الذكاء العـــاطفي ...نظرة جديدة في العلاقة بين الذكـــاء والعاطفـــة..






لعلمي أن كثيرين منكم لم يسمعوا عن مصطلح الذكاء العاطفي وتفاصيل أبحاثه وعلومه التي تطورت مؤخراً..أردت أن أعرض في هذا الموضوع ملخص عن كتيبات للأستاذ ياسر العيتي تشرح ببساطة عن هذا الموضوع ..
والذي أرجو من الله أن يفيدكم وينال إعجابكم...
وبسم الله نبدأ...
__________________
تعريف الذكاء العاطفي وولادة هذا العلم..
ولد هذا المصطلح في الولايات المتحدة الأمريكية قبل عشرين عاماً..-ككل العلوم الإنسانية الحديثة-بعد أن لاحظ علماء النفس أن سعادة الإنسان ونجاحه في حياته لا يتوقفان فقط على ذكاءه العقلي وإنما على صفات ومهارات قد لا توجد عند الأذكياء من الناحية العقلية أطلق عيها اسم الذكاء العاطفي.

تعريف الذكاء العاطفي..
هو قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه ومع الآخرين ...وهنا تعريف آخر يتفق عليه العلماء وهو أنه يعبر عن قدرة الإنسان على التعامل مع عواطفه بحيث يحقق أكبر قدر ممكن من السعادة لنفسه ومن حوله..
وبما أن للتفكير علاقة متبادلة مع الشعور لأن كثيراً من المشاعر تتولد في نفوسنا نتيجة لنمط تفكير معين فإذا غيرنا هذا النمط تغيرت لدينا هذه المشاعر كما أن الشعور بدوره يؤثر على تفكير الإنسان فالإنسان المتشائم يكون في حالة من القلق والتوتر لا تمكنه من التفكير الإيجابي أو التفكير أصلاً..
وطبعاً من الممكن للإنسان أن يرفع من مستوى ذكاءه العاطفي لأن مهارات الذكاء العاطفي يمكن اكتسابها وأن الإنسان يستطيع إذا بذل الجهد الكافي أن يرفع من مستوى ذكاءه العاطفي ..ولكن لا بد أولاً من المعرفة(كيف يغير نفسه)والتدريب (أن يتدرب على ما تعلمه) وبعدها يصبح التغيير مسألة وقت ليس إلا...
وما يثير أكثر فيما يتعلق بالذكاء العاطفي أن الدراسات قد بينت أن هامش التطوير في الذكاء العاطفي أوسع بكثير من هامش التطوير في الذكاء العقلي ،إن الذكاء العقلي يصل بالإنسان إلى سقف معين أما الذكاء العاطفي فيفتح أمام الإنسان الآفاق الواسعة.
إن ما أثبتته الأبحاث من قدرة الإنسان على تطوير نفسه يتماشى مع المبدأ الذي أقره تعالى في كتابه الكريم واصفاً النفس البشرية بأنها قابلة للتزكية وأن الإنسان هو الذي يتحمل مسؤولية ذلك ..قال تعالى "قد أفلح من زكاها ،وقد خاب من دساها."وقد أكد النبي عليه الصلاة والسلام أن الصفات النفسية يمكن اكتسابها كما يكتسب العلم تماماً،فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما العلم بالتعلُّم والحلم بالتحلُّم."رواه الطبراني في الكبير.
_______________
هل الحدس أذكى من العقل؟...
أحياناً نصاب بتوتر من أماكن معينة أو لون أو رائحة ..فما سبب التوتر أو الخوف الذي قد يصيبنا ؟..
إن في دماغ كل واحد منطقة تسمى اللوزة وهي تسجل الأحداث إضافة إلى المشاعر التي نمر بها أثناء تلك الأحداث..وتظل مخزنة في المجال الذي يطلق عليه اسم اللاوعي أو العقل الباطن وعندما نتعرض لحدث مشابه لحدث تعرضنا له في الماضي فإن حواسنا تنقل هذا الحدث إلى منطقة العقل الباطن(اللوزة) حيث تجرى مقارنة بينه وبين الحدث القديم فإذا حدث توافق تثير اللوزة المشاعر القديمة نفسها ويتم ذلك كله بأجزاء من الثانية وبشكل لا إرادي.
والحدس يعمل بالطريقة نفسها التي تعمل بها اللوزة حيث تسجل صور الناس الذين نتعامل معهم وتعابير وجوههم وأساليب حديثهم كما تسجل المشاعر المرافقة لهذه الصور ،فالإنسان منا يرتاح للطيب والصادق والمخلص وينزعج من الكاذب و المخادع ..عندما تلتقي شخصاً محتالاً(مثلاً) سترسل حواسك صورته وتعابير وجهه وأسلوب حديثة إلى اللوزة
حيث تقوم بالبحث عن صور وتعابير وأساليب مشابهة فإذا حدث توافق بين صفاته وصفات محتالين آخرين تعاملت معهم ستثير اللوزة المشاعر نفسها التي ثارت في نفسك تجاه هؤلاء وسيتم ذلك خلال أجزاء من الثانية قبل أن يقوم العقل الواعي بإدراك هذه المشاعر..
السؤال الذي يطرح نفسه هنا..هل يصدق الحدس دائماً؟..
ثبت إحصائياً أن الناجحين يستخدمون حدسهم كثيراً في اتخاذ القرارات ولا شك أن للعقل والحسابات المنطقية الدور الأساسي في اتخاذ أي قرار ويظهر دور الحدس جلياً عندما تتساوى السلبيات والإيجابيات التي تجعل المرء في حيرة من أمره وهنا يأتي دور الحدس ليرجح كفة أحد الخيارين الموجودين أمامنا وطبعاً هذا لا عني استبدال العقل بالحدس بل الاستئناس بالحدس الذي غالباً ما يصيب..غالباً أي ليس دائماً ..إذاً الحدس يخطئ أحياناً ولهذا الخطأ سببين اثنين..
الأول :أن مظاهر الآخرين تكون خادعة في بعض الأحيان فقد يدل مظهر شخص ما على القسوة رغم أنه في غاية الرقة والرحمة..
الثاني :قد يخطئ الحدس عندما يخطئ المرء بقراءة مشاعره فالحدس شعور يختلج في النفس وإذا أخطأ الإنسان في قراءة مشاعره وتسميتها قد يختلط عليه الحدس بشعور آخر..
فالمقبل على صفقة تجارية هامة قد يشعر بالخوف وهذا لا يعني أن الصفقة ستكون غير رابحة..وإذا فشل في قراءة مشاعره لن يقدم على صفقة تجارية أبداً...
وقد أرشدنا الرسول الكريم إلى استخدام الحدس في اتخاذ القرار..فقال "يا وابصة..استفت قلبك واستفت نفسك ثلاث مرات ، البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك"رواه أحمد في صحيحه..
وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام .."دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة"..حديث حسن صحيح رواه الترمذي ..
وأخبرنا أيضاً صلى الله عليه وسلم عن قوة حدس المؤمن عندما قال.."اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله "حديث صحيح رواه الترمذي ..وهذا يدل على حالة الصدق ولشفافية التي يعيشها المؤمن مع نفسه وكل شيء فهو يقرأ مشاعره في صدق وشفافية ويسميه بأسمائها ويندر أن يختلط عليه الحدس مع المشاعر الأخرى..
______________
العقل الباطن ودوره في حياة الفرد والمجتمع..
لا يقتصر دور اللوزة على (مركز العقل الباطن) على تخزين التجارب المختلفة التي يمر بها الإنسان والمشاعر المرافقة لهذه التجارب بل إنها تقوم أحياناً بتحليل المعلومات الواردة إليها واتخاذ قرارات معينة والإيعاز إلى عضلات الجسم للقيام بأفعال معينة ويتم ذلك في أجزاء من الثانية وبشكل لا شعوري وقبل أن يدرك الإنسان لماذا قام بهذا الفعل..
وهذه المعلومات لا تولد مع الإنسان ولكن تصنعها الخبرات والتجارب التي يمر بها الإنسان في حياته..لو أن أحدنا سمع عن الأستاذ الفلاني أنه شديد العصبية ويعاقب لأتفه الأسباب أو أنه لا يدع لأي أحد فرصة في النجاح فإننا سنفرض قبل مقابلته أنه كذلك ولن ندرس لأننا نفرض أننا لن ننجح أبداً..
إن المعلومات التي تتلقاها اللوزة الخاصة بكل واحد منا تحدد مواقفنا وسلوكنا في الحياة وإن أي تعديل في هذه المعلومات يؤدي إلى تعديل كبير في مواقفنا وانفعالاتنا.
وإن الطريقة التي ننظر بها إلى الأمور والكلمات التي نصف بها أنفسنا فكل ذلك سيؤثر تأثيراً كبيراً على مواقفنا وتصرفاتنا..
لذلك نبه الرسول الكريم إلى أن على الإنسان أن لا ينعت نفسه بأوصاف سلبية فقال.."لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست نفسي."حديث صحيح رواه البخاري ومعنى لقست أي مالت إلى الشر.
وينطبق ذلك على التربية أيضاً فنحن عندما نصف أولادنا بأوصاف سلبية إنما نبرمج عقلهم الباطن بشكل سلبي وسيؤثر ذلك سلباً على تصرفاتهم ..وخصوصاً أن الإنسان في مرحلة الطفولة يكون أكثر حساسية وتأثراً بما يسمعه من الإنسان الكبير..وهذا ينطبق أيضاً على المجتمعات وقد حذرنا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من أن ننعت المجتمع بأوصاف سلبية وذكر أن من يفعل ذلك إنما يساهم في هلاك المجتمع ،قال عليه الصلاة والسلام :"إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم ." حديث صحيح رواه مسلم .وقد أشار القرآن الكريم إلى أهمية الإيمان الجازم بتحقيق هذا النصر مهما كانت المعيقات .قال تعالى:"الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ،فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم."

كيف تكون سيد نفسك؟..في تجربة شهيرة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية توصل الباحثون من خلالها إلى الحقيقة العلمية التالية :إن قوة الإرادة والقدرة على التحكم في النفس يؤديان إلى السعادة والنجاح في الحياة..
تعتمد التجربة على تخيير أطفال في سن الرابعة بين أخذ قطعة حلوى مباشرة أو أخذ قطعتين بعد وقت معين وعندما عاد الباحثون إلى هؤلاء الأطفال بعد أن صاروا كباراً تبين لهم أن نسبة المجموعة الذين يشعرون بالسعادة منهم أكبر في المجموعة التي اختارت فيها الأطفال أخذ قطعتين من الحلوى فيما بعد وأنهم أكثر نجاحاً واستقراراً في حياتهم المهنية والعاطفية ..
وسنتحدث هنا عن بعض المبادئ التي تساعد الإنسان على أن يكون سيد نفسه بدلاً من أن يكون عبداً لها وأن يتحكم بمشاعره بدلاً من أن تتحكم به وتقيده..
لقد خلق الله العواطف في نفوسنا من أجل وظيفة معينة وهي حماية الإنسان من الأخطار والحفاظ على وجوده والارتقاء بهذا الوجود والارتقاء بهذا الوجود هذه العواطف تلعب دورها الإيجابي عندما تأتي بالوقت المناسب والشدة المناسبة أما إذا أتت بشكل أقل أو أكثر من المطلوب فعندها ستلعب دوراً سلبياً في حياة الإنسان ..
إن الإنسان الذكي عاطفياً لا يتجاهل عواطفه ولا يكبتها وإنما يفهمها ثم يتفاعل معها بطريقة إيجابية خلاقة ،إن تجاهل الإنسان لعواطفه يمنعها من تأدية وظيفتها وهذا يشبه إطفاء جرس إنذار الحريق عندما يشب حريق بدلاً من الاتجاه إلى إطفاء الحريق.
أما كبت العواطف فيؤدي بالإنسان إلى مزيد من التوتر والاحتقان وينعكس سلباً على صحته النفسية والجسدية وهذا يشبه الذي يغلق منفذ البخار في الوعاء الذي يغلي فيه الماء..
هناك قاعدة أساسية في الذكاء العاطفي تقول : نحن لا نستطيع أن نقرر عواطفنا ولكننا نستطيع أن نقرر ماذا نفعل حيالها ومما لاشك فيه أن الناس مختلفون في تركيبهم العاطفي ومهمة الذكاء العاطفي مساعدة الإنسان على فهم تركيبته العاطفية والتعايش معها بحيث يحقق أكبر قدر ممكن من السعادة لنفسه ولمن حوله ..
هناك في الذكاء العاطفي قاعدتان أساسيتان تساعد المرء في إدارة عواطفه والتعامل معها بطريقة صحيحة..
أولاً:إدراك العاطفة...
إن الإنسان الذكي عاطفياً هو إنسان يدرك عواطفه أي يعرف ما الذي يشعر به ولماذا يشعر..وما علاقة ما يشعر به بطريقة تفكيره وأفعاله..
ثانياً :التعامل مع العاطفة بطريقة إيجابية خلاقة ..
أي توجيه هذه العاطفة السلبية وإدارتها بحيث لا تؤثر على حياتنا أو يوم منها..
فمثلاً عندما تخرج من المنزل غاضباً لسبب ما ولديك عمل هام يجب إنجازه فالإنسان الذكي عاطفياً يدرك أن هذه المشاعر السلبية ستؤثر في طريقة إدارته للعمل وقد يدرك أن –ربما - السير لبعض الوقت قد يفيد في إراحة الأعصاب وتنقية الذهن..وكل منا يعرف ما يريح أعصابه ويجعله يسترخي..
إن أول خطوة نحو الحكم بالعواطف هي تسمية هذه العواطف فنحن لا نستطيع التعامل بذكاء مع موضوع ما إذا لم تكن لدينا الكلمات المناسبة لوصفه والذين يجهلون قراءة عواطفهم يعيشون تحت رحمتها..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف نستطيع التحكم بمشاعرنا؟..
ذكرنا أن الشعور ينجم عن نمط معين من التفكير ونضيف أيضاً أن الشعور يؤدي إلى سلوك معين ،إن العلاقة ما بين هذه العناصر الثلاثة علاقة متبادلة ذات اتجاهين ..
التفكير الشعور السلوك..
نحن نستطيع أن نعمل الذكاء العاطفي وأن نتحكم في مشاعرنا إما بالتدخل ما بين التفكير والشعور أو ما بين السلوك والشعور..
أما التدخل بين التفكير والشعور فيكون بتغيير نمط التفكير أي تغيير الزاوية التي ننظر بها للأمور..فنحن عندما نغير طريقة تفكيرنا في أمر ما تتغير مشاعرنا نحوه وبالتالي يتغير سلوكنا تجاهه..
إن الإنسان الذكي عاطفياً يقرأ مشاعره دائماً ويسأل نفسه عن نمط التفكير الذي أدى إلى هذه المشاعر وهل يوجد نمط تفكير آخر أو طريقة أخرى في التعامل مع الأمور يمكن أن تؤدي إلى مشاعر أكثر إيجابية وسيصبح لديه الكثير من البدائل أي سيصبح قادراً على صنع المشاعر التي يريدها..
ونستطيع هنا أن نفهم لماذا فجر الإسلام الطاقات الهائلة في نفوس المسلمين الأوائل عندما فهموه على حقيقته ..فالمؤمن هادئ النفس واثق الخطوة وهو عندما يأخذ بالأسباب ويتوكل على الله لا يمكن أن توتره أي مشكلة توتراً زائداً عن اللزوم لأنه يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ..
قال تعالى:"قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَلِ المُؤْمِنُونَ.."
وما أروع هدي النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك حين قال:"يَا غُلامْ إِنِّيْ أُعَلِّمُكَ كَلِمَات احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ الله َتَجِدْهُ تِجَاهَكَ وَإِذَا سَأََلْتَ فسأَلِ الله وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله ،وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلًّا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَك..وَ إِنْ اجتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُوكَ إِلَّا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَليكَ .رُفعت الأَقلامْ وجَفَتْ الصُّحُفْ " حديث حسن صحيح رواه الترمذي..
إن المسلم لا يسخط حين تنزل به المصيبة ولا يقول (لماذا أنا؟؟..) لأنه يعرف أن الحياة ابتلاء وأنه سيؤجر إذا صبر واحتسب كما قال عليه الصلاة والسلام "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ،إن أصابته ضراء صبر فكان ذلك خيراً له وإن أصابته سراء شكر فكان ذلك خيراً له " حديث صحيح رواه مسلم..
إن الزاوية التي ينظر بها المسلم إلى الأمور تجعله أذكى الناس عاطفياً وأكثرهم قدرة على تجاوز المشاعر السلبية وتوليد المشاعر الإيجابية في نفسه وفي من حوله.
أما إعمال الذكاء بين السلوك والشعور فيتجلى باتباع سلوك معين من أجل السيطرة على شعور ما .
إن العبادات في الإسلام ما هي إلا سلوك معين فرضه الله علينا لصنع مشاعر معينة في نفوسنا وتحديد النشاط من خلال شعورنا بالاتصال بالله عز و جل فالصلاة تشعر الإنسان بالراحة بالقرب من الله وبالتالي تجعله أكثر قدرة على اتباع أوامره وقد حضنا الله على الخشوع في الصلاة إذ أنه من دون هذا الخشوع تفقد الصلاة تأثيرها في حياة المسلم قال عليه الصلاة والسلام:"مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنْكَرِ لَمْ يَزددْ مِنَ اللهِ إِلا بُعْدَاً."ويستطيع كل منا إن يبدع عشرات الأفكار والطرق لتقليل المشاعر السلبية وزيادة المشاعر الإيجابية إما بتغيير طريقة التفكير أو بتغيير السلوك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
طريق سيادة النفس ليس معبداً...
حين يقتنع الإنسان بوجوب تغيير عادة سيئة أو اكتساب عادة جيدة فإن عليه أن يعرف الأمور التالية..
1- لكل شيء ثمن فلا يمكن للإنسان أن يغير شيئاً دون أن يدفع جهداً نفسياً في ذلك ويتناسب الجهد مع حجم التغيير الذي يريد أن يحدثه الإنسان في نفسه ..
2- التغيير مؤلم في البداية لكنه يحقق سعادة كبيرة في النهاية ،يفشل الكثيرون في تغيير أنفسهم لأنهم يعتقدون أن المعاناة التي ستصادفهم في البداية ستستمر مع مرور الزمن والحقيقة أن هذه المعاناة مؤقتة وستتبعها سعادة كبيرة .
3- النكس أثناء عملية التغيير ليس فشلاً ، كثير من الناس يعارضون عملية التغيير ليس لأنهم لا يريدون التغيير ولكن لأنهم حاولوا فظنوا التغيير مستحيلاً هناك مثل انكليزي يقول :" ليس هناك فشل وإنما هناك توقف عن المحاولة "..والنكس يعتبر خطوة على طريق النجاح ولكن شرط أن يفكر الإنسان بكل جدية لماذا فشلت وأن يغير شيئاً في أسلوب تعامله مع نفسه أنا إذا استمر بالأسلوب نفسه فسيحصل على النتائج نفسها.. وكل هذا مرهون برغبة الإنسان في التغيير ومدى جديته وقناعته بالكسب الذي سيحققه هذا التغيير
وطبعاً وجود الأصدقاء يساعد الإنسان ويشعره بالدعم المعنوي كما يمنحه فرصة لتبادل التجارب والخبرات مع أشخاص يمشون معه في نفس الطريق..
وأخيراً لا بد من التذكير بأن على المسلم وهو يهم بالتغيير أن يطلب العون من الله وأن يوقن الإجابة وأن لا يمل ولا يتوقف عن الدعاء قال تعالى:" وَإِذَا سَألكَ عِبَادِيْ عَنِّي فَِإنِّيْ قَرِيبٌ أُجِِيبُ دَعوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعَانِ فَليستجيبُوا لِي ولْيُؤمِنُوا بِي لَعلَّهُم يَرْشُدُونْ."
ـــــــــــــــــــــــــــ
المشاعر أولاً..لقد اعتدنا إهمال المشاعر في حياتنا اليومية وأحاديثنا وإن إهمال الجانب العاطفي يحرمنا من التمتع من أجمل شيء في حياتنا وهي المشاعر فالإنسان دون مشاعر يتحول إلى آلة صماء والمشاعر التي تعطي الحياة تجددها وألوانها وأبعادها إذ تصبح الحياة دونها مملة رمادية مسطحة وهي أهم مصدر نستقي منه معلوماتنا أي هي النافذة التي نطل من خلالها على ذواتنا وهناك قاعدة في الذكاء العاطفي تقول أن كل شعور يحمل في داخله معلومة فالإنسان الذي يشعر بالسعادة أثناء قيامه بعمل ما سيعرف أن هذا العمل يناسبه أكثر من غيره وأنه سيبدع فيه أكثر من غيره وهذه المعلومة المهمة ما كان ليحصل عليها الإنسان لولا المشاعر ومن خلاله نستطع أن نعرف ما يهمنا وما لا يهمنا وأن نقارن بين أولوياتنا وسلم مبادئنا واهتمامنا وبالتالي نعرف كم نحن بعيدون أو قريبون عما نؤمن به .
وأخيراً إن مشاعرنا هي هويتنا فالإنسان يتميز عن غيره بمشاعره وبمقدار ما يدلل المرء مشاعره وينميها ويهتم بها بمقدار ما يشعر بذاته واستقلاله .


   
  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 830 مشاهدة
نشرت فى 22 أكتوبر 2008 بواسطة areda

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,173,596