قلعة القرين مقبرة جبل الوتي*:-
علي بعد 1 كيلو متر من مركز المدينة ، وعلي هضبة صخرية مصطحة يتوسطها مرتفع مخروطي الشكل في هذا المكان تقع جبانة تسمي " بجبل الموتي "، كما أطلق عليها باسم "قارة المصبرين" ، حضرت المقابر بل كانت في باطن الهضبة علي شكل حجرات وتم تلوينها وزخرفتها بعدها أغلقت المقبرة وتركت ؟! إذاً لماذا كل هذا الإهتمام بالمقابر ذلك لأن العقلية المصرية القديمة منسقة في النظر للأحياء والموتي باعتبارهم جميعاً بأنهم يخضعون لنفس المتطلبات من الطعام والشراب والماء والعطور والملابس وكذلك المنزل والراحة والترويح وكانوايعتقدون بأن هناك حياة بعد الموت هي الدار الأبدية ولابد للجسد أن يكون بحالة جيدة حتي تستطيع الروح التعرف علي الجسد والعودة إليه لذا كان عليهم أن يقدموا للموت كل ما استطاعوا هذا إذاً ما أرادوا أن يستمروا في تواجدهم ومما يدل علي ذلك أن الانسان العادي يسكن منزلاً بينما المقبرة كان يطلق عليها "قلعة القرين" لذلك لا تتعجب إذا وجدناه يكلف نفسه بنحت مقبره في صخور الهضاب والجبال العصية إنها عقيدة ولقد تطورت أشكال المقابر عبر العصور المصرية القديمة وتنوعت عمارة وفناً غنا ومقراً حسب كل مرحلة من المراحل .
- "وجبل الموتي" الذي نحن بصدد الحديث عنه ترجع أقدم المقابر فيه إلى الأسرة السادسة والعشرين اصاحبها "بنرباتحوت" أما باقي المقابر فهي ترجع ‘لى العصر الروماني والتي بقي منها بحالة جيدة ثلاثة مقابر الأولي (مقبرة سي آمون- والثانية مسوايزة- والثاثة مقبرة التمساح) ، وسنتناول كل منها علي حدة .
- ومن الجدير بالذكر أن هذه الجبانة تعرضت للتخريب جراء أربعة عوامل بخلاف العوامل الطبيعية أولها كان لصوص الآثار وهواه جامعي التحف فقد تمكنوا من عمل حفائر عشوائية ناهبين كل ما تقع عليه أعينهم من ذهب وحلي ومدمرين كل ماهو مفيد تاريخياً وبرديات وآوان فخاريةونحوهما ، كما قاموا بقطع أجزاء من الجدار الملون والمزخرف ونقلوها معهم ، ثاني الاربعة سكان الواحة الذين اتخذوه مكانا ًرطباً يقيهم حر الصيف والشمس اللافحة وبعدها الإقامة لفترات طويلة واتخاذها مأواً يقيهم ويلات الحروب مما أضر كثيراً بالنقوش والرسومات حيث غطت المقبرة طبقات كثيفة من الرماد. ثالث العوامل :-كان جنود الحرب العالمية الذين قاموا بقطع أجزاء من اللوحات المرسومة علي الجدران واستولوا علي قطع ذهبية بحجة إيصالها إلى المسؤلين وهيهات هيهات لما يقولون .
الرابع الفجوات التي قطعت في الجدران من قبل بني الرومان لدفن ذويهم .
أما العمليات المنظمة من الحفائر فقد شهدت الجبانة عمليات منظمة تم خلالها تنظيف المقابر وترميمها والعثور علي العديد من المومياوات وبعض اللغى الأخري وما زالت الجبانة في حاجة لعمليات تنقيب وإني لأظن أن ما يحويه بطن هذه الهضبة أعظم مما هو علي ظهرها ،
وصف المقابر:-
سأتناول في هذه السطور أربعة مقابر هى أكثر حفاظاً بهيئتها ورسومها وهي مرتبة علي شكل هلالي حول الجزء المخروطي تبدأ من الشمال الغربي حيث مقبرة سي أمنون ورابعها مقبرة التمساح في الجزء الشرقي
1- *مقبرة سي أمون *
تقع المقبرة في الجزء الشمالي الغربى من الهضبة وهي أجمل المقابر علي اإطلاق صاحب المقبرة هو سى أمون بمعني ترجّل أمون وقد صور في المقبرة ببشرة بيضاء وشعر أسود مموج ولحية مما يدل على الشكل اليوناني وصور معه وردن اسماء والده بريتو ووالدته نفرحرت بمعني جميلة الوجه وصور زوجته زوجته بالبشرة الخمرية وكان اسمها رعت وصور ابنه الأول شبيه والده ،الثاني شبيه والدته .
وصف المقبرة تتجه فتحة المقبر نحو الشمال أما المدخل فصمم علي هيئة العرش المصري ولا تحمل الواجهة أي نقوش ويتم النزول إلى المقبرة بدرج صغير ووتكون المقبرة من حجرة طولية وفي نهايتها حجرة صغيرة بها سرير مرتفع ليوضع عليه تابوت مومياء سى أمون .
رسمت المناظر علي كل جهات الحجرة الطولية وكذلك علي السقف وتبدأ المناظر علي يسار الداخل في عدة صفوف متناولة موضوعات شتى .
- الجدار الشرقي 1 – الصف السفلى
صور في الجدار الشرقي مومياء سى أمون علي مظلة محمولة علي قارب علي شكل اللوتس يتقدمها الإله وب واووت وخلف القارب صندوق أدوات طقسة فتح الفم وابنه مرتدياً جلد الفهد وحاملاً علامة الحياة ، وبعدها سى أمون وهو يتعبد لعدد من الألهة .
- الصف العلوي -
يزين الجزء الأعلي من خراطيش فارغة يعلوها خط أفقي وأسفل الخراطيش وريدان صغيرة والجزء السفلي منه رسمت كتابات بالإضافة لعلامة السماء
- الجدار الغربي صور فيه منظر المحكمة أمام أوزيريس وصورت مائدة قرابين مليئة بالخبز واللحوم والجعة وإلى وعلي مقربة من هذا المنظر نجد الألهة سشات تقف تحت شجرة الجميز وفي يدها اليمني صحيفة عليهاقرابين وفي يدها اليسري إناء تصب الماء في بركة ومن فرعي الماء سلسلة من علامات الحياة (عنخ)وعلي النصف الجنوبي يشير إلى تحنيط مومياء سى أمون ، المومياء موضوعة علي سرير ويتولي اتوييس عمليات التحنيط وإيزيس ونقنيس يقفان عند رأس المومياء وقدميها، وخلف نقنيس أبناء حورس الأربعة أو ما يسمي ألاواني الكاثوبية
-* السقف *
لقد زخرف السقف زخرفة بديهة وينقسم السقف إلى ثلاثة أقسام
-القسم الاول:- به خمسة خطوط أفقية عريضة تربط بين الجدارين وألوان الخطوط مختلفة .
-القسم الأوسط :- كتابة هيروغليفية علي الجانبين وفي الوسط صفوف من الصقور والثعبان يمثلان مصر السفلي والعليا .
- القسم الثالث :- وهو بالقرب من مدخل المقبرة فصورت توت ربة السماء علي شكل إمرأة ملونة بالبني الفاتح وعند رأسها علامة السماء وتحت قدميها رسم رمز الأرض .
وتخرج الشمس المجنحة من الجزء الأوسط من الألهة وعلي كل جانب صورت ثلاثة قوارب سنجدها أله الشمس خلال النهار والليل ، لتستخدم كمدافن في العصور اللاحقة
*مقبرة مسوايزيس*
إلى الشرق من مقبرة سى أمون بحوالي 20متر تقع مقبرة مسوايزيس وهي تشبهها في الطراز تماماً فمدخلها نحو الشمال ثم درج يؤدي إلى الداخل ثم حجرة طولية ثم حجرة التابوت غير أن المقبرة استخدمت قبل أن يتم اإنتهاء منها وليس بها أية مناظر سوي جدار أو مدخل حجرة الدفن ولقد قطعت بها عدة فجوات في العصور التالية استخدمت في الدفن.
-*المناظر(مدخل حجرة الدفن)*
وهو الجزء الوحيد المزخرف
يعلو الجدار زخرفة علي شكل ثعبان الكبري منقوشاً بنقش بارز وعلي كل منها قرص الشمس والثعابين ملونة باللون الأزرق والأحمر علي التبادل وعلي جانبي المدخل والثعابين بنقش لقرص الشمس المجنح ، وعلي الجانب الأيمن للمدخل صور" أوزيريس "علي مقعد وإيزيس في مواجهته ويوجد صف من الكتابة الهيروغليفي فوق صورتي "إيزيس" و"أوزيريس " وبالتحديد علي الكتابة الموجودة علي الجانب الأيسر للمدخل نجد اسم زوجة صاحب المقبرة وهي مسوايزيس بمعني مولودة ايزيس ومن هذا يتضح أن المقبرة سميت علي اسم زوجة صاحب المقبرة وليس باسمه هو حيث لم يعثر علي اسمه حتي الآن .
3-*مقبرة نبرباتحوت*
أكبر وأقدم مقبرة في الجبانة وتختلف عن طراز سابقتها فهي تحتوي علي فناء مخرب في الوقت الحالي وستة حجرات ثلاثة علي كل جانب وفي نهاية الفناء يقع مدخل حجرة الدفن وقد تركت الحجرات الستة الجانبية بدون نقوش أما حجرة الدفن فقد رسم عليها باللون الأحمر تمثل مشاهد مختلفة ، فعلي الجدار المواجه للمدخل صور" نبرباتحو" تيتعبد للأله أوزير الجالس علي مقعد ومن خلفه الألهة حاتحور وأمام أوزير مائدة قرابين يقدمها له صاحب المقبرة وهو في هيئة الكاهن مرتديا جلد الفهد المميز ومنتعلاً صندلاً .
وإلى اليسار من هذا المنظر نجدها مطولاً هو عبارة نشيد موجه للأله تحوت بعده نري منظر يمثل "بنرباتحوت" ممسكاً بيده أربعة حبال تنتهي برؤوس أربعة ثيران وفي اليد الأخري ممسكاً بسوط وهو المعروف باسم سحب الثيران الأربعة .
أما صاحب المقبرة المسمي " بنرباتحوت " ومنظر تقديم القرابين للأله " أوزير" وهو في هيئة الكاهن بلإضافة إلى الألقاب الدينية التي اتخذها صاحب المقبرة وأهمها لقبه الرئيسى وهو "كاهن أوزير" ، مع عدم وجود أى ذكر لآمون في مقبرته ليطرح تساؤلاً هل عبد " أوزير" فى الواحة ؟ قيل آمون ، وإذا أجبنا بنعم إذاً أين معبده وكما قلنا أن إله الواحة في عصر هذه المقبرة أعني الأسرة السادسة والعشرين كان " آمون" بدليل معبده الكائن فوق "صخرة أغورمي" المشيد في عهد " أحمس الثاني" أحد ملوك الأسرة السادسة والعشرين أم ياتري أن أوزير معبده الخاص به وله كهنة الخاصه . لا جواب على اليقين في وقتنا الحاضر علي أقل أن نجيب علي هذا السؤال عمليات التنقيب التي تنتظرها آثارالواحة حتي تستنشق من هوائها العليل وتخرج من مرقدها العتيق .
4-*مقبرة التمساح *
آخر مقابر الشكل الهلالي وهي كما قلنا في الطرف الشمالي من الناحية الشرقية ومدخلها مفتوح نحو الشرق ، تتكون المقبرة من ثلاث حجرات مكسوة بطبقة من الجص أولاها رسم عليها بعض المناظر ، فتحت المقبرة عام 1940م من قبل الأهالي كما ذكرنا ليتخذوها واقياً من ويلات الحرب .
- المناظر-
علي جانبي المدخل (الحجرة الأولي) صور أربعة من الألهة بلا رؤوس فى يد كل منهم سكين لحماية المقبرة وفى ركن الجدار الشمالي صورت حاتحور جالسة ممسكة بثلاثة جذور نبات في يدها اليمني وتصب الماء من إناء في يدها اليسري وفي وسط الجدار توجد مشكاة صور و علي يمينها صاحب المقبرة جالساً علي الكرسي وخلفه يقف آمون برأس كبش قابضاً علي سكين بكلتا يديه .
- أما أهم المناظر فهو منظر يمثل "التمساح" على الجدارالشمالي من الحجرة الأولي فهو يمثل تمساح مرسوم باللون الأصفر ورسمت حراشيفه باللون الأحمر ومن الملفت للنظر أن يصور التمساح والذي يمثل الأله "سيك" في مقبرة " بواحة سيوة " ونفس السؤال هل عبد فى سيوة ولماذا ؟ أم أن صاحب المقبرة كان مهاجراً من أماكن أخري وآثر أن يرسم معبوده في مقبرته أم أنها تأثيرات للصلات التى كانت تربط "سيوة" بالفيوم التى كان يمثل فيها التمساح منزلة كبيرة .
ساحة النقاش