عرض كتاب
د. عاطف العراقى : ثورة النقد فى عالم الأدب والفلسفة والسياسة ، القسم الأول القضايا والمشكلات فى منظور الثورة النقدية ، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر والتوزيع ، 2000م .
عرض دكتور / ناصر على
يوجه عاطف العراقى فى كتابه هجوماً عنيفاً على مدعى النقد وأشباه النقاد، ويميز بين النقد الحقيقى والنقد الزائف ، ويجزم أنه ليس لدينا نقد ولا نقاد ، حيث أن النقد يعد علماً ، ولا يعد فناً ، فهو يعد معبراً عن جانب موضوعى مشترك ، وليس عن بعد ذاتى .
ويغيب الناقد الجاد فى وقت ضاعت فيه أسس النقد الموضوعية، وزاد عدد أصحاب المصالح ، والذين تحكمهم الشللية ، والمصالح المادية الخاصة ، إنهم أناس من الأشباه والأقزام وأنصاف الأدميين ، الذين يتكلمون فى كل شىء دون فهم من جانبهم لأى شىء ، وأكثر الأعمال – على حد تعبيره ، مكانها الحقيقى سلة المهملات ، إنها تعد جهلاً على جهل .
وفى ظل الأعمال التافهة والصادرة عن نوع من الإسهال الفكرى تعد صادرة عن ايمان من جانبهم لصناعة ( عملقة الأقزام ) إنها صناعة تحاول أن تجعل من القزم عملاقاً ، وانتشرت للأسف الشديد صناعة من نوع من الغش الفكرى والعياذ بالله .
وبرغم وجود محاكم للغش التجارى ، لا نجد محاكم للغش الفكرى ، فالقضية الرئيسية هى أننا نهتم بغذاء البطون ، ونترك قضية الغش الفكرى ، والتزوير الثقافى ، وبرغم الحديث عن تلوث الغذاء ، فإننا نجد فى نفس الوقت تلوثاً خلقياً ، تلوثاً فى الضمائر ، وإن كان أكثرهم لا يعلمون .
ويشير إلى أن أشباه النقاد – بدون ضمير- يضعون هالات الإعجاب والتقديس على مجموعة من الأعمال التافهة ، ولا يكتفوا بذلك بل يوجهون مجموعة من الشتائم لأعمال جادة ، بل يحاولون إخفاءها وجعلها فى منطقة الظل .
· لماذا تقدم الغرب ؟
تقدم الغرب لأن النقد فيه نقداً علمياً دقيقاً ، نقداً جاداً ، لان النقاد فى الغرب بوجه عام ، لا يتركون كلمة دون نقد ، لأن أخطر شىء هو الكلمة المطبوعة ، فالمؤلف فى أى ميدان من الميادين يدرك أن عيون النقاد مسلطة على كل عمل يصدر عنه ، بعيداً عن المجاملة ، ومن عملقة الأقزام . ولهذا من النادر أن تجد عندهم عملاً تافهاً ، وفى أى ميدان من الميادين الفكرية والثقافية والأدبية والفنية ، فى حين أن عالمنا العربى نجد فيه كماً ، وكماً هائلاً من التفاهات ، ومن التضليل الفكرى ، وذلك لأن المؤلف مطمئن تماما إلى أن النقد الجاد يعد فى حالة سبات ، والناقد الجاد يعد غائباً عن الوعى .
· فكر الأقزام :
توجد أسباب عديدة جعلت فكرنا جافاً زائفاً لا فائدة منه ، ولابد من مواجهة فكر الأقزام والكائنات المشوهة ( فكر المتخلفين عقليا ، وغياب الروح النقدية ) .
- أولى الأسباب : سيطرة المنصب وخداع أصحاب المناصب .
- ثانى الأسباب : انتشار ظاهرة معارضة الإبداع ، وهو ما يعبر عن فكر عقلية رجعية ، ويناقض كل من يتبنى عقلية تنويرية .
- ثالث الأسباب : عدم إهتمامنا بفتح النوافذ على الفكر الغربى مما جعل الفكر لا يتجدد فانعكس ذلك على عدم وجود أية نظرية علمية أو فكرية أدبية فلسفية نقدية . ص17
· قضية الهجوم على الحضارة الأوروبية :
ومن يهاجم الحضارة الأوروبية يكون فى العادة من أكثرالناس استفادة من تطبيقات هذه الحضارة ، فيهاجم الحضارة الأوروبية عن طريق ميكرفوون من صنع الحضارة الأوروبية ،
والسؤال كيف أهاجم الحضارة الأوروبية وأقوم فى نفس الوقت باستخدام الطائرة والسيارة فى تنقلاتى .
· الرؤية المستقبلية :
يشير ( عاطف العراقى ) إلي الرؤية المستقبلية فيما نراها من جانباً تقوم على الانفتاح على كل الأفكار والتيارات من خلال منظور نقدى ، وبعد ذلك فلنأخذ منها ما نأخذ ولنرفض منها ما نرفض ، أما أن نظل فى حالة تقوقع حول انفسنا بحجة التراث تارة ، وبحجة أن الغرب سيقوم بابتلاعنا تارة أخرى ، فإنها تعد من الحجج الزائفة ، وسنظل جامدين عندها دون أمل فى أدنى تقدم ، ولابد من وقفة نقدية تدك أرض التقليد دكاً . ( عاطف العراقى ، 39 )
ويشن هجوماً على ظاهرة قتل الإبداع ، التى شاعت فى العالم العربى لتعبر عن نوع من التخلف العقلى والصعود إلى الهاوية ، وهى تعبير عن ثقافة محلية راكدة لا تستطيع مخاطبة مثقفى العالم الحر فى البلدان المتقدمة .
وما أثارته هذه الظاهرة من قضايا لا حصر لها منها قضية الغزو الثقافى ، قضية الهجوم على الحضارة الأوروبية ، قضية الخلط بين الدين والعلم ، قضية أسلمة العلوم ، قضية نشر الفكر الأصولى ، وتدعيم الفكر الأرهابى ، قضية الهجوم على الفكر الفلسفى وتدريسه ، قضية الدفاع عن التراث جملة وتفصيلاً ، برغم ما به من خرافات .
ويتناول فى كتابه الفرق بين النقد الحقيقى والنقد الزائف ، وفى القسم الأول : قضايا ومشكلات من منظور ثورة النقد الذي عرض فيه أحكام خاطئة فى مجال الفكر العربى ، وهل استعد العرب للدخول إلى ثقافة قرن جديد ، ومثقفون وأشباه مثقفين ، ثم تناول التسامح الدينى من خلال عرض مشكلة الأرهاب والوحدة الوطنية والكتاب الديني ، وتيار العصر والحضارة والرؤية القبطية فى الثقافة المصرية والعربية ، كما تناول الجامعات العربية والطريق إلى المستقبل ونظرة نقدية لمناهج تدريس الفلسفة بالجامعات ، وكذلك تتناول العرب ونماذج من القضايا السياسية ، وتناول كيفية كتابة التاريخ بطريقة منهجية دقيقة ، وأزمة الخليج بين الحاضر والمستقبل ، وحرب أكتوبر والرؤية المستقبلية ، ودفاع عن الاستشراق والمستشرقين ، وروايات الخيال العلمى بروح نقدية ، وأخيرا رؤية نقدية حول ما يسمى بأدب المرأة فى عالمنا العربى .