خواطر عن المياه "الثورة الزرقاء" Notes from the Blue Revolution
"تغيير ثقافة وادارة المياه في الشرق الأوسط وافريقيا"
استخدام مياه الصرف المعالجة في المغرب
حالــة نموذجيــة
تفاقم المشكلة المائية على الصعيد العربي أصبح هاجساً يؤرق كافة المخططين لإحداث التنمية المستدامة في مختلف الأقطار العربية ومواجهة العجز المائي في المنطقة لايمكن أن يتأتى إلا بابتكار حلول علمية تزيد من كمية المياه المتاحة وتقلل من الفاقد منها في نفس الوقت، هذا بالإضافة إلى حتمية إحداث حالة من الشراكة بين المنتجين والمستهلكين تفضي في النهاية إلى تحقيق الإدارة السليمة لأهم مورد طبيعي خلقه الله لنا وهو المياه.
وقد نجحت مدينة مكناس المغربية بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية في تقديم نموذج رائد في تحقيق الاستخدام الأمثل لكل قطرة ماء، ومن خلال إعادة تدوير ومعالجة مياه الصرف الصحي في المدينة واستخدامها في الزراعة.
نشأة المشروع
كان والي مكناس هو أول من بادر ولجأ إلي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) لطلب رعايتها لهذا المشروع الطموح وهيكلة اعادة استخدام مياه الصرف في مدينة مكناس. وفي هذا الاطار، طلبت الوكالة بمقرها في المغرب الخدمات الفنية من المبادرة "Advancing the Blue Revolution Initiative (ABRI)" لمساندة شركاء قطاع المياه في المغرب من أجل تحديد وتقييم خيارات اعادة استخدام مياه الصرف في الأغراض الزراعية في اقليم مكناس. وسوف تعقد مبادرة (ABRI) شراكات قوية مع الجهات المسئولة عن المياه في مكناس على تطوير مفهوم مشروع نموذجي ومبتكر لاعادة استخدام مياه الصرف في الزراعة. وبالفعل قام والي مكناس بتكوين لجنة لتنسيق العمل حيث تضم كل المؤسسات المعنية في قطاع المياه لهذا المشروع الرائد.
لماذا اعادة استخدام مياه الصرف في مكناس؟
في واقع الأمر لاتمتلك مدينة واحدة من المدن الكبرى في المغرب منشآت لمعالجة مياه الصرف لاعادة استخدامها بشكل مباشر في الزراعة. ومن المتوقع إقامة، محطة معالجة مياه الصرف الخاصة بمدينة مكناس الكبرىSTEP)، في المستقبل القريب، كما سيتم إنشاء محطة "بن سليمان" من أجل استخدام المياه المعالجة في ملاعب الجولف.
يشمل مشروع مكناس الطموح على شبكة كثيفة تتلاقى فيها مياه الصرف ومياه الأمطار التي تصب في محطة (STEP) التي تم الانتهاء منها في نهاية 2008، وذلك بعد مرور عقد من الزمان في أعمال التصميم والانشاءات بتكلفة اجمالية بلغت 70 مليون دولار أمريكي. وتقدر مساحة محطة (STEP) بما يعادل 9 بحيرات تساوي الواحدة منها مساحة ستاد لكرة القدم، وهي مخصصة للمعالجة الأولية على مساحة 35 هكتار. وفي غضون أربع سنوات، تعتزم مكناس التوسع في المعالجة الى المستوى الثانوي وربما المستوى الأعلى وري الآلاف من الأفدنة بإمتداد مصب المحطة ، لتشمل مساحات مزروعة بأشجار الزيتون والبساتين والمحاصيل السنوية. وهكذا يصبح هذا المشروع نموذجا تحتذي به المدن المغربية الأخري في اطار مشروعات الصرف الصحي الجاري تنفيذها.
مصدر متجدد من أجل مغرب خضراء
يمثل استخدام مياه الصرف المعالجة في الزراعة في مكناس تغييرا جوهريا في أساليب الزراعة ومن شأنه الزيادة المطردة في الرقعة الزراعية حيث يعتمد هذا الأسلوب علي مصدر متجدد للمياه، وفي ذات الوقت فإن معالجةمياه الصرف تقلل بنسبة كبيرة من المخاطر الصحية دون معالجة، حيث إعتاد المزارعون في مكناس منذ عقود مضت الاعتماد علي مياه الصرف الصحي في الاستخدامات الزراعية والغسيل دون معالجة مما يترتب عليه مخاطر صحية جمة تؤثر على السكان والمستهلكين والبيئة.
لجنة التنسيق
ويتولى فريق خبراء (ABRI) تنفيذ هذا المشروع من خلال شراكة وثيقة مع "لجنة التنسيق من أجل معالجة مياه الصرف واعادة استخدامها" التي أسسها والي مكناس في مايو 2008. وتضم الجهات الأعضاء في هذه اللجنة: الولاية، المكتب الوطني لمياه الشرب (ONEP) والذي يتولى رئاسة اللجنة، اللجنة المستقلة لتوزيع المياه والكهرباء ((RADEM والتي تقوم بتنفيذ بناء محطة (STEP) وادارتها، وادارة الانتاج الزراعي DPA) ) وهيئة حوض سبو (ABH-SEBOU). ويمكن للجنة أيضا، إذا تطلب الأمر، أن تطلب الإستشارة من كل من المجلس الاقليمي، وزرات الداخلية والتجارة والصناعة، والبيئة، وكذلك الصليب الأحمر الدولي (CRI ) بالإضافة الي الوفد الاقليمي للصحة.
أهداف المشروع
يسعى هذا المشروع إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التي تصب في تعظيم المورد المائي في المغرب وفي مقدمتها:
· مساعدة الشركاء في ولاية مكناس لاستخدام مياه الصرف التي تمت معالجتها بطريقة تعود عليهم بالربح ومقبولة على الصعيد الاجتماعي وتأكيد سلامتها صحيا وبيئيا.
· تطوير المكونات التقنية والمؤسسية والقانونية للممارسات الصحيحة لاعادة استخدام مياه الصرف في الزراعة.
· تنمية وتقوية الاطار المؤسسي والتعاون فيما بين الهيئات المحلية المختصة بالمياه والشركاء الآخرين وكذلك المستخدمين، وذلك من أجل دعم وتنفيذ المشروع.
· دمج المكاسب التشغيلية والمالية والاجتماعية للمستفيدين في خطة تنفيذ المشروع.
وتسعى هذه الأهداف كما هو واضح إلى مواجهة المشكلة المائية حيث يعتبر عجز المياه تحديا حقيقيا يجب التغلب عليه ، وتوفر امكانية اعادة استخدام مياه الصرف فرص كبيرة وحقيقية لتعزيز وتحسين مستوى معيشة المزارعين وتزويد المستهلكين بما يكفيهم ولابد وان نشير في هذا السياق إلى أن ظروف الانضمام للمشروع واعدة والمشاكل أقل بكثير من نظيراتها في المناطق الأخرى من المغرب. ان الطلب على المياه حقيقي ومشاركة المنتجين في المشروع أضحت ضرورية وحيوية.
المسطحات الزراعية المتوقع زيادتها
وتسمح كميات مياه الصرف الناتجة عن المدينة والمتوقعة بري المسطحات التي من المحتمل ريها فيما بين عامي 2008 و2020. وستكون تلك المسطحات متغيرة تبعا للتقنيات المتبعة في الري.
المكاسب المتوقعة من الري
كما يسمح الري بمضاعفة بل بزيادة ثلاثة أضعاف العائد من المحاصيل، وبصفة خاص الحبوب والخضروات. وهذا يوضح التأثير الايجابي الذي سيتحقق للمزارعين نتيجة استخدام الري الدائم.
تصورات المستفيدين وموقفهم
من واقع التحقيقات الميدانية توصلنا الى النتائج التالية:
· الماء هو العامل الوحيد الذي يحد من الانتاجية الزراعية وذلك بسبب العجز القائم في المياه والذي يتجاوز 900 مم ويتفشى على مدار 7 أشهر من ال12 شهرا.
· يدرك المنتجون جيدا هذا التحدي الرئيسي ويؤكدون الدور الحيوي في حال توفر مصدر دائم للري
· ان المنتجين على استعداد تام للمشاركة في تحقيق هذا المشروع
· أظهرت التحقيقات أنه يوجد بالفعل سوق مياه مختزنة يجب العمل على تنميته
· أعرب المنتجون عن رغبتهم في الاكتتاب والاستفادة من مياه الصرف المعالجة مقابل دفع رسوم
مفاتيح النجاح
· وضع نهج يقوم على المشاركة فيما بين الهيئات المنضمة إلي المشروع وبين المستفدين منه
· وضع اطار مؤسسي وشراكة تعاونية موضع التنفيذ
· نظام ري محلي ذو أداء عالي
· اتباع التوجيهات والممارسات الصحيحة في اعادة الاستخدام والتي تتكيف مع الأوضاع المحلية
· ضرورة وضع سياسات قيد التنفيذ تعمل على تعزيز أعمال المعالجة واعادة الاستخدام المستدام لمياه الصرف التي تم معالجتها
· الحوار الدائم بين جميع الأطراف المشاركة
ساحة النقاش