حينما ينزف الورد
قصة بقلم عصام قابيل من المجموعة القصصية شئ في كلبي
الحلقة الرابعة والاخيرة
****************
فزع مهند وهرول هو الاخر نحوها ، وسأل الطبيب - ماالأمر ؟
قال الطبيب :
- قلبها توقف
قال مهند : الله أكبر
ربت حسام على كتف مهند ، الذي انهار وجثا على ركبتيه ؛ يبتهل إلي الله تعالى أن ينجيها ويشفيها
اشرأبت "صدفه" برأسها تحاول أن تستبين ماذا حدث ، وهي تبكي بشده
ذهب إليها حسام ليرى مابها
قالت له وهي تولول :
- هل تعلم أنني كنت أكلم فاتن لحظة خطفت السماعة ، أريد أن أعلم ماذا حدث ؟
قال حسام :
-لكن أنا وجدت رجلا على الهاتف !-
قالت صدفه :
- لعله مهند ، وهناك سر وراء فاتن ياحسام ، أنظر ماذا في الأمر ؟
تركها حسام وذهب إلى سرير فاتن يطمئن عليها، استدعوا لها طبيب القلب ، ونقلوها إلى الرعاية المركزة .
أعان "حسام" صديقه " مهند " على الوقوف ، وقال له :
- الله معك يامهند ، إن شاء الله سيشفيها الله تعالي
لم يرد مهند الذي انهار تماماً ، ولكنه واصل السير نحو غرفة الرعاية المركزة ، وترك حسام الذي عاد إلى صدفه ، وقال لها :
- إشرحي لي ماذا حدث ؟
- قالت صدفه :
أنت تعلم أن مهند وفاتن لم ينجبا ، وحينما ذهبا إلى الطبيب وجدا أن العيب عند مهند فساءت حالته النفسية ، وأرادت فاتن أن ترفع عنه الحرج ، فاختلقت موقفا لتظهر له أن العيب عندها أيضا حتى ترفع عنه الحرج .
واتصلت بي لتحكي عما فعلته فنهرتها ، وعلا صوتي فجئت أنت ، وأمسكت بالهاتف .
شعر حسام بخجل ليس له نظير وطأطأ رأسه ، ولم يجب
قالت صدفه ؛ وهى تبكي بكاءا حارا لم تبكيه من قبل :
- لقد ظلمتني ياحسام ولم تحترم الثقة التي بيننا.
قال حسام وهو يحاول أن يدرأ عن نفسه الحرج :
- لن تتخيلي موقفي وقتها وشعوري
قالت صدفة :
- ويبدو أنك تسببت في مصيبة لفاتن ، ياحسام أذهب إلى مهند ، وأستفسر
قال حسام :
- كان يحكي لي ، ولكننا فوجئنا بتعب فاتن ، فلم يكمل سأذهب إليه
صعد حسام إلى غرفة العناية المركزة ، متوجهاً لمهند ولكنه وجد حركة غير عادية هناك
هرول حسام إلى هناك فوجد مهند وقد أسند رأسه على الحائط
ربت على كتفه وقال له :
- خيرا ماذا حدث ؟
قال مهند : أصيبت بنزيف حاد في المخ ياحسام
قال حسام له :
- لقد ظلمتها يامهند
نظر إليه مهند بنظرات المذبوح الذي يحتضر
ردد حسام قائلاً :
- نعم ! فلم يكن الرجل الّذي ظننت أن فاتن تكلمه إلا أنا بالصدفه ، كنت قد خطفت من صدفة الهاتف وحدث اللبس الرهيب
التقينا على سماعة الهاتف ، ولم يتضح لي صوتك ، ولا اتضح صوتي لك فظننا سوءاً بزوجاتنا
أنا وأنت ، هكذا اتضحت الحقيقة
أخذ مهند يضرب الحائط بكلتا يديه ، وهو يئن أنين المذبوح
قال حسام :
- لم تكن زوجتي وزوجتك إلا وردتين تفتحتا علي يدينا ، ولكننا لم نستطع الحفاظ علي جمال قلوبهن ، وتركناهم واهملناهم ، وتعاملنا بغباء وتسبب كل منا في نزيف وردته .
وفجأة وجد مهند من يربت علي كتفيه ، ظن أنه حسام إلتفت إليه فوجد الطبيب يقف خلفه ، وينظر إليه بكل أسي ونظر إليه مهند يستجدي من نظراته أي إطمئنان ، أو بشريات ولكن الطبيب قال بصوت يملؤه الحزن :
- البقاء لله يا استاذ ، فقد اصيبت بنزيف حاد في المخ ، ولم نستطع انقاذها ، وهكذا العمر حينما ينتهي
صرخ مهند صرخة قوية ، وجثا علي ركبتيه وأخذ يضرب الأرض بكلتا يديه ، وأخفي حسام وجهه في يديه وأجهش في البكاء
وانتشر الخبر في أرجاء المستشفى ، حتي وصل إلى مسامع "صدفة"
شهقت شهقة كبيرة ، وانتزعت كل مافي يديها من إبر ، ولم تشعر بالأم من هلعها ونزلت من على سريرها ؛ تحاول التوجه إلى حيث فاتن ، وهى تنتحب بلا دموع ، تحجرت الدموع في عينيها ، وحاول من حولها أن يسندوها ، ولكن لم يقدروا عليها ، وعلي عنفوانها الذي جاءها فجأة
ولكنها لم تكمل خطوتين ، إلا وسقطت مدرجة في نزيفها
صرخ الناس من حولها :أين الممرضة ؟ أين الطبيب ؟
جاؤا إلى "صدفه" وأعادوها إلى سريرها،
أرسلوا يطلبون حسام ، الذي جاء مسرعا كالمجنون .
طلبوا منه أكياس دم .، فذهب ليحضرها ، اشتد النزيف ولم يستطع الطبيب أن يوقفه ، نقلوها إلى العناية المركزة ، وياللقدر فقد رقدت إلى جوار "فاتن" ؛ التي لم تكن قد غادرت سريرها الذي ماتت عليه بعد
عاد حسام مسرعاً
أخذوا منه الأكياس بفتور شديد ،
صرخ حسام ماذا حدث ؟ ماذا حدث ؟
قالوا له - بكل الحزن -
البقاء لله - ماتت زوجتك -
………………