#أعلم_انك_لن_تقرأي_لي .. لكنني فقط أكتب لأكتب !
إستيقظت من نومي بعيدا عن الجميع ، أقصد بالجميع أحزاني المتلبدة في صدري و أحلامي العزباء التي ستصل لسن العنوسة و هي لم تحدث أو تتحقق بعد ، طموحاتي العرجاء ، شعوري بالخيبة، رائحه جواربي، بعيدا عنهم جميعا إستيقظت من نومي كأي شخص يائس يستيقظ من نومه ،لا شيء مميز في هذا الأمر سوى أنني لم استيقظ وعلى لساني نصف جملة كعادتي عندما استيقظ بجمل ناقصه أرددها بلا صوت ، أرددها باطنيا ك”ذهب الجميع للجحيم ، ذهب الجميع” أو “سأعود باكرا للكوكب ، سأعود باكرا" ، إعتدت على أن استيقظ هكذا بجمل لا أعلم مالذي يدفعها للجلوس على عتبة لساني كالشحاذين البؤساء الحزانى ، اليوم استيقظت بدون أي جملة وهذا أمر مريب. لاعلينا
قال لي أحد الأصدقاء أنني اكرر “في حقيقة الأمر” كثيرا ، مع أنني في حقيقة الأمر لم ألاحظ هذا إلا عندما أخبرني هذا الصديق ، بعيدا عن كل هذا أشعر أنني مليء بالشوق الحاد كقلم ، كان القلم يعتبر سلاحا مهما بالنسبة لي عندما كنت في مرحلة المتوسط ،كنت اعتبره بمثابة السيف بالنسبة لخالد بن الوليد ، أشعر أنني محشو بالشوق ، لا شيء جديد في حياتي سوى أنني اشتاق إليك ، اشتاقك بمعنى أصح أيتها البعيدة عن مرافئ حضني ، أشعر أن كلمة اشتاقك أكثر عمقا من اشتاق إليك لذا أريد ترديدها بصوت خافت كإرتداد الصدى ،انت بعيدة ككل شيء أحبه، بإستثناء ديو الباردة ، في هذا اليوم أسيتقظت من نومي و بداخلي أحاديث كثيرة ، كيلو كلمات ،أو أكثر ، كما أنني أشعر أنني مليء بالشتائم ، بالصراخ ،كل شيء يتكوم في حنجرتي ،يخنقني كل شيء ، هذا العالم غير عادل ، و ملعون ،و أشعر فيه أنني بائس و غير صالح للحياة ، و كأنني مسجون في جذع شجرة ، بلا ملابس ، عاريا من كل شيء ، بإستثناء جذع الشجرة و إشتياقي و يأسي ، وانتي ما زلتي بعيدة عني ، بعيدة بكل ما أوتيتي من جفوة ، أجزم حقا بأنك تشعرين بالسعادة كما عهدتك ، ككل الأوطان التي لا تشعر بالمغتربين فيها و خارجها ، ما زلتي تحبين إرتداء القمصان القصيرة اليس كذلك ، ما زلتي طفلتي ، أعرفك جيدا ،راسخ في تفاصيلك كوتد ، ما زلتي تحبين ورق العنب الملفوف بعناية وإحترافية، ما زال لدي الكثير من الحب لتغرفي منه ، وما زال لدي الكثير من القصص و النكات و الحماقات لأفعلها و ارتكبها برفقتك ، ما زلت ألعنك بطريقة أو بأخرى واشتم عائلتك اشتم اخوك الاكبر الذي هددني اشتم ابوك الذي رفضني ، و أتمنى في كل ليلة أن يصاب سائقكم بشلل رباعي ، لا أعلم لما هو بالتحديد ، لكنني وبشكل فجائي بت أكرهه و أمقته ،ربما لانه اغلق زجاج السيارة عندما رأني انظر اليك وانتي في السيارة ،او يبدو أنها أمور فطرية ، ربما أنني كالجميع أضع اللوم على آخرين لا شأن لهم ولا ذنب ،سوى انهم مروا في مخيلتنا في وقت نشعر فيه بالحقد و اليأس ، منهم سائقكم اللعين الذي سيصاب بشلل ما قريبا ،!
ما زلت أريد أن أكمل مشوار الحماقة برفقتك ، أن نتلسق جدارا ما سوية واحملك على كتفي لتصعدي فوق الجدار، ،و نشاهد مباريات كرة القدم ، أقبلك بعد كل هدف لفريقي ، و اشتمك مع كل هدف يلج في فريقي ، كانت أحلامي و أمنياتي بسيطة و ما زالت كذلك ، كنت أتمنى أن تكوني لي زوجه بسنة الله ورسوله، ان نسمن سويا وننام معا تلتصق أصابع أقدامنا ببعضها ،نتشارك الدفئ و البرودة والغربة معا ، أقول لك قصة ما قبل النوم ، بعدما نستلقي على جنوبنا متقابلين كسجائر تستلقي في علبة ، يبدو هذا الوصف مبتذلا و احمقا ، عموماً نستلقي ،و أشرع بسكب قصة ما في أذنك ، قصة قديمة نسيت بدايتها ، ولكنها كانت قد حدثت في تشيكوسلوفاكيا ، فحواها أن رجلا كان قد غادر قريته بحثا عن الثروة ، وبعد خمسة وعشرين عاما عاد هذا الرجل إلى قريته بالثروة و بزوجة و أحد الأطفال ، كانت أمه تدير بمعونة أخته فندقا صغيرا في تلك القرية ، فأراد الرجل أن يهيئ لهما مفاجأة فترك زوجته و ولده في مكان آخر ، و ذهب إلى أمه فلم تتعرف عليه عند دخوله عليها ، و كذلك لم تتعرف عليه أخته ، و لذا فقد راودته فكرة مداعبتهما ، فإستأجر إحدى الغرف وكان قبل ذلك قد أراهمها ثروته ، وفي الليل عمدت الأم و الأخت إلى قتل الرجل و سرقة ثروته ثم ألقتا بجثته في مياه النهر ، و في الصباح ، أقبلت الزوجة دون أن تعلم بما حدث ، فكشفت النقاب عن الدعابة و عن شخصية زوجها ، وعند ذلك شنقت الأم نفسها ، و انتحرت الأخت بأن القت نفسها في إحدى الآبار ،!!!
استيقظ .. لأجد نفسي بقميص نوم نسائي ، و تستيقظين أنتي بقميصي ذي الياقة الطويلة ، هذه الفوضى التي أحبها ، بغض النظر عن قصتي المليئة بالسواد الذي قلتها لك قبل النوم.. أعلم أنني وحشي و صلف دائما حتى في قصص ما قبل النوم ، وأعلم إيضا أنني لم ارتكب خطوة واحدة في ذاكرتك ، و أعلم أنني مشروع نسيان سينجح في رأسك ، لكنني حقا اشتاق إليك ، أو أشتاقك ، أشتاق للكنتك ، للغة عينينا ،تلك اللغة التي كانت بمثابة الوطن ، وطننا الكبير ، حقا حقا فاللغة هي الوطن ، هذا التراب لا يعد وطنا ابدا ، إنما مكمن الوطن يتلخص في اللغة ، فنحن العرب مثلا أبناء وطن واحد ، لأننا نشتم بذات الكلمات و ذات الطريقة ، أفراد شعب الأسكيمو إيضا لديهم لغة يعدونها وطنا ، لها تميزها عن باقي اللغات ، فلهم مصطلحات تصف الثلج واحوال الثلج ،ولا وجود لمصطلحات ترادفها في لغات أهل الصحراء ، كما أن للهنود الحمر لغة تعد وطنا بالنسبة لهم ، إسمها النافاجو إن لم تخني ذاكرتي اللعينة ، لها طريقة وصف ذهنية فهي تصف الأشياء بناء على شكلها لا لونها ، و هكذا ، قرأت هذا منذ سنوات ، لا أتذكر التفاصيل ، حقا ، لكن ما أعرفه هو انك انتي وطني ، و من عادة الأوطان أن تجفو أبناءها ، و ها إنتي تمارسين ذات الخطيئة ، أريد أن أخبرك أنني أكملت قرأة رواية ما للنهاية ، كانت دموع القاتل.. وهذا يعد إنجازا بالنسبة لي ، ليس لأنني قرأت رواية ، لكن لأنني ولأول مره في تاريخي أكمل رواية ما للنهاية ، هذا أنا لا أجيد أنهاء الأشياء ، قصة عشقي ، تلك الصفة كانت إيضا موجودة في فرانتس كافكا ، فقد كان يعاني مع النهايات ، فلم يكن يجيد ختم رواياته و كتاباته و رسائله ،!!
يبدو أنني تفرعت كعادتي ، لا أجيد الترتيب ،فوضوي ،أفكر بلا نسق ، و أكتب بلا نسق ، و أعيش بلا نسق ، هذا الأمر كان يتعب أمي ، و كذلك أبي ،ويتعب الجيران إيضا ، و ربما كان يتعبك أنتي إيضا ، ما زلت أحبك أوكي ؟، و أعلم انك لن تقرأي لي ، و لكنني فقط أكتب ، أكتب لكي أنقذ روحي من هذه الهاوية ، أشعر أنني ساقط بلا وقوع .. كحجر يسقط في هاوية بلا قاع ، ساقط في اللا نهاية ،السقوط بلا وقوع .. السقوط المستمر أسوأ من الوقوع ، أكتب لأنني لا أفهم هذا العالم ، ولا أفهم طريقة البشر في التعاطي مع أحداث هذا العالم ، أكتب لأنني غير مفهوم ، لست عاتبا على أحد لأنه لا يفهمني ، فأنا حقا لم أفهم نفسي ، ولا أريد من أحد أن يفهمني ، أريد أن أعيش بسلام ، أرقد بسلام ، ذاك السلام الوجداني ،سلام الإيمان ، ذاك اليقين الدافئ ، الغير مبرر ،أكتب لأنني لم ارآك منذ ثلاثة أعوم وبضعه اشهر .. أكتب لأنني لا امتلك شيء.. أكتب لأنني من طبقة المسحوقين .. لست كإياك .. هذا القدر أراد من هذا الكادح أن يعشق فتاة من عائله لها غنا مفحش ، غائرة في السطحية و السذاجة .. في الترف .. أكتب لأنني سئمت هذه الحياة ، و سئمت كوني أسأم .. أكتب لأن شخير أخي يزعجني ،اكتب لأنني مليء بالتعقيدات .. كالمتاهة .. أكتب لكي لا تسقط روحي .. روحي الخالدة .. عكازها الكتابة .. هذا يبرر أنني اهرب نحو الكتابة .. إحتياجي للكتابة .. كإحتياجي للأكل .. أكتب لأنني بلا وجهة ، والكتابة بالنسبة لي بوصلة ، بوصلتي نحو جنوني الدافئ ، أكتب والكتابة بالنسبة لي سكين تطعنني و إطعن بها و تطعن ذاتها . سكين ثلاثية الأبعاد ، أكتب لأنني أشعر بالوحدة كلما أطفأت ضوء الغرفة بنفسي ، و إستيقظت بنفسي ، أكتب لأنني مليء بالأشياء السيئة .. ربما لست جيدا بما فيه الكفاية ،و أشعر أنني اميل للسوء أكثر ،هذا الأمر يبرر كوني أفضل الوحدة ، بينما لدي الكثير من الأصدقاء والعلاقات التي لا فائدة منها ، أريد أن أقول لك أنني لا اريد أن اخونك رغم انك راي ملك رجلا اخر لكني اهرب من الحب مجددا ، ما زلت أواصل هربي ، أشعر أنني أقوم بخيانة شيء ما ،صوت المذيعة يربكني ،و لباقة الممرضة في المستشفى تشعرني أنني حقير ، لا أدري ما الذي يحدث ،لكنني أشعر أنني مملوك لك، شعوري بالخيانة يتجدد ، ربما لأنني أقدس الحب ،ولا أريد أن أجد نفسي في إطار الخيانة ، ما زلت وفيا لأشيائي القديمة ، لطقوسي القديمة ،الوحدة و الشتائم والفستان الأزرق ، وحرف الميم المقدس ،و الحبيبة البعيدة ، الحبيبة التي ذهبت لحظها السيئ و جعلتني في وحدتي ارتشف صوت عبدالحليم ؛ يصرخ في أذني و كأنه يتحدث بصوتي عندما يقول “أنا في في الظل اصطلي .. لفحة النار و الهدير .. و ضميري .. يشدني لهوى ما له ضمير” !!
ما زلت أحبك .. و ما زلت أكتب و أعلم انك لن تقرأي لي .. لكنني فقط أكتب لأكتب !