د. مبروك عطية يكتب: حديث الصيام .. ٢- ليلة الصيام بين الله والناس ١٢/ ٨/ ٢٠١٠ |
حين زار حماد شيخ أبى حنيفة أمير المؤمنين فى المدينة سفيان وهو مريض سأله سفيان: يا حماد، ترى هل يغفر الله لمثلى؟ فقال له حماد: لو خُيرت بين أن يحاسبنى الله وأن يحاسبنى والداى، لاخترت أن يحاسبنى الله، لأن الله أرحم بى من والدىّ». وصدق حماد، لقول النبى - صلى الله عليه وسلم: «لله أرحم بعباده من هذه على ولدها». فى امرأة فقدت طفلها الرضيع، فلما وجدته ألقمته ثديها وضمته إليها فى عطف وحنان، وبمثل قول حماد أقول: إن ليلة الصيام عند الله أجمل من ليلة الصيام عند الناس خصوصاً هواة الدعاة، الذين يصورون للناس ليلة صيام الصائم بأنها قتال وجهاد، وعذاب، فهى قيام أبداً، بلا راحة، ولا نوم، ولا معاشرة لأهل. انظر إلى ليلة الصيام عند الله- عز وجل- ماذا قال فيها؟ يقول تعالى: «أُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هُنّ لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل» فليلة الصيام عند الله- عز وجل- ليلة سعيدة، فيها مؤانسة الأهل ومعاشرة الزوجة، والأكل والشرب طوال الليل إلى الفجر وليس فقط الإفطار، والسحور، فكُلْ فى كلّ وقت بالليل واشرب إن كنت فى حاجة إلى ذلك، وعاشر زوجتك كما تحب ما دام الليل قائماً، وصل ما تيسر لك، واقرأ من القرآن ما تيسر لك «إن ناشئة الليل هى أشد وطئاً وأقوم قيلاً» ولا تعذب نفسك بالليل كما تسمع من هواة الدعاة، فإن رمضان ليس شهر عذاب، وإنما هو شهر رحمة وكرم، وصيام نهاره إنما هو للقادر عليه «فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر» ولتعد قراءة قوله - تعالى- فى سياق الصوم «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر»، وكما أبيح الفطر للمريض والمسافر أبيح كذلك للشيخ الكبير العاجز، والحامل والمرضع، وصاحب العمل الشاق الذى لا يمكنه تأجيله، والمريض إن كان مرضه يرجى شفاؤه منه صام بعد رمضان، وإلا أطعم عن كل يوم مسكيناً، فما أيسر دين الله! |
ساحة النقاش