن الطبيبة التي توفت بسبب اصابتها بفيروس كورونا ، سلوك فردي لأشخاص ملأهم الزعر والهلع والوساوس مما جعلهم يعترضون علي دفن الطبيبة اعتقاداً منهم بأن الوباء سوف ينتشر في قريتهم ، سلوك غير معتاد كان بإمكانه ينشرحالة من الفوضي وهستيريا جماعية تنتقل لأماكن أخري .
* الهجوم الغير مبرر علي محلات السوبر ماركت ، و نجد زحاماً شديداً ، حيث يسعى المواطنون إلى شراء كميات كبيرة من الأطعمة اعتقاداً منهم بنفاذ السلع الغذائية ، رغم توفير الدولة لمنافذ للبيع في أماكن متفرقة بالقرب من أماكن اقامتهم ، هيستيرا الوباء جعلتهم يفقدون الثقة في هذه المنتجات المعروضة رغم تفاوت الأسعار ، والرقابة الصحية من أجهزة الدولة .
* لم يقتصر الزعر والهلع بين الناس علي هذا الحد من هيستريا القلق ، بل انتشرت الشائعات بأن هذا الفيروس مُخلق ، وأشارت أصابع الاتهام إلي أن " أمريكا والصين " هم من تسببوا بذلك .
* الجانب الدينى ازداد عند البعض ، حيث لُوحظ تأثر منظومة القيم من خلال التمسك بالمعتقدات الايمانية كنوع من التضرع بعد فترة من انتشار الوباء وزيادة الضغط النفسى .
* وتزعزع الجانب الايماني عن البعض ، وخاصة بعد إغلاق " المسجد النبوي والحرم المكي " ومنع الطواف ، وإغلاق المساجد ودور العبادات المختلفة في كل مكان بالعالم ، حيث بدأ الذعر والتشكك واهتزاز عقيدتهم وظهور الاسئلة الوجودية ( هو ليه ربنا بيعمل كده ) .
* ايضا الاضطراب الفردى والجماعى ، ولا عجب في ذلك ، فالخوف من المجهول يتنامى ، والضياع ما بين الحقيقة والإشاعة في تزايد مستمر، ولا حل أمامنا سوى أن نحافظ علي هدوءنا النفسي.
إن الخوف الزائد لدى البعض من فيروس كورونا المستجد يصاحبه توهمات مرضية لأعراض الإصابة بالمرض ، "إفراط البعض في الخوف يوهمهم بحمل الفيروس ، لذلك لا بد من الابتعاد قدر المستطاع عن الأخبار التي تزيد من حدة التوتر والخوف ، وفي نفس الوقت الالتزام بالتعليمات الجديدة ، التي تطرحها وزارة الصحة أو الأطباء المتخصصين ، ومن شأنها الحفاظ على الصحة العامة".
دكتور بلال زين
المدير التنفيذي لمؤسسة المشفي للطب النفسي وعلاج الإدمان
مستشار عام الصحة النفسية بالاتحاد الدولي