قد بتّ من ألـم الهجران أعتصر
 والدّمع من فرط ما أحسسْتُ ينهمر
بِـنّا وقد بلغ التحنان ذروته
 هل ياترى بعد هذا الحدّ ينصهر
ما غير طيف بدا في العين يسعدها
 هل ذاك حقّ والاّ قد ذوى البصر
لاشكَّ أنّ الدّموع وهي نازلة 
 تأتي على حرق في الخدّ تستعر
والخدّ مذ فارق المحبوب ملمسه 
 في الجدْب والشّظف المحموم مفتقر
والبؤبؤ الصبّ مذ لم يبق رائقه 
 ماعاد من سحر غيد القوم ينبهر
والسمع في أذن المشتاق في صمم
 مذ غادر الهمسُ والإطرابُ والعِبَرُ
والأنف لم يستسغ عطرا فقاطعَهُ 
الاّ  الذي بين كلّ العطر يشتهر
والذوق لم يمتلك في الطعم بوصلة
 مذ غاب عذب اللمى قد خانه العُمر
ماعاد لي بعد فقد الحس من أمل 
 الا الوصال والا سوف أُقْـتَـبَرُ
يا غاية الحسن هل لي منك عائدة
 إنّي العليل على الأشواق أحتضر
يا توأم الروح إنّ الأمرَ ذو جلَلٍ
 قد كاد توأمك المهجور يندثر
يا متعة البال إنّ الهجر مزّقني
 إذ عاث في النفس لايبقي ولايذرُ
يا خمرة الثغر إن البعد أظمأني
 بالكاد أنطق آهًـا ظلّ ينتصر
جودي بوصل ترَيْ عفوًا ومغفرةً
 فالذّنْبُ إن تنْقذين النّفسَ يُغتَفَر
لا تصدقي العذل قولا فهو يمْقُتُنا
 هيا امقتيه بوصلي أيّها العمُرُ
الحضري محمودي2017 2/28