وأخيراً قد يتوصل العلماء إلى الحدّ من انتشار الربو ، هذه الحساسية الي يعاني منها الملايين من دون أن يتجاوز العلاج حتى الآن حدود تهدئة العوارض ، وذلك بفضل اكتشاف الجينة الرئيسة المسؤولة عنه ، بعد دراسة الخريطة الجينية الواسعة النطاق التي شملت 460 توأماً في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية . وأدت هذه الدراسة إلى التعرف على الجينة المرتبطة بتطوير ردة الفعل المفرطة للمسالك الهوائية التي تشكل عوارض وخصائص الربو ، وأطلق عليها تعريف ADAM33 . وقد اعتبر أحد الأطباء الأخصائيين في الجهاز التنفسي أن هذا الإكتشاف مثيراً جداً للإهتمام ، كونه حدّد الجينة الأولى المسؤولة عن أزمات الربو ، الأمر الذي قد يؤدي إلى استنباط وسائل جديدة كلياً في تشخيص هذا المرض وعلاجه ، وهو يحمل أملاً كبيراً لعدد هائل من المصابين بشكل مزمن بهذا الداء المنتشر جداً ، خصوصاً بين الأطفال ، حيث يصاب به طفل من بين كل خمسة أطفال ، ويعاني منه في فئة البالغين واحد من بين كل عشرة أشخاص . موقع طرطوس.كوم
وفي بريطانيا وحدها تم تشخيص الإصابة بالربو " آزما " عند ثمانية ملايين بريطاني في مرحلة ما من حياتهم . وتنجم عوارض الربو ، التي تتميز بنوبات سعال أو ترشح دائم وضيق في التنفس ، عن التقلص المفرط للمسالك الهوائية في الرئتين عندما يجري تحفيزها من قبل عوامل متعددة ، مثل التمارين الرياضية ، أو الحركة المفرطة ، أو الهواء البارد والدخان ومحفزات الحساسية الأخرى . وتُعرف هذه الحالة عموماً بإفراط نشاط القصبات الهوائية Bronchial Hyper Responsiveness أو ال BHR .
ويؤمل أن يؤدي اكتشاف هذه الجينة إلى مقاربات مختلفة للتحكم بنوبات الربو والوقاية من الإصابة بال BHR ، حتى في ظل وجود التهاب من نوع الحساسية في الرئتين . وفي ما يلي نلقي مزيداً من الأضواء على أسباب هذه الحساسية والسبل المتبّعة حتى الآن في علاجها .
ماهية الربو
هو حالة تصيب القصبات الهوائية ، أي المسالك التي تحمل الهواء إلى داخل وخارج الرئتين ، ويعتقد بعض أهل الإختصاص أنه إجابة سيئة التوجيه من قبل جهاز المناعية . فعوضاً عن مهاجمة البكتيريا والفيروسات ، يستهدف جهاز المناعة لقاح الأزهار والمواد الأخرى مثل غبار فرو الحيوانات أو العطور التي قد تثير النوبات ، ويلاحظ أن كل مصاب بالربو تقريباً يعاني من التهاب المسالك الهوائية ، التي تكون ردة فعلها سيئة عندما تتعرض لأحد المحفزات أو البرد أو إلتهاب فيروسي ، وما يحصل خلال النوبة هو أن العضلة حول مجرى الهواء تضيق فتلتهب جدران المسالك وتتورم ، ويترافق ذلك مع إفراز المواد المخاطية أحياناً . وينجم عن ذلك زيادة في تهيج وتقليص المسلك مما يؤدي إلى السعال والصفير في الصدر وضيق في النفس . لحسن الحظ أن معدل الوفيات الناجم عن الربو هو معدل منخخفض 1500 حالة سنوياً على رغم إصابة ما يقارب 5,1 ملايين بريطاني . وعلى الرغم من أن معظم الذين يلقون حتفهم من جراء هذا المرض هم من المسنين ، إلا أن وفاة الفنانة البريطانية شارلوت كولمان مؤخراً عن عمر ال 33 سنة ، يبين أن هذه الإصابة قد تكون فتاكة في أي عمر .
الأسباب
بعض أسباب الربو منشؤها وراثي ، ولذلك يلاحظ أن خطر إصابة الطفل به يكون أكثر ارتفاعاً عندما يكون الأهل مصابين . غير أن وراثة هذه الإصابة تكون أكبر لناحية الأم من الأب ، من ناحية أخرى فإن التعرض لمحفزات الحساسية في مرحلة مبكرة من العمر ، يُعتبر أيضاً عاملاً مسبباً محتملاً . وتشير الأبحاث الممولة من قبل صندوق الضمان الصحي في بريطانيا أن تقليص التعرض للغبار ووبر الحيوانات خلال فترة الحمل وفي السنة الأولى من حياة الطفل من شأنها تخفيض مخاطر الإصابة بالربو . وقد بينت الدراسات أن الأطفال الذين يولدون من أمهات غير مدخنات هم أقل عرضة للإصابة بالربو . وتلفت الدراسات في المقابل إلى ارتفاع معدل إصابات الربو ، فقد ازداد في العام 1997 أربعة أضعاف عما كان عليه في العام 1994 في بريطانيا . ولوحظ أيضاً أن معدل إصابات الربو منخفض في الدول النامية مقارنةً مع الغرب ن ويعود ذلك بحسب إحدى النظريات إلى أنه بقدر ما تكون البيئة نظيفة ومعقمة بقدر ما تتضاءل الفرص أمام جهاز المناعة لتطوير ردة الفعل الصحيحة ، فيختلط عليه الأمر ويهاجم المواد غير المضرّة على أنها عدوة .
ومن العوامل البيئية الأخرى التي تساهم في رفع معدل إصابات حمى القش ( الربو ) ، هي غبار العث المنزلي الناجم عن التدفئة المركزية والسجاد والمفروشات . ويشير بعض الأطباء أيضاً إلى احتمال ضلوع بعض الأطعمة في تفعيل هذه الحساسية ، مثل الحليب البقري والمكسرات والمنتجات المحتوية على الخمائر . لكن الجدل ما زال قائماً حول صحة هذه الفرضية ، لأن العديد من الخبراء ينفون احتمال وجود مثل هذه العلاقة بين الأطعمة والربو .
في مقابل ذلك ، هناك بعض الإثباتات حول احتمال تسبب التلوث الناجم عن دخان وسائل النقل أو دخان المصانع بهذ المرض ، ومن المؤكد أن الغازات المنبعثة من عوادم الآليات تزيد إصابة الربو حدة .
التشخيص:
يسأل الطبيب دائماً عن التاريخ الطبي للمريض وعن العوارض ، وقد يطلب منه النفخ في جهاز يدوي لقياس سرعة وكمية الهواء الذي يمكن أن يخرجه من الرئتين .
العلاج:
لا علاج نهائي حتى الآن للربو ، لكن الأبحاث التي يمولها صندوق الضمان الصحي البريطاني تتركز على إيجاد وسائل لوقاية الأطفال الصغار من هذه الإصابة . حتى الآن يتوافر في الأسواق نوعان من الأدوية الرئيسية : الفئة الأولى هي المسكنات التي تساعد على التعامل مع عوارض الربو عندما تطرأ ، والفئة الثانية مخصصة للعناية الوقائية ، وهي غالباً ما تحتوي على مواد الكورتيكو ستيرويد ، التي تساعد في التحكم بتورم والتهاب المسالك الهوائية وتقلص مخاطر ظهور الأعراض . وفي الحالات الحادة يوصف علاج قصير من حبوب الستيرويد التي قد يحتاجها المريض على قاعدة منتظمة في الحالات السيئة جداً .
أما العلاجات البديلة فتشمل علاج ال Buteyko وهو تقنية في التنفس تعتمد على النظرية القائلة بأن الربو هو نتيجة التهوية المفرطة أو التنفس المفرط ، وتقوم على تدريب المريض على التنفس غير العميق وغير المتكرر . وعلى الرغم من النتائج المرضية لهذه التقنية ، إلا أنها لا تلقي دعم وموافقة الهيئات الطبية . ويدعي البعض الآخر الحصول على تحسن من خلال اعتماد العلاجات البديلة التي تشمل الطب التقليدي الصيني بالأعشاب ، حيث يوصف علاج خاص لكل مريض بحسب حالته الخاصة ، والعلاج المثلى ال Homeopathy الذي يعتمد على تحفيز عمل جهاز المناعة بواسطة بعض المحاليل المتدنية الكثافة من المواد المحفزة للحساسية . وأخيراً ثمة علاج بديل آخر يُعرف بتقنية " ألكسندرا " ، ويعمل على تصحيح وضعية الجسم لجعل التنفس أكثر سهولة ، على أي حال ، يجب على أي مريض يعتمد الأدوية التقليدية أن يلجأ إلى العلاجات البديلة قبل استشارة طبية ، أو على الأقل التوقف عن العلاج التقليدي أولاً .
خطوات وقائية
بإمكان المرء تخفيف حدة عوارض الربو من خلال تجنب المحفزات التي تختلف من شخص لآخر ، والطريقة الوحيدة هي بملاحظة مسببات الأعراض وتدوينها . فإن كنت تظن أنك تعاني من حساسية لعثّ الغبار المنزلي فمن الأفضل أن تعمد إلى غسل البياضات والأغطية أسبوعياً بدرجة حرارة 60 درجة ، ويُنصح أيضاً بتغليف الوسادات والفرشات بعوازل بلاستيكية وسحب الغبار بواسطة المكنسة الكهربائية . ويجب أيضاً الحرص على تهوية غرف النوم والإنتباه إلى إغلاق أبواب المطبخ وقاعات الإستحمام، منعاً لانتشار الرطوبة في المنزل .
ساحة النقاش