·   يجمع الخبراء على أن مشاكل الفقر والتهميش لايمكن مواجهتها بفاعلية إلا من خلال التوسع فى التنمية البشرية التى هى الشرط الأول للتحديث والإنطلاق بقوة نحو التنمية المستدامة ومواجهة المستقبل فى إطاره الجديد من منافسة جدية فى جميع مجالات الإنتاج والخدمات والتنافس التكنولوجى، وما يطلبه ذلك من موارد بشرية عالية الكفاءة والمهارة قادرة على تشغيل مختلف قطاعات الإنتاج والخدمات وتطويرها وتحديثها المستمر بالفكر الإبداعى المتجدد القائم على علم جيد وتدريب مستمر وإمتلاك تكنولوجية وطنية قادرة على تحديث مختلف قطاعات النشاط الإقتصادى والإجتماعى.

·   إذا كان للتنمية البشرية كل هذه الأهمية فى مواجهة المشكلات الكبرى كالفقر والتهميش والبطالة ورفع مستوى المعيشة فما هو المقصود بالتنمية البشرية وما هى مقوماتها الأساسية؟ إستقر الرأى فى البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة وسائر منظماتها وفى المؤسسات الدولية ومراكز البحث الأكاديمية على أن التنمية البشرية هى "توسيع خيارات الناس وقدراتهم من خلال تكوين رأس مال إجتماعى لتلبية إحتياجات الأجيال الحالية بأعدل طريقة ممكنة، دون الإضرار بإحتياجات الأجيال اللاحقة"

·   تتعلق التنمية البشرية بما هو أكثر بكثير من إرتفاع أو إنخفاض الدخول القومية، فهى تتعلق بخلق بيئة يستطيع الأفراد أن يقوموا فيها بتنمية قدراتهم الكامنة، وأن يحيوا حياة منتجة ومبدعة تتوافق مع حاجاتهم ومصالحهم، فالشعوب ثروة الأمم الحقيقية. التنمية على هذا النحو تتعلق بتوسيع مجالات الخيارات المتاحة للناس كى يحيوا الحياة التى يرونها، وهى على هذا النحو تتعلق بما هو أكثر من النمو الإقتصادى الذى ما هو إلا وسيلة فقط، إن كانت شديدة الأهمية لتوسيع خيارات الأفراد. ويعد بناء قدرات البشر الأساس الجوهرى لتوسيع هذه الخيارات، وأكثر القدرات أساسية للتنمية البشرية هى أن تحيا حياة مديدة وصحية، وأن تكون واسع المعرفة، وأن تمتلك القدرة على الوصول إلى الموارد اللازمة لمستوى معيشة مطلق وأن تكون قادراً على المشاركة فى حياة المجتمع، بدون تلك القدرات تصبح العديد من الخيارات غير متاحة ويتعذر الحصول على العديد من الفرص فى الحياة.


من هذا التعريف للتنمية البشرية يتضح أنها تتضمن عناصر عديدة أهمها:

أ‌-  تحرير البشر من كل ما يعترض تطوير معارفهم وقدراتهم وتمكينهم من الإرتقاء بهذه المعارف والقدرات، وإكتساب المهارات والخبرات التى تساعدهم على إطلاق طاقات الإبداع الكامنة فيهم .

ب‌-تمكين البشر من توظيف قدراتهم ومعارفهم ومهاراتهم فى أعمال مفيدة، وذلك من خلال التوسع المستمر فى الطاقات الإنتاجية التى تكفل فرصاً كافية لتشغيل كل قادر على العمل وراغب فيه.

ت‌-تحرير البشر من القيود التى تحرمهم من المشاركة فى صنع القرارات التى تمس شئون حياتهم وشئون مجتمعهم.

ث‌- تحرير البشر من الفقر والحرمان ومن صنوف الظلم الإجتماعى وعدم المساواة وتمكينهم من إشباع حاجاتهم الأساسية المشروعة ومن الحصول على نصيب عادل من ثمار ما يحققه المجتمع من نمو إقتصادى.

ج‌- تمكين البشر من تحسين نوعية حياتهم عى نحو مطرد، وذلك من دون الإعتداء على حقوق الأجيال التالية فى تأمين ما يكفى من الموارد الطبيعية لتحقيق مستوى معيشى لائق وكذلك صيانة حقهم فى العيش فى بيئة نظيفة.

هناك أهمية كبيرة لهذا التأكيد على ضرورة التوسيع فى التنمية البشرية فى الدول النامية وتحديد مقوماتها الأساسية التى تساعد البشر على توسيع خبراتهم وتحسين نوعية حياتهم وخاصة المعرفة والتعليم والصحة والعمر المديد والمعيشة اللائقة.

وعندما نُعطى للتنمية البشرية الأهمية الواجبة فإننا نساهم بذلك بطريقة مباشرة فى الحد من الفقر ومواجهة البطالة وتعتبر التنمية البشرية الإطار الأمثل لمواجهة هذه المشكلات لأنها عندما توسع الخيارات أمام الناس لتحسين نوعية الحياة بإستمرار تتطلب مشاركة الناس أنفسهم بها وقيامها بدور أساسى. ومن خلال المشاركة سوف تتحول الجماهير وخاصة الفقراء والمتعطلين من، متلقية، سلبية، للمساعدات إلى فاعل إيجابى مبادر، ووسيط فى عملية التغيير الإجتماعى وفى هذا الإطار يبرز دور واضح للقطاع الأهلى.

المصدر: المكتب العربي للشباب والبيئة
  • Currently 169/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
56 تصويتات / 1484 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

156,199