ساعة يقرر الزوجان الانفصال‏,‏ وهدم بيت الزوجية بالطلاق لا ينظر أحدهما إلا لنفسه فقط‏.‏

يظل كل منهما يعاند ويكابر ويرفض أي إصغاء لصوت العقل ونداء الحكمة حتي آخر معول في بناء الأسرة‏0‏

وما أن تنتهي تلك المرحلة حتي تبدأ مراحل أخري يلعب فيها العناد والمكابرة والإغاظة المتبادلة دورا‏'‏ مكملا‏'‏ للطلاق في إزالة ما تبقي من المودة والرحمة والمحبة التي كانت تظلل تلك الأسرة‏0‏

وفي ظل هذه الروح الجديدة يغيب التسامح‏,‏ وتتضخم الأمور البسيطة لتتحول إلي‏'‏ قضايا‏'‏ معقدة‏.‏

وانطلاقا من هذه الحقائق يمكننا أن نفسر الجدل الصاخب حول الكثير من تداعيات انفصــــال الزوجين علي مستقبل الأجيال الجديدة‏.‏

'‏حق الرؤية‏'‏ نال‏-‏ ولا يزال‏-‏ القسط الأعظم من الجدل داخل الأسرة‏,‏ ثم انتقل إلي ساحات المحاكم‏,‏ ثم إلي مرحلة جديدة يشغل فيها العديد من المؤسسات البرلمانية والدينية والاجتماعية‏.‏

المتنازعون حول‏'‏ حق الرؤية‏'‏ يتراشقون بالحجج القانونية‏,‏ ويتقاذفون الاتهامات مستترين وراء لافتة‏'‏ مصلحة الأطفال‏'.‏

ووسط هذا الضجيج يتناسي كل طرف أن يبحث في الاحتياجات الملحة للطفل تجاه الوالدين ولديهما حتي يخرج للحياة متوازنا وغير مضطرب‏.‏

فهل يمكن أن تعيد الأطراف المختلفة النظر في مواقفها انطلاقا من احتياجات الطفل للطرفين في آن واحد؟

وهل يمكن البحث في هذه القضية بعيدا عن العناد‏,‏ والمكابرة‏,‏ والرغبة في الانتقام‏,‏ ومحاولة زرع الكراهية في نفوس الأطفال تجاه والديهم ؟ وهل يمكن أن يبذل كل طرف بعض‏'‏ المرونة‏'‏ ليلتقيا في منتصف طريق لا يحرم الأبناء من آبائهم وأمهاتهم؟و في التحقيق التالي محاولة جادة للإجابة عن تلك التساؤلات‏:‏

*‏ مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف برئاسة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر تصدي لهذه القضية في عدد من جلساته‏,‏ وانتهي إلي تأكيد عدة قضايا مهمة‏.‏ منها‏:‏

*‏ يجوز انتقال الحضانة إلي الأب بعد الأم وأم الأم‏.‏
‏*‏ يجوز رؤية الجد والجدة للمحضون سواء أكان ذلك في حضور الأبوين أم في غياب حضورهما‏0‏

*‏ من صدر له حكم يقضي بحقه في رؤية المحضون إذا تخلف عن الحضور للرؤية في الموعد المحدد ثلاث مرات متتابعات رفع أمره إلي القضاء‏,‏ لحرمانه من الرؤية لمدة يحدها القاضي‏.‏

*‏ يجوز للطرف غير الحاضن استضافة الصغير بمسكنه في العطلات إذا أذن الحاضن بذلك‏.‏

روح القانون
دار الإفتاء لم تكن بعيدة أبدا عن هذه القضية‏,‏ حيث يؤكد الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية في العديد من المناسبات عنايته بهذا الموضوع لبيان رأي الدين فيه‏.‏

يقول‏:‏ الحضانة وتنظيمها إنما هي وسيلة لحماية المحضون ورعايته‏,‏ والقيام بحقوقه والعناية بشئونه‏,‏ حتي أن الحاضنة إذا أرادت إسقاط الحضانة لا تسقط‏,‏ وكل هذا حتي لا يضيع المحضون‏,‏ الذي هو الغاية والمقصد من تنظيم شئون الحضانة‏,‏ فليست الحضانة ســــاحة لكيد المطلق ضد مطلقته‏,‏ أو لمكر المطلقة بمطلقها‏,‏ علي حساب مصلحة المحضون‏,‏ بل هي ولاية للتربية‏,‏ غرضها الاهتمام بالصغير وضمان مصلحته والقيام علي شئونه‏,‏ وقد أناطها الشرع الشريف بالأمن علي المحضون في شخصه ودينه وخلقه‏,‏ ومن جهة أخري فهي مجال جيد لتعويد النفس علي العطاء والبذل وإنكار الذات‏.‏

ويلفت إلي أن القانون المنظم للحضانة والمستقي من الشريعة الغراء مقصده تحقيق هذا الغرض‏,‏ فعندما لا تسعف حرفية القوانين في تحقيق هذا المطلب تبقي روح القانون مطية للقاضي المتمكن المتشبع بأغراض الشارع ومقاصده للوصول إلي ذلك المطلوب‏.‏ وانتهي فضيلة المفتي إلي جواز قضاء المحضون يوما في الأسبوع مع الطرف غير الحاضن‏,‏ ومدة مناسبة في اجازتي نصف العام الدراسي ونهايته‏,‏ إذا رأي القاضي ذلك للحفاظ علي المحضون‏,‏ وعدم تضييعه‏,‏ ولتحقيق الهدف المنشود من الحضانة‏.‏

حماية الصغير
في كلمات دقيقة محددة يقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ورئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب‏:‏ لقد عرض علينا في اللجنة الدينية موضــــــــوع أن تحل‏'‏ الاستضافة‏'‏ أو التواصل محل الرؤية‏.‏

وقد اطلعت‏-‏ بصفتي من علماء الإسلام علي الموضوع‏,‏ وعلي قرار مجمع البحوث الإسلامية ورأي دار الإفتاء المصرية‏,‏ ونؤيدهما في حتمية موافقة الطرف الحاضن علي انفراد الطرف غير الحاضن بالصغير‏,‏ تجنبا لمثالب كثيرة يحتمل أن تصيب الصغير‏.‏

استضافة المحضون
وتجزم الدكتورة سهير عبد العزيز مدير مركز الأسرة والتنمية بجامعة الأزهر بان معظم القوانين في العالم أصبحت تعترف بحق الطـــرف غير الحاضن في‏'‏ استضافة المحضون‏'‏ بدلا من مجرد‏'‏ الرؤية‏'.‏ وتقول‏:‏ أنا مع‏'‏ الاستضافة‏'‏ لأنه من حق الطرف الآخر‏-‏ الأب غالبا‏-‏ أن يستضيف أولاده يوما أو أكثر في الأسبوع‏,‏ حتي لا يصبح غريبا عن أبنائه‏,‏ ولضمان أن يكون الطفل سويا‏,‏ ومتمتعا‏,‏ وليس أحدهما فقط‏.‏ وتضيف انه ينبغي إتاحة الفرصة كاملة أمام الصغير‏-‏ ولدا كان أم بنتا‏-‏ لأخذ الجرعة الكافية من رعاية وحنان الطرف غير الحاضن أبا كان أم أما‏,‏ لان ذلك احد أهم شروط سلامة الطفل نفسيا واجتماعيا‏.‏

عقوبات مشددة
وتشدد الدكتورة سهير علي أن‏'‏ الاستضافة‏'‏ حق للطفل‏,‏ كما أنها حق للطرف غير الحاضن‏.0‏ حق أبوة‏.0‏ وحق أمومة‏,‏ فلابد أن يتمتع هذا الطرف باستضافة ابنه‏,‏ أو ابنته يوما في الأسبوع مع وضـــع الضوابط الضامنة لعدم الاضرار بالصغير أو الطرف الحاضن‏,‏ مثل الهروب بالطفل‏,‏ أو إخفائه عن الحاضن‏.‏ ولا تري مانعا من سن تشــــريعات مشددة تضمن سلامة عملية‏'‏ الاستضافة‏',‏ وتجرم أي عمل يضر الصغير أو ينال من حق الطرف الحاضن‏,‏ وذلك من خلال عقوبات مشـــددة تلزم كل طرف بالوفاء بمسئولياته‏,‏ والتزام جميع واجباته‏,‏ وعدم التصرف وفقا للهوي‏,‏ أو سعيا للكيد بالآخر‏,‏ والنيل منه‏,‏ فالغرض في جميع الأحوال هو رعاية الصغير‏,‏ وحسن تنشئته‏,‏ وتربيته تربية صالحة‏.‏

سلوك الرجال
قضية مهمة تتوقف أمامها الدكتورة سهير عبد العزيز مؤكدة انه لا يجوز بأي حال من الأحوال حرمان الابن الذكر من مرافقة أبيه بعض الوقت‏,‏ ليسلك سلوك الرجال‏.‏ وتقول‏:‏ الولد له احتياجات عديدة‏,‏ لا يتم الوفاء بها في غيبة أبيه وفي عدم مرافقته إياه‏.‏ وأرجو ألا تغضب صراحتي أحدا‏,‏ ذلك أن الولد إذا التصق بالمرآة تعرض لمشاكل نفســية كثيرة‏,‏ ذلك أن الطفل‏,‏ يحتاج إلي‏'‏ توحد‏'‏ مع من يحب‏,‏ الأمر الذي يجعلنا في حاجة إلي توعية الأمهات بضرورة ارتباط الولد الذكر بأبيه حتي يكتسب صفات الرجولة‏.‏

وتضيف انه من الخطأ أن تتعمد الأم زرع الكراهية في نفوس الأبناء تجاه الآباء‏,‏ لان في ذلك خطرا كبيرا علي مستقبل الابن‏,‏ فالمفروض أن الأب هو‏'‏ النموذج‏'‏ بالنسبة للطفل‏0‏ فإذا قدمت الأم الأب لأطفالها في صورة نموذج فاسد فإنها بذلك تسهم في هدم قيم مهمة داخل الطفل الذي قد يتساءل‏:‏ لماذا يكون صالحا إذا كان أبوه فاسدا ؟ وتؤكد أن الأم الذكية ترسم صورة طيبة للأب في ذهن ابنه يكون من شأنها تعويده علي التمسك بالقيم النبيلة والمثل الفاضلة‏.‏

وعلي الوالدين أن يتذكرا دائما ما كان بينهما من خير‏,‏ وان يضعا مصلحة الأبناء دائما فوق كل اعتبار‏,‏ وألا يلجأ طرف إلي إيذاء الأخر‏,‏ أو الكيد له باستخدام الأطفال وعلي حسابهم‏.‏

و اجب لا حق
ويلفت الدكتور نبيل السمالوطي أستاذ الاجتماع والعميد السابق لكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة الأزهر إلي أن‏'‏ الرؤية‏'‏ ابسط حقوق الوالدين‏_‏ الأب والأم‏-‏ بل هي‏'‏ واجب‏'‏ عليهما إذا كانا حريصين علي مصلحة الصغير‏.‏

ويقول‏:‏ الأصل أن يعيش الطفل في بيئة طبيعية‏,‏ تتكون من الأب والأم معا‏.‏ فإذا ارتكبا جريمة في حق أطفالهما بالطلاق لأسباب مشروعة أو غير مشروعة‏.0‏ حقيقية أو وهمية‏_‏ كما يحدث كثيرا‏-‏ فلا أقل من إتاحة الفرصة للطفل كي يري أبويه‏.‏ ويشــدد علي أن‏'‏ الرؤية‏'‏ ليست لإشباع غريزة الأمومة أو الأبوة‏,‏ ولكنها لإشباع غريزة الطفل الأساسية‏,‏ في أن يعيش بين والديه‏,‏ وان يكتسب منهما الصفات المختلفة‏,‏ فضلا عن الخصائص الروحية والفطرية‏.‏ ويحذر من أن تعنت احد الطرفين ورفضه تنفيذ قرار المحكمة الخاصة بالرؤية يؤدي إلي خلق أطفال بهم خلل نفسي‏,‏ واضطراب سلوكي‏,‏ لشعورهم بالحرمان‏,‏ وإنهم لم يحصلوا علي ابسط حقوقهم في الحياة‏.‏

ويضيف أن مثل هذه الشخصيات تمثل خطرا كبيرا علي أمن المجتمع‏,‏ خاصة إذا كان احد الأطراف‏'‏ يوغر‏'‏ صدر الطفل علي الطرف الآخر‏,‏ ويصوره له علي انه وحش كاسر يريد أن يفترسه‏.‏

أن الطفل في هذه الحالة يفتقد إلي الأمن والأمان‏,‏ وينشأ مشبعا بميول عدوانية‏,‏ يصبها علي مدرسيه في المدرسة‏,‏ وجيرانه في السكن‏,‏ ورؤسائه في العمل‏,‏ ويصبح ناقما علي كل من حوله‏,‏ ومعاديا للمجتمع‏.‏ فإذا تسامي الطرفان عن العند والحقد واللدد في الخصومة‏,‏ ووضعا مصلحة الأطفال فوق كل اعتبار آخر‏,‏ فان ذلك سيكون نافعا للجميع‏,‏ خاصة الأبناء الذين يجب أن يكونوا أسوياء ومحصنين بالقيم النبيلة والأخلاق الحميدة لمستقبل أفضل‏.‏

مقترحات غير الحاضنين
أما تحفظات وملاحظات ومقترحات الأمهات والآباء غير الحاضنين‏,‏ كما جاءت في العديد من رسائلهم واتصالاتهم‏,‏ فقد اشتملت علي عدة أمور‏.‏ منها‏:‏

*‏ استبدال المسمي القضائي المستخدم لأحكام الرؤية إلي أحكام رعاية أسرية مؤقتة‏,‏ لتجنب التأثير النفسي الضار لمسمي‏'‏ رؤية‏'‏ علي المحضون والطرف غير الحاضن وحتي يتم إصباغ معاني الحميمية علي هذا التواصل الأسري المهم‏.‏

*‏ وضع آلية لتنفيذ تلك الأحكام بنظام الاستضافة لمدة‏24‏ ساعة بصفة دورية أســبوعيا‏,‏ وأسبوع باجازة نصف العام الدارسي‏,‏ وشهر متصل أو متقطع خلال الموسم الصيفي‏,‏ مع ضرورة وضع عقوبات رادعة علي كل من الطرف غير الحاضن‏,‏ والطرف الحاضن في حالة إخلال أي منهما بمواعيد أو مدة الاستضافة المقضي بها‏.‏

*‏ يتم تطبيق نظام الاستضافة اعتبارا من بلوغ المحضون‏6‏ سنوات‏,‏ تعويدا للصغير علي فضائل صلة الرحم التي تعد من مقاصد الشريعة‏.‏

*‏ ضرورة أن تصبح أحكام الاستضافة ملزمة للطرف الحاضن بالأداء وفقا للمواعيد والمدد المقضي بها في الأحكام‏.‏

*‏ تغليط العقوبة للحاضنة التي بيدها الصغير في حالة تعسفها بالامتناع عن تنفيذ حكم الاستضافة كليا أو جزئيا‏,‏ ذلك أن العقوبة المعمول بها حاليا هي الحكم بنقل الحضانة إلي الجدة لأم‏,‏ وهو انتقال صوري ولذا لا يمثل عقوبة ملموسة تمنع تعسف الحاضنة‏.‏

تساؤلات‏.‏ بلا إجابات
أما ملاحظات ومقترحات الأمهات الحاضنات فيوجزها اللواء المتقاعد محمد جمال الدين الليثي‏-‏ أحد المهتمين بالقضية‏-‏ في عدد من الأسئلة المهمة‏.‏ منها‏:‏

*‏ إذا قام الأب بخطف الصغير وغادر البلاد فما هي الوسيلة لإعادة الصغير من الخارج ؟ وهو الأمر الذي قد يحرم الأم من صغيرها إلي الأبد‏.‏

*‏ من الذي يضمن عدم تهريب الصغير خارج البلاد من غير المنافذ الرسمية للدولة سواء خلال الحدود البرية المفتوحة أو الحدود البحرية الواسعة‏.‏

*‏ إذا اختفي الأب أثناء الاستضافة بالصغير داخل البلاد وأغلق محل سكنه الأصلي‏.‏ فمن الذي يستطيع إعادة الصغير لأمه ؟ خصوصا الأب الذي يعمل بالأعمال الحرة ولم يستدل علي عنوانه ؟

*‏ كيف ستكون العلاقة بين الصغير الأنثي وأولاد زوجة الأب الذكور‏(‏ خصوصا لو كانوا في سن المراهقة‏)‏ ؟

*‏ إن نقل الصغير لوالده في فترات الاجازات والعطلات الرسمية يجعل الصغير مرتبطا دراسيا بأمه وهو ارتباط لا يخلو من كثير من الضغوط والالتزامات حين يرتبط بوالده في جانب الترفيه والتنزه وهو ما قد يلقي في نفس الصغير بظلال عكسية في علاقته بأمه فيتولد لدي الصغير‏-‏ بدون قصد‏-‏ وبشكل دائم ارتباط شرطي ذهني ونفسي بين الأم والدروس والمذاكرة من جانب وبين الأب والترفيه واللهو من جانب آخر‏,‏ فنزيد من الصعوبات التي تواجهها الأم في تربية الصغير‏.‏

*‏ إن الأطفال في سن معينة تكون لصيقة بالأم بحيث أن نزع الصغير وإبعاده لمدة يوم أو أكثر لا يلقي لدي الطفل إلا الصراخ والعويل‏,‏ وليس هذا بمقصور علي الأطفال شديدي الصغر بل قد يمتد مع الأطفال الذين يجاوزوا العاشرة من عمرهم‏.‏

*‏ إن نقل الطفل لوالده في فترات العطلات وان كان من شأنه أن يربط الطفل بوالده نفسيا واجتماعيا إلا انه لا يحقق واجب التربية الشرعية الموكل إلي الوالد‏.‏ ذلك أن التربية لا تكون في أيام الجمع أو العطلات وإنما هي ممارسة لصيقة وعلاقة مستمرة بين الأب وابنه تمتد عبر سنين عمره ولا يغني عنها لذلك النقل المتقطع‏.‏

*‏ شيوع المسئولية علي الصغير في حالة حدوث مكروه‏.‏ لأن كل طرف سوف يلقي اللوم علي الطرف الآخر ويقع الصغير ضحية بين الطرفين‏.‏

المصدر: http://www.egyedu.com
  • Currently 196/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
66 تصويتات / 2121 مشاهدة
نشرت فى 3 نوفمبر 2009 بواسطة ashrafhakal

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

3,577,484