المواطنة البيئية .. طريق حماية المستقبل
الإحتفال بيوم البيئة الوطنى سُنة حميدة إستنها المكتب العربى للشباب والبيئة منذ عام 1997 وحتى اليوم وغد وكل المستقبل.
وقد إختار المكتب يوم السابع والعشرين من يناير من كل عام موعداً لتدشين هذه الإحتفالية بمناسبة توقيع الرئيس مبارك على أول قانون للبيئة فى مصر هو القانون رقم 4 لسنة 1994، ومنذ ذلك اليوم فى العام 1997 ومصر كلها حكومة وشعباً وجمعيات تحتفل بهذه المناسبة القومية التى أصبحت طقساً رئيسياً فى واقعنا البيئي منذ ذلك التاريخ.
ولما كان التاريخ الذى حدده المكتب العربى للشباب والبيئة لهذه الإحتفالية الهامة هو يوم التوقيع على قانون البيئة وهى المناسبة التى نراجع فيها إنجازنا البيئي والتحديات التى تقابلنا ..... كان من الطبيعى والمنطقى أن تأتى إحتفالية هذا العام التى نظمها المكتب بالتعاون مع ساقية الصاوى والتى شهدت وقائع الإحتفال تحت عنوان (المواطنة فى ظل تعديلات قانون البيئة) والتى تمت فى سبتمبر من عام 2009 والتى أقيمت تحت رعاية وزراء البيئة والموارد المائية والتضامن الإجتماعى وقد شارك فى إحتفالية هذا العام ممثلوا وزرات البيئة والرى والتضامن الإجتماعى ولفيف من الخبراء وممثلى الجمعيات الأهلية ووسائل الإعلام المختلفة.
وقد أكد الدكتور عماد الدين عدلى رئيس المجلس إدارة المكتب العربى للشباب والبيئة فى كلمة بهذه المناسبة أن المواطنة البيئية هى مجموعة من القيم والعادات والتقاليد والأعراف والمبادئ التى تعزز واقع الحدود البيئية للجماعات البشرية فى مختلف دول العالم، وتدعم فى نفس الوقت الواجبات البيئية تجاه الحقوق البيئية.
وأضاف أن المواطنة البيئية تعنى فى جوهرها الإهتمام بالبيئية والسعي نحو الحفاظ عليها من التدهور والإستنزاف والتلوث، وهى مسئولية إجتماعية، حتى شاع مفهوم المشاركة والشراكة لتضمين مفهوم المواطنة البيئية التى تركز على تحمل المسئوليات الهادفة إلى تحسين البيئية والحفاظ على الموارد وتنميتها باستدامة وعياً وسلوكاً وممارسة والمساهمة فى نفس الوقت فى مراقبة السياسات البيئية والمشاركة فى صياغتها والعمل على إنجاحها إضافة إلى تعزيز العمل التطوعى الرامى إلى الحفاظ على البيئة ورفع درجة المواطنة البيئية.
وليس أقوى من تدعيم هذا الشكل من المواطنة تعديل اللائحة التنفيذية لقانون البيئة 4 لسنة 1994 لتوفير مزيد من الإلزام لتطبيقه وتفعيله لضمان توفير مزيد من الحماية والحفاظ على البيئة فى مصر، وهذا بالقطع يؤدى إلى مزيد من الإلتزام الطوعى ويزيد من مساحة الإنصهار فى بوتقة العمل الجماعى الرامى لحماية كافة مواردنا الطبيعية التى تصب فى مجرى الحفاظ على بيئتنا لكل أجيالنا القادمة بما يحقق التنمية المستدامة الحقيقية.
ومن جانبه أكد الدكتور عثمان رئيس مجلس إدارة جمعية مؤسسات الأعمال للحفاظ على البيئة أهمية فكر المواطنة البيئة وما سيؤدى إليه من تفعيل عمليات الحفاظ على البيئة بصورة منظمة وواقعية وأضاف أن فكرة العمارة الخضراء الذى تتبناها جمعيته هو أحد ملامح المواطنة البيئية .. حيث أوضح أنه إذا حسبت تكلفتها على مدى 40 عاماً كانت أقل تكلفة من تلك المبانى التى لا تراعى الإعتبارات البيئية، ومن ثم فإنه يجب أن تكثف الدعوة لتحقيق المواطنة البيئية الحقيقية لأنها الضمانة الوحيدة للحفاظ على البيئة.
المواطنة .. والحق البيئي
بعد ذلك تحدث الدكتور مجدي علام عضو مجلس الشعب المصري وخبير البيئة الدولي حيث أكد أن الحزب الوطني الديموقراطي في مصر أصر على أن تتصدر الدستور المصري في تعديلاته الأخيرة عام 2005 مادة خاصة عن المواطنة حيث نصت على أنه لا تفرقة بين مواطن وآخر اعتماداً على دين أو جنس أو عرق، وأوضح أن المواطنة تعطي للإنسان حقوقاً كثيرة من بينها الحق البيئي، حيث أشار إلى أن الأمم المتحدة أكدت أن الحق البيئي حق أساسي من حقوق الإنسان، وأن الدستور المصري واحد من الدساتير التي حرصت على أن يتضمن مادة خاصة تحض على حماية البيئة وصيانتها.
وأعرب د. علام عن أمنياته أن يضمن المجلس المصري لحقوق الإنسان الحقوق البيئية ضمن أولوياته في المرحلة القادمة.
واقترح عقد مجموعة من جلسات العمل بالتعاون مع المكتب العربي للشباب والبيئة وساقية الصاوي امناقشة نتائج المؤتمر الذي نظمه مجلس الشعب حول الإدارة البيئية السليمة للمخلفات الصلبة.
وفي نهاية كلمته أكد أن من أهم بنود المواكنة البيئية أن يدفع الملوث ثمن تلويثه، مع ترسيخ قناعة إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي قبل إنشاء أي مصنع أو منشأة لدراسة أثر الحمل البيئي على المنطقة التي يقام فيها وآثاره البيئية المختلفة.
وعن دور وزارة التضامن الاجتماعي في تحقيق المواطنة البيئية أكدت السيدة فاطمة عبد الفتاح وكيل وزارة التضامن على حرص الوزارة على دعم الجمعيات الأهلية بمختلف أطيافها على لعب الأدوار التنموية التي تقوم بها والتي ترسخ بالتالي فكرة المواطنة البيئية.
المواطنة.. وقطرة المياه
وهو نفس المعنى الذي أكد عليه د. أكرم الجنزوري ممثل وزراة الري والموارد المائية من حيث أن الوزارة تبذل أقصى جهد في دعم كافة الجهود الرامية إلى ترشيد استهلاك المياه وعدم تلويثها بما يصب في مجرى حماية أهم مورد طبيعي حباه الله لمصر ألا وهو نهر النيل، وأضاف أن توفير قطرة المياه النظيفة هو أهم حق من حقوق الإنسان وبالتالي هو الكفيل بتحقيق الحد الأدنى من المواطنة البيئية .. وحذر د. الجنزوري من خطر الزيادة السكانية وتأثيراتها السلبية على تحقيق المواطنة البيئية السليمة.
وأوضح كذلك أن وزارة الري تسعى إلى التواءم مع مشروعات التوسع الأفقي في مصر وتبذل أقصى جهد لتوفير مصادر غير تقليدية للمياه لتحقيق مبدأ المواطنة البيئية، وأنه يتحتم على المواطنين وكافة الجهات الحفاظ على هذه المصادرالجديدة دون تلويث.
أما الشريك الرئيسي في الاحتفال بيوم البيئة المهندس محمد الصاوي فقد أعلن حتمية التعامل مع قضايا البيئة على أنها قضايا مصير ومستقبل، لأن حماية البيئة هي قضية الدفاع عن حقوق أجيال لم تولد بعد وذلك حتى لا يلعننا من بعدنا.
وفي نهاية الكلمات جاءت كلمة اللواء عاطف يعقوب ممثل وزارة البيئة الذي استعرض التعديلات في اللائحة التنفيذية لقانون البيئة رقم 4لسنة 1994 التي أعلنت في سبتمبر عام 2009 وأكد على أهميتها وأنها توقر مزيداً من الإلزام في تطبيق القانون لتوفير مزيد من الحماية لبيئتنا.
وأشار اللواء عاطف يعقوب إلى حرص معالي وزير الدولة لشئون البيئة على أن يتم تطبيق قانون البيئة على الجميع دون استثناءات .. وأن التعديلات الجديدة تضمن تغليظ العقوبات على المخالفين في العديد من المجالات البيئية.
وأكد ممثل وزارة البيئة على ضرورة الاهتمام بالمواطنة البييئية على اعتبار أن حماية البيئة والحفاظ عليها حق إنساني أصيل لكل مواطن على أرض هذا الوطن وأنه لايوجد شخص فوق القانون.
وأعلن كذلك أن الحفاظ على البيئة أصبح مطلباً تنموياً في الأساس حيث قدر البنك الدولي كلفة التدهور البيئي سنوياً في مصر بأنه يتراوح بين 14-18 مليار دولار، وأن التلوث لا حدود له فهو يبدأ محلياً ويتحول عالمياً.
رؤى .. وتوصيات
بعد ذلك دارت في القاعة نقاشات مطولة حول قضية المواطنة البيئية حيث طالب المشاركون من منظمات المجتمع المدني والخبراء والحكوميون بعدد من التوصيات وهي:
1. اقتراح إنشاء صندوق للبيئة يتم فيه تحصيل المخالفات البيئية واستغلالها في تحسين البيئة.
2. أهمية التطبيق الفعلي الصارم لقوانين البيئة على الجميع.
3. أهمية إصدار قانون للإشعاعات حيث لا يوجد قانون في هذا المجال حتى الان.
4. أهمية تنمية الحس البيئي لدى متخذي القرار، كذلك أهمية نشر الثقافة البيئية على المستوى الشعبي.
5. أهمية استغلال دور الرائدات الريفيات وكذلك شباب كليات الإعلام في نشر الثقافة والتشريعات البيئية.
6. أهمية تحري الدقة في التفتيش البيئي ومتابعة ذلك على فترات متتالية.
7. أهمية التوعية بفصل المخلفات الصلبة من المنبع ومد ربات البيوت بأكياس قمامة مختلفة الألوان.
8. تنظيم عدة لقاءات لمختلف فئات المجتمع لشرح التعديلات الجديدة في قانون البيئة، وبصفة خاصة أعضاء الجمعيات البيئية في المحافظات.
9. أهمية التواصل بين منظمات المجتمع المدني والأجهزة التنفيذية في جلسات وورش عمل للمتابعة والإصحاح البيئي.
10.أهمية التوظيف الجيد لوسائل الإعلام في نشر الثقافة البيئية.
11.العناية بالتربية البيئية المستدامة خاصة في برامج رياض الاطفال.
12.توعية المواطنين لترشيد استخدام المياه وبفضل التعاون مع الشراكة المائية المصرية.
13.أهمية أن يتم الإشارة في القانون إلى أهمية تفعيل دور المجتمع المدني.
14.أهمية نشر فكرة المحافظة على البيئة، وانها أصبحت مطلباً اقتصادياً حيث تكاليف التلوث وإهدار الموارد الطبيعية تشكل نسبة كبيرة من الدخل القومي.
15.أهمية إضافة البعد البيئي في حسابات استغلال الموارد الطبيعية.
16.أهمية اتباع وسائل أخرى لتغيير السلوك بالإضافة إلى تنفيذ القوانين والتشريعات، لكن ليس بالقانون فقط يتم التغيير.
17.يجب الاهتمام وتفعيل درو وزارة الداخلية في تطبيق قانون البيئة.
18.أهمية تنفيذ سياسة سكانية واضحة تهدف لخروج السكان من الوادي والدلتا من خلال بيع الأراضي للناس بأسعار قليلة.
19.أهمية التنسيق بين الوزارات المختلفة في تنفيذ السياسات البيئية والسكانية، كذلك بين أجهزتها التنفيذية.
20.أهمية التصدي للمصانع التي تلقي بتصريفها في نهر النيل ومنعها من القيام بذلك، وتوقيع عقوبات تجاهها.
وفي النهاية يبقى ميدان المواطنة البيئية متسعاً ليلقي الجميع بدلوه فيه، فهو قضية مستقبل وقضية مصير، فسنبقى دوماً نقترض الحاضر من مستقبل هذه الأمة وأبناءها.
ساحة النقاش