نرحب دائماً بأي مناسبة بيئية عالمية أو إقليمية أو حتى محلية .. للتذكير بأهمية الحفاظ على البيئة وحماية مواردنا الطبيعية .. ونشر الوعي البيئي بين مزيد من القطاعات الجماهيرية.

وما أحوجنا اليوم في ظل احتدام المشكلات البيئية وفي مقدمتها تغير المناخ والعواقب الوخيمة لهذه المشكلة التي نلمح بوادرها يوماً بعد يوم، خاصة وأن صور الأقمار الصناعية قد أكدت أن مستوى مياه البحر المتوسط يرتفع سنوياً بمقدار 0.8 بوصة في السنة، أي أنه سيتراوح ارتفاع مياهه في نهاية هذا القرن بمقدار من 30 إلى 100 سم وهو الأمر الذي يهدد بإغراق دلتاوات عديدة في مختلف أنحاء العالم، ومشاكل أخرى لا حصر لها في مقدمتها الهجرة الأيكولوجية للعديد من السكان في مختلف أنحاء العالم.

وفي سياق هذا الترحيب بالمناسبات البيئية العالمية يأتي الاحتفال بيوم الأرض الذي يوافق الثاني والعشرين من أبريل من كل عام.

وعلى الرغم من أن هذا اليوم هو ابتكار أمريكى في المقام الأول .. إلا أنه تحول إلى احتفالية عالمية على مدار السنين .

وقد بدأ الاحتفال بيوم الأرض في عام 1970 أي قبل مؤتمر الأمم المتحدة للإنسان والبيئة عام 1972، وقبل إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة وغيره من المؤسسات، والاحتفالات البيئية الأخرى.

وقد ولد يوم الأرض كشكل مباشر لميكانيزم الحركة السياسية المتأججة في أمريكا في هذه الحقبة بسبب الحركات الاحتجاجية على حرب فيتنام .. حيث استثمر السيناتور غيلورد نلسون وهو من ولاية وسكونسون والمهتم بالبيئة هذا المناخ المتوتر ونظم حلقة تعليم حول البيئة في هذا التاريخ وكانت البداية ليوم الأرض.

وقد استقبلت الآلة الإعلامية الأمريكية هذه المناسبة بالترحيب والترويج خاصة بعد الاحتراق الذاتي الذي شهده نهر كوياهوغا في ولاية أوهايو والذي يجري في قلب المنطقة الصناعية الأمريكية والذي اشتعل ثلاث مرات الأولى كانت في الثلاثينيات من القرن العشرين ثم في الخمسينيات وبعدها في الستينيات من نفس القرن، وذلك بفعل النفايات الكيماوية التي كانت تلقى في هذا النهر.

ولا شك أن يوم الأرض قد حقق الهدف منه أمريكياً إذ أنه كان يهدف في الأساس إلى إثبات وجود قلق عميق لدى الدولة ككل على البيئة بما يهدد من حدوث هذه على الساحة السياسية .. وقد نجحت هذه المناسبة في حشد أكثر من 20 مليون متظاهر في مسيرة سلمية في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية .. كما تلا ذلك إصدار تشريعات فيدرالية رائدة، فقد تم إنشاء وكالة حماية البيئة الأمريكية عام 1970، ثم صدر قانون الهواء النظيف وقانون المياه النقية عام 1972، وتلا ذلك صدور قانون أنواع الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض عام 1973 ويكفي أن أشير إلى أنه إذا كان 20 مليون أمريكى احتفلوا بهذه المناسبة في بداية انطلاقها .. فإن أكثر من 200 مليون شخص احتفلوا بها على مستوى كافة دول العالم في عام 1990، أي عشر أضعاف عدد المشاركين عام 1970.

وقد تطور الاحتفال بهذه المناسبة الأمريكية المنشأ العالمية التوجه حالياً إلى تظاهرة إيجابية في عام 1990 أثناء انعقاد قمة الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل.

وتحول بعد ذلك في عام 2007 من مجرد حركة احتجاج في منشأها، إلى احتفال عالمي بالبيئة والتزام كامل بحمايتها.

وإذا كان يوم الأرض يجسد في مضمونه مسيرة حية وواقعية لنمو الوعي البيئي على امتداد ثلاثة عقود .. وإذا كانت البيئة بالفعل إرثاً يهم كل شعوب الأرض من منطلق أنه (عالم واحد) فإننا نأمل أن يلتفت البلد الذي أطلق واحدة من أهم المناسبات البيئية العالمية ألا وهي يوم الأرض .. نأمل أن يدرك أنه الملوث الأول للبيئة على وجه هذه الأرض .. نأمل منه كذلك أن يوقع على بروتوكول كيوتو للتغيرات المناخية ليلتزم بحق في تقليل انبعاثاته المتسببة في المشكلة والتي تتجاوز أكثر من 25% من مجمل الانبعاثات العالمية.

نتمنى أن يأتي يوم الأرض القادم وأمريكا تبذل جهداً أكبر في مساعدة العالم النامي لمجابهة آثار مشكلة تغير المناخ التي لم يتسبب في وجودها إنما سيعاني من آثارها الوخيمة.

ونرجو أن يأتي يوماً نحتفل فيه بيوم الأرض في عالم خالي من الحروب .. المدمر الأول للإنسان وللبيئة في العالم.

وإذا ما حدث كل ذلك .. فربما تتحول احتفالية العالم بيوم الأرض .. إلى احتفالية جديدة تحت عنوان:

يوم الإنسان والأرض

المصدر: المكتب العربي للشباب والبيئة
  • Currently 224/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
77 تصويتات / 1222 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

156,105