اسمها سلمة.. ولقبها الطاهرة.. وشهرتها قرة العين يحفل التاريخ بالعديد من الشخصيات التي تشدنا للتوقف أمامها أكثر من مرة، وفي كل مرة تفاجئنا الشخصية ونكتشف بعض الجوانب التي لم يلتفت إليها بعد، وهذا ربما بسبب غموض الشخصية أو ثراء سيرتها أو ضعف الأخبار التي وصلتنا عنها أو لخطورة الدور التي لعبته في زمنها، وربما لأسباب أخري عديدة نحن لسنا في مجال لذكرها، قرة العين أو الطاهرة أو زرين واحدة من هذه الشخصيات، التي نحتار كثيرا أثناء الاطلاع علي تاريخها ، فسيرتها الحافلة تفرض نفسها فرضا علينا لكي نتوقف ونتأمل في محاولة للفهم، وأهمية وخطورة شخصية قرة العين تكمن بظني في النتائج التي ترتبت علي فكرها ، حيث تشير المصادر البابية والبهائية ، إلي أنها هي التي أدخلت فكرة تعطيل عبادات الديانة الإسلامية في البابية والبهائية، وكانت وراء تحول البابية من طريقة صوفية محدودة داخل بعض المدن الإيرانية، إلي نحلة أو ديانة بشرية تنتشر في العديد من البلدان العربية والأوروبية، خطورتها تعود أيضا إلي أنها هي التي دفعت الباب أو علي محمد مؤسس الدعوة البابية إلي ادعاء الألوهية ، كما أنها كذلك كانت خلف ظهور البهائية، فقد شربت مؤسسها بهاء الله أو الميرزا ( البرنس ) حسين علي نوري أفكارها عن تعطيل الحدود الإسلامية ، وفكرة استمرارية نزول الوحي وعدم انقطاعه، وشجعته علي تأسيس حدود خاصة بديانته البشرية، وأيضا كانت ملهمته في ادعائه الألوهية، أضف إلي هذا أنها كانت أول امرأة في البلدان العربية والإسلامية تخلع الحجاب والنقاب وتقود حملة لتحرير النساء منه، وتدعو إلي مساواة المرأة بالرجل، كما كانت المرأة الوحيدة التي طالبت بأن تتزوج المرأة من تسعة رجال في وقت واحد، شخصية بهذا الحجم وتلك القوة والقدرة وهذه الخطورة، أظن انه من الضروري أن نقدم علي قراءتها، وتوضيح الدافع الحقيقي لتبنيها هذه الأفكار، ومحاولة تحديد الصفات الشخصية والفكرية التي جعلتها تؤثر علي الباب والبهاء، وجعلتهما يستسلما لأفكارها المتمردة علي السائد والمتسيد، خاصة إذا كان هذا السائد والمتسيد هو العقيدة ذاتها . هذه المرأة ولدت بين سنتي 1814 و 1819 في قزوين بإيران، سميت زرين تاج ، وهو اسم فارسي معناه بالعربية ذات التاج الذهبي، وقيل إن اسمها الأصلي سلمي هانم، لقبها البابيون ببدر الدجي وشمس الضحي ، ولقبها الباب بعد ذلك بقرة العين، ويقال إن الذي أطلق عليها هذا اللقب أستاذها في كربلاء سيد كاظم الرشتي، كانت أسرتها من الأسر المتدينة المعروفة في قزوين، تدعي بـ آل البرغاني، اسم والدها الحاج الملا صالح القزويني البرقاني كان من فقهاء عصره، شقيق الملا تقي إمام الجمعة في قزوين، قيل إن والدها عين لها معلّماً منذ طفولتها، فجدّت في تحصيل العلوم والفنون، وبدأ نبوغها بالظهور منذ صباها الباكر، فكانت تحضر دروس أبيها وعمها اللذين كانا يلقيانها علي الطلبة، وكانا يضعان لها ستاراً لتستمع إلي الدروس من ورائه، وسرعان ما أخذت تشارك في المجادلات الكلامية والفقهية التي تثار بين رجال أسرتها، عندما بلغت الرابعة عشرة من عمرها ، اقترنت (الطاهرة) بابن عمها الملا محمد بن الحاج ملا تقي، ورزقت منه بثلاثة أولاد ذكرين وبنت واحدة، وفي رواية أخري رزقت بثلاثة ذكور، رزقت بإبراهيم وإسماعيل في مدينة كربلاء العراقية، عندما ارتحل إليها زوجها لطلب العلم، ورزقت بإسحاق بعد عودتها إلي قزوين. المهدي المنتظر في تلك الفترة كانت المنطقة الفارسية منشغلة بانتظار ظهور المهدي المرتقب، وازدحمت الحياة الفكرية بالعديد من الطرق الصوفية، كان علي قمتها الطريقة الشيخية للشيخ أحمد الإحسائي، وكان يترأسها آنذاك السيد كاظم الرشتي، وكانت هي تميل إليه بينما زوجها كان من خصومه فكريا وفقهيا، وقد انعكس هذا الخلاف علي حياتها الأسرية، وزاد من حدة الشقاق بينهما، وهو ما دفعها إلي هجرتها لبيت الزوجية، وترك زوجها وأولادها والعودة إلي كربلاء للتعلم من كاظم الرشتي، فسافرت إلي كربلاء عام 1843م، وبمجرد وصولها علمت إن الأستاذ الذي جاءت من أجله كاظم الرشتي قد توفي، فمكثت تدرس مؤلفاته وفكره، وجلست تنتظر الموعود الذي بشرت به الطريقة الشيخية، وقد حكي صاحب الكواكب الدورية، وهو من أهم مؤرخي البابية والبهائية، أنه بعد وفاة رئيس الطائفة الشيخية، ادعي الباب علي حسين الشيرازي أنه خليفته، ونصب نفسه رئيسا للشيخين، وبعدها بفترة دون أن تعلم قرة العين بذلك، أرسلت رسالة للملا حسين البشروئي، مستفسرة منه عن نتائج بحثه عن ظهور الموعود أو الإمام المنتظر قالت فيها: إذا وفقتم للقاء طلعة الموعود فلا تحرموني من موافاتي بذلك النبأ " .. فسلم رسالتها للباب فأجاب مطلبها وضمها لحواريه الذين أطلق عليهم اسم حروف الحي، وهم أول من آمنوا بفكره وساندوه في نشر دعوته، وبهذا أصبحت جناب الطاهرة أول امرأة آمنت بالموعود الجديد. وذكر في كتاب "كشف الغطاء" إن جناب الطاهرة قد أُبلغت برسالة حضرة الباب بواسطة الملاّ علي البسطامي الذي زار كربلاء في سنة 1844م (1260هـ) بعد عودته من شيرا، وقيل في "مطالع الأنوار: لما علمت جناب الطاهرة بسفر زوج أختها المدعو محمد علي من قزوين، سلمته خطابا مختوما وطلبت منه أن يسلمه إلي ذلك الشخص الموعود الذي لابد وان يقابله أثناء بحثه، وأفهمته إن يقول له: لمعات وجهك أشرقت وضياء طلعتك اجتلي قـال ألسـت بربكـم قلنا بلـي قلنـا بلـي وقد قابل الملاّ محمد علي (حضرة الباب) وأقبل إلي دعوته وسلّمه الخطاب وأوصل إليه الرسالة، فأقرها حضرة الباب ضمن حروف الحيّ ". وكانت الوحيدة من بين حروف الحيّ الثمانية عشرة التي لم تقابل حضرة الباب، إلا أنها حسب تخمين _ مارثا ل. روت في الطاهرة أعظم امرأة إيرانية_ قد شاهدته ببصيرتها الخفية الثاقبة ".وتروي المصادر البهائية أن قرة العين بعد فتري انتقلت من كربلاء إلي الكاظمية، وكانت تلقي دروسها مرتدية الحجاب فقط دون النقاب، وهو ما أثار حفيظة الناس، واشتد الجدال بسبب تصرفها هذا، لهذا أثرت السلامة وعادت مرة أخري إلي كربلاء سنة 1847م، وبدأت دعوتها إلي البابية بشكل علني . تعطيل الحدود قرة العين _ حسب اتفاق جميع المصادر البهائية والبابية _ لم تكن حتي اللحظة قد قابلت علي حسن أو الباب مؤسس البابية ، كما لم تكن تعلمت بعد جميع أفكاره، وكل ما عرفته عن الباب والبابية ما تواتر من إيران انه قد نصب نفسه رئيسا لطائفة الشيخية الصوفية، وما كتبه هو عن شرح سورة الكوثر، حيث إن الباب في ذلك الوقت كان في بداية دعوته لمذهبه الجديد، وقد قدم نفسه للذين ينتظرون ظهور الموعود بما كتبه في سورة يوسف، وتتفق مصادر البهائية والبابية علي أن فكره لم يكن قد تبلور بعد، وانه قدم نفسه كبديل لرئيس الطريقة الشيخية الذي سبق وتوفي، حتي كتاب البيان العربي والفارسي لم يكن قد فكر في تأليفهما، والثابت أنه ادعي نزولهما عليه في السجن قبل إعدامه، والغريب في الأمر أن قرة العين بمجرد علمها بظهور الموعود في إيران من البشروئي، وعلمت إن اسمه علي حسن الشيرازي، وبعد تلقيها رسالة من الباب بقبولها في الجماعة الجديدة، أعلنت بين أهالي العراق عن الموعود أو المهدي المنتظر الذي تتمناه، الموعود الذي رسمته في خيالها، الذي سيحررها من قيود السائد والمتسيد، المهدي الذي سيعطل الحدود الإسلامية ويحرر المرأة من النقاب والحجاب ومن سطوة المجتمع الذكري ومن الأزواج، وكان هذا الموعود أو المهدي المنتظر يمتلك القدرات الإلهية فنادت بين الخاص والعام : " قد ظهر الموعود ونزل الرب الودود "، وهو ما دفع بعض العلماء إلي شكوتها، فأبعدتها الحكومة إلي بغداد، وأمرت بإقامتها جبريا في بيت الشيخ محمد الألوسي، مع هذا لم تستسلم وظلت تناقش وتحاور وتجادل وتدعو لهذا الموعود، ويروي لنا آقا محمد مصطفي البغدادي ( في رسالة أمرية ) وهو من محبيها ومن الذين عاصروها يروي لنا عن إحدي هذه المناظرات ، وكانت في منزل والده ببغداد، مؤكدا قيامها بالدعوة لمن كانت تحلم به كما سبق واشرنا وليس للذي ظهر ، فقد أشار إلي قيامها بالحديث عن الحدود وجميع ما تمنته في تلك الجلسة، مع إن الباب لم يكن قد فكر بعد فيما تقوله ، فقد قال آقا محمد البغدادي: إن قرة العين ناظرت العلماء والعرفاء، وهي تبين وتبرهن ... في حضور المفتي ، فأظهرت سر الظهور، وأعلنت نسخ التقليد المهجور، وبينت تجديد الشريعة الإلهية بشريعة البيان ( الباب _ البابية _ والبيان هو اسم الكتاب المقدس للبابية ، نزل كما يدعون باللغة العربية واللغة الفارسية ) ، وكانت في مجلس الأحباء مكشوفة الوجه ... وقد تزلزل البعض .. وقالوا إن حضرته ( الباب ) لم ينسخ الشرع العتيق، ولم يجدد أمرا بل زاد في الأحكام، وأكد في الصلاة والصيام، وحرم الدخان، وان السيدة قرة العين تجاوزت الحد ونسخت الشريعة التي ورثتها عن الأب والجد بدون أمر من حضرة الأعلي ( الباب ) " ، ولخطورة ما تدعو إليه قرة العين، قام احد الحضور ويدعي علي بشر، وكان من أتباع الطريقة الجديدة ، بكتابة رسالة إلي الباب، تضمنت جميع الأفكار الخطيرة التي تنسبها قرة العين له، ويشير صاحب الرسالة الأمرية إلي إن الباب استحسن دعوتها وتبني أفكارها، حيث رد علي صاحب الرسالة علي بشر بقوله : وأما ما سألت عن المرأة التي زكت نفسها، وآثرت فيها الكلمة التي انقادت الأمور لها، فإنها امرأة صديقة عالمة عاملة طاهرة، ولا ترد الطهارة في حكمها لأنها أدري بمواقع الأمر من غيرها، وليس لك إلا اتباعها لأنك لن تقدر أن تطلع بحقيقة شأنها "، وهذه الحكاية كما رواها آقا مصطفي، تؤكد إجازة الباب لما نسبته إليه، وتأكيده علي علمها وطهارتها وفضلها وقدرتها الخارقة، رغم أنه لم يكن قد رآها أو تحدث معها بعد، كما أنه من الثابت تاريخيا إن قرة العين لم تقابل مؤسس البابية قط، وهو قد اعدم في سجن ماء كوه سنة 1850م ، وهي أعدمت بعده بسنتين عام 1852م، خلاصة القول إن هذه الرواية تؤكد لنا أن قرة العين هي أول من تحدثت في تعطيل وتغيير الحدود، وان الباب وبهاء الله فيما بعد تعلما منها هذه الأفكار. تبادل النساء في عام 1884م اتجه البابيون إلي مدينة بدشت التي تقع بالقرب من خراسان الإيرانية، وذلك للاجتماع وبحث كيفية تخليص الباب من محبسه في سجن ماء كوه، حيث ألقت السلطات الإيرانية القبض عليه لتجديفه في الشريعة، كان علي رأس الحضور قرة العين، ومحمد علي البارفروشي الملقب في البابية بالقدوس، وبهاء الله أو الميرزا ( البرنس ) حسين علي نوري المازنداني، مؤسس البهائية فيما بعد في هذا الاجتماع طرحت قرة العين فكرتها عن تعطيل الحدود، وإلغاء التكليف، وتغيير الشريعة الإسلامية، أو علي حد قولهم نسخها، وأكدت للحضور _ حسب رواية مؤلف الكواكب الدرية _ بأن للقائم مقام المشرع وحق التشريع وعليه فعلا إجراء بعض التغييرات كإفطار رمضان ونحوه، وفي رواية لصاحب مفتاح باب الأبواب قال : " إن قرت العين فاجأت الحضور وظهرت بدون برقع ولا نقاب، ولا قناع ولا حجاب، وعلت المنبر وجلست عليه هنيهة، ثم قامت خطيبة وقالت ما نصه ( نقلا عن ناسخ التواريخ ) : اعلموا أن أحكام الشريعة المحمدية قد نسخت الآن بظهور الباب، وأن أحكام الجديدة البابية لم تصل إلينا، وأن اشتغالكم الآن بالصوم والصلاة والزكاة وسائر ما أتي به محمد كله لغو وفعل باطل ، ولا يعمل بها بعد الآن إلا كل غافل وجاهل، إن مولانا الباب سيفتح البلاد، ويسخر العباد وستخضع له الأقاليم السبعة المسكونة، وسيوحد الأديان الموجودة علي وجه البسيطة، حتي لا يبقي إلا دين واحد، وذلك الدين الحق هو دينه الجديد، وشرعه الحديث الذي لم يصل إلينا الآن منه إلا نزر يسير وبناء علي ذلك أقول لكم وقولي هو الحق: لا أمر اليوم ولا تكليف، ولا نهي ولا تعنيف، وإنا نحن اليوم في زمن الفترة، فاخرجوا من الوحدة إلي الكثرة، ومزقوا هذا الحجاب الحاجز بينكم وبين نسائكم بأن تشاركوهن بالأعمال، وتقاسموهن بالأفعال، واصلوهن بعد السلوي، وأخرجوهن من الخلوة إلي الجلوة، فما هن إلا زهرة الحياة الدنيا، وإن الزهرة لابد من قطفها وشمها، لأنها خلقت للضم والشم، ولا ينبغي أن يعد أو يحد شاموها بالكيف والكم، فالزهرة تجني وتقطف، وللأحباب تهدي وتتحف ... ساووا فقيركم بغنيكم ، ولا تحجبوا حلائلكم عن أحبائكم، إذ لا ردع الآن ولا حد ، ولا منع ولا تكليف ولا صد، فخذوا حظكم من هذه الحياة ، فلا شيء بعد الممات . " ، بهذه الكلمات فجرت قرة العين ثورة بين الحضور، خاصة وأنها تدعو إلي تعطيل الحدود والتكليف ، وإباحة الزنا، والتأكيد علي اغتنام اللحظة حتي تصلهم شرائع البابية ، وبالطبع لم يعجب هذا الكلام أغلب الحضور، واعترض بشدة القدوس، وفي يوم آخر وقفت قرة العين تدافع عن رأيها ، وساندها في ذلك بهاء الله، الذي تبني كل ما أعلنته في نحلته الجديدة التي أسماها فيما بعد بالبهائية. طاهرة لماذا نادت قرة العين بتعطيل الشريعة المحمدية ، ودعت إلي التمتع باللحظة ؟ ، هل لأنها كانت ترغب في مساواة المرأة بالرجل ؟، هل لأنها كانت تهوي التمرد علي الوضع السائد ؟ ، هل فعلت هذا لكي تنتقم من زوجها ؟ ، هل كانت قرة العين امرأة سيئة السمعة وانحلالها هو الذي دفعها إلي المناداة بشرعية جديدة تستند إليها ؟ أغلب ما وصلنا عن قرة العين التي لقبت فيما بعد بالطاهرة ، يوضح سوء سلوكها، ورفعها الحجاب والنقاب، ودعوتها الرجال إلي تحرير النساء من الحجاب، وتأكيدها في خطبة بدشت أن النساء مثل الزهور خلقن للشم واللمس والضم، ومطالبتها الرجال بتبادل النساء، وذكر أنها بعد أن تركت بغداد إلي طهران، توقفت في الطريق ببلدة كرمان شاه، وهناك أصرت أن تنزل في منزل واحد هي وبعض النساء مع بعض العلماء، وهو ما أثار حفيظة أهل البلدة، ودفع رجال الدين للمطالبة بخروجها هي ومن معها خارج البلدة، وبعد مؤتمر بدشت سافرت في هودج واحد مع القدوس أحد أهم حواري حضرة الباب، وقد رتب لها هذه الرحلة وجهز لها الجمل والهودج بهاء الله مؤسس البهائية، وقيل إنهم أثناء سفرهم إلي مازندران، حاول بعض البابيين الذي كانوا معهم اغتصابها تطبيقا لما نادت به، وما شجعهم علي ذلك أنها كانت تسافر في هودج واحد مع القدوس، فذكر صاحب مطلع الأنوار الوقعة بقوله: أراد بعض الأتباع أن يسيئوا استعمال الحرية التي نتجت عن نسخ الشرائع القديمة، وظنوا أن في طرح الطاهرة للحجاب إشارة منها للتجاوز عن حدود الآداب وإشباع الأغراض النفسية ، وسبّب هذا التعدي الواقع من هؤلاء البعض غضب المولي وأوجب تفريقهم وتشتيتهم " ، وذكر أنهم عندما وصلوا إلي قرية نيالا لم يعجب أهل البلدة بسلوكها ، ومبيتها في خيمة واحدة مع القدوس ، فثاروا عليهم وقذفوهم بالحجارة حتي ولوا هاربين ، وربما كل هذا ما دفع صاحب الحراب في صدر البهاء والباب ، أن يؤكد في ترجمته لقرة العين ، أنها كانت مريضة بالسوداء ، حيث قال : فتاة فتانة ، مصابة بالسوداء .. وتنادي علي ملأ الأشهاد بجوار تزويج تسعة رجال بامرأة واحدة . نخلص مما سبق أن سلوكيات قرة العين أو الطاهرة كانت محل شك، وان العديد من الروايات المنسوبة لها تؤكد هذا الظن، سواء الوقائع التي نادت فيها برفع الحجاب أو بتبادل النساء، أو الوقائع التي كانت تنام فيها مع القدوس وغيرة في منزل واحد، كما نظن أن تأكيد صاحب كتاب الحراب أنها كانت مصابة بالسوداء، وهو مرض جنسي يصيب النساء، هو الأقرب لسلوكياتها ولما وصلنا من أخبارها، والقريب للواقع وللمروي أن مرضها هذا هو الذي دفعا إلي البحث عن مرجعية دينية تستند إليها، وكان الباب هو الميس أو الشماعة التي ألبستها فكرها المخالف للشريعة، والذي يعطيها شرعية إشباع رغبتها . |
|
نشرت فى 23 سبتمبر 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,792,799
ساحة النقاش