خواطر عن المياه "الثورة الزرقاء"  Notes from the Blue Revolution

"تغيير ثقافة وادارة المياه في الشرق الأوسط وافريقيا"

 

Microfinance for Water and Sanitation

الاقراض متناهى الصغر للمياه والصرف الصحى

 

يفتقد نحو 1.1 مليار نسمة أو 18 % من سكان العالم إمكانية الحصول علي مياه شرب آمنة. كما يفتقد نحو 2.6 مليار نسمة أو 42 % من إجمالى سكان العالم إمكانية الحصول علي خدمات الصرف الصحى، كما جاء في تقارير منظمة الصحة العالمية WHO /منظمة الامم المتحدة للطفولة(اليونيسيف) -UNICEF2005. وتطالب الاهداف الانمائية للالفية MDGs خفض عدد الناس الذين لا تصل إليهم مياه الشرب الآمنة بمقدار النصف  وذلك بحلول عام 2015 . وان كان هدف الألفية حصول العالم علي مياه الشرب الآمنة يمضى على الطريق الصحيح إلا أن جنوب أفريقيا يمثل استثناءاً. أما في الشرق الأوسط،  يجب أن يتم التركيز علي خدمة الفقراء في المناطق الحضرية نظراً الى ارتفاع معدل التحضر وكذلك خدمتهم في المناطق الريفية حيث تشتد ندرة المياه. و يتطلب ذلك توفير الإستثماروالتمويل. ومن المعروف إن آليات التمويل العام واستراتيجياته قد وجهت علي مدار السنين لمشروعات البنية الاساسية واصلاح نظم التعريفة. وبالرغم من ذلك، فمازال الفقراء لايستطيعون دفع التكلفة. وفى البحث عن آليات تمويل بديلة تعزز قدرة الفقراء على سداد تكلفة خدمات المياه والصرف الصحي (Watsan)، قامت مبادرة Advancing the Blue Revolution Initiative (ABRI) بإستكشاف الدور الذى يمكن أن يلعبه التمويل متناهى الصغر.   

 

يقوم مبدأ التمويل متناهى الصغر علي أساس توفير وتقديم الإئتمان والمدخرات وغيرهما من الخدمات المالية الى الملايين من الفقراء الذين لا تتعامل معهم البنوك العادية، لأنهم لايستطيعون تقديم ضمانات كافية.

وتتضمن أهداف مبادرة ABRI مايلى:

1.      التعريف بنماذج التمويل متناهى الصغر الموجه لخدمات المياه والصرف الصحى

2.      تقييم مدي اهتمام مؤسسات التمويل متناهى الصغرMFIs بتطوير منتج جديد يتعلق بخدمات المياه والصرف الصحى

3.      مشاركة المجتمع الدولى في نشر الدروس المستفادة وأفضل الممارسات

4.      الإشتراك في حوار جاد مع الأطراف المعنية بشأن الإجراءات المطلوبة لنشر اسلوب تمويلى لخدمات المياه والصرف الصحي

5.      بناء شبكة اتصال بين الاطراف المعنية بهدف التعاون فى تصميم وتنفيذ برامج تمويل خدمات المياه والصرف الصحي.

 

وقد تم الوفاء بهذه الاهداف من خلال مبادرة ABRI والتي عقدت في واشنجطن في نوفمبر 2008 اول مائدة مستديرة لتقييم مدي اهتمام مؤسسات التمويل متناهي الصغر في الاستثمار في منتج جديد في مجال خدمات المياه والصرف الصحي .وشارك فى هذا الاجتماع 19 منظمة تمثل هذه مؤسسات وصناديق الاستثمارات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية والجمعيات المهنية ، المؤسسات المشاركة في المائدة المستديرة:

ُEnvironmental Services Program, WSP/USAID HIP Peru Sanitation Marketing Program, Water.org (formerly WaterPartners International), CARE, Aga Khan, Accion, Opportunity International, CHF International, Sa-Dhan, Women’s World Banking, Gates Foundation,  ARC Finance, Shorebank, AED, BORDA, Development Works, Development Alternatives Inc, Development Innovations Group, International Water Association and International Water and Sanitation Center (IRC)..  

 

وقد أكد المشاركون ان عامل الربحية هو الدافع الأساسي لتحريك مؤسسات التمويل متناهي الصغر. غير أنه مازال هناك حاجة الى توفير المزيد من المعلومات المتعلقة بالتكلفة لتطوير وتنفيذ وإدارة هذه الخدمات، والمزيد من التوضيح لدور الأطراف المعنية كل على حدة. علاوة على ذلك، فإن توافر البيئة المؤاتية       Enabling Environment  يختلف من بلد الى أخر ويؤثر بقوة فى جدوى المنتج. ان تطوير منتج جديد لايتطلب فى بادىء الامر مجرد الدعم الفني بل يحتاج من مؤسسات التمويل متناهي الصغر الالمام الكامل بظروف السوق، كما يتطلب وجود طرفا يكون دوره تيسير وتسهيل العلاقات بين كافة الأطراف المعنية بما فى ذلك المرافق ومقدمي الخدمات من صغار المستثمرين.

 

ومن أجل نشر الوعى فى الشرق الاوسط  بهذا المنتج الجديد، اتصلت مبادرة ِABRI  بشبكة التمويل متناهى الصغر للدول العربية- سنابل (SANABEL)، وأجرت معها مناقشات أولية بشأن طرح هذا الموضوع على أعضائهما الاقليميين. كما قامت المبادرة بالتعريف بدراسات حالة أخرى في المنطقة وأضافت إلي دائرة المهتمين أطراف أخري نذكر منهم علي سبيل المثال:  Mercy Corps Jordan, Aga Khan and CHF International الذين يقدمون ائتمانا متناهى الصغر لسد احتياجات خدمات المياه والصرف الصحى والرى بنظام الغمر. وثمة حالة أخرى جديرة بالاهتمام هى الشراكة الموجودة بين مرفق المياه المغربيThe National Office for Potable Water – ONEP. والمؤسسات المحلية للتمويل متناهى الصغر مثل مؤسسة زاكورة .ويتولى المكتب تدريب صغار المستثمرين في المناطق الريفية، لصيانة خدمات المياه والصرف الصحى التى يقدمها المرفق المغربي، ويضمن لهم هكذا عقدا مدته خمس سنوات ودعم فني خلال السنة الأولي. ومن أجل تمكين هؤلاء المستثمرين للبدء في العمل، تقوم مؤسسة زاكورة بتوفير رأس المال اللازم لحصولهم على معدات الصيانة.

 

كما قامت مبادرة ِABRI بنشر الوعى والتعريف بدرسات الحالة الناجحة عن طريق المشاركة ورعاية الندوات والحلقات النقاشية التابعة للمؤتمرات الدولية للمياه، مثل منتدى المياه العالمى فى اسطنبول بتركيا (مارس 2009) والاسبوع الدولى للمياه فى استوكهولم بالسويد (أغسطس 2009).وخلال الاسبوع الدولى الاخير للمياه، عقدت مبادرة ِABRI اجتماعا لمجموعة من 7 خبراء يمثلون منظمات غير الحكومية ومؤسسات التمويل متناهي الصغر ومستثمرين ومانحين ومكتب Office of Development Credit التابع للوكالة الامريكية للتنمية الدولية ومؤسسة بيل وميليندا جيتس للتعرف علي للمشكلات والتحديات والفرص المتاحة لدعم التمويل متناهى الصغر فى قطاعات خدمات المياه والصرف الصحي. وقد تبادل هؤلاء الخبراء نماذج مختلفة وطرحوا أدلة متباينة بشأن متطلبات المنتج والسوق والبيئة المؤاتية التى تؤثر فى عامل الربحية كما شمل الاجتماع موضوع طرح المنتج في السوق وخريطة توزيع الأسواق والدعم المالي وتقييم المخاطر والاستراتيجيات المناسبة بالاضافة الى السياسات التنظيمية. ونعرض فيما يلى ملخصاًُ عن التحديات والفرص المتاحة التى تم مناقشتها خلال هذا الاجتماع:

 

المنتج: إن إحدي العقبات الرئيسية أمام مؤسسات التمويل متناهي الصغر هى أن القروض التى تقدم للحصول على خدمات المياه والصرف الصحى لاتدر ربحاً. وحتى اذا كانت هذه الخدمات ستؤدى الى تحسين صحة الموطنين بحيث تزداد قدرتهم الإنتاجية وبالتالي قدرتهم على سداد القرض، فإن مؤسسات التمويل متناهي الصغر لاتدرك هذه "القيمة الاقتصادية غير المباشرة". وتشارك منظمة WASTE، وهى احدى المنظمات الغير حكومية، مؤسسات مصرفية وتأمينية أمريكية وهولندية أو تابعة للأمم المتحدة مثل TATA-AIG, UNU-MERIT and SNS-REAAL ، تجربة قياس التأثيرات الصحية فى الهند الناتجة عن تحسين الصرف الصحى وفقا لمعايير اقتصادية واحصائية. وتدور هذه التجربة حول موضوع عرض أقساط تأمين صحى منخفضة السعر على الفقراء الذين يشترون خدمات الصرف الصحى عن طريق التمويل متناهى الصغر. في المقابل، تشير بعض مؤسسات التمويل متناهي الصغر الى القروض التى تقدم في مجال تحسين المنازل بحيث تغطى احتياجات العائلة من خدمات المياه والصرف الصحي، ففي النهاية توصلت هذه المؤسسات إلي أنه من الأفضل تصميم المنتجات حسب الطلب نظرا لأن تكاليف تقييم المخاطر وجداول تسوية الديون تتفاوت خاصة بالنسبة للحلول الاكثر كلفة للصرف الصحى. وثمة أسلوب آخر هو ربط قروض المياه والصرف الصحى بالانشطة التى تدر دخلا مثل استخدام مياه الانابيب فى رى الحدائق المنزلية أو فى سقى الحيوانات أو بيع الغائط/ البول من أجل الاسمدة، بيد أنه من غير المتوقع ان تصل هذه الأساليب الى الحجم المطلوب.

السوق المستهدف: هناك مناقشات كثيرة تدور حول السوق المستهدف الملائم للتمويل متناهى الصغر :هل هم الفقراء المعدمون أم الفقراء ، الريفى أم الحضرى ،القطاع العائلى أم الجماعات المحلية أم صغار المستثمرين/ مقدمى الخدمات. ولتوضيح الأمر، فإن التمويل متناهى الصغر ليس موجها للفقراء المعدمين حيث لا يمكن تقديمه إلا لمن لهم قدره انتاجية وإمكانية سداد القرض. وخلال الحلقة الدراسية، أكدت BRAC، وهى مؤسسة كبيرة للتمويل متناهى الصغر فى بنجلاديش، ووكالة المعونة الفنلندية (التى تمول الصندوق الحبشي التنموي Ethiopian Community Development Fund) أنه حتى فى حالة عدم تقديم مؤسسة التمويل متناهى الصغر ائتمانا للفقراء من أجل خدمات المياه والصرف الصحي ، فبإمكانها القيام بتوزيع المنح عن طريق مكاتبها وشبكاتها المحلية. وتساعد هذه المنح على جذب رأس المال الى سوق خدمات المياه والصرف الصحى كما أن علاقة "المنح" هذه تساعد مؤسسات التمويل متناهي الصغر على جذب عملاء المستقبل. إضافة إلي ذلك، فعلى مؤسسات التمويل متناهي الصغر إتباع أسلوب "سلسلة القيمة المضافة" وذلك بتقديم خيارات تمويلية لصغار المستثمرين فى مجال خدمات المياه والصرف الصحى مثل (الحرفيون وعمال التركيب والصيانة) والمستهلكين في المنازل، حيث أن من شأنه تقوية الاقتصاد ككل وسوق خدمات المياه والصرف الصحي. ومما لاشك أن تكلفة الخدمات وتكلفة رأس المال تؤثر على القدرة على الدفع. وسوف تزداد تكلفة الخدمة المقدمة من مؤسسات التمويل متناهي الصغر فى الأسواق الريفية والاسواق الاقل تحضراً، غير أن المنافسة المتزايدة واستخدام التكنولوجيا ستساعد فى تخفيض تكلفة المعاملات بمرور الوقت.

 

الاعانات المالية الذكية (Smart Subsidies): ثمة اتفاق عام بأن تقديم الائتمان ليس كافيا. بالرغم من الجدل الدائر بشأن التوليفة الأنسب بين الاعانات المالية الذكية والتمويل متناهى الصغر حيث يمكن أن تختلف باختلاف أحوال السوق والقائمين فيه،  ففي النهاية لاتزال الاعانات مطلوبة لبناء سوق مستدام حيث انها موجهه لإجراء بحوث السوق وتعبئة المجتمع والتشجيع علي الوقاية الصحية لخلق الطلب على الصرف الصحى، والمنح المخصصة لبناء القدرات لمقدمى الخدمة ومؤسسات التمويل متناهي الصغر، فكل هذه الطرق يستخدمها المانحون والمنظمات غير الحكومية لمساندة عملية تنمية أسواق مستدامة دون المساس بالأسعار عن طريق دعم المنتجات (على سبيل المثال ،إغراق السوق بمنتجات مدعمة بنسبة 100%).وقد قامت منظمة CREPA (فى غرب ووسط افريقيا) ومنظمة Water.org  بتبادل مختلف النماذج التى يمكن من خلالها أن تقدم الأطراف المعنية إعانات مالية ذكية. غير ان التحدى هنا يظل قائما لأن العمل على تشكيل سوق هو عملية طويلة الأجل فى حين أن مشروعات التنمية لاتستغرق أكثر من ثلاثة الى اربعة أعوام.

 

البيئة المؤاتية: ان المخاطرة – بالنسبة لكل من السوق والتمويل على السواء – هى أمر حيوى في مجال الاعمال. وتنعكس أسعار الفائدة علي كل من تكلفة الخدمات ومخاطر تسوية الديون وتكلفة رأس المال. ويمكن تقليل تكلفة المعاملات من خلال تكنولوجيات جديدة وتوسعات مناسبة في المشاريع. كما يمكن تقليل مخاطر تسوية الديون من خلال توفير التدريب المناسب وإجراءات أخري مثل التصديق على المستندات وعقد اتفاقيات لضمان جودة الخدمات المياه والصرف الصحي علاوة على تكوين صناديق ضمان وتوفير احتياطيات قروض الخسارة الأولى وتقديم خطابات ائتمان.

 

وتقدم  Development Credit Authority  التابعة للوكالة الأمركية للتنمية الدولية، قروضا مضمونة لإتاحة سهولة في السداد، ومن ثم فإنها تخفض اسعار الفائدة التى يتعين على الفقراء سدادها. إن مثل هذه الأدوات التى تتيحها الاموال العامة لاتساعد على تقليل المخاطر المالية لمؤسسات التمويل متناهي الصغر فحسب بل يمكنها أيضا أن تجذب مستثمرين على نحو ماذكرته منظمة Water.org  و CHF International. ولايخفي أن السياسات التنظيمية التى تزيد من سيولة (وتوفير) التمويل وتشجع المستثمرين أصحاب الأعمال وتضمن ملكية الارض والتي تعطي لمؤسسات التمويل متناهي الصغر المزيد من المرونة فى عرض المنتج ، كلها من شأنها تقوية المعاملات الخدمية.

 

الخلاصة: بالرغم من أن التمويل متناهى الصغر ليس هو الحل النهائى لمشكلة تقديم خدمات المياه والصرف الصحي إلا إنه يعتبر آلية تمويلية صالحة لتحقيق أرباح إذا كانت الظروف مواتية. فإمكانية زيادة التمويل متناهى الصغر لـتوفير هذه  الخدمات من عدمه سوف يظل موضع مناقشة. والحقيقة، كما أوردها صندوق Triple Jump  (وهو صندوق للاستثمار فى مؤسسات التمويل متناهى الصغر)، هى أن هناك إزدياد في الاهتمام داخل قطاع مؤسسات التمويل متناهي الصغر لإمكانية طرح هذا المنتج الجديد. ولعل أمام هذه الفرصة، أن نعمل أيضاً على دعم هذا الاهتمام المتزايد من جانب مختلف دوائر قطاع خدمات المياه والصرف الصحي سواء المنظمات غير الحكومية أو المرافق أو المانحين، خاصة في محاولاتنا لإيجاد الحلول المناسبة للفقراء.

 

  

لمزيد من المعلومات عن التمويل متناهى الصغر للمياه والصرف الصحى:

www.worldwaterweek.org/  (Go to WWW2009 menu tab, find events for 20/08/2009, click on “Unpacking the Business Case for Microfinance for Water and Sanitation”)

www.irc.nl/page/38049 -

  www.irc.nl/page/47707 -

 www.gatesfoundation.org/learning/Pages/microfinance-for-water-and-sanitation.aspxwww.ifc.org/safewater-

  http://water.org/watercredit/ -

www.microlinks.org

المصدر: المكتب العربي للشباب والبيئة
  • Currently 177/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
60 تصويتات / 1169 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

156,138