الاستراتيجية الدولية للحد من خطر الكوارث

والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري

تدشنان أول مركز إقليمي للحد من خطر الكوارث بالقاهرة

المركز آلية جديدة للتدريب والبحوث وإعداد الكوادر لمواجهة خطر الكوارث

كلما تقدم الانسان وقطع مزيداً من الأشواطك على طريق الرقي والرفاهة التكنولوجية والاجتماعية .. كلما زادت مخاطر وحدة الكوارث الطبيعية، وهددت بالتالي هذا الإنجاز البشري إذا جاز أن نسميه إنجازاً.

والمسألة تتعلق بمعادلة بسيطة مؤداها أن التقدم البشري دائماً ما يأتي على حساب الجور على الموارد الطبيعية واستنزافها في كثير من الأحيان.

لذا وجب على الإنسان أن يبذل أقصى الجهد للاستعداد لهذه المخاطر الطبيعية التي نسهم في بعضها مثل (مشكلة تغير المناخ)، أن نهيئ مجتمعاتنا للتعامل مع هذه المخاطر بالصورة التي تقللها قدر الإمكان.

وفي هذا السياق شهدت القاهرة في أوائل مارس الماضي افتتاح أول مركز إقليمي للحد من خطر الكوارث في العالم العربي، وذلك في الرابع من مارس عام 2009.

 

وقد تم إنشاء هذا المركز من خلال الشراكة بين الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى وأمانة الأمم المتحدة للاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث، وتمت استضافته فى مقر الأكاديمية العربية بالقاهرة. وقام بافتتاحه السيدة مارجريتا فالشتروم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للحد من الكوارث والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لتنفيذ إطار عمل هيوغو وصاحب السمو الملكى الأمير تركى بن ناصر بن عبد العزيز رئيس المكتب التنفيذى لمجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة والرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة بالمملكة العربية السعودية والدكتور محمد فرغلى مدير عام الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى بجامعة الدول العربية

 

·        أهمية المركز بالنسبة للمنطقة العربية:

المنطقة العربية، كسائر مناطق العالم تتعرض للعديد من الكوارث الناتجة عن المخاطر الطبيعية مثل الزلازل والانزلاقات الأرضية والفياضانات والسيول والجفاف وغيرها، ووفقاً لمنظمة الأرصاد العالمية فإن أكثر من 80% من الكوارث الطبيعية فى الإقليم العربى ناتجة عن مخاطر الجو والمناخ والمياه؛ ففى الفترة ما بين 1980 و 2008 تعرضت المنطقة لموجات الجفاف والزلازل والفيضانات والأعاصير أثرت على سبل معيشة 37 مليون شخص وتسببت فى خسائر اقتصادية بتكلفة تقديرية تصل إلى أكثر من 19 مليار دولار. هذا بالإضافة لما تتعرض له المنطقة من الكوارث البيئية الناتجة عن الأنشطة البشرية المختلفة.

ونتيجة لظاهرة تغير المناخ، يتوقع العلماء أن تزيد حدة المخاطر الطبيعية التي تتعرض لها المنطقة، بالإضافة إلى تكون مخاطر جديدة مثل ارتفاع سطح البحر وتأثير ذلك على المناطق الساحلية الحيوية. ومن المؤكد أن الآثار المدمرة للكوارث تعتمد بشكل مباشر على قابلية المجتمعات والتجمعات السكنية على التأثر بها. ومن هذا المنطلق فقد صدقت الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال قرارها رقم 60/195 في مارس 2006 على إطار عمل هيوجو 2005-2015، والذي حث على بناء قدرات الأمم والمجتمعات على مواجهة الكوارث، وذلك من خلال توفير المصادر اللازمة وبناء قدرات المجتمعات على مقاومة آثار المخاطر وتنظيم نفسها قبل وأثناء وقوع الكارثة. كما ناشد إطار هيوجو بإنشاء مراكز اقليمية متخصصة في مجال الحد من خطر الكوارث تعمل على بناء القدرات والتدريب والتعليم وإجراء البحوث. 

ومن أجل تطوير القدرات المؤسسية والبشرية في المنطقة العربية فى مجال مواجهة الكوارث والحد من خطرها فقد وقعت الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى وأمانة الأمم المتحدة للاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث مذكرة تعاون وشراكة فى عام 2008، وكمبادرة رئيسية من خلال هذه الشراكة تم إنشاء هذا المركز الإقليمى، والذي يعد خطوة كبيرة في الإجراءات العالمية والإقليمية نحو الحد من خطر الكوارث، من خلال التعاون الفني وتنمية القدرات واستحداث مناهج ومعايير لتقييم ومراقبة المخاطر ونقاط الضعف في المنطقة العربية، وتبادل المعلومات والتعبئة الفعالة للموارد، وكذلك تعزيز الاندماج الفعال لاعتبارات خطر الكوارث في سياسات التنمية المستدامة والتخطيط في دول المنطقة.

·        مهام المركز

تتمحور أهداف المركز بصورة عامة حول تعزيز القدرات الوطنية والإقليمية في مجالات تقييم المخاطر ووضع السياسات والحلول الملائمة للحد من خطر الكوارث، وبناء قاعدة معلوماتية واسعة وشبكة تعاون وتبادل خبرات في هذا المجال. ومن مهامه:

§    التعاون مع الجهات الدولية والإقليمية لوضع برامج تدريبية ملائمة لاحتياجات المنطقة، بما في ذلك استخدام التقنيات الحديثة لتقييم المخاطر وإيجاد الحلول المناسبة للحد من الخسائر المحتملة للكوارث

§    تعزيز القدرات الوطنية والإقليمية للحد من خطر الكوارث من خلال إقامة الدورات التدريبية المختلفة، بما في ذلك ورشات العمل والدورات التدريبية القصيرة، والتعليم الالكتروني وغيرها.  

§    دعم إجراء البحوث والدراسات الخاصة بتحديد أنواع وأماكن المخاطر الطبيعية التي تتعرض لها المنطقة وتحديدها على الخرائط الرقمية

§    التعاون مع الجهات الدولية والإقليمية والوطنية لتجميع البيانات والمعلومات الخاصة بالمخاطر الطبيعية وبناء قواعد بيانات متخصصة لتوفيرها لكافة الاطراف المعنية

§    مساعدة الدول على اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان دمج الحد من خطر الكوارث فى عملية التنمية.

§    السعى نحو عمل شبكات وشراكات بين المؤسسات الوطنية والإقليمية مع مبادرات المنظمات الدولية للحد من الأخطار.

§    تسهيل تبادل الخبرات والمعرفة فيما يتعلق بالحد من خطر الكوارث.

 

·   أول مركز للحد من خطر الكوارث في المنطقة العربية  

لقد سبق أن قامت أمانة الأمم المتحدة للاستراتيجية الدولية للحد من خطر الكوارث بالمشاركة في إنشاء عدد من المراكز المتخصصة للحد من خطر الكوارث في العالم؛ فقد اشتركت في أنشاء المركز الإقليمي للإنذار المبكر في بون في ألمانيا، ومركز التعافي من الكوارث في كوبي في اليابان، والمركز اللإقليمي للحد من خطر الزلازل في إيران ليخدم منطقة شرق آسيا.  

 

وفي هذا السياق يتم الآن افتتاح المركز الأول من نوعه في المنطقة العربية في مقر الأكاديمية العربية ليخدم كافة الدول العربية في مجالات التدريب والبحوث الخاصة بالحد من خطر الكوارث.

 

وتعني الأمم المتحدة من خلال أمانتها للاستراتيجية الدولية للحد من خطر الكوارث بتنفيذ إطار عمل هيوجو عن طريق حث الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والمجتمع المدني على تنفيذه من خلال آليات اقليمية معينة تساعد على تنفيذه في الإطار الإقليمي، ومن هنا فإن إنشاء هذا المركز الإقليمي يساعد على تحقيق الأهداف الاستراتيجية الثلاث لإطار عمل هيوجو والتي تنص على:

§          تعزيز الإدماج الفعال لاعتبارات خطر الكوارث في سياسات التنمية المستدامة والتخطيط

§          استحداث وتعزيز المؤسسات والآليات والقدرات التي يمكنها أن تسهم على نحو منتظم في بناء القدرة على مواجهة الأخطار

§          الإدراج المنتظم لنهج الحد من الأخطار في تصميم وتنفيذ برامج التأهب للطوارئ والتصدي لها والتعافي منها وبالتالي فسوف يساهم المركز في تعزيز قدرة منظومة الأمم المتحدة على نشر منهج الحد من خطر الكوارث في المنطقة وتشجيع دمجه في المجالات الإنسانية والتنمية المستدامة، وبالتالي مساعدة الدول المعرضة للكوارث على الحد من الخسائر الناجمة عن الكوارث، من خلال دعم قدرتها على وضع وتنفيذ التدابير الملائمة لتقييم المخاطر ومواجهة الكوارث.

 

·  لماذا الأكاديمية العربية؟

الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري هي إحدى المنظمات المتخصصة من منظمات جامعة الدول العربية. وتتضمن الاتفاقية الحكومية الخاصة بالأكاديمية، والتي صادقت عليها جميع الدول العربية، على عمل الاكاديمية في مجالات العلوم والتكنولوجيا، بما فيها من إجراء البحوث والدراسات وتنفيذ المشروعات ونقل التكنولوجيا الحديثة وإنشاء مراكز متخصصة لتنفيذ ذلك للوفاء باحتياجات الدول العربية. ويشكل الحد من خطر الكوارث أحد أفرع العلوم الحديثة التي لها علاقة وثيقة باستخدام التكنولوجيات المستحدثة.

 

وعلى مدار 36 عاما، منذ إنشاء الاكاديمية، تراكمت للأكاديمية خبرة واسعة فى مجال إعداد الكوادر البشرية فى كافة المجالات العلمية والتعليمية والاستشارية والتدريبية والبحثية التي تمتد لكافة دول المنطقة، بالإضافة لخبراتها الواسعة بإجراء البحوث والدراسات العلمية في مجالات إدارة الأزمات والكوارث البيئية والحد من مخاطرها، وخبرتها في تصميم وإقامة غرف العمليات لإدارة الأزمات مثل؛ غرفة العمليات المركزية وغرف العمليات في وزارات البيئة وقطاعات البترول وحوادث التلوث البيئي، مزودة بالنماذج الرياضية للتعامل مع العديد من الأزمات والكوارث، كالزلازل والبراكين والفياضانات وإنهيار السدود وغيرها.

 

ومن خلال إنشاء هذا المركز تسعى الأكاديمية العربية أن تكون مركز "امتياز" في مجال الحد من خطر الكوارث للوفاء باحتياجات الدول العربية فيما يتعلق بتأهيل وتنمية الكوادر البشريه والمؤسسات الوطنية، ونشر المعلومات وتبادل الخبرات، ودعم السياسات، والتعاون مع كافة الجهات المعنية الوطنية والإقليمية والدولية للعمل على الحد من أخطار الكوارث في المنطقة.

ومن المؤكد أن كافة الجهات المعنية في المنطقة يمكنها الاستفادة من الخدمات المقدمة من هذا المركز الإقليمي، ويشمل ذلك الجهات الرسمية، القطاع الخاص، المجتمعات المدنية، الجهات البحثية والتعليمية، الأفراد وغيرها. كما سيتم من خلال المركز التعاون مع الجهات الوطنية والإقليمية والدولية لإجراء البحوث وتجميع البيانات والمعلومات التي تساعد على تقييم المخاطر في المنطقة وتساهم في وضع السياسات التنموية الداعمة للتقليل من أخطار الكوارث وبالتالي الداعمة للتنمية المستدامة.     

 ولاشك أن إنشاء مثل هذا المركز الهام ما هو إلا بداية وخطوة على طريق طويل يصل بنا إلى تنمية قدراتنا العربية المادية والبشرية للحد من مخاطر الكوارث، وجعل شعوبنا ومجتمعاتنا أكثر جاهزية للتعامل مع هذه الأنماط من المخاطر الطبيعية، والتي ستمكنها بالتبعية من تقليل هذه المخاطر وتوفير أقصى قدر ممكن من الحماية لكل شعوب العالم العربي.

المصدر: المكتب العربي للشباب والبيئة
  • Currently 209/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
70 تصويتات / 2715 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

156,105