مليون خلية نحل في السعودية.. والعسل معظمه «مغشوش»
الباعة يستخدمون عشرات الطرق للتحايل على الزبائن.. وخبراء يطالبون بقوانين منظمة
|
في الوقت الذي قدرت فيه مصادر مطلعة عائدات مهرجان السمن والعسل الثاني بمحافظة الطائف بأكثر من 1.7 مليون ريال، الذي زاره نحو 50 ألف زائر قبيل اختتامه منتصف الأسبوع، قدر مختص عدد النحالين في السعودية بنحو 4500 نحال.
وأكد الدكتور أحمد الخازم الغامدي المشرف على وحدة أبحاث النحل بجامعة الملك سعود ومستشار وزارة الزراعة لشؤون النحل والأمين العام المساعد لاتحاد النحالين العرب، لـ«الشرق الأوسط»، أن عدد النحالين في السعودية يبلغ نحو 4500 نحال يملكون ما بين 800 ألف إلى مليون خلية نحل، مشيرا إلى أن إنتاجهم من العسل يقدر بنحو 9 إلى 10 آلاف طن، وبحجم مبيعات يصل إلى 10 ملايين ريال سنويا.
وبين الخازم أن الإنتاج المقصود لا يشمل المنتجات الأخرى كطرود النحل والغذاء الملكي وغير ذلك، ورغم ذلك فإن المملكة تستورد أكثر من 9000 طن من العسل سنويا من عدد من الدول وتستورد ما يقرب من 70 ألف طرد نحل (طائفة نحل) سنويا.
ومن المتعارف عليه أن للعسل أكثر من لون، وقد أثبت العلم أن اختلاف كل من تركيب التربة والمراعي التي يسلكها النحل يؤثر تأثيرا كبيرا في لونه، فالعسل الناتج من رحيق أزهار القطن - مثلا - يكون قاتما، بخلاف عسل أزهار البرسيم الذي يكون فاتح اللون، وعسل شجر التفاح ذي اللون الأصفر الباهت، وعسل التوت الأسود ذي اللون الأبيض كالماء، وعسل أزهار النعناع العطري ذي اللون العنبري، ويقال إنه أثناء الحرب العالمية الأولى قد استخدم مع زيت كبد سمك القد في علاج جروح الجنود المصابين كما اتخذه نابليون رمزا لإمبراطوريته تأكيدا لأهميته وكان بمثابة العلاج الطبي في مصر القديمة.
وبمناسبة المهرجان الدولي الرابع للعسل الذي تحتضنه منطقة الباحة قامت «الشرق الأوسط» بجولة في محلات بيع العسل وحين التقت الدكتور الغامدي استبعد في الظروف الحالية الوصول للاكتفاء الذاتي من العسل في المملكة لوجود عدد كبير من المعوقات، أهمها عدم استخدام الكثير من النحالين للطرق الحديثة لتربية النحل وتركيزهم على الطرق التقليدية والخلايا التقليدية التي يصل إنتاجها إلى ثلث الخلايا الحديثة، وجهل الكثير من النحالين بأساسيات إدارة المناحل، ووجود عدد كبير من الأمراض والآفات والمشاكل التي ليس لدى النحالين المعلومات الكافية للتعامل معها.
وأكد في حديثه على أن استخدام الطرق الحديثة في تربية النحل وزيادة الوعي لدى النحالين عوامل أساسية لزيادة الإنتاج المحلي والحد من الاستيراد من خارج المملكة، وأن المؤشرات تدل على أن البلد في تصاعد في هذين العاملين وخاصة في حالة تنفيذ خطة تطوير صناعة النحل في المملكة التي تركز على البرامج الإرشادية للنحالين.
وحول دور وزارة الزراعة المبذول لتطوير تربية النحل بالسعودية، أوضح الدكتور الغامدي بقوله «وزارة الزراعة بذلت بعض الجهود غير الكافية في الماضي ومع ذلك فإنني متفائل خاصة بعد توجيهات الوزير بإعداد خطة استراتيجية لتطوير صناعة النحل بالمملكة وقانون تنظيم مهنة النحالة الذي أصبح جاهزا تقريبا وبدء العمل في مختبر تشخيص أمراض وآفات النحل بالوزارة، وفي حالة تطبيق الاستراتيجية المقترحة ولو جزئيا وخاصة فيما يتعلق بتفعيل المناحل الإرشادية في الإدارات العامة للزراعة وفروعها وتوفير مهنيين مدربين لتشغيلها وتكثيف البرامج الإرشادية للنحالين وتوافر أدوات النحل، سيسهم ذلك في تطور سريع لمهنة تربية النحل في المملكة».
وفيما يتعلق بوحدة أبحاث النحل التي يشرف على إدارتها بالجامعة ومدى إسهاماتها في هذا الشأن، بين الدكتور الغامدي أن الفترة الأخيرة شهدت تعاونا ممتازا بين وزارة الزراعة وجامعة الملك سعود ممثلة في وحدة أبحاث النحل، حيث إن اثنين من أعضاء هيئة التدريس بوحدة أبحاث النحل يعملان مستشارين غير متفرغين بالوزارة وهما أعضاء في اللجنة التي وجه الوزير بتشكيلها والتي من أهم مهامها وضع قانون لتنظيم مهنة النحالة وإعداد خطة استراتيجية لتطوير صناعة النحل بالمملكة، وكذلك مساهماتهما في الإشراف على محطات تربية الملكات وإنتاج الطرود ومختبر تشخيص أمراض وآفات النحل وكل ما يتعلق بشؤون النحل.
وأضاف «تساهم وحدة أبحاث النحل في البرامج الإرشادية والدورات وحلقات النقاش التي تنظمها الوزارة والجامعة والجمعية السعودية للعلوم الزراعية، بالإضافة إلى عمل الأبحاث والمشاريع التطبيقية التي تهم صناعة النحل بالمملكة وإخراجها في صورة مبسطة للنحالين».
وفي سؤال حول أسباب استيراد هذا الكم من طرود النحل وأين تذهب وهل يوجد مشاكل مصاحبة لعملية الاستيراد، أجاب الغامدي بقوله «أصحاب المناحل يستوردون هذه الطرود ثم تسكن في خلايا وتستخدم في أخذ العسل لموسم أو موسمين وفي الغالب ما يقرب من 70 في المائة من هذه الطرود تفقد في الصيف نتيجة لعدم تحمل النحل المستورد للظروف الجوية ولحاجته إلى عناية مركزة وتغذية مكثفة وعلاج للأمراض المصاحبة له، لذلك فكثير من أصحاب المناحل والنحالين يهملون النحل المتبقي ويشترون طرودا جديدة في الموسم اللاحق بأسعار تصل إلى أقل من تكلفة العناية بالنحل المعتنى به من الموسم السابق، واستيراد هذه الطرود رافقه دخول الكثير من الأمراض والآفات التي أثرت على النحل البلدي وكلفت النحالين واقتصاد البلد الكثير نتيجة موت طوائف النحل وقلة الإنتاج وتكلفة شراء الأدوية والأغذية الصناعية لتقوية الخلايا لتعوض الخلل الناتج عن الإصابة بهذه الأمراض، وكذلك عدد كبير من الطرود تفقد قبل موسم العسل نتيجة لوجود مشاكل بها مثل الملكات التي تتوقف عن وضع البيض».
واستدرك الغامدي قائلا «الحل يكمن في الحد من استيراد طرود النحل وتجهيز الحجر الزراعي بمهنيين مدربين لفحص النحل والكشف عن الأمراض والآفات المصاحبة، والأمل كبير وخاصة بعد وجود 4 محطات تربية ملكات في كل من الباحة والطائف والرياض والقصيم أنشأتها الوزارة وستنتج آلاف الطرود وعشرات الآلاف من الملكات إذا شغلت بالشكل المطلوب وتوفر الكادر المدرب للعمل بها».
وذكر خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن من الأفكار المطروحة للحد من الاستيراد التي بدأ فرع اتحاد النحالين العرب في تبنيها، التنسيق بين النحالين في مناطق المملكة المختلفة وبين النحالين في نفس المنطقة للاستفادة من طوائف النحل بعد نهاية موسم الجمع.
وحول المنافسة بين المستورد والمحلي في السوق بين الغامدي أنه على الرغم من انخفاض أسعار العسل المستورد، فإن الإقبال على العسل المنتج محليا عال، خاصة لدى النحالين المعروفين بنزاهتهم.
وبينما يستخدم الكثير من الناس العسل كعلاج أو في مناسبات مهمة ويحرصون على أن يكون من مصدر موثوق وإنتاج محلي ومن نحالين معروف عنهم نقل نحلهم لمراع برية أو في غابات بعيدة عن المدن، يذكر الغامدي أن العسل المنتج محليا أفضل من المستورد علاجيا، حيث إن الأخير يمر بعدة معاملات حتى تطول فترة تسويقه فمثلا يسخن لتقتل الخمائر ويصفى حتى تنزع الشوائب وحبوب اللقاح لمنع تجمده مستقبلا لذلك يحدث تكسر لبعض الإنزيمات المهمة علاجيا نتيجة للتسخين ويتأثر معه طعم العسل نتيجة لتصفية حبوب اللقاح منه.
وكشف الغامدي عن وجود دراسة لمدينة الملك عبد العزيز قامت بجمع مئات العينات من العسل المحلي والمستورد وتحليلها وأظهرت نتائجها الأولية وقوع غش بالمناحل التي يعتمد أصحابها على العمالة غير المتخصصة والتي يهمها الإنتاج فقط لإرضاء أصحاب المناحل. وفند الغامدي طرق الغش بقوله «منها استخدام عسل مستورد لتغذية النحل وبيعه كعسل محلي أو تغذية النحل بواسطة محاليل سكرية ويخزنها النحل كعسل أو الغش الذي يتم عند البائعين كخلط العسل المحلي مع المستورد أو بيع العسل المستورد على أنه محلي كما يحدث في المناطق السياحية في الصيف».
واقترح الغامدي لقانون تنظيم مهنة النحالة الذي وجه وزير الزراعة باستحداثه بعض الخطوات الكفيلة بالحد من أو منع ظاهرة غش العسل، وأهمها إعطاء صلاحيات للمختصين بإدارات الزراعة وفروعها بالكشف على المناحل والمحلات التجارية وأخذ عينات منها لتحليلها في المعامل المتخصصة والتنسيق والدخول في لجان مشتركة مع الجهات الأخرى ذات العلاقة لمراقبة الأسواق.
واسترسل الغامدي «من الأشياء التي يحرص النحالون الصادقون على تبنيها والتي نشاركهم الرأي فيها، المحافظة على سمعة العسل المحلي والتصدي لكل من يسيء له سواء عن طريق الغش أو المبالغة في استخداماته العلاجية والتصدي لمن يتاجر بحاجات المرضى ويخدعهم، فالعسل الذي يباع في بعض المحلات وبأسعار خيالية على أنه علاج للسكر وعلاج للسرطان وعلاج لكل شيء يسيء إلى سمعة العسل، وخاصة المنتج محليا عندما يستخدم ولا يفيد أو تنتج عنه أضرار».
وذكر الغامدي أن منتجات النحل في السعودية تعتبر نظيفة بشكل عام رغم أنه قد يوجد بعض الجاهلين من العمالة الذين يعملون في بعض المناحل الحديثة ومع النحل المستورد يستخدمون المبيدات التي تكافح أمراض وآفات النحل بشكل سيئ مثل زيادة الجرعات أو استخدامها وقت إنتاج العسل أو استخدام مبيدات غير مخصصة للاستخدام داخل الخلايا.
وحول المراعي النحلية أوضح الدكتور أحمد الخازم الغامدي أن المملكة التي تمتد على مساحة تبلغ نحو 2,25 مليون كيلومتر مربع تتميز بتنوع الغطاء النباتي حيث تم تسجيل ما يقرب من 2250 نوعا تتكيف في توزيعها بدرجة كبيرة على التضاريس وتعتمد كثافتها بنسبة كبيرة على كمية وموسمية الأمطار.
وأضاف «تعتبر الجبال التي يزيد طولها على 1000 كيلومتر من أهم مناطق تربية النحل بالمملكة نظرا لتوافر المراعي الجبلية المناسبة جدا لتربية النحل خاصة في موسمي الربيع والصيف نتيجة لسقوط الأمطار في فصل الشتاء وأوائل الربيع وفي الصيف وينزل النحالون إلى المناطق الساحلية مع بداية تساقط الأمطار في آخر الخريف وفي الشتاء للابتعاد عن برودة الجو في المناطق الجبلية وللاستفادة من المراعي النحلية الحولية التي تنتشر بعد سقوط الأمطار والتي تتميز بغزارة حبوب اللقاح التي يستغلها النحالون لتقوية الطوائف التي أنهكت في موسم جمع محصول السدر الذي يتميز بقلة حبوب اللقاح».
وأشار الغامدي إلى بعض المناطق الرعوية في المنطقة الوسطى والشمالية من السعودية يطلق عليها «الروضات» تنشأ بعد سقوط الأمطار، خاصة في فصل الخريف والشتاء وتتميز هذه الروضات باحتوائها على بعض النباتات الحولية التي تظهر بعد سقوط الأمطار وتستمر أحيانا إلى ثلاثة أشهر، ومن النباتات التي توجد بهذه المناطق على سبيل المثال: الربل والخزامى والبسباس والحوذان والصميماء والقرنوة والبروق والنفل، وهي تمتاز بقصر جذورها وفترة دورة حياتها، لذلك فهي تتركز في الأراضي التي تمتاز بصلابة سطحها نسبيا وتلك التي يتوافر فيها كمية كافية من المياه.
كما أشار إلى أن بعض النحالين يعتمد على المزارع في إنتاج العسل بحيث تختلف محاصيلها باختلاف المناطق، وبصفة عامة تحتوي تلك المزارع على البرسيم ودوار الشمس والذرة والسمسم وتحتوي على بعض الأشجار الشوكية مثل البرسوبس والسدر وأشجار الكافور التي تستخدم كسياج.
وعن تدهور هذه المراعي أكد أنه نظرا لما هو حاصل الآن من تدمير وإهمال للمراعي النحلية ونظرا للتزايد المتسارع لأعداد طوائف النحل في السنوات الأخيرة، وذكر أن الحاجة ماسة للحفاظ على المراعي النحلية وتنميتها وتطويرها بهدف الحصول على الحمولة الرعوية التي تتناسب مع أعداد طوائف النحل التي تقدر بمليون خلية، لذا فإنه من الواجب أن تقوم الجهات المختصة والمختصين بعمل ما يلزم للحد من تفاقم هذه المشاكل، مقترحا تشكيل لجنة من إدارة المراعي والغابات والإرشاد الزراعي ومستشارين من الوزارة ممن لهم علاقة بهذا المجال بحيث يتم إعداد تصور وآلية للحفاظ على المراعي النحلية وتنميتها. وسرد الغامدي العوامل التي تساهم في تدهور المراعي النحلية ذاكرا الاحتطاب في المراعي النحلية التي تحتوي على أشجار القرض والسدر والطلح حيث تعتبر من أهم النباتات النحلية في المملكة. وكذلك قص الأشجار بغرض صناعة القطران، خاصة أشجار القرض والسدر، والتدمير الناتج عن بناء السدود، وخاصة في بعض الأودية التي تشتهر بتربية النحل في مناطق مثل عسير والباحة. بالإضافة إلى فتح الطرق والخطوط خاصة العشوائية في بعض الغابات والأودية التي يوجد بها مربى النحل واندثار الكثير من المواقع نتيجة للجفاف في السنوات الماضية والرعي الجائر للماعز والأغنام والجمال.
وبين كذلك أن جرف السيول للمراعي النحلية الواقعة في بطون الأودية، وحرائق المراعي النحلية التي تنتج أحيانا نتيجة لأخطاء بعض النحالين في استخدام المدخنات تتسبب كذلك في تدهور المراعي النحلية.
ومن المواضيع التي اقترحها الخازم أن توضع قائمة بالنباتات النحلية المحلية والدخيلة التي تلائم المناطق المختلفة مع آلية لزراعة وتوفير شتلات النباتات النحلية من قبل مشاتل الوزارة وتقديمها للنحالين والمهتمين في جميع مناطق المملكة، ووضع آلية لزراعة أو إعادة زراعة بعض المناطق الرعوية بحيث يكون للمجتمع المحلي، وخاصة النحالين، دور في مراقبتها والإبلاغ عن أي تعديات وحمايتها من الرعي.
ودعا أيضا لتكثيف الزراعة في الأودية ومجاري السيول وخاصة التي تشتهر بنجاح النباتات النحلية، كما دعا لتدخل ومتابعة وزارة الزراعة لتطبيق عقوبات من قبل الجهات التنفيذية في مناطق المملكة المختلفة على المعتدين على المراعي والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة مثل المواصلات والشؤون البلدية والقروية بتكثيف زراعة بعض النباتات النحلية المناسبة للبيئة التي تقترحها وزارة الزراعة في الحدائق والمتنزهات وعلى الطرقات مثل النيم الذي أثبت نجاحه في المناطق الساحلية والكافور وبعض الأشجار المحلية وزراعة مساحات رعوية في جميع المناطق، خاصة المنطقة الساحلية من القنفذة إلى جازان والاستفادة من مياه الأمطار ومياه المجاري عند توافرها وإيجاد آلية لإدخال المراعي النحلية ضمن دراسات ومشاريع الغابات والمراعي التي تتم في الوزارة، خاصة في المتنزهات والمحميات وكذلك إدخالها ضمن استراتيجية الغابات، ودراسة إمكانية الاستفادة من محميات الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية والسماح للنحالين بدخولها والاستفادة منها.
وأوضح الخازم أنه تم تسجيل أول جمعية تعاونية للنحالين بالمملكة ومقرها منطقة الباحة وستقوم الجمعية بخدمة الأعضاء الذين سيسجلون بها، حيث فوائد هذه الجمعية في تحليل العسل للأعضاء ووضع شعار الجودة على العبوات وتعليب العسل في عبوات جذابة مع وضع ملصقات على أحدث الطرق وتسويق عسل الأعضاء الراغبين في جميع مناطق المملكة وتوفير جميع أدوات النحل الحديثة وبيعها للأعضاء بأقل من سعر السوق، مع العلم أنه قد يستعان ببعض المؤسسات ذات العضوية في الجمعية لتوفير تلك المواد وتوفير الملكات والطرود عالية الجودة وبيعها بأسعار أقل من سعر السوق والإشراف على إنشاء المناحل وتقديم الاستشارات بخصوص دراسات الجدوى وإدارة المناحل وتقديم الإرشاد في مواقع النحالين بأسعار معقولة أو بجزء من الإنتاج وتوفير مبيدات أمراض وآفات النحل وبيعها بأقل من أسعار السوق وتوفير غذاء النحل وبيعه للأعضاء بأسعار أقل من سعر السوق وحضور الأعضاء مجانا أو بسعر رمزي لمحاضرات وندوات وورش العمل الخاصة بالنحل ومنتجاته وتأجير سيارات الجمعية بسعر معقول لنقل النحل وتأجير خدمات الفنيين والعمال التابعين للجمعية لمن يرغب من الأعضاء والتواصل مع النحالين وإخبارهم بجميع الأنشطة المتعلقة بالنحل في المملكة.
من جهته، نفى محمد سعيد هضبان أحد مربيي النحل بالباحة، علمه بالغش الذي يذكر أن بعض مربيي النحل يطعم النحل «بيبسي» و«ميرندا» وبعض العصائر الأخرى ومن ثم ينتج أنواعا من العسل بحسب لون وطعم هذه المشروبات.
وأضاف «نعم قد يغذى النحل بالسكر وهذا متعارف عليه، ولكن بالإمكان كشف العسل الأصلي من التقليد من خلال عدة إجراءات أبسطها طعم العسل ومدة بقاء حلاوته في الفم وكذا وضعه في كأس بها ماء بارد ومعرفة مدى امتزاجه بالماء وأين يستقر فور وضعه في الكأس إن كان يختلط بالماء بسرعة أم لا بد من تحريكه».
وأوضح هضبان أن البعض أصبح يمارس الغش بطرق أخرى من خلال شراء عسل من محلات البيع في جدة من المستورد ومن ثم بيعه على أساس أنه عسل بلدي مثلا من الباحة أو عسير أو الطائف، وبعضهم يأتي به من دول مجاورة بكميات مهولة مغشوشا، وباعتبار أنه لا يوجد مختبرات في المنافذ لكشفه فهو يتوافر بكميات كبيرة ويشتريه الناس لبعض الصناعات ومنها صناعة الحلويات وبعض المعمول، ويضيف أن بعضهم يشتري من المستورد بسعر الكيلو مثلا 50 ريالا ويبيعه بـ200 ريال أو أقل، وبالتالي فهو يربح بنسب عالية جدا تصل إلى ثلاثة أضعاف قيمته وأكثر. وعن نفسه قال هضبان «لا أبيع العسل في السوق ولكن لدي عملاء يشترونه لأغراض العلاج والهدايا، ومنه عسل (السمرة) الذي يميل إلى اللون الأسود وهو أكثر مبيعا للمرضى، بالإضافة إلى عسل (السدر) الذي يميل إلى اللون الذهبي وهو حار طعما، ومنه عسل (الطلح) وبعض النباتات التي تشتهر بها منطقة الباحة في السراة وتهامة والبادية».
وبين أنه في أحايين كثيرة يعتذر لعملائه لعدم وجود العسل لقلة الإنتاج ولا يأتي به من المحلات لغرض التكسب، أما عن تربية النحل فذكر أنها مكلفة ومتعبة جدا من حيث التنقل ومتابعة المراعي، إذ لا يوجد سيارات خاصة بهذه المهنة.
وأضاف «يتضرر النحل بعوامل كثيرة، حيث يتلف منه عشرات الخلايا مما يثبط المزارع ومن ثم يهمل في تربيته، وسعره لا يقل عن 300 ريال وقد يزيد في المواسم».
ويمكن لأي زائر لأسواق النحالين أن يشاهد عشرات السيارات التي تحمل مئات الكيلوغرامات من أنواع العسل في جوالين وعلب سعتها ما بين نصف و7 كيلوغرامات تتمركز في غابات الباحة في رغدان والقمع والزرائب وعلى الطرق الداخلية بين القرى والمحافظات، كذلك في سوق الخميس بالباحة، وأسواق السبت والثلاثاء ببلجرشي والمخواة، كما يبيعه عدد من اليمنيين والسعوديين والأردنيين والأتراك مستثمرين الموسم السياحي وكثرة المصطافين، وتوجد لديهم كميات كبيرة تتراوح أسعارها بين 50 و80 ريالا.
وفي هذا السياق أكد البائع علي الشرعبي، لـ«الشرق الأوسط» أن أولئك الباعة لا يضمنون جودة العسل المبيع ويأتون به للباحة لما عرف عن عسل الباحة من جودة وبالتالي يموهون على المشتري بأنه من إنتاج المنطقة.
وعند سؤاله عن كونه غشا، قال «كثير من الباعة يستخدم هذه الطريقة ويبيع ما لديه ويجلب غيره من جدة، والسوق تلتهم الجيد والرديء على السواء».
أما علي، وهو أحد الباعة الجائلين من جنسية عربية ويعمل لدى أحد المواطنين على طريق الباحة - الطائف، فأكد أنه لا يستطيع ضمان ما يبيع من العسل وأنه يجلبه من تهامة عسير وتهامة الباحة على شكل شمع من نحالين يبيعونه في الأسواق وينقله للباحة ومناطق الاصطياف لكثرة الإقبال عليه، ذاكرا أن سعره يتراوح بين 50 و100 ريال للكيلو الواحد، فيما يبع الشمع منه بطريقة الصحون المعبأة من 100 إلى 200 ريال للصحن، ولا يعلم إن كان مغذى بسكر أو خلافه فهو يشتري من المزارع ويبيع في الأسواق ويجد من يشتري دون نقاش حينا وأحيانا يجد صعوبة في إقناع المشتري بجودة ما يبيع.
وقال علي إنه يبيع في كل يوم بما بين 500 إلى 1000 ريال بحسب الطلب.
ويشير محمد علي وهو يمني، أيضا، إلى أنه يتسلم كميات العسل من كفيله ولا يعلم من أين يأتي به، مبتسما عندما قلنا له «يمكن من جدة.. من وسط البلد» فلم يعلق، بل قال ربما وهو عسل كله سواء من السعودية أو من كشمير أو تركيا أو اليمن! لكنه استدرك قائلا «عندما يأتي المشتري ويبين أنه يريده للعلاج فإني أمتنع عن بيعه لهذا الغرض إلا إذا ضمنته بنفسي»، وحينما سألناه عن طريقة ضمانه أجاب «يأتيني عسل من اليمن مثلا وبخبرتي وعن طريق أقارب لي يرسلونه بكميات تصل إلى عشرات الكيلوغرامات، وأنا أبيعه بسعر لا يقل عن 300 ريال، وهذا مضمون من الغش والتغذية أو الخلط بعسل مستورد من أي جهة».
لكن محمد علي استدرك قائلا «بعض العسل التركي والكشميري والألماني جيد للمرضى لغلاء السكر في هذه البلدان، إذ لا يمكن تغذية النحل بغير السكر».
بدوره حذر سعيد الزهراني أحد مربيي النحل من شراء العسل من البائعين بالمتنزهات وبعض الأسواق الشعبية، وأن كميات العسل المعروضة على جنبات الطرق المؤدية إلى الغابات والمتنزهات معظمها من العسل المغشوش في الغالب، ونادرا ما تجد العسل الطبيعي الخالي من الغش والتغيير، ونصح بالشراء من بيوتات الخبرة في القرى ممن لا يهدفون إلى الربح السريع.
وقال «الغش والطمع في الكسب المادي السريع الذي فاق مئات الألوف أدى إلى تنامي ظاهرة بيع العسل المغشوش». وأضاف «يغتر الكثير من المصطافين وأبناء المنطقة في شكل ولباس وكلام البائعين عن العسل وأنه طبيعي ومن أشجار تهامة، والواقع مختلف تماما».
وذكر الزهراني أن الغش في العسل إما أن يكون بتغذية النحل مباشرة بكميات كبيرة من السكر لزهد ثمنه، بل وحتى بعد الغلاء مؤخرا، وذلك بخلط السكر بالماء ومن ثم وضعه مباشرة أمام خلايا النحل، وإما بوضع علب الـ«ميرندا» وبعض العصائر مما يؤدي إلى سرعة إنتاج العسل وغزارته بكميات تجارية وبالتالي يكون العسل مغشوشا تماما ومن مادة السكر مباشرة، وهذا بلا شك يؤدي إلى مخاطر صحية كبيرة لمستخدم ذلك العسل، من أهمها الإصابة بداء السكري لأن الشخص يتناول مباشرة كميات كبيرة من السكر قد تصيبه بداء السكري إذا استمر وواصل عليه. وبين أن النوع الثاني من الغش في العسل، وهو لا يقل خطرا عن النوع الأول، يتم عبر حرق السكر وخلطه بالماء حتى يصبح من شكله كأنه عسل ثم يضاف إليه قطرات من عسل «السدر» ليعطيه الرائحة المميزة لعسل «السدر»، وهذا العسل مليء بالبكتيريا الضارة بالإنسان، وهو عبارة عن سكر محروق تحول إلى مادة متأكسدة قد تسبب السرطان. واختتم الزهراني كلامه محذرا من «تناول مثل هذه المواد الغذائية المغشوشة، حيث تتأثر صحة الإنسان سلبا، وقد تتشكل في بدنه أدواء مباشرة تؤثر على صحته».
تواصلوا معنا على :
WWW.FACEBOOK.COM/APICOLE
ساحة النقاش