دكتور / أحمد محمد فراج قاسم
أستاذ مساعد
معهد بحوث الاقتصاد الزراعي - جمهورية مصر العربية
كلية الاقتصاد - درنة - جامعة عمر المختار - ليبيا
معايير التحليل المالي
يتباين التحليل المالى والاقتصادى للمشروعات عموما ومنها المشروعات الزراعية وفقا لاختلاف وتباين النظرة التحليلية حيث أن التحليل المالى يمثل تحليلا وحديا· أى يركز على المشروع الاستثمارى باعتباره وحدة مستقلة بصرف النظر عما يحدث خارجها من متغيرات وعوامل وعلاقات وهذا يعنى أنه يخص نفسه بتحليل المنافع والتكاليف المترتبة عليه أو العائدة له مباشرة ، أما التحليل الاقتصادى للمشروع فهو تحليل على المستوى الكلى·· بمعنى أنه يقيس آثار المشروع أى تكاليفه ومنافعه على المستوى الوطنى ، ويؤدى هذا التباين المحورى بين نوعى التحليل إلى إختلافين رئسيين هما : <!--?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /-->
(1) الأسعار المستخدمة في تقييم مدخلات ومخرجات المشروع وينبع هذا الاختلاف بصفة أساسية من بعد أسواق الموارد و/ أو المنتجات عادة عن شروط سيادة المنافسة الكاملة حيث أنه فى ظل توافر هذه الشروط فإن أسعار الموارد و/ أو المنتجات تعبر عن القيم الحقيقية لها وتتساوى كذلك مع تكلفة فرصتها البديلة . وفى ظل هذه الحالة فقط تتساوى آثار مدخلات ومخرجات المشروع المباشرة على المستويين الشخصى والقومى وعلى هذا فلا يوجد أى اختلاف أو تباين بين هذه الآثار في كلا التحليلين المالى والاقتصادى .
أما ما يحدث غالبا ونتيجة العديد من العوامل ومنها عدم توافر المعلومات الكاملة والمستمرة والشاملة لدى كل من البائعين أو المنتجين والمشترين أو المستهلكين وكذلك وجود محددات على دخول أوخروج المنشآت إلى أو من العملية الإنتاجية نتيجة العوامل الاحتكارية وكذلك العوامل التى تؤثر على حركة أو انتقال بعض الموارد أو السلع وكذا التدخل السعرى بمختلف صوره سواء بالنسبة لأسعار صرف العملة أو أسعار الفائدة أو أجور العمال أو الحدود الدنيا أو الأسعار السقفية للسلع ، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية وحصص الاستيراد والتصدير كل ذلك يبعد السوق عن كماله ، وهذا يؤدى بدوره إلى وجود تشوهات في الأسعار السوقية للسلع والموارد بمعنى أنها لا تعبر عن قيمتها الحقيقية مما يدعو إلى ضرورة إجراء العديد من التعديلات التي تجعل هذه الأسعار أكثر قربا ومن ثم تعبر عن قيمتها الحقيقية .
( 2 ) درجة شمول التحليل وهذا نابع بصفة أساسية عن الفرق المحورى بين النظرة الاقتصادية الجزئية والكلية حيث تركز الأولى على الوحدة الاستثمارية أو المشروع بصورة مباشرة ، أما الثانية فتعبر عن مستوى أشمل حيث تضم تلك الآثار المباشرة والغير مباشرة والتي تعنى علاقات المشروع الأمامية والخلفية بكافة الأنشطة الاقتصادية الأخرى ، هذا بالإضافة إلى الآثار المباشرة والغير مباشرة والتي لا يمكن التعبير عنها كميا وأغلب هذه الآثار تكون غير مباشرة .
واستنادا إلى تعريف وتحديد مفهوم التحليل المالى للمشروع فإنه يتم إستخدام الأسعار السوقية سواء للموارد أو للمنتجات للوصول إلى قيمتها ، وتعبر تلك الأسعار عن ما يتحمله المشروع من تكاليف أو ما يعود عليه من منافع . أما التحليل الاقتصادى فإن تلك الأسعار السوقية تمثل نقطة البداية التى يتم على أساسها إجراء بعض التعديلات للوصول إلى الأسعار التي تعبر عن القيم الحقيقية للموارد والمنتجات من وجهة نظر الاقتصاد الكلى أى ما يطلق عليه تكلفة الفرصة البديلة أو أسعار الظل أو الأسعار المحاسبية .
وتمثل الضرائب في التحليل المالى تكاليف حيث أنها تعنى خفض صافى عوائد المشروع الذى يقوم بدفع الضرائب ، أما بالنسبة للمجتمع ككل فإن هذه الضرائب تمثل دخل ولكن يعاد استخدامه مرة أخرى لأهداف ومرافق عامة تفيد المجتمع وبالتالى فهى تعاد إلى المشروع أو أصحابه مرة ثانية وهى لا تمثل تكاليف من وجهة نظر المجتمع حيث لا تؤدى إلى تخفيض الدخل القومى ولهذا فإن مدفوعات الضرائب لا تعامل فى التحليل الاقتصادى كتكاليف بل تعامل كمدفوعات تحويلية لا تؤثر على مقدار الدخل القومى . كما تمثل الإعانات مدفوعات تحويلية مباشرة عكس إتجاة الضرائب ويمكن أن تأخذ الإعانات عدة صور منها دعم أسعار بعض مستلزمات الإنتاج لبعض المنتجات الأساسية . وتشمل مدفوعات الإقراض صورة أخرى من صور المدفوعات التحويلية فمن وجهة نظر المستثمر فإن القروض سوف تزيد لديه الموارد المالية المتاحة ، بينما تؤدى مدفوعات الفوائد وأقساط أصل القرض إلى تخفيض هذه الموارد ، ولكن من وجهة نظر المجتمع فإن الوضع يختلف لأن هذه المدفوعات سواء القروض أو خدمة الدين تمثل مدفوعات من مقرض إلى مقترض حيث أنها تؤثر فقط على البدائل المتاحة لكل منهما (المقرض والمقترض )( 1 ) .
معايير التحليل المالى : يمكن تصنيف هذه المعايير وفقا لعدم إدخال أو إدخال الزمن فى حسابها إلى مجموعتين :
( أولا ) المعايير الغير مخصومة : وهى المعايير البسيطة التى لا تأخذ الزمن فى الحسبان ومن تلك المعايير ما يلى :
فترة الاسترداد· : وهي عبارة عن عدد السنوات اللازمة لتغطية إجمالى الإنفاق المستثمر فى المشروع عندما يكون صافى التدفق السنوى ثابت وتحسب كالتالى :
فترة الاسترداد = إجمالى الاستثمار/ صافى التدفق السنوى
معدل العائد البسيط··: وهو يمثل معيارا بسيطا لقياس أربحية الاستثمار ويمكن حسابه كالتالى :
معدل العائد البسيط للاستثمار = متوسط صافى الربح السنوى / (متوسط الاستثمار الابتدائى
+ متوسط الاستثمار الإضافى فى رأس المال العامل ) X 100
( ثانيا ) المعايير المخصومة··· : يتضح من المعايير البسيطة السابقة أن من أهم عيوبها عدم أخذ الزمن فى الاعتبار عند تقييم التدفقات النقدية وعليه فسوف نستعرض أهم المعايير المخصومة والتى تأخذ الزمن فى الحسبان :
صافي القيمة الحاضرة أو الحالية···· : ويتم حسابها وفقا للمعادلة الآتية :
صافى القيمة الحاضرة أو الحالية = مجـنت + 1 ( إجمالى العوائد السنوية – إجمالى التكاليف السنوية ) / ( 1 + ف )ت
حيث أن :
ن = عدد السنوات ت = متغير الزمن من 1...إلى ن ف = معدل الخصم
ويمكن قبول المشروع إذا كان صافى القيمة الحاضرة أكبر من أو يساوى صفر ويتم رفض المشروع في حالة أن يكون صافى القيمة الحاضرة سالب . وفي حالة إيجابية صافى القيمة الحاضرة فإن هذا يعنى أن المشروع قادر على خلق تدفقات نقدية موجبة عند معدل أعلى من الحد الأدنى للمعدل المطلوب للاستثمار أو بمعنى آخر فإن العائد يفوق تكلفة رأس المال . ويمكن إستخدام صافى القيمة الحاضرة في قبول أو رفض المشروع من ناحية وكذلك ترتيب المشروعات من ناحية أخرى . ويعبر صافى القيمة الحالية من وجهة نظر التحليل المالى عن القيمة الحالية لتيار الدخل الناشئ للمشروع ، أما في التحليل الاقتصادى فيكون صافي القيمة الحالية هو القيمة الحالية للدخل القومى الإضافى المتولد عن الاستثمار في المشروع المحدد .
نسبة العائد إلى التكاليف· : وهي تمثل النسبة بين القيمة الحالية لإجمالى الإيرادات أو المنافع والقيمة الحالية لإجمالى التكاليف وذلك وفقا للمعادلة الآتية :
نسبة المنافع إلى التكاليف = مجـنت + 1 ] إجمالى العوائد السنوية / ( 1 + ف ) ت [ /
مجـنت + 1 ] إجمالى التكاليف السنوية / ( 1 + ف ) ت [
معدل العائد الداخلى·· : وهو يعبر عن معدل العائد على الاستثمار أو يعبر بشكل أدق عن الكفاية الحدية لرأس المال··· وهو ذلك المعدل الذى يجعل القيمة الحالية للتدفقات النقدية الداخلة ( العوائد ) متساوية مع القيمة الحالية للتدفقات النقدية الخارجة ( التكاليف ) أو هو المعدل الذى يجعل صـافى القيمة الحاضرة يساوى صفر ويمكن حسابه بالمعادلة الآتية :
صافى القيمة الحاضرة أو الحالية = مجـنت + 1 ( إجمالى العوائد السنوية ـ إجمالى
التكاليف السنوية ) /(1 + ف ) ت = صفر
ويستخدم هذا المعدل فى كلا النوعين من التحليل المالى والاقتصادى ويطلق عليه فى حالة التحليل المالى ( معدل العائد الداخلى المالى )· ··· أما فى حالة التحليل الاقتصادى كلا النوعين من التحليل وفقا للخطوات التالية : ( ا ) يتم حساب كل من مدخلات فيطلق عليه ( معدل العائد الداخلى الاقتصادى ) · ويمكن حساب معدل العائد الداخلى فى ومخرجات المشروع وفقا للأسس المتبعة فى التحليل المالى أو فى التحليل الاقتصادى . ( ب ) عن طريق المحاولة ( الصواب والخطأ )· · يمكن أخذ معدل خصم افتراضى وليكن 10% كنقطة بداية ويمكن حساب صافى القيمة الحاضرة ومقدارها عند هذا المعدل أما أن يساوى صفر فيكون معدل الخصم المفترض هو معدل العائد الداخلي , أو يساوى رقم موجب فيتم اختيار معدل خصم أعلى ليكون 12% أو يساوى رقم سالبا فيتم اختيار معدل خصم أقل ليكن 8 % . وتكرر المحاولة حتى يتم الوصول إلى قيمتين لصافى القيمة الحاضرة إحداهما موجبة والأخرى سالبة وعن طريق المتساوية التالية يمكن حساب تقريب لقيمة معدل العائد الداخلى كالتالى :
معدل العائد الداخلى = معدل الخصم الأدنى + الفرق بين معدلى الخصم الأعلى والأدنى X ( صافى القيمة الحاضرة عند معدل الخصم الأدنى / القيمة المطلقة لمجموع صافى القيمة الحاضرة عند معدلى الخصم الأعلى والأدنى )
ومن الملاحظات الهامة فى هذا المجال هو أن العلاقة بين معدل الخصم وصافى القيمة الحاضرة هى علاقة غير خطية وعليه فكلما تغير معدل الخصم لا يتبعه نفس التغير فى صافى القيمة الحاضرة ومن ثم فإنه للوصول إلى معدل أكثر دقة لمعدل العائد الداخلى فى المتساوية سالفة الذكر يفضل استخدام فارق بسيط بين معدلى الخصم الأدنى والأعلى ويمكن أن يكون الفارق فى حدود 1% ، 2 % وقد يستخدم البعض فارق قدره 5% ولكن لا تكون النتائج دقيقة فى هذه الحالة ، ولقبول أو رفض المشروعات وفقا لهذا المعيار فيكون معدل العائد الداخلى أكبر من أو يساوى تكلفة الفرصة البديلة لرأس المال أو تكلفة رأس المال .
ولقد استند عند حساب معايير التحليل المالى السابقة على افتراض ضمنى وهو المعرفة الكاملة بكافة المتغيرات المستقبلية التى تحيط بالمشروع من حيث التكاليف سواء كانت استثمارية أو تشغيلية أو المنتجات أو المبيعات ( مقادير – أسعار ) أو عمر المشروع ولكن هذا الافتراض نظريا غير واقعى حيث أن المستقبل يكتنفه المخاطرة و اللايقين ويحيط به الغموض ويزداد هذا كله فى ظل طول عمر المشروع , وعلى هذا فمن الضرورى اتباع العديد من الأساليب التى من شأنها التحوط ولو بشكل جزئى للعوامل المستقبلية المحتملة وغير المتوقعة ومن تلك الأساليب :
تحليل نقطة التعادل·: ويحدد هذا التحليل النقطة التى يتعادل أو يتساوى عندها إيرادات مبيعات المشروع مع إجمالى تكاليفه الإنتاجية أو كمية الإنتاج التى عندها يتساوى إجمالى التكاليف .
كمية التعادل = ت ث / ( س ـ م ت م ) ( 1 )
إيرادات التعادل = ت ث / 1 ـ ( م ت م / س ) ( 2 )
حيث أن :
ت ث = التكاليف الثابتة س = سعر الوحدة من الناتج م ت م = متوسط التكاليف المتغيرة
وهذا يعنى أن نقطة التعادل تتحدد عن طريق قسمة التكاليف الثابتة على الفرق بين سعر الوحدة من الناتج ومتوسط التكاليف المتغيرة , وعند هذه النقطة يتساوى إجمالى الإيرادات مع إجمالى التكاليف . وبالإضافة إلى التحليل السابق الذى تضمن قياس أثر التغيرات فى سعر وحدة الناتج ومتوسط تكلفة وحدة الناتج والتكاليف الثابتة على نقطة التعادل , فإنه يمكن الاسترشاد بتحليل التعادل أيضا للوصول إلى مقدار الناتج الذى يحقق نسبة متوقعة من الربح وذلك وفقا لأى من المعادلتين التاليتين :
مقدار إيرادات المبيعات عند مستوى الربح المرغوب = ( التكاليف الثابتة + مقدار الربح المستهدف ) /
1 ـ ( إجمالى التكاليف المتغيرة / إجمالى إيرادات المبيعات ) ( 3 )
أو مقدار الناتج كنسبة من إجمالى الإنتاج عند مستوى الربح المرغوب = ( التكاليف الثابتة + مقدار
الربح المستهدف ) / ( إجمالى إيرادات ـ إجمالى التكاليف المتغيرة ) ( 4)
تحليل الحساسية ··: يركز تحليل الحساسية على بيان أثر التغيرات فى بعض المتغيرات الأساسية المرتبطة بنتائج أعمال المشروع مثل ( أ ) انخفاض إجمالى الإيرادات والتى تعنى تغيرا فى سعر وحدة الناتج أو تغير فى مقدار الناتج ( ب ) زيادة إجمالى التكاليف السنوية ( الاستثمارية و التشغيلية ) (ج ) التأخير فى تنفيذ المشروع نتيجة العديد من المعوقات والمشاكل والتى منها عدم توفير التمويل المطلوب . ولذلك يشمل تحليل الحساسية إستخدام نسب أو قيم افتراضية للمتغيرات سالفة الذكر وهى الإيرادات والتكاليف وفترة تأخير تنفيذ المشروع أو يمكن إستخدام مفهوم القيم التحويلية· وهى نوع خاص من تحليل الحساسية ويتم وفقا لهذا المفهوم تحديد القيم التحويلية أو الحرجة التى على أساسها تصل معايير جدوى المشروع المالية والاقتصادية إلى الحدود الدنيا لقبول أى مشروع , أى أن القيم التحويلية هى نسب التغير فى الإيرادات والتكاليف أو فترة التأخير و التى تجعل صافى القيمة الحاضرة تساوى صفر ، ونسبة العائد إلى التكاليف تساوى واحد ، ومعدل العائد الداخلى يساوى نسبة الخصم المحددة .
التحليل الاحتمالى : وكما ذكر سابقا أن التغيرات المستقبلية يمكن أن تشمل كلا من المخاطرة·· واللايقين···ومن الأهمية بمكان التفرقة بينهما لما لها من علاقة وطيدة بالتحليل الاحتمالى , فتعنى المخاطرة أنه يمكن الوصول لتوزيع احتمالى بشأن التدفقات النقدية المستقبلية استنادا إلى بيانات تاريخية كافية وتتصف الاحتمالات فى تلك الحالة بالاحتمالات الموضوعية ، أما فى حالة اللايقين فهى تعنى عدم وجود أى بيانات أو معلومات ماضية ومن ثم لا يمكن الوصول لأى تقدير موضوعى للاحتمالات المستقبلية وفى هذه الحالة فإن المحلل المالى أو الاقتصادى يضطر لوضع عدة احتمالات بديلة تخضع غالبا لخبرات المحلل فى هذا المجال تختلف من محلل لآخر ومن ثم فهى تتسم بالذاتية( 1 ) .
· Pay Back Period
·· Simple Rate Of Return
··· Discounted Cash Flow Criteria
···· Net Present Value ( NPV )
( 1 )عبد الله ثنيان الثنيان ( دكتور )، كمال سلطان محمد سالم ( دكتور ) ، تقييم المشروعات الزراعية ( نظرية – أسس –
تطبيقات ) ، المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر ، الإسكندرية ، 1992.
<
ساحة النقاش