روضة المحبين وجنة العاشقين
بقلم عصام قابيل
الطريق إلى الله تعالى...63
مقارنات
تحت عنوان العقيدة الإلهية كتب عباس محمود العقاد في كتابه حقائق الإسلام وأباطيل خصومه بحثا, قارن فيه العقيدة الإسلامية في الله جل جلاله بعقيدة غير المسلمين في باب الألوهية, والملاحظ أن المقارنة منصبة على بعض عقائد الفلاسفة, وعلى العقائد الدينية في وضعها الذي صارت إليه كما يفهمه أهلها زمن الرسالة الإسلامية, لا كما هي في أصولها عند الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أصحاب هذه الرسالات _ إن كانت في الأصل عن رسل _ إذ إننا نعتقد أن موسى وعيسى عليهما السلام وكل رسول لله عقيدتهم في الذات الإلهية هي نفسها عقيدة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إذ كلهم رسول لرب واحد, ولكن هذه العقيدة حرفت وبدلت بعده, كما حرف وبدل غيرها, فأصبحت تحتاج إلى تصحيح, فكانت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي هذا التصحيح الكامل, فالانحراف الكامل في تصور الذات الإلهية في العالم كله من ناحية, والتصحيح الكامل لهذا الانحراف من ناحية ثانية, دليل على أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله. ونحن هنا لن ننقل بحث العقاد كله, وإنما سنختار منه, مع ملاحظة أن ما ننقله هو كلامه نفسه, وكل تعليق في أسفل الصحيفة من كلامنا, يقول العقاد:
الله هو الواجب فلا موجود احق منه تعالى ان يكون موجودا فهو احق بالوجود من مثبتيه ونفاته ومن كل ما يتثبه المثبتون.وليس في الدنيا احمق واضل من نفاته او الشاكين في وجوده اذ يمكن كل شيء الا يكون موجودا او يشك في وجوده لانه ممكن يقبل الوجود والعدم ليس وجوده اذا اكان موجودا ,ضروريا ولا عدمه اذا كان معدوما ,,ولا يمكن الا يكون الله موجودا ,ولو فرض عدمه كان هذا فرض عدم من يجب وجوده ,وهو تناقض محال.(الشيخ مصطفى صبري).يقول حجة الإسلام الغزالي ( إن رد المذهب قبل فهمه و الاطلاع على كنهه هو رمي في عماية )
العقيدة في الإله رأس العقائد الدينية بجملتها وتفصيلها. من عرف عقيدة قوم في إلههم فقد عرف نصيب دينهم من رفعة الفهم والوجدان, ومن صحة المقاييس التي يقاس بها الخير والشر, وتقدر بها الحسنات والسيئات، فلا يهبط دين وعقيدته في الإله عالية, ولا يعلو دين وعقيدته في الإله هابطة, ليست مما يناسب صفات الموجود الأول الذي تتبعه جميع الموجودات.
ليلة بكى فيها اليهود الثامنة والأخيرة
بقلم عصام قابيل
ليلة بكى فيها اليهود...8
بقلم عصام قابيل
**************
(وما الله بغافل عما يعملون). .
إنهم لن يقتنعوا بدليل , لأن الذي ينقصهم ليس هو الدليل ; إنما هو الإخلاص والتجرد من الهوى , والاستعداد للتسليم بالحق حين يعلمونه:
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (145) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)
(ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك). .
فهم في عناد يقوده الهوى , وتؤرثه المصلحة , ويحدوه الغرض . . وإن كثيرا من طيبي القلوب ليظنون أن الذي يصد اليهود والنصارى عن الإسلام أنهم لا يعرفونه , أو لأنه لم يقدم إليهم في صورة مقنعة . . وهذا وهم . . إنهم لا يريدون الإسلام لأنهم يعرفونه ! يعرفونه فهم يخشونه على مصالحهم وعلى سلطانهم ; ومن ثم يكيدون له ذلك الكيد الناصب الذي لا يفتر , بشتى الطرق وشتى الوسائل . عن طريق مباشر وعن طرق أخرى غير مباشرة . يحاربونه وجها لوجه , ويحاربونه من وراء ستار . ويحاربونه بأنفسهم ويستهوون من أهله من يحاربه لهم تحت أي ستار . . وهم دائما عند قول الله تعالى لنبيه الكريم: (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك).
وفي مواجهة هذا الإصرار من أهل الكتاب على الاعراض عن قبلة الإسلام ومنهجه الذي ترمز هذه القبلة له , يقرر حقيقة شأن النبي [ ص ] وموقفه الطبيعي:
(وما أنت بتابع قبلتهم). .
ليس من شأنك أن تتبع قبلتهم أصلا . واستخدام الجملة الأسمية المنفية هنا أبلغ في بيان الشأن الثابت الدائم للرسول [ ص ] تجاه هذا الأمر . وفيه إيحاء قوي للجماعة المسلمة من ورائه . فلن تختار قبلة غير قبلة رسولها التي اختارها له ربه ورضيها له ليرضيه ; ولن ترفع راية غير رايتها التي تنسبها إلى ربها ; ولن تتبع منهجا إلا المنهج الإلهي الذي ترمز له هذه القبلة المختارة . . هذا شأنها ما دامت مسلمة ; فإذا لم تفعل فليست من الإسلام في شيء . . إنما هي دعوى . .
ويستطرد فيكشف عن حقيقة الموقف بين أهل الكتاب بعضهم وبعض ; فهم ليسوا على وفاق , لأن الأهواء تفرقهم:
(وما بعضهم بتابع قبلة بعض). .
والعداء بين اليهود والنصارى , والعداء بين الفرق اليهودية المختلفة , والعداء بين الفرق النصرانية المختلفة أشد عداء .
وما كان للنبي [ ص ] وهذا شأنه وهذا شأن أهل الكتاب , وقد علم الحق في الأمر , أن يتبع أهواءهم بعدما جاءه من العلم:
(ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين). .
ونقف لحظة أمام هذا الجد الصارم , في هذا الخطاب الإلهي من الله سبحانه إلى نبيه الكريم الذي حدثه منذ لحظة ذلك الحديث الرفيق الودود . .
إن الأمر هنا يتعلق بالاستقامة على هدي الله وتوجيهه ; ويتعلق بقاعدة التميز والتجرد إلا من طاعة الله ونهجه . ومن ثم يجيء الخطاب فيه بهذا الحزم والجزم , وبهذه المواجهة والتحذير . . (إنك إذا لمن الظالمين). .
إن الطريق واضح , والصراط مستقيم . . فإما العلم الذي جاء من عند الله . وإما الهوى في كل ما عداه . وليس للمسلم أن يتلقى إلا من الله . وليس له أن يدع العلم المستيقن إلى الهوى المتقلب . وما ليس من عند الله فهو الهوى بلا تردد .
وإلى جانب هذا الإيحاء الدائم نلمح كذلك أنه كانت هناك حالة واقعة من بعض المسلمين , في غمرة الدسائس اليهودية وحملة التضليل الماكرة , تستدعي هذه الشدة في التحذير , وهذا الجزم في التعبير .
‫#‏عصام_قابيل‬

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 19 مشاهدة
نشرت فى 3 يونيو 2016 بواسطة azzah1234

عدد زيارات الموقع

160,108