النجاة ممكنة .. شريطة أن نستعد

فى كل يوم يطالعنا العلم بحقيقة مفزعة جديدة حول مشكلة ارتفاع درجة حرارة الأرض ، أو ما يعرف بمشكلة التغيرات المناخية .

وفى كل يوم يتأكد لنا أكثر فأكثر أننا معنيون عربياً بهذه المشكلة بصورة إن لم تكن مماثلة مع بقية سكان الأرض إلا أنها أكبر .

وقد حبا الله الأمة العربية بعالمين كبيرين هما الأثقل عالمياً فى مجالهما ،هما ودون ترتيب مقصود د. طلبة ،ود. القصاص هذين الخبيرين العالميين الذين أكرمنا الله بالحياة على ضفاف علمهما الواسع .

وحينما يتحدث الكبيران لابد أن ننصت .. وحينما يوجهان لابد وأن ننفذ .. وحينما يحذران لابد وأن نخاف ونسرع بالفعل الإيجابى المطلوب .

وقد شاء الله أن يجتمع هذين العملاقين فى مؤتمر كبير نظمته جمعية العاملين السابقين بالأمم المتحدة برئاسة السفيرة مرفت التلاوى لمناقشة تأثيرات تغير المناخ على مصر والدول العربية .. وقد أفاضا بعلمهما على الجميع ..

لكن ما استوقفنى حقيقة ما نشرته جريدة الأخبار على لسان د. مصطفى كمال طلبة من أن هناك تعقريراً حديثاً صدر فى 2008 عن معهد بحوث البحرية الأمريكية يوضح أن أجزاء كبيرة من الجليد فى القطب الشمالى ستذوب خلال السبع سنوات القادمة فقط .

 ويؤكد د. طلبة أن هذا الكلام جديد تماماً ، ويدفعنا إلى مزيد من العمل والاستعداد للمواجهة .

وقد دعا د. طلبة فى هذا الاجتماع إلى الاهتمام بالبعد المؤسسى والإدارى على المستوى المحلى فى مصر من حيث إنشاء لجنة وزارية لتغير المناخ برئاسة رئيس الوزراء لتنفيذ البرامج المختلفة لمواجهة المشكلة  هذه اللجنة تضم كافة الوزراء المعنيين بالقضية على أن تتحرك هذه اللجنة وتضع السياسات القابلة للنفيذ فى مجالى التخفيف والتكيف من الآن وحتى عام 2035 .

على أن تنشأ لجنة علمية فنية محايدة من كبار العلماء المتخصصين فى المجالات المرتبطة بتغير المناخ وتفاصيل الخطة كثيرة ومنطقية وتضع كثيراً من النقاط فوق الحروف .

وما استوقفنى فى هذة الخطة العلمية هو إمكانية تطبيقها ونشرها فى كثير من الدول العربية هو إمكانية تطبيقها ونشرها فى كثير من الدول العربية الأخرى .. فوحدة الفكر هامة ، خاصة إذا كان الخطر مشتركاً.

وقد أدلى العالم العالمى الكبير د. محمد عبد الفتاح القصاص بدلوه فى هذا الاجتماع المهم وتحدث عن مزيد من إجراءات التكيف خاصة فيما يتعلق بتغير أحزمة سقوط الأمطار واحتمالات شح المياه ونضوب بعض مصادرها ، وطالب د. القصاص بأهمية إنشاء نموذج إقليمى للتنبؤ بالأمطار فى حوض النيل وأنه لابد من الإسراع فى استنباط نباتات تتحمل درجات الحرارة العالية والجفاف .

وطالب الخبير العالمى بأهمية استكمال الدراسات اللازمة لإنشاء قنطرة على جبل طارق ، وهو المشروع القديم الذى تحدث عنه عالم ألمانى فى ثلاثينيات القرن الماضى للتحكم فى كمية المياه التى تدخل إلى البحر المتوسط من المحيط الأطلنطى لحماية سواحل الدول المطلة على المتوسط من الغرق .

وما أسعدنى فى هذه الرؤى المتعمقة للدكاترة القصاص وطلبة هو هذه الروح المتفائلة بإمكانية وضع الخطط المنطقية والبدائل لمواجهة واحدة من أخطر وأعقد مشكلات هذا القرن الحادى والعشرين .

والأجمل أن الكبيرين تكاملا معاً فأحدهما طرح رؤية سياسية علمية لا تصلح لمصر فقط ولكنها من وجهة نظرى تصلح لعموم العالم العربى كله ، والثانى حدد حلولاً علمية على أرض الواقع قد تتكلف مليارات اليوم ، ولكن المؤكد أنها ستكون ملاليم غداّ ، حينما لاقدر الله تقع الواقعة .

والأهم من كل هذا هو إمكانية التنفيذ ، فهى ليست مستحيلة سواء على المستوى الوزارى أو العلمى ، أو حتى فيما يتعلق بإنشاء قنطرة جبل طارق والتى من الممكن أن تتعاون فى إنشاءها كل الدول المطلة على البحر المتوسط ، ويمكن أن تنفذ من خلال مبادرة 2020 المتوسطية ، أو الاتحاد المتوسطى الجديد ، وهناك العديد والعديد من الآليات الإقليمية التى تسمح بحشد المواجهات لهذه المشكلة العالمية المؤرقة ، والتى تجعل النجاة ممكنة شريطة أن نستعد .

ولا يفوتنى فى هذا السياق أن أنمنى على القمة الاقتصادية العربية التى ستعقد فى الكويت فى التاسع عشر والعشرين من يناير القادم أن تولى لهذه القضية الاهتمام الذى يليق بها وبمستقبل أبناءنا من بعدنا ، خاصة وأنا أعلم أن هناك ملفاً حاشداً مقدماً للقمة من مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة ، وهناك أيضاً الجهد غير الحكومى الذى بذل فى عملية التحضير جنباً إلى جنب مع الجهد الحكومى الذى بذل.

كل الأمنيات الطيبة لهذه القمة الاقتصادية التى نتمنى أن تكون أيضاً قمة للبيئة العربية والمستقبل العربى إن شاء الله .... وللكلام بقية بإذن الله

 

المصدر: المكتب العربي للشباب والبيئة
  • Currently 232/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
77 تصويتات / 1246 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

156,191