التخلص من القمامة ليس درب من المستحيل
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس هناك شك في أن هناك إجماع علي أن مشكلة التخلص من القمامة أصبحت الأن أحد المؤرقات التي تشغل بال الكل علي مختلف المستويات بداية من رجل البيئة " المهتم " ورجل السياسة ممثلة في الوزارة أو الوزارات المعنية ( البيئة والتضامن الاجتماعي ووزارة الاقتصاد والتنمية ) ويكاد الأمر يشمل جميع الوزارات والهيئات بما فيها تلك القانونية أي المسئولة عن التشريعات والجانب القانوني . وأياً كان الأمر فإن تلك التراكمات الكبيرة من القمامة التي بدأت تظهر في الشوارع علي نحو علني كأنه يعلن " عن نفسه " في تحد مستفز لمشاعر الجميع علي نحو أقل بما يوصف به أنه بغيض ومؤلم علي النفس يمس كرامة كل مواطن غيور علي بلده ولديه ولو بقايا رصيد من الإحساس بالجمال ورفض القبح .
ولكن في خضم ذلك كله أي تلك الحالة من الاستنفار والاستفزاز يجب ألا تغيب عن أعيننا الحقائق وألا نكون كالنعام التي تري الصياد قادم فتدفن رؤوسها في الرمال فنحن جميعنا جزء مما حدث كل منا قد رمي الأخر بحجر واعتبر أن هذه هي خطيئتة وبرء ساحة نفسه وإن لم نعترف جميعنا بالمسئولية عما حدث وتركنا منصات إصدار الأحكام علي بعضنا البعض وأقصت الوزارات والهيئات والجمعيات والاتحادات الأهلية ودور البحث العلمي والجامعات وأيضاً المواطن المحور في كل ما يحدث فهو المشكلة والحل في ذات الوقت .. فإننا لن نصل إلي حل لها وستظل القمامة تملأ الشوارع وتتراكم وتخرج لنا لسانها .. قد يكون ما يحدث الآن رغم ضراوة " الإيذاء النفسي " له الحجر الذي القي في البركة الأثنة تحرك ركودها وإخراج كل ما فيها أي كل أنتن سواء كان نفايات أو حشرات وآفات هي في هذه الحالة الصراعات والمصالح الشخصية وحتي تصفية الحسابات وتعارض وتضارب الأهداف .. لقد كانت أول هذه التحركات التي تكن بمثابة اليد البيضاء في هذه الأزمة هو ذلك الاجتماع واللقاء الذي عقدته جمعية أفكس أي العاملين بالأمم المتحدة يوم 26 أكتوبر فقد لاقي استجابة كبيرة وحضره لفيف من الوزراء وأقطاب المجتمع المدني والإعلام والذي يمكن أن نعتبره رغم أهميته ورغم ثراء المحادثات التي دارت فيه لقد كان بمثابة لقاء محوري سادته أجواء الود واللطف من جهة وعلته رآية المصلحة العامة وكان بمثابة نوع من الاحتشاد لمواجهة خطر حقيقي قد طال شره جميعنا .. ذلك اللقاء يعد بمثابة قطرة أول الغيث .. لقد أعاد الكل إلي خندق المواجهة في وحدة لمجابهة خطر هذه الضارة الفائقة .. لقد تم اللقاء عن دعماً عالي علي المستوي التقني والاجتماعي بهذه الإشكالية التي وجدت رصيد كبير من الخبرات والتجارب المحلية قد يكون بعضها محدد من حيث المجال ولكنها ذات ثراء ولقد وتعد خطوات علي طريق الحل الصحيح ولكنها تحتاج إلي المزيد من التعاون .
فكلنا يعلم أن القمامة " ثروة " اقتصادية إذا ما أحسن الاستفادة منها وهناك تجارب عديدة وقوية في ذلك المجال من الكثير من الدول التي سبقتنا فيها ونحن لا تنقصنا الخبرة ولكن توحيد الجهود والإتفاق علي رؤية يتم صياغتها من جانب كافة الجهات المعنية وهي الإدارة المركزية الحكومية والمجتمع المدني ( N.G.S ) والقطاع الخاص المحلي وهم أضلاع مثلث التنمية ومواجهة تحديات المرحلة القادمة .. هناك رصيد من التجارب المحلية والإقليمي بالتعاون مع الهيئات والمنظمات الدولية في إختراق هذه المشكلة وهناك العديد من التجارب الناجحة ولكن في ذات الوقت متفرقة ومحدودة من حيث نطاق التطبيق وقد آن الأوان لتجميعها في إطار منظومة متكاملة تحدد فيها الأدوار " لكل شريك علي حد " وأن يبرر فيها عنصر اقتصاديات المشروع وكذلك تحقيق مفهوم الإدارة المتكاملة intagerated management ليس فقط علي مستوي المخلفات solid Waste ولكن أيضاً علي مستوي الإدارة بين الشركاء stake holders.. فالمجتمع المدني N.G.O's له تجاربه في التعامل مع إشكالية القمامة وكما قلنا لديه رصيد من الخبرة قد آن الأوان لوضعها موضع التصفية علي أن مفهوم الإدارة المتكاملة بشقيه أي من حيث العملية process أي عملية التخلص من القمامة وأيضاً أطراف أو أصحاب الأدوار في هذه العملية سواء كانوا مصدرها أو القائمين علي إدارتها لابد وأن يتسم بالشمولية والملائمة Holstic and appropriate أي أنه يضم جميع الأطراف من جهة وجميع مصادر القمامة من جهة أخري بداية من المنزل والمدرسة والجامعة والنوادي وكذلك دور العبادة "ووسائل الإعلام " كل يلعب دوره بحيادية وإتقان .. رصيد الخبرات السابقة ثري وغني يتبلور في مبادرات الشراكة " الأورمتوسطية " من خلال البرنامج الإقليمي لإدارة المخلفات الصلبة (RCS WMP) وقد طبق في إطار أولويات برامج العمل علي المدي القصير والمتوسط ( SMAP) بدعم من اللجنة الأوربية وعلي المستوي التطبيقي كانت الشبكة العربية للبيئة والتنمية هي القائم علي إدارته كان ذلك البرنامج نافذة وطاقة لنشر الوعي بالتخلص من المخلفات الصلبة وهو ما يعد المقدمة والفاتحة في المواجهة وكان نطاقه الدول العربية الواقعة علي الضفة الجنوبية من البحر المتوسط مع إشراك بعض المنظمات غير الحكومية وتم تطبيق عدة مشرعات رائدة في ذلك المجال قد لاقت الاستحسان من جانب المجتمع وصانعي القرار السياسي كانت كلها مشروعات " نواة " قد حققت النجاح ولكنها لم يتم تطبيقها علي المستوي القومي أي لكي ما يصبح آلية ونظام في صورة مشروع قومي كبير له شركائه التي تتمثل في ذلك المثلث ( الحكومة ممثلة في الإدارة المحلية والمجتمع المدني ( المنظمات والجمعيات الأهلية ) والقطاع الخاص وذلك لتوفير التمويل أو يمكن أن يكون هناك بنوك متخصصة لدفع عملية الاستثمارات في ذلك المجال أي التخلص من المخلفات الصلبة .. الحكومة لها أيضاً تجربتها في عملية إدارة المخلفات الصلبة من خلال شركات النظافة الأجنبية وبغض النظر عن تقييم التجربة وما لها وما عليها فهي تعد بالفعل سابقة خبرات لابد من الاستفادة بها في مواجهة هذه " الأزمة " التي كانت من قبل بمثابة جبل الثلج لا يظهر منه إلا الجزء الصغير الطافي علي السطح ولكن بقية الجبل يرقد في الأعماق .. لم نكن نشعر به أو لم يكن ظاهر لنا ولكن عندما أصدمت به السفينة كان الصدام شبه مروع وجعل الكل يتأهبون ويسارعون للنجاة وإنقاذ السفينة ذلك أقرب توصيف لما حدث في الأزمة الأخيرة .. التي جعلت كل من في السفينة يفزعون ويسارعون بالجهد كل منهم محاولاً أن ينقذ ما يمكن إنقاذه ويعيد السفينة لمسارها .. وهو ما جعل شعار هذه الأزمة هو لنجعل من هذه الأزمة " فرصة " لمجابهة حقيقة شاملة لهذه الإشكالية وكما يقولون " رب ضارة نافعة " .
ساحة النقاش