أنفلونزا الخنازير وبداية
رحلة الإنقراض للحياة
لقد أصبحت البيئة بإعتبارها الوسط الطبيعي مرتعاً خصباً بفعل عوامل التدهور البيئي لنمو الكثير من المهلكات أو المقوضات لأوجه الحياة للكائنات الحية ... وذلك هو ما بدأ العلماء يدقون له ناقوس الخطر منذ فترة وأشادوا بأن ثلثي الكائنات الحية التي تعيش على الأرض سوف تتعرض للإختفاء والانقراض بحلول عام "2050" وذلك بناء على دراسات وأبحاث علمية قد أجروها ... وإذا ما أضفنا مجمل العوامل التي أدت إلى ظهور مثل هذه الأمراض والأوبئة الغريبة على البشرية والتي لم تختبرها طوال حياتها ورأينا أن هذه المهلكات والمقوضات لمظاهر الحياة والعمران على سطح ذلك الكوكب موئلنا الذي تقطنه والذي ليس لنا بديل أو غنى عنه إذ أنه لم تثبت حتى الآن وجود مكان أخر يمكن أن يعيش فيه ذلك الكون الفسيح والرحب غير الأرض وذلك على الأقل طبقاً لما هو متوفر لدينا من معرفة أوما أوصلتنا إليه إكتشافاتنا في تلك الرحلة للبحث عن الحياة الأفضل ولكن فيما يبدو أن الإنسان في مسعاة نحو ذلك الهدف وهو الحياة الأفضل قد ضل وإذ به يعبر الطريق نحو حياه ملؤها الشقاء والمعاناة تسرع الخطي به نحو النهاية المحتومة له ولذلك الموضع الذي يسكنه أي البقاء المادي لذلك العالم وما عليه أحد هذه العوامل تتسم بالقوة والعنف الشديدين اللذين يلتهما الإنسان والأرض التي يقف عليها في لحظات وثوان معدودات وهى هجمات شرسة من حيث شكلها وكذلك من حيث نتائجها وحصادها في أرواح البشر حيث فاقت ضحايا الحروب "ووسائلها" رأينا ذلك في الإعصارات والفيضانات الهائلة والمرعبة التي كانت تضرب القرى والمدن كسيف مستل على العالم ومن فيه رأينا التسوناميات وهى كلمة يابانية ومعناها الموج العالي "Tusnami" والذي ضرب تسع دول في شرق أسيا وأطاح بها فأتى على كل منََ فيها على مظاهر الحياة وفى لحظات عم الخراب والدمار .. وعلى الرغم من تلك الهجمات الإعتراضية التي تأتى ما بين الحين والأخر والتي تمتلئ بها تترات نشرات الأخبار وهى تكاد تكون على نحو متواصل ولكن هناك ذلك المهلك أو المهلكات التي تعمل في صمت والتي هي كالسوس الذي ينخر في جدار البيئة أو الوسط الذي يعيش فيه الإنسان وهذه الحالة يشبه ما يتم بعمليه التخمر التي قد تبدو هادئة ولكن سرعان ما تحدث هذه الانفجارات المدوية من خلال تلك الاسلحه والمعدات الفتاكة التي تستخدمها البيئة في الرد على تصرفات وممارسات الإنسان بعد فترات من الصمت وكأنها في كل مره تحاول أن تكظم الغيظ ولكن الإنسان دائما يستفذها سواء كان عن ذلك قصد أو دون قصد فإذا بها تخرج من حالة الكظم للغيظ ومن ثم فلا تصل إلى حاله العفو إذ بها تقول لنا إن غدركم قد رد إلى نحوركم فتارة تقذفنا باعصارات أو فيضانات أو حتى هزات أرضيه وبراكين نارية أو يأخذ ذلك التدمير أو الرد شكل صامت من خلال الأوبئة والأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان على السواء " وقبل هذا وذاك فإن هذه الثورات والإنقلابات التي تقوم بها الطبيعة من نتائجها ذات المفعول الممتد هو أنها تقوض مقومات ذلك الوسط الصالحة أو الملائمة لحياة الإنسان والنبات أي أنها تدمر النظم البيئية "Ecologies" ومن ثم أما تهجرها هذه الكائنات بحثاً عن وسط ملائم تستكمل فيه حياتها وعادة ما لا تجد ذلك فهي تنتهي وتختفي من خلال ما يعرف بظاهرة الإنقراض ونتيجة إفساد ذلك الوسط البيئي وذلك بفعل تدخل هذه العوامل المدمرة للبيئة " والأمر لا يقتصر عند ذلك الحد بل من أحد مظاهر ذلك الإفساد هو ظهور العديد من الأمراض والأوبئة الأكثر فتكاً والتي عادة ما لا يوجد أو يجدى معها علاج وعادة ما يفشل الإنسان فى مواجهتها لأن عنصر المفاجأة من جهة وكذلك سرعة تولد هذه الأوبئة وأيضاً معدلات إنتشارها عادة ما تصيب الإنسان بالشلل أو على الأقل حالة من عدم التكافؤ وبذلك يصبح حصادها أكثر من مر ومدمراً .. هذه الحقيقة قد توصل إليها الباحثين والعلماء في العديد من الدراسات ولاسيما في المنطقة المتوسطية حيث تم التوصل إلى أن هناك علاقة ما بين التغير وظهور العديد من الأمراض بل وأيضاً التغيرات البيولوجية على بعض الكائنات البحرية ... في ظل ذلك التدهور الحال بالبيئة ظهرت تلك القائمة من الفيروسات التي تصيب الإنسان والحيوان والتي تخشى من أن يحدث هناك نوع من التباديل ما بين حركة هذه الفيروسات من الإنسان والحيوان بحكم إختلاطها فتظهر أنواع جديدة من الفيروسات نتيجة عملية التحور "Transmission" أكثر شراسة ويتسع مجال تدميرها وهلاكها " وصورة أوبئة تسلك في الدجى والظهيرة ولا منقذ للإنسان منها وذلك هو السبب وراء تلك الحالة الهلع والخوف التي تقضى بنى الإنسان بغض النظر عن الزمان والمكان لذلك لا فرق ما بين الرعب الذي يعيش فيه المواطن في المكسيك وما بين ذلك الذي يعيشه المواطن في مصر " فالأوبئة تسبح في الفضاء كما أن حركة الاتصال والنقل والمواصلات والإحتكال والتواصل بكافة الطرق والإشكال مما يجعل من إنتقال المرض والوباء أمر سهل " ... لقد كانت البداية بذلك المرض أو الفيروس الذي إجتاح الصين والذي عرف بسارس وكان عاتياً وقوياً وحصد الكثير من الأرواح وكان مصدراً للهلع والفزع " ثم ظهرت أنفلونزا الطيور وصارت شيء يهدد العالم ورغم ذلك كانت الجهود التي بذلتها الدول ومنظمة الصحة العالمية والتي تقف على المرصد لتلاحظ ما يحدث ويدور وتطلق سفارات الإنذار وتدق نواقيس الخطر وإذ فيروس جديد يصيب الخنازير " وهو فيروس معروف ولكن مصدر تلك الحالة من الخوف والهلع والتي تستوجب المواجهة هي أن وجود أنفلونزا الطيور والتي يخشى معها أن يحدث أن تنتقل من الإنسان للخنازير وهنا يحدث نوع من الالتقاء الذي يؤدى إلى خروج مجموعة من الفيروسات الشرسة التي تلتهم الإنسان وتقوص الحياة " أن مصدر الخوف هنا هو أن يصير الخنزير " حضانة وملتقى للفيروسات التي تصيب الإنسان والطيور فالفيروس الذي يصيب الخنزير هو معروف وليس مجهول ولكنه بالنظر إلى إمكانية إصابة الخنازير بأنفلونزا البشر والطيور " فهذه الفيروسات يمكن أن تختلط وتتمحور وتحقق تركيبة جديدة من الفيروسات التي تصيب البشر وتكون إصابتها شديدة وقوية ومؤثرة " فالخنزير لا ينقل الفيروس الذي يحمله ولكن الإنسان هو الناقل للخنزير " في إطار هذه المعضلة أو تلك الأحجية يصبح الإنسان عاجز أمام خطر لا نبالغ إن قلنا أنه أكبر منه وبما لا يتجاوز إمكانياته لذلك فهو عليه أن يقاوم ولا يستسلم لأن الأمر في النهاية يتعلق بالحياة والبقاء من هنا فإن كافة الأصوات التي يمكن أن تصف نفسها بالمتأنية أو تتمسك بهدوئها فتلك تأخذ في الاعتبار عنصر هام وهو رغبة الإنسان في الحياة وحب الحياة والتي تجعل كل شئ يهون " وكما يقولون أن الضرورات تبيح المحظورات " ومع ذلك فإن ما يتم إتخاذه حتى الآن من إحتياطات لمواجهة ذلك الوباء ليس فيها بالمحظور "
وأن تلك النواحي أو الأسباب ذات الغلاف الإقتصادى التي يدفعون بعا فتصبح واهية ولا تملك السند الذي يمكنها من الصمود طويلاً أمام ذلك الخطر الداهم الذي يحرق الحياة حرقاً ويقوض أركانها وهنا تنعدم أية قيمة "Value" لأي شئ إذ لا قيمة لشئ بالمرة أمام الحياة أو يمكن أن يكون محل تقييم أو موضع للمفاضلة وهنا تنعدم البدائل "Alternatives" وتصير صفرية وأن مفهوم نفقة الفرصة البديلة يصبح لا وجود له لأن الفرصة البديلة هنا وتكلفتها هي حياة الإنسان .
ساحة النقاش