ورغم أن كليات التربية في العالم العربي، تعمل، ومنذ عقود، على منح شهادات جامعية في تخصص الإدارة المدرسية، إلا ان جهود العديد من هذه الكليات تركز على التأهيل النظري دون التطبيقي العملي، وإذا أضفنا إلى هذه النقائص فتور همم العديد من المديرين المتخرجين عن مواصلة تأهيل أنفسهم ذاتيا بالقراءة والمشاركة بالدورات، فإننا سندرك مدى عمق المأساة التي تعيشها المدرسة العربية في كثير من أقطارها.
ورغم ذلك فإن الباحثين الجادين المدركين لأهمية العمل الدائب لتطوير أداء مدير المدرسة، ما زالوا يعكفون على نقل كل جديد من شأنه أن يفيد في تحسين أداء هذا المدير ورفع مستواه الثقافي.
ومن القضايا الحديثة ذات الأهمية البالغة التي تفيد في تطوير قدرة مدير المدرسة وتحسين أدائه ما يسمى الذكاء الاستراتيجي. فما المقصود بالذكاء الاستراتيجي ؟ وما أهم أهدافه ؟
تباينت وجهات نظر الخبراء والباحثين حول مفهوم الذكاء الاستراتيجي، ويرجع هذا التباين إلى الحداثة النسبية في دراسة أبعاده. ومن التعريفات المهمة للذكاء الإستراتيجي أنه كما يرى (كهلمان 1999) :» ابتكار لخرائط طريق توجه صناع القرار نحو اتخاذ قرارات أكثر وعيا، عبر تلبية حاجاتهم الملحة للمعلومات وتوفيرها في الوقت المناسب، وبالدقة والكمية والجودة المطلوبة لصناعة قراراتهم بعقلانية.»
ويرى البعض أن الذكاء الإستراتيجي جزء من نظام الشخصية التي ينبغي أن يتمتع بها القادة. ويرى آخرون أنه عملية تساعد على جمع المعلومات، التي تستخدم في اتخاذ قرارات سليمة، فيما ذهب أخرون إلى أنه الوظيفة التي تمكن المدير من التعامل مع جميع القضايا التي تؤثر في حاضر المؤسسة ومستقبلها.
ويرى الدكتور أحمد على صالح ورفاقه (2010) أن الذكاء الاستراتيجي : «ذكاء يوسم به قادة المنظمات ممن يتمتعون ب : الرؤية المستقبلية، الشراكة، القدرة على التحفيز، والحدس، والإبداع. «
ويعتبر الذكاء الاستراتيجي من أبرز السمات التي تميز المدير المستنير المبدع لأنه – كما يرى دراكر(1996)» يجعل القائد الذي يتصف به ذا مخيلة واسعة، وبصيرة ثاقبة، ويتسم بالعلم، وبالمهارتين الفكرية والتحليلية، ويعتمد على العقل المفكر والمعرفة بدلا من اعتماده على قوته العضلية في انجاز مهام عمله.»
ومن سمات المدير الاستراتيجي التي أشار إليها باحثون آخرون أنه :
»شخص مفكر ومتأمل، ذو خبرة واسعة في رسم الخطط الاستراتيجية.
ولكي يتمكن المدير من بناء خطة إستراتيجية فإنه بحاجة إلى :
جمع معلومات حول المؤسسات الأخرى المنافسة له في الميدان.
معرفة أي هذه المؤسسات أقوى من مؤسسته، وأيها أقل.
معرفة العوامل التي تساعد على منافسة الأقوياء.
تحديد نقاط الضعف في مؤسسته والعوامل التي تهدد بقاءها واستمرارها، وتحول دون تطورها.
معرفة الصعوبات التي تواجهها المؤسسة حاليا وكيف السبيل لتخليصها منها.
مدى وضوح وواقعية الاستراتيجية التي تعتمدها المؤسسة حاليا.
ومن ميزات المدير الذي يتمتع بذكاء إستراتيجي:
الثقة الكبيرة بالنفس.
وضوح التفكير وصفاؤه.
الاستقامة والحكمة والعدل.
يحسن الاستفادة من الموارد الفكرية والمادية المتوفرة.
يفعل ما يقول ويتصرف بحزم.
وإضافة إلى ما سبق، فإن مدير المدرسة التي يُرجى لها التقدم والازدهار يجب أن يتصف ب :
بعد النظر والقدرة على إستشراف المستقبل.
العمل التعاوني الديمقراطي.
القدرة على التحفيز وتعزيز جهود العاملين معنويا وماديا بهدف إثارة دافعيتهم للعمل الجاد البناء.
القدرة على جمع المعلومات وتحليلها للاستفادة منها.
الحدس ومعرفة العواقب.
الإبداع وابتكار حلول للمشكلات والصعوبات التي تواجه المؤسسة.
وتلعب عوامل وراثية وأخرى بيئية دورا مهما في تحديد مدى تمتع مدير المدرسة بالقدرة على توظيف الذكاء الاستراتيجي أثناء قيادته للمؤسسة التي هي أمانة غالية بين يديه. ويتكاتف الذكاء الاستراتيجي والذكاء العاطفي وسائر الذكاءات الأخرى لخلق مدير المدرسة المنشود، وتصبح جزءا لا يتجزأ من شخصيته، بحيث يكون قادرا على تحقيق أهداف المؤسسة بكفاءة عالية.
المصدر: د. محمود طافش الشقيرات
مشرف تربوي بمجموعة مدارس الحكمة
نشرت فى 16 ديسمبر 2011
بواسطة anamal
الدعم الفني وضمان الجودة بادارة النزهة التعليمية
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
117,439
ساحة النقاش