فتح مصر
كتبت:هبة عبد الستار:
المسلمون في فتوحاتهم يسعون لسفك الدماء وفرض عقيدتهم جبرا علي البلاد التي يفتحونها بل علي العكس تماما كانوا في كثير من الأحيان بمثابة المنقذين لأهل تلك البلاد من ويلات الظلم والاضطهاد من قبل حكامها السابقين ولعل مصر.
لم يكن كانت مثالا علي ذلك حيث يوضح الدكتور عبد الرحمن أحمد سالم أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية دار العلوم جامعة القاهرة قائلا: كانت مصر قبل الفتح الإسلامي خاضعة لحكم البيزنطيين' الروم' ومع أن البيزنطيين كانوا يعتنقون المسيحية كأقباط مصر فقد كان لهم مذهب ديني يختلف عن المذهب الذي اعتنقه أقباط مصر وهو المذهب اليعقوبي' الأرثوذكسي حاليا' أما البيزنطيون فكانوا يؤمنون بمذهب الطبيعتين في السيد المسيح عليه السلام الذي كان يعرف بالمذهب' الملكاني' ولقد حاول البيزنطيون فرض عقيدتهم الدينية بالقوة علي أقباط مصر فمارسوا كل صور الاضطهاد من جلد وسجن و إحراق وإغراق ليرغموا أقباط مصر علي هجر مذهبهم و اعتناق مذهب البيزنطيين. ولكن الأقباط تمسكوا بعقيدتهم و قاوموا بكل قوة الاضطهاد البيزنطي. وعندما نجح المسلمون بقيادة عمرو بن العاص في القضاء علي الاحتلال البيزنطي لمصر كانت الحرية الدينية هي أولي الثمار التي جناها الأقباط في مصر في ظل الحكم الإسلامي فقد نعموا بالأمن والسلام ومارسوا شعائرهم دون اضطهاد و أعادوا بناء ما تهدم من كنائسهم و أديرتهم أثناء الحكم البيزنطي, وهذا ما يشهد به المؤرخ البريطاني المعروف ألفريد بتلر في كتابه' فتح العرب لمصر' حيث يقول:' ما كان أعظم ابتهاج القبط بخلاصهم مما كانوا فيه فقد خرجوا من عهد ظلم وعسف تطاول بهم وهوت بهم إليه حماقة البيزنطيين إلي عهد من السلام والإطمئنان...' ومن هنا فليس من المستغرب أن يعاون القبط المسلمين عندما توجهوا إلي الإسكندرية ليفتحوها بعد أن هزموا الروم في موقعة بابليون فقد خرج معهم جماعة من رؤساء القبط كما يقول ابن عبد الحكم مؤرخ الفتح الإسلامي لمصر وقد أصلحوا لهم الطرق وصار القبط أعوانا للمسلمين علي ما أرادوا من قتال الروم.
ساحة النقاش