ضمن مشروع التوعية والتأثير في قضايا الصحة الانجابية الممول من صندوق الأمم المتحدة للسكان عقدت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح" بالتعاون مع مشروع دعم وتأهيل المرأة التابع لبرنامج غزة للصحة النفسية ورشة عمل بعنوان "الآثار الاجتماعية والصحية للزواج المبكر وعلاقته بزواج الأقارب"، بحضور 50 من الشخصيات المؤثرة في صنع القرار من مؤسسات حكومية وأهلية، وذلك في قاعة مركز النشاط النسائي في بيت حانون.
واستهلت ابتسام دلول منسقة التدريب في المشروع الورشة بالتعريف بأهداف مشروع التوعية والتأثير في قضايا الصحة الانجابية وذلك لزيادة الوعي بين المشرعين وصانعي القرار وأصحاب الرأي والأطراف المعنية حول القضايا ذات الأولوية وذلك بناء على توصيات مؤتمر السكان والتنمية. ومن القضايا ذات الأولوية التي ذكرتها دلول الزواج المبكر بين الإناث والتسرب من المدارس وقضية العنف ضد النساء.
أبعاد خطرة
وتحدثت جواهر بركات مرشدة صحية في المشروع عن الأبعاد الخطرة لموضوع الزواج المبكر وانعكاساته على صحة المرأة والطفل والمجتمع عموماً، مشيرة إلى أن معظم الأبحاث والدراسات الطبية والبيئية تدل على أن معظم مضاعفات الحمل والولادة تزداد بشدة في حالات الزواج المبكر عنها في الزواج بعد سن ثمانية عشرة. وقد بين البحث الذي أعده مركز شئون المرأة أن 40,8% من المتزوجات مبكراً قد تدهورت صحتهن بعد الزواج وأن 27% منهن تعرضن لحالات إجهاض متكررة ووصلت إلى ثلاث مرات بنسبة 1,3% من مجموع العينة، وأظهرت النتائج التي استعرضتها بركات أن سبب الإجهاض عند 8,1% من المتزوجات مبكراً عدم الاستعداد للحمل وأن 7,3% التعرض للضغوطات الخارجية، موضحة مفهوم زواج الأقارب وهو علاقة الزواج بين اثنين تربط بينهما روابط الدم، مشيرة إلى حجم المشكلة على الصعيد الوطني والعالمي. وكانت نتائج دراسة حديثة حول زواج الأقارب في قطاع غزة أظهرت ارتفاع نسبة هذه الظاهرة في القطاع حيث وصلت إلى 49,4% وحسب دائرة التثقيف الصحي فإن هذه الظاهرة ترتفع في فلسطين بالمقارنة مع الدول الأخرى بنسبة 49% وفق الاحصاءات الرسمية الصادرة عن مركز الاحصاء الفلسطيني لعام 1997 مقابل 1% في أوروبا بينما في دول منطقة البحر المتوسط تصل إلى 20%.
من ناحيتها استعرضت سهيلة سرحان أخصائية اجتماعية في المشروع أسباب اعتبار الزواج فوق سن ثمانية عشرة عاماً مقبولاً من خلال نتائج البحث الذي أجراه مركز شئون المرأة وأوضح أن 42% من الفتيات المتزوجات تزوجن دون 18 عاماً بينهن 13,3% تزوجن دون الخامسة عشرة عاماً في حين أن 9,4% من الرجال تزوجوا دون التاسعة عشر وأن 3,3% مابين 12 إلى 17 عاماً مما يعكس مدى انتشار وخطورة هذه الظاهرة خاصة على الفتيات وما يبرر التركيز على الزواج المبكر للإناث. وعزت أسباب انتشار ظاهرة الزواج المبكر إلى أن المجتمع الفلسطيني مجتمع أبوي والعادات والتقاليد وتزويج الأبناء مبكراً خوفاً من انقطاع المعونات الاجتماعية للأسرة والخوف من بقاء البنات بدون زواج وخوف الآباء من تحرر وتمرد البنات ومطالبتهن بحقوقهن في تقرير المصير والوضع الاقتصادي السيء.
وتطرق الشيخ الدكتور حسن الجوجو القاضي الشرعي إلى التدابير الشرعية والقانونية والمجتمعية للحد من ظاهرة التبكير في الزواج والمتمثلة في التوعية الدينية والقيمية وذلك من خلال بيان أهداف الزواج في الإسلام والاختيار الدقيق لشريك الحياة والفحص الطبي الشامل قبل الزواج، إضافة إلى التوعية الأسرية والقانونية والمجتمعية للحد من التبكير في الزواج.
توصيات
وبهدف زيادة تفعيل دور التوعية في هذا المجال أكد المشاركون على ضرورة عقد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات حوله وتوعية شريحة الشباب والشابات بالمساهمة مع المحاكم الشرعية بمحو الأمية القانونية وضرورة الاتصال بالآباء والأمهات لدراسة الظاهرة والوقوف على أسبابها المتعددة. وأوصى المشاركون بضرورة تطوير مناهج التربية والتعليم لتكون مشتملة على مناهج التوعية الأسرية وإدخال موضوع الزواج المبكر والصحة الانجابية ضمن المناهج التربوية إضافة إلى تنظيم برامج تلفزيونية حول الموضوع وإلزامية التعليم وضرورة وجود جهاز رقابة شعبية من خلال مؤسسات المجتمع المدني وصناع القرار داخل المجالس المحلية والتشريعي داعين إلى تفعيل دور العلماء للحد من الزواج المبكر وتقديم النصائح والارشادات للمتزوجين مبكراً ضمن النشاطات الاجتماعية والعمل على اصدار المزيد من النشرات والكتيبات حول الموضوع. n
ساحة النقاش