د.محمود عبد الغني السيد.
عبرة ...
ليعلم أبنائي الطلاب ، وزملائي واساتذتي الأطباء ... والمرضى.
============================================
آلمت سيدنا الشيخ عبد الله المصري رقبته وعموده الفقري يومًا فذهب إلى طبيب عظام، فلما سأله الطبيب عن عمله وأخبره بأنه يعمل محفظًا للقرآن الكريم، قطّب الطبيب عن جبين عبوس، وقال: يجب أن تترك ذلك العمل، فلن تستطيع مباشرته بعد اليوم، لهذه الآلام التي في ظهرك ورقبتك، والحمد لله قد كفاك الله مؤنة العيش بأولادك الكبار ومعاش الحكومة، فدع ذلك العمل!
سمع شيخنا كلمات الطبيب فكأنّ حيّة رقطاء أفرغت سمّها في جسده، فكان ينتفض مع كلّ جملة في الكلام، ولولا أدبه الجمّ وحلمه الواسع ما سكت حتى يتم الطبيب كلامه، فلما فرغ الطبيب نظر إليه وقال: هذا ظنك أنت يا دكتور، أما أنا فظني أن شفائي كلّه في خدمة كتاب الله تعالى، ولولا عملي ذاك في رحاب كتابه سبحانه لكنت طريح الفراش فريسة الأمراض منذ عشرات السنين!
خرج سيدنا من عيادة الطبيب، لا ينتظر كتابته العلاج، ولما أتى نجله أشرف بالورقة وذهب ليصرفها من "الصيدليّة" نهاه سيدنا وقال: لن ينفع معي دواء ذلك الطبيب أبدًا.
وبالفعل ذهبوا إلى غيره من الأطباء، ومن فطنة الأستاذ أشرف أن التقى الطبيب الثاني قبل الكشف وأخبره قصة الطبيب الأول، وحسنًا فعل، فقد دخل الطبيب الغرفة على سيدنا وهو جالس ينتظره وعلى لسان الطبيب أول ما لقي سيدنا وسلّم عليه ذاك السؤال:
ما ذا تعمل يا عم الحاج؟
فقال سيدنا: محفظ للقرآن الكريم.
- ما شاء الله ، ما شاء الله، لهذا أرى في وجهك نورًا، عافاك الله.
- وهل تشكو من شيء يا سيدنا؟
فأخبره سيدنا خبر رقبته وعموده الفقري.
فتبسم الطبيب وقال: إن من يخدم الله بتحفيظ كتابه وصيانته، سيجعل له الآلام بردًا وسلامًا.
انفرجت أسارير سيدنا وضحك وجهه واستنار.
ثم فحصه الطبيب وكتب له العلاج، فما كانت إلا أيام حتى شفي وعوفي، وكان مع ذلك يباشر عمله من أول يوم، ولعل هذا العلاج هو نفس العلاج الذي كتبه الطبيب الأول!
رحم الله سيدنا رحمة واسعة، وزاد من أمثال الطبيب الأخير وهدى أشكال الطبيب ذاك الأول -:)
ساحة النقاش