يساور الكثير من الآباء والأمهات القلق حيال مسألة الكلام والنطق لدى الطفل. ويقارنون كثيرا – وخاصة مع الطفل الأول - بين طفلهم وبين أقرانه في القدرة على الحديث واختيار الكلمات و تركيب الجمل وإجراء المحادثات ولو كانت قصيرة بطريقة ناجحة ومفهومة. ومرد هذا القلق ربما هو عدم معرفة ما هو طبيعي وغير طبيعي في هذه الموضوع وخاصة مع الطفل الأول.
وربما كان سببه أيضا وجود مشكلات حقيقة وواقعية في النطق لدى الطفل وتأخر هذه المهارة لديه بما يعرضه لمضاعفات مستقبلية في أمور هامة مثل التعلم واكتساب اللغة وبناء المهارات الشخصية الاجتماعية والفكرية والنفسية.
ولهذا كان من المهم جدا التدخل المبكر لحل تلك المشكلات قبل أن تؤثر على الطفل وتعيقه عن نموه الذهني والعقلي وتطوره الاجتماعي وتكوين شخصيته السوية.
في هذه المقالة سوف نتحدث عن تطور اللغة لدى الطفل وبعض المشكلات التي تعترض ذلك وطرق معالجتها.
الفرق بين النطق واللغة
نتحدث هنا عن مهارتين وليست مهارة واحد :
المهارة الأولى هي اللغة
والمهارة الثانية هي النطق وهناك فرق بينهما
فما هو الفرق بين اللغة وبين النطق ؟
إن النطق هو العملية التي يتم بواسطتها إخراج الأصوات التي تكون الكلمات من المخارج المعروفة كالشفتين والحلق وغيرها.
وأما اللغة فتتكون من شقين:
الشق الأول : استقبالي receptive
و نعني به القدرة على فهم الكلمات والأصوات التي نسمعها
الشق الثاني : تعبيري expressive
ونعني به التعبير عن المعاني من خلال الكلمات المنطوقة و الإشارات الجسدية غير المنطوقة ( لغة الجسد )
ولكي ينجح الطفل في التواصل اللغوي مع غيره فهو يحتاج إلى أن يدرك بوضوح ، وتدريجيا مع الوقت خصائص اللغة و كيف تكون الأصوات الكلمات ، الكلمات ومعانيها ، قواعد اللغة ، كيف تكون الكلمات الجمل ، المهارات الاجتماعية للتواصل والتخاطب
كيف يمكن أن تساعد البيئة المحيطة الطفل على تعلم اللغة ؟
حين يعش الطفل في بيئة غنية بالتواصل اللغوي وتوظيف اللغة بطريقة صحيحة فإن ذلك لاشك سيعزز قدراته اللغوية ويسرع في امتلاكه ثروة لغوية يفوق بها أقرانه . و لهذا فمن المهم للوالدين العناية بالتكلم مع الطفل بطريقة صحيحة وتوظيف المناسبات والأحداث لبناء لغة سلمية وتعليم الطفل كيفية التعبير في المواقف المختلفة .
و هذا أمر يحتاج إلى شيء من الصبر والتؤدة وتحمل أخطاء الطفل وأغلاطه . كما يحتاج إلى مراعاة الطفل والصبر عليه حين ينطق أو يحاول التعبير فيخطيء مع عدم محاولة تعجيله أو التذمر من طول الوقت الذي يستغرقه في تكوين جمل وعبارات سليمة . ومما يساعد على ذلك إثارة الأحاديث مع الطفل والتكلم حول ما يشاهده و ما يسمعه خاصة عند الخروج من المنزل في أوقات التسوق والتنزه والسفر وغيرها . ومن ذلك أيضا القراءة على الطفل حتى في وقت مبكر من عمره منذ بلوغه السنة الأولى من عمره .
لماذا يعاني بعض الأطفال من صعوبات في النطق واللغة ؟
أكثر الأسباب التي تعيق تطور مهارة النطق وامتلاك اللغة هي مشاكل السمع . لابد للطفل أن يسمع بشكل طبيعي دون أية صعوبات حتى يكون قادرا على التكلم والنطق بطريقة صحيحة . وأما إذا أصيب الطفل بمشاكل السمع ولو كان الضعف طفيفا ، ولم يلاحظ الوالدان ذلك وبالتالي بقيت المشكلة دون علاج ، فلا شك أن مهاراته اللغوية ستكون ضعيفة وربما شديدة الضعف. ومشكلات السمع تصاحب في الأعم الأغلب التهابات الادن الوسطى المزمنة التي تكثر في الأطفال في سنين عمرهم الأولى. و لذلك كان من المهم عمل اختبار السمع بعد كل مرة يصاب الطفل فيها بالتهاب في الأذن الداخلية.
كما أن تأخر تطور اللغة والنطق لدى الأطفال يتعلق بالتاريخ العائلي لنفس المشكلة . فقد يتأخر نطق الطفل وكلامه بطريقة صحيحة إلى ما بعد الرابعة وليس هناك من سبب واضح غير أن إخوانه أو أقربائه يكونون قد عانوا من نفس المشكلة في طفولتهم . وفي هذه الحالة تزول المشكلة مع الوقت ويعود الطفل فيما بعد كأقرانه في تطور مهاراته اللغوية. وهذا لا يعني أن يتم إهمال الطفل والاعتمادعلى انه سيتحسن مع الوقت . فلابد من تشخيص مشاكل النطق واللغة والعمل على معالجتها مبكرا حتى لا تتفاقم المشكلة.
كيف لي أن أعرف إن كان طفلي طبيعياً أم لا ؟
هناك عدة وسائل لتحقيق هذا الأمر:
- الحفاظ على الزيارات الروتينية لطبيب الأطفال فيما يعرف بـ ( عيادة الطفل السليم ) والتي يقوم خلالها الطبيب بتقويم الطفل وملاحظة معالم النمو لديه ومن ذلك التطور اللغوي ومهارة النطق .
- ينصح بعرض الطفل على الطبيب عند تأخره في إصدار الأصوات ولو كانت غير مفهومة وهي الأصوات التي يصدرها الأطفال بشكل طبيعي في مراحل عمرهم المبكرة .
- ينصح باستشارة الطبيب عند ملاحظة الوالدين ضعفا في السمع لدى الطفل أو عدم إدراك للأصوات أو عجزا في التمييز بينها
ساحة النقاش