يقولون إن الحاجة هى أم "الاختراع" أي هى التى تقف وراء البحث عن كل ما هو جديد سواء برامج أو مفاهيم أو حتى اختراعات وذلك لمواجهة "واقع معين " بهدف التغلب عليه أو تعديله وتطويره على النحو الذى يحقق مصلحة الإنسان، أو على الأقل يحد من آثاره وتداعياته التى تألمه ولا يقدر على تحملها.

لذلك فإن مفهوم الاخضرار بصفة عامة هو من مشتقات العمل البيئى أى أنه يتعلق بفضيلة البيئة إن جاز لنا التعبير، وبما أن البيئة كمفهوم وكوسط تتماشي مع كافة المجالات والمفاهيم، لذلك فإن مفهوم الاخضرار ينسحب على كافة المجالات الأخرى وأصبح يقترن بها بل ينعت بها لذلك نسمع عن مفهوم الطاقة الخضراء والعمارة الخضراء وكذلك الاقتصاد الأخضر .

ومفهوم الاخضرار يعنى ذلك النشاط الذى يتفق مع البيئة ويصادقها والذى ليس له آية مخلفات أو أثار ضاره بالبيئة أو على الأقل لا يضيف أية أعباء على البيئة أو يزيد درجة تلوثها وتدهورها والجانب الاقتصادى يظهر فى البيئة كموارد طبيعية كالماء والتربة والهواء وما تحتوى عليه البيئة داخل جوف الأرض من مياه جوفية ومعادن وهذه كلها تعد كما يقولون فى علم الاقتصاد القاعدة لتحقيق التنمية الاقتصادية، وأيضاً البيئة كموارد تعنى البحار والمحيطات وما بداخلها من كائنات حية تعنى أيضاً البراري والغابات وما تحتوى عليه وكذلك الكائنات الحية "التنوع البيولوجى" هذه كلها البيئة من المنظور الاقتصادى لذلك فإن نتيجة الاستخدام الجائر لموارد البيئة الطبيعية ؛ فقد أدى ذلك الى تدهور المنظمة البيئية ecologies   وهو ما ترتب عليه العديد من التداعيات على الأمد الطويل تمركزت كلها فى تلك الظاهرة التى يعانى منها ألان وهى تغير المناخ وارتفاع درجات حرارة الأرض عما كانت علية منذ أن خلق الله الأرض ..

كما أن الأنشطة الإنسانية أى التى يقوم بها الانسان داخل ذلك الوسط الطبيعى كالتعديل واستخراج المعادن وكذلك الأدوات والآلات التى يستخدمها فى تسيير حياته اليومية وتيسيرها من خلال الاعتماد على ميكنة منظمه إن لم يكن كل أوجه الحياة والإستعمالات والإستخدامات اليومية التي أدت كلها الى حدوث خلل فى المنظومة الطبيعية للبيئة والفطرة القوية والسليمة التى جبلها الله عليها بالإضافة الى ذلك الجانب هي النشاط الانسانى فى وجهه الصراعى واستخدام العديد من الموارد المتفجرة والأسلحة الضارة بالبيئة والإنسان والتى تؤدى الى تولد غازات وأبخره سامة تصعد الى طبقات الجو العليا وتسقط على شكل أمطار حمضية وسموم تفسد التربة وتلوث الهواء وتقبل الحياة ويقال أن استخدام اليورانيوم المنضب فى حرب الخليج ولا سيما فى حرب تحرير الكويت قد أدى الى ظاهرة الأمطار الحمضية التى تصيب الجلد بالعديد من الأمراض السرطانية كما أنه طبقاً للإحصائيات فأن 75% من أطفال العراق يعانون من السرطان من جراء الغزو الامريكى للعراق واستخدام ذلك الكم الكبير الأسلحة والذخيرة التى تفوق ما استخدم من متفجرات وأسلحة وذخائر خلال الحربين العالميتين ناهيك عن تلك الأسلحة والذخائر المحرمة دوليا التى تستخدم فيها اليورانيوم المنضب والقنابل العنقودية نفس الشئ و ربما على صورة أبشع قد فعلته إسرائيل فى كل من "حرب لبنان" وأيضا حرب بل ومذبحة وغارة والتى خلقت ورائها دماراً كبيراً ولاسيما فى الشواطئ "اللبنانية" .

هناك أيضاً تلك الاستخدامات والافراط الجائر لأنواع الوقود الاحفورى ( كالفحم والبترول ) التى تعد المسئول الأول عن زيادة ظاهرة الدفء الحراري  لأنها تزيد من غازات الصوبة التى يعد غاز ثانى أكسيد الكربون وأول اكسيد الكربون هو البطل فيها ولاسيما من خلال ما تبثه وسائل النقل من عوادم فى الهواء كما أن منظومة الآلات والمعدات فى المصانع والقطاع الصناعى كلها مازالت تعمل بالوقود الاحفورى البترول كما أن دول العالم الثالث التى ما زال المستوى التكنولوجي لديها متدنى عن غيرها من الدول الصناعية المتقدمة مما يزيد من معدل التلوث لديها والمزيد من التدهور البيئي فيها مما يترتب عليه إنتشار العديد من الأمراض والأوبئة المزمنة والطارئة على العالم ..

ومع ذلك فالإقتصاد الأخضر كمفهوم قد أصبح مطلباً أساسياً وحتمياً وذلك لإيقاف التدهور البيئ المتمثل فى تفاقم ظاهرة تغير المناخ وتلك التداعيات والآثار المدمرة التى من المتوقع أن تترتب عليها والتى بات من المحتم على الدول مواجهتها أحد المظاهر المضادة للغة الاقتصاد الأخضر هى أقتلاع لأشجار الغابات والقضاء عليها مع العلم أن الأشجار ممثلة فى الغابات لها العديد من الأشكال التى تؤثر ليس فقط على الحياة بل على جودتها  ونوعيتها فالأشجار تؤدى الى تحسين نوعية الهواء الذى تستنشقه الكائنات الحية كما أنها تعمل كمصايد للكربون والعديد من العوالق التى يسببها التلوث كما أن الأشجار تحدد معدل سقوط الأمطار كما أنها تقوم بعملية إجلاء للغلاف الجوى ومع اختزان الكثير من المياه في الغلاف الجوى تتكون السحب وتعد بذلك احد طرق إحتجاز حرارة الشمس فالغابات تعمل بمثابة المبرد والمنظم للمناخ على سطح الأرض بالإضافة الى مجموعة من الوظائف الأخرى التى تؤديها مثل منع تدهور التربة أى تجريفها وإنحدارها وفى الوقت نفسه تقوم بإزاله الجدوبة وتجعلها أرض خصبة صالحة للحياة وتبين الإحصائيات كيفية الاستغلال الجائر لهذه الغابات والتى صارت بمثابة الإشكالية المزعجة فى القرن العشرين وكيف أن السبب الذى يقف وراء إزالتها سبب إقتصادى في المقام الأول حيث تشير الإحصائيات الى أنه فى العصر التى كانت تسيطر فيه الإمبراطورية الرومانية كانت تغطى أوربا 90% من الغابات واليوم  قد أختفي حوالى 500 الف هكتار من هذه الغابات  وذلك بهدف صناعه الأخشاب منها أيضا الزيادة السكانية فى المدن والبلاد النامية والكثير منهم قد أصبحوا مزارعين ولكنهم لا يملكون الأرض التى يزرعونها لذلك سعوا الى البحث عنها فى الغابات.

وهناك أسباب أخرى مثل زيادة ظاهرة الأمطار الحمضية وبناء السدود والآثار المترتبة على هذه الظاهرة الاقتصادية فى فحواها وهى تقطيع الغابات لاستخدامها فى صناعة الغابات أو كاراضى زراعية لإنتاج المحصولات والفاكهة التى تسد جوع تلك الأفواه المترتبة على الزيادة السكانية من المظاهر المترتبة عليها هى فقدان الكثير من التنوع البيولوجى على نحو غير مسبوق إذ أنه على الرغم من أن الغابات الاستوائية لا تشكل سوى 1/6 مساحة الأرض فهى تضم ما يقرب من 70 إلى90% من الكائنات الحية على مستوى العالم وكذلك تدمير المجتمعات التى تقوم على الغابات كأساس لحياتها بالإضافة الى التقلبات المناخية وما لها من تداعيات كل ذلك يؤكد على أهمية مفهوم الأقتصاد الأخضر وتطبيقاته.    

المصدر: المكتب العربي للشباب والبيئة
  • Currently 326/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
107 تصويتات / 3142 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

156,103