القضية الجوهرية فى التنمية البشرية هى خلق بيئة يستطيع الأفراد أن يقوموا فيها بتنمية قدراتهم الكامنة وأن يحيوا حياة منتجة ومبدعة تتوافق مع حاجاتهم ومصالحهم، وبالمشاركة يلعب الناس فيها دوراً أساسياً، وتطرح هذه القضية أهمية التكامل بين الدولة والقطاع الأهلى فى تحقيق التنمية البشرية، فلكل منها دوره المميز فى هذه العملية حيث تتحمل الدولة مسئولية توفير الإطار التشريعى المناسب والإستراتيجية الكفيلة بطرح مهام محددة وبناء أطر تنظيمية قادرة على تمكين كل راغب فى المشاركة من أن يقوم بدور محدد والمساهمة بدور كبير فى توفير المصادر المالية، أما القطاع الأهلى فإنه قادر على تحقيق تعبئة موارد وطاقات إضافية بطرق لا تستطيع الدولة أن تقوم بها، خاصة وأن الجمعيات الأهلية تنشط وسط الناس وتتوفر لديها معرفة أكثر بإحتياجاتهم التفصيلية ومدى إستعدادهم للمشاركة والطرق المناسبة لتمكينهم من تطوير قدراتهم سواء فى مجال الحصول على معارف أكثر أو التدريب على مهن أفضل أو ممارسة أعمال أكثر قدرة على تحسين دخولهم وتمكينهم من ترقية مستوى معيشتهم.

والعلاقة بين الدولة والقطاع الأهلى هى علاقة أساسية تقوم على التأثير المتبادل والمتطور حيث يقوى كل منهما الآخر ويساعده على تحقيق نتائج أفضل لنشاطه، خاصة وأن كلا منهما كما أوضحنا له دوره المتميز ويتطلب التعاون بينها قيام شراكة حقيقية يعاد من خلالها تنظيم العلاقة بين الطرفين على أساس اللامركزية ووجود دور فاعل للقطاع الأهلى يساهم من خلاله فى تحديد أهداف التنمية البشرية ومجالاتها ومشروعاتها والآليات المحققة لها وأفضل الطرق لتعبئة الموارد المالية اللازمة حيث يستطيع القطاع الأهلى أن يحقق تعبئة أفضل لجهود الأفراد والتأثير على السياسات العامة وتعزيز المساءلة والشفافية وعندما نتحدث عن تقوية القطاع الأهلى وتحقيق الشراكة بينه وبين الدولة فإن ذلك لا يؤدى إلى إضعاف الدولة   أو تشرذم المجتمع، بينما نحن فى حاجة إلى دولة قوية قادرة عادلة تطبق الديمقراطية وتعطى الحرية للقطاع الأهلى بما يضاعف من قدراته على أن يكون قوة مضافة للجهود الى تبذلها الدولة فى مجال التنمية البشرية.

وعندما ينهض القطاع الأهلى بدور أساسى فى التنمية البشرية فإنه يساهم بذلك فى تجاوز الدور الوظيفى للجمعيات الأهلية الذى ما يزال سائداً الآن فى نشاطها ويقوم على الإكتفاء بتقديم الرعاية للفقراء والمحتاجين وإشباع حاجات خدمية لفئات إجتماعية معينة وهو دور لا يؤدى إلى تغيير الظروف التى تعيشها هذه الفئات المحتاجة بل يعيد إنتاج هذه الظروف القائمة بما فيها من فقر وبطالة وتهميش وإفتقاد للعدالة، فى حين أن المطلوب هو قيام الجمعيات الأهلية بدور تغييرى تنموى يتحقق من خلاله إسهامها فى مجالات التنمية البشرية ومساعده المواطنين الفقراء والمتعطلين والمهمشين على إكتساب معارف أكثر والتدريب على خبرات مهنية أفضل والحصول على مستوى معيشى أحسن.

·   هذا الدور التنموى التغييرى الذى يمكن أن يلعبه القطاع الأهلى لمساعدة الناس على تحسين أوضاعهم الثقافية والإقتصادية والإجتماعية هو الذى تقوم به الجمعيات الأهلية المهتمة بتحسين الظروف البيئية التى يعيش فيها المواطنين من بيئة طبيعية  وبيئة حضارية، تكفل تحقيق سبل المعيشة المسئولة والمستدامة، وتهيئ للبشر أفضل السبل للتنمية الإقتصادية والإجتماعية دون إغفال البُعد البيئى، ومن هذه التصنيفات للجمعيات الأهلية، الجمعيات الأهلية التى تعمل فى مجال البيئة والتنمية المستدامة والمنضمة للشبكة العربية للبيئة والتنمية.

المصدر: المكتب العربي للشباب والبيئة
  • Currently 110/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
37 تصويتات / 875 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

156,051