كيف تتعامل مع مرؤوسيك؟ الطموح.. المرائي.. الهادئ.. الاتكالي المرن.. المغرور.. الانطوائي.. الأناني
بقلم : منصور اليوسف . عضوهيئة التدريب بمعهد الإدارة :
العدد 185 .. مجلة المعرفة
دلت الدراسات التنظيمية أن نوعية الإشراف تأتي ضمن أهم عوامل رضا الموظف في بيئة العمل لما لها من آثار نفسية وتنظيمية على الموظف, فالرئيس له دور رئيسي في حياة الموظف الوظيفية لا يمكن تجاهله, فهو الذي يقيم أداء الموظف ويعطيه التعليمات والتوجيهات بشأن تنفيذ الأعمال المطلوبة, كما أنه يقوم بتوزيع الأعمال على الموظفين ويتابع أعمالهم أولا بأول ويراقب سلوكياتهم وتصرفاتهم داخل البيئة التنظيمية. بالإضافة إلى ذلك فإن الرئيس له علاقة مباشرة بمنح الموظف الإجازة وترقيته إلى وظيفة أعلى ونقله من موقع إلى آخر, فالرئيس هو موظف قد وكل إليه تولي الأمر بصفة جزئية أو كلية حسب موقعه في الهيكل التنظيمي للمنظمة.
ولا شك أن الرؤساء يختلفون في أساليبهم في إدارة المرؤوسين وطرق تعاملهم معهم, وقد يطبقون نظرية ماكريجور (إكس وواي) الشهيرة (X-Y) بالرغم من أن البعض منهم لا يعرف هذه النظرية, حيث نجد أن البعض من الرؤساء يعتقد أن الموظفين كسالى ولا ينتجون ويضيعون الوقت دون طائل ولا يتحملون المسئولية ولا يمكن الوثوق بهم, وبالتالي يحتاجون إلى رقابة شديدة, بينما نجد البعض الآخر منهم يعتقد عكس ذلك, حيث يرون أن الموظفين منتجون ويحبون العمل ويتحملون المسئولية ويمكن أن يوثق بهم, وبالتالي لا يحتاجون إلى رقابة شديدة, لذا فإن الرئيس الذي ينظر إلى المرؤوسين نظرة سلبية تكون علاقته بالمرؤوسين غير جيدة في الغالب, بينما الرئيس الذي ينظر إلى المرؤوسين نظرة إيجابية تكون علاقته بالمرؤوسين جيدة في الغالب.
وفي استطلاع أجرته صحيفة الجزيرة عن العلاقة بين الرئيس والمرؤوس يقول الدكتور سامي الباحسين أستاذ الموارد البشرية: (إن العلاقة بين المديرين والمرؤوسين ليست على المستوى الذي يجب أن تكون عليه, فإن كثيرًا من المديرين يتعاملون مع الموظف باعتباره منفذًا للقرارات ليس أكثر، وأنه لا يمتلك الحق في إبداء الرأي أو مناقشة تلك القرارات، وأن هناك فئة من المديرين يحاولون التمثيل أمام البعض بأنهم يتقبلون المشاركة في اتخاذ القرارات وأن جميع ما يتم إنجازه يرجع فضله للموظفين، وأنهم يتبنون سياسة الباب المفتوح معهم, ولكن في حقيقة الأمر لا يقع ذلك على أرض الواقع، بل فقط في الاجتماعات والمناقشات العامة «يعني كلام فقط»، وقد يرجع ذلك إلى وجود عدم الثقة في المرؤوسين. ويضيف الدكتور سامي الباحسين أن كثيرًا من الموظفين يسودهم الخوف والرهبة تجاه المدير، وذلك خوفًا على ترقية لا يرشح لها أو على حافز يفقده أو إجازة لا يوافق عليها إلخ. وبالتالي لا يتجرأ على مناقشة المدير في أي قرار يتخذه ولسان حاله يقول: هو المسؤول عن المنشأة وليس أنا)..
ولكي تكون علاقة الرئيس بالمرؤوسين جيدة لا بد أن يقوم الرئيس بأدوار معينة منها: العدالة والمساواة بين المرؤوسين، وتوزيع العمل بينهم على أساس القدرات والمهارات، والوثوق بهم كموظفين أكفاء يمكن الاعتماد عليهم والوقوف معهم في حالات تعرضهم لمشاكل صحية أو تنظيمية، والعمل على رفع مستوياتهم عن طريق التعليم والتدريب، مع الاستمرار على شكرهم وتشجيعهم وتحفيزهم. وينبغي على الرئيس ألا يكون اهتمامه منصبًا على العمل فقط- مع أهمية ذلك- لكن يفترض أن يشاطر المرؤوسين أفراحهم وأتراحهم ويقدر ذلك أحسن تقدير. فالرئيس ينبغي أن يبادر إلى تهنئة المرؤوس عند ترقيته وزواجه وإنجابه الأولاد، ويبادر إلى مواساته عند تعرضه لمصائب كوفاة أحد أقاربه ونحو ذلك. وهناك بعض الطرق التي يجب أخذها في الحسبان عند الاتصال بالمرؤوس منها:
• أعط مرؤوسك فرصة للحديث دون مقاطعة منك.
• دع مرؤوسك ينفس عما بداخله من مشاعر وأحاسيس.
• اشكر المرؤوس عندما يؤدي عملاً جيدًا أو متميزًا.
• استخدم دائمًا الاسم الأول للمرؤوس وكرره أثناء حوارك معه.
• لا تكن صريحًا أكثر من اللازم ولا غامضًا أكثر من اللازم وتعامل معه بحكمة وحذر.
• تعاطف مع مواقف مرؤوسك إذا كان مصيبًا.
• لا تتجاهل مرؤوسك واطلب منه المشورة كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
وبالمقابل فإن على المرؤوس أن يقوم بأدوار معينة تجاه رئيسه حتى يحافظ على علاقة جيدة ومتينة مع رئيسه منها: الاحترام والتقدير وإطاعة الأوامر والتوجيهات وتنفيذ الأعمال أولاً بأول دون تأخير وبجودة عالية، وأن يبني علاقة جيدة مع زملائه ومراجعي الإدارة التي يعمل بها. كما ينبغي على المرؤوس أن يكون مخلصًا وأمينًا وصادقًا مع رئيسه وأن يكون ولاؤه التنظيمي للرئيس وللإدارة. ويجب على المرؤوس أن يبدي اهتمامًا بالعمل عن طريق المبادرة بالمقترحات وتقديم المعلومات الهامة التي تفيد الإدارة والرئيس في تحقيق الأهداف المرسومة. إضافة إلى ذلك فإن على المرؤوس أن يتجنب عددًا من الاتجاهات السلبية منها:
• لعب دور القوي الموجه داخل جماعة العمل.
• خلق صراعات مع الزملاء أو غيرهم من الموظفين.
• بث الشائعات والتعليقات المنفرة على الزملاء أو المراجعين.
• تثبيط العزائم والتشكيك في توجهات الإدارة وإنجازاتها.
• منافسة الرئيس أو التطاول عليه لأي سبب من الأسباب.
وينبغي على المرؤوس أن يولي عملية الاتصال برئيسه اهتمامًا خاصًا من حيث اختيار الوقت المناسب ومراعاة ظروف الرئيس النفسية والعملية. كما ينبغي أن يكون مستعدًا للمقابلة من حيث المظهر والتفكير بما سوف يطرحه من مسائل أو موضوعات. وهناك بعض الطرق التي يجب أخذها في الحسبان عند الاتصال بالرئيس منها:
• كن مباشرًا وواضحًا ومقتصدًا مع رئيسك في الكلام.
• توقع الأسئلة والمعلومات التي يبحث عنها.
• تعلم أسلوب رئيسك في الكتابة وعلاقته بالآخرين.
• تقبل النقد المثير للعواطف بروح طيبة.
• تقبل المديح الموجه إليك بشكل حسن.
• عالج مواقف رئيسك المختلفة بلباقة.
• امدح رئيسك ولكن لا تنافق.
• لا تقدم وعودًا لا تقدر عليها لتكسب ود رئيسك.
ولا شك أن الرئيس يواجه تحديات كبيرة عند تعامله مع المرؤوسين نظرًا لاختلاف شخصياتهم، وبالتالي اختلاف سلوكياتهم السلبية والإيجابية داخل البيئة التنظيمية. ولا يمكن إغفال أن لكل مرؤوس طموحاته ورغباته وتوجهاته نحو تحقيق أهدافه مما يجعل المهمة أكثر صعوبة.
كما أن المرؤوسين يتعرضون إلى ظروف نفسية وصحية واجتماعية وغيرها، وهي تحتم على الرئيس أن يتعامل معها بطريقة صحيحة تجمع بين مصلحة الفرد ومصلحة العمل. لذا فإنه من المناسب أن أتطرق إلى عدد من أنواع المرؤوسين وصفاتهم السلوكية والطرق المناسبة للتعامل معهم على النحو التالي:
الموظف الطموح
شخص له أهداف عالية يسعى إلى تحقيقها ليحصل على النجاح وتحقيق الذات، يتميز بالجد والاجتهاد والمثابرة، لا يكل ولا يمل ويعمل بأقصى طاقة لديه، وينظر إلى العمل بأنه فرصة ذهبية لتحقيق حاجاته ورغباته وتطلعاته. كما أنه يحب الكفاح والنجاح فتجده يقبل التحدي ويوافق على ما يسند إليه من مهام وأعمال، ويحافظ على وقته ويستغله أحسن استغلال، فتجد انتاجيته عالية وإنجازاته متميزة.
لا يقبل الفشل بسهولة ويسعى إلى تحقيق أهدافه بكل ما أوتي من قوة وعزيمة حتى وإن تطلب ذلك المحاولة أكثر من مرة، وإن لم يفلح بحث عن طريقة أخرى توصله إلى ما يريد. نشاطه غير محدود وسعيه دؤوب حيث تجده يبادر إلى طرح الأفكار والمقترحات على الرئيس لينال الثقة والتكليف بمهام أكبر ليحصل على المكافأة والتقدير. ومن خلال هذا الطموح تتكون لديه نزعة سلبية تكمن في حب السيطرة والظهور.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف الطموح فتتلخص في استغلال نشاطه واجتهاده في مصلحة العمل، وذلك عن طريق إسناد المهام الصعبة والمعقدة له وتكليفه بمهام تحتاج إلى سرعة في الإنجاز وجودة في الأداء. ولا تمانع في منحه الفرصة للبروز والظهور من خلال مهامه الوظيفية مع أخذ الحذر والحيطة في ذلك. كما لا تتردد في مكافأته على أدائه المتميز عن طريق إعطائه الأولوية في التدريب والترقية أو إسناد مهام إشرافية.
الموظف المرائي
شخص يعمل على تحسين أدائه عندما يعلم بأنه سوف يرى من قبل رؤسائه ويهمل غير ذلك من الأعمال. يفتقد كثيرًا من أخلاقيات الموظف المحمودة كالأمانة والإخلاص وتحمل المسئولية. كما يفتقد أيضًا الضمير الحي، حيث لا يهتم إلا بالأعمال التي سوف ترفع أسهمه داخل الإدارة التي يعمل بها. ويتسم أداؤه بالإنتقائية فلا يجتهد إلا إذا رآه رئيسه، ولا يتقن عمله إلا إذا كان سوف يبرزه. يهمل كثيرًا من المهام ويتجاهل كثيرًا من المراجعين ويتهرب كثيرا من المسئوليات.
ليس لديه خطة للإنجاز اليومي أو الشهري، ولا يهتم بتنظيم ملفاته أو ترتيب أوراقه. كما أنه لا يحب التغيير أو التطوير بل يركن إلى ما هو مألوف ومعروف. يتمتع بقدرة فائقة على التخلص من المواقف السلوكية مع رئيسه أو زملائه نتيجة ادعاءاته ومجاملاته. ويعمل على اقتناص الفرص متى ما سنحت له. ولا يتردد في ادعاء بعض الإنجازات ونسبها إليه أو تقديم وعود لا يعمل على الوفاء بها.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف المرائي فتتلخص في متابعة أدائه أولاً بأول، وعدم أخذ أقواله كمسلمات، بل ينبغي التأكد من صحتها ودقتها. لذا فإنه من الضروري تكليفه بأعمال يمكن قياس أدائها أو مهام محددة يمكن متابعتها. وينبغي إشعاره بأن الأفعال أهم من الأقوال عند تنفيذ الأعمال. كما ينبغي على الرئيس ألا يكلفه بمهام لا تقبل التأخير أو التأجيل.
الموظف الهادئ
شخص لا تثيره الضغوط أو الأشخاص أو الأحداث المحيطة به. يتمتع بقدرة فائقة على التحكم بأعصابه ولهذا السبب فهو يصبر على مشكلات العمل وأتعابه. لا تؤثر عليه ضغوط العمل أيًا كان مصدرها فهو يستطيع أن يتكيف معها بسهولة. لا يهتم كثيرًا بما يحدث من حوله ولا يقيم وزنا لمن خالف رأيه. يعمل عمله بصمت ويؤدي ما طلب منه بصبر. لا يرفع صوته عند النقاش ولا يفرض رأيه عند الحوار ويتقبل الرأي الآخر عن طيب خاطر. وقد يكون هدوء حالته النفسية أحيانا مصدر قلق للآخرين.
لا يغالي في وضع الأهداف لنفسه بل يجعلها متوافقة مع قدراته ومهاراته. كما أنه أيضًا لا يغالي في طموحاته وتطلعاته واحتياجاته بل يجعلها متوافقة مع الظروف المحيطة به. لا يميل إلى السيطرة على الآخرين ولا يعمل على التأثير على غيره من الموظفين. لا يبحث عن الظهور أو القيام بأي دور من أجل الوصول إلى ما يريد تحقيقه من الأمور. يعمل موازنة بين متطلبات العمل وبين متطلباته الشخصية بحيث لا يقدم أحدهما على حساب الآخر.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف الهادئ فتتلخص في تكليفه بالأعمال الصعبة والمعقدة ليس انتقامًا منه بل استغلالاً لصفاته مع أخذ ذلك في الحسبان في المعاملة والتقدير. ولا شك أن صفة الهدوء لديه تجعله واحدًا من الموظفين الذين يمكن أن توكل إليهم مهام مقابلة جمهور المراجعين. كما يمكن أخذ رأيه عند اتخاذ القرارات وترشيحه للعمل في اللجان وتكليفه بمهام الإشراف. وحيث أنه هادئ الطبع فقد يؤخر بعض الأعمال لذا ينبغي التأكد من ذلك عن طريق متابعة أدائه أولاً بأول.
الموظف الاتكالي
شخص يحاول الاعتماد على الآخرين في تنفيذ ما هو مطلوب منه. لا يحب العمل ولا يفتخر فيه. ويتصف بالكسل والخمول وفقدان الوعي والحس بالمسئولية الملقاة على عاتقه بموجب الأنظمة واللوائح. لا يحاول تطوير قدراته ومهاراته بالعمل الجاد والتفكير الخلاق. قليل الإنتاجية وضعيف الأداء ويكثر من الشكوى والتضجر من العمل ومتطلباته. لا يحب التغيير ولا يرغب في التطوير بل يألف التقليد.
يفرح عند تأجيل الأعمال من قبل رئيسه، ويذهب أبعد من ذلك حيث يتمنى إلغاءها إلى الأبد. لا يحب تكليفه بمهام جديدة ولا ترشيحه لأدوار أخرى مناسبة. كما أنه لا يتوانى في الطلب إلى بعض زملائه أداء جزء من مهامه الوظيفية لأسباب واهية وغير موضوعية. يؤخر أداء الأعمال ويدعي كثرتها حينًا وصعوبتها أحيانًا أخرى. كثير الملل وقليل التحمل وفاقد الصبر فتجده يجعل ضغوط العمل شماعة يضع عليها إهماله وإخفاقه.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف الاتكالي فتتلخص في ضرورة متابعة عمله أولاً بأول وعدم تكليفه بأعمال جماعية لأنه سوف يعتمد على الغير في الأداء. ومن المناسب تكليفه أيضًا بأعمال يمكن قياس أدائها وتجنب إسناد الأعمال المهمة إليه والتي لا تقبل التأخير أو التأجيل. إن هذا الموظف يحتاج إلى تطوير قدراته ومهاراته عن طريق التدريب المستمر. كما يحتاج إلى تشجيعه وتحفيزه كلما أدى عملاً متميزًا.
الموظف المرن
شخص يتجاوز العقبات التي تعترض سير الأداء دون إلحاق ضرر بالعمل. يتسم أسلوبه في العمل بالسهولة وعدم التعقيد. لا يتوقف كثيرًا عند العقبات بل يتجاوزها دون إضاعة الوقت بالتفكير والتدبير. لا تقف البيروقراطية والروتين عائقًا أمامه، بل يبحث عن مخرج سريع لإنهاء أعماله. ولذا تجده لا يثير المشكلات ولا يخلق العقبات لرئيسه أو زملائه أو مراجعيه بل إن علاقاته مع الجميع متميزة.
يحقق هذا الموظف أعلى درجات الإنجاز في الأداء والإنتاجية. ويعمل في جميع الظروف البيئية التنظيمية بحيث يعمل في مواقع قد ينفر منها الجميع بسبب صعوبة أو تشعب مهامها أو كثرة متطلباتها وارتباطاتها. ونظرًا لإنتاجيته العالية ومرونته في تجاوز العقبات التي تعترضه فقد تحدث منه بعض الأخطاء وقد يكون بعضها عن قصد أو تساهل.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف المرن فتتلخص في استغلال إنتاجيته العالية وأدائه المتميز في تنفيذ بعض الأعمال المتأخرة. كما يمكن استغلال قدراته ومهاراته في تنفيذ الأعمال المستجدة أو الطارئة. ولا شك أنه موظف مناسب لتكليفه بالأعمال الصعبة أو المعقدة أو التي تحتاج إلى تنسيق مع أطراف أخرى. وينبغي مراجعة أدائه والتأكد من عدم وجود مخالفات نظامية أو إجرائية.
الموظف المغرور
شخص يضع نفسه في منزلة أعلى من الآخرين. يتعالى على زملائه ومراجعيه بطريقة غير مبررة. وقد يكون السبب في ذلك شعور منه بالنقص أو شعور منه بالزيادة عن الآخرين. ينظر إلى نفسه بأنه متميز وأن أداءه للعمل لا يقل تميزًا عن نفسه. لذلك لا يستشير أحدًا من رؤسائه أو زملائه. كما أنه لا يتقبل آراءهم أو أفكارهم أو مقترحاتهم. يتكلم مع الآخرين من خلال برج عاجي لا ينقصه التباهي أو التفاخر أو التطاول. يهتم كثيرا بمظهره إلى درجة المبالغة.
لا يتردد في سرد قصص لتمجيد نفسه، ولا يتوانى في حبك قصص أخرى لإظهار تجاربه وخبراته. يحب الظهور ويبحث عن البروز بشتى الطرق وإن كانت أحيانًا تثير الضحك أو العجب. كما أنه لا يلتفت إلى إنجازات الآخرين بل يزدريها ويقلل من شأنها بينما يمجد إنجازاته ويمتدح أداءه بطريقة مبتذلة. بل يذهب أبعد من ذلك فيأخذه الغرور والتعالي مدعيًا بأنه يقوم بدور مهم وفاعل في الإدارة التي يعمل بها ولا تستطيع تلك الإدارة أن تستغني عن خدماته.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف المغرور فتتلخص في عدم الالتفات إلى مزاعمه وادعاءاته وإشعاره بأن الأداء الجيد والتعامل الإيجابي هو المعيار الحقيقي لتقييم أداء الموظف. ولا تتردد في عرض أفكاره على زملائه ليتم تقييمها وتطويرها أو طرح البديل الأنسب منها. كما لا تتردد في لفت نظره إلى الهفوات والأخطاء التي يقع فيها. ولا شك أن إظهار إنجازات زملائه أمامه فرصة لكبح جماحه. وبالمقابل فينبغي ألا تأخذ منه موقفًا سلبيًا في كل الأحوال بل استمع إلى ما يطرحه من أفكار أو آراء وخذ ما يناسب منها.
الموظف العنصري
شخص يتعصب إلى فئة معينة من الناس على أساس شخصي أو عرقي أو اجتماعي أو ديني. يعامل المراجعين والموظفين حسب معايير شخصية خاصة به. ولذلك فهو لا يؤدي العمل على وتيرة واحدة، بل إنه يتباين في أدائه حسب ميوله واتجاهاته. كما أنه يفتقد الموضوعية والعدالة والشفافية في تعامله مع المراجعين.
يعمل على تقسيم الناس إلى فئات ويعاملهم على هذا الأساس وإن لم يصرح بهذا الأسلوب، لكن تعامله مع الآخرين وتأديته للعمل يفضح أمره ويكشف ستره، فأبناء القبيلة وجماعة الديرة وأصول الأفراد وألوانهم ومذاهبهم لهم معاملة خاصة دون غيرهم. ولا شك أن طريقته هذه تضر بمصالح الآخرين وتتسبب في التفرقة والاختلاف فيما بينهم. كما تساعد في تكوين اتجاهات سلبية داخل البيئة التنظيمية وخارجها.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف العنصري فتكمن في إشعاره بأهمية المساواة والعدالة بين المراجعين والموظفين حسب ما تنص عليه الأنظمة واللوائح. كما ينبغي متابعة أدائه وتعامله أولاً بأول حتى تستطيع أن تحد من ميوله واتجاهاته. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الموظف قد لا يكون مناسبا لتكليفه بمهام تتطلب مقابلة جمهور المراجعين أو إسناد الوظائف الإشرافية والقيادية إليه.
الموظف الانطوائي
شخص يعاني من حالته النفسية ولا يندمج مع الآخرين بسهولة. ينفر من الاجتماعات ويميل إلى العزلة والوحدة. ويحب العمل منفردًا ويكره العمل الجماعي لما يسببه له من معاناة نفسية وتنظيمية واجتماعية. كما أنه يتردد في أدائه العمل وتصرفاته مع زملائه ومراجعيه والسبب في ذلك يرجع إلى نقص في الثقة في النفس. يتسم سلوكه بعدم المواجهة وإثارة النقاش والمجادلة مع الرؤساء والزملاء والمراجعين.
يعاني من التوتر والقلق والخوف. لذا تظهر عليه علامات التعاسة وعدم الرضا وترقب المجهول. لا يفصح عن مشاعره وأحاسيسه حتى وإن فاتحته بذلك. كما أن علاقاته بالآخرين محدودة وصداقاته تكاد تكون معدومة إلا مع أصدقاء الطفولة الذين له معهم ذكريات جميلة. يلاحظ عليه أنه يركن إلى الهدوء والسكينة، ويغلب عليه طابع القناعة وعدم الاكتراث بما يجري من حوله من متغيرات وأحداث داخل البيئة التنظيمية وكأن الأمر لا يعني له شيئًا.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف الانطوائي فتتلخص في مساعدته في حل مشكلاته واتخاذ قراراته. كما ينبغي مساعدته أيضًا في الخروج من عزلته عن طريق إشراكه في العمل الجماعي وأعمال اللجان. ولا شك أنه يحتاج إلى تدريب مكثف خاصة في مجال السلوك وعمل الجماعات. وتجدر الإشارة إلى ضرورة عدم تكليفه بمهام مقابلة جمهور المراجعين حتى تتأكد من أنه يمكن أن يؤدي المهام بطريقة صحيحة.
الموظف الأناني
شخص يؤثر نفسه على زملائه ولا يشركهم في معلوماته. لا يحب أن يتعاون مع زملائه أو يشترك معهم في أي عمل جماعي. كما أنه لا يقدم أي مساعدة تذكر لأي موظف حتى وإن كان الموظف في أمس الحاجة إلى مساعدته. يحاول الاحتفاظ بخبرته وعدم الافصاح عنها سواء عند سؤاله مباشرة أو في الاجتماعات. لذا تجده يعطي إجابات عامة وغير محددة لا ينقصها الغموض أو التهرب.
يعاني هذا الموظف من ضغوط نفسية كبيرة فتجده يشعر بالضيق وعدم الارتياح عند نجاح أحد زملائه في تحقيق إنجاز متميز في العمل. ولذلك يسعى إلى التسلق على حساب زملائه عن طريق نسب بعض أعمالهم إليه. كما أنه يحاول جاهدًا الحصول على مميزات أو منافع خاصة به لا ينافسه عليها أحد من زملائه. ولا يتردد في إبراز ذلك للآخرين وأنه جاء بفضل جهوده وإمكانياته وتقديرًا لذاته.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف الأناني فتتلخص في تكليفه مع فرق العمل الجماعي وإشعاره بأهمية ذلك. كما يستحسن تفعيل روح التعاون في ذاته عن طريق حثه على مساعدة زملائه في العمل والتعاون معهم بما يخدم المصلحة العامة. ولا تتردد في إشعاره بأن الأنظمة واللوائح تنص على تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في العمل. وتجدر الإشارة إلى أنه ينبغي التأكد من صحة المعلومات التي يقدمها.
الموظف المتعاون
شخص لا يتردد في مساعدة زملائه في أداء واجباتهم الوظيفية. يتصف بتجرده من الأنا وحب الذات. كما أنه يغلب المصلحة العامة على المصلحة الفردية أو الخاصة. ويتميز بأنه عضو فاعل في جماعة العمل وقدوة مؤثرة في بث روح التعاون والتكاتف والترابط داخل الجماعة. يتميز بحبه للعمل وتفانيه فيه مما أكسبه خبرة عالية وإنجازًا مرتفعًا. ولا يتردد في العمل في جميع الظروف البيئية التنظيمية وفي جميع المهام الوظيفية.
يمكن أن يشار إليه بأنه موظف منفتح على الجميع دون تمييز، ويتمتع بعلاقات جيدة مع عموم زملائه. ويعمل على بناء قنوات اتصال فاعلة معهم. ونتيجة لذلك فهو يحظى باحترامهم وتقديرهم. وبالمقابل فإن صفاته هذه قد تأتي أحيانا على حساب أداء المهام الموكلة إليه. كما تحد أيضًا من العمل على تطوير أساليب العمل المكلف بها ولكن الذي يخفف من شأن ذلك أنه يتقبل النصيحة والنقد الموجه إليه برحابة صدر.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف المتعاون فتتلخص في تشجيعه والثناء عليه على ما يبذله من مجهودات متميزة أمام زملائه وأمام المسئولين في المنظمة. ويستحسن تكليفه بالمهام التي تتطلب إنتاجية عالية وإنجازًا متميزًا. ولا شك أن هذا الموظف أهل لتحمل المسئولية ويمكن تفويضه بالقيام ببعض المهام الإشرافية. كما يمكن الاعتماد عليه في تدريب الموظفين الجدد على أداء مهامهم الوظيفية. وينبغي أيضًا العمل على تحفيزه وإعطائه الأولوية في التدريب والترقية والمميزات الأخرى.
الموظف التقليدي
شخص يعمل وفق الإجراءات والأساليب المتعارف عليها. لا يحب التغيير والتطوير، ويعمل حسب الأنظمة واللوائح والتعليمات. كما أنه يتوقف كثيرًا عن التنفيذ عندما تواجهه مشكلة معينة تتطلب منه اتباع إجراءات مختلفة. فتجده يرجع إلى رئيسه ليأخذ رأيه في كل صغيرة وكبيرة خلال التنفيذ. يفتقد المرونة في الأداء ويجد صعوبة في التكيف مع المهام الجديدة.
يتميز باحترام السلطة والنظام ويتصف بطاعة الرؤساء والمسئولين ويلتزم بتنفيذ ما يطلب منه من مهام بشكل دقيق. يعمل بجد واجتهاد منقطع النظير، ويؤدي عمله بحرفية عالية بحيث لا يقع في الأخطاء والهفوات. لا يستطيع أن يعمل بكفاءة إلا بتحديد مهامه الوظيفية بشكل دقيق ولا يستطيع أن ينفذ بفاعلية إلا بتحديد مسئوليته بشكل واضح. لا شك أنه ملتزم بالتقاليد حتى أصبحت التقاليد جزءًا من ثقافته التنظيمية.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف التقليدي فتتلخص في إسناد المهام المهمة إليه أو التي تتطلب الأمانة والسرية. كما ينبغي إسناد المهام التي تحتاج إلى تطبيق الأنظمة واللوائح والتعليمات بشكل دقيق. إنه موظف يمكن الاعتماد عليه في تحمل المسئولية فيمكن استشارته حول بعض الموضوعات والقضايا التنظيمية أو تفويضه بأداء بعض الأعمال أو إسناد بعض المهام الإشرافية إليه. ومع هذا ينبغي لفت نظره إلى أن العمل يتطلب مرونة معينة تستدعي انتهاج أسلوب التطوير والتغيير فيما يخص الإجراءات والأساليب المستخدمة.
الموظف المتذمر
شخص يمل العمل ولا يرغب فيه. يتصف بعدم قدرته على التحمل على أداء الأعمال، ويشعر بطول الوقت داخل البيئة التنظيمية. لذا تجده يكثر من التسيب داخل المنظمة ويضيع الوقت بكثرة الحديث في موضوعات ليس لها علاقة بالعمل. كما أنه يتمادى أكثر من ذلك عن طريق إشغال زملائه في العمل عن أداء مهامهم الوظيفية. يكثر من الشكوى والتضجر ويعبر عن السخط وعدم الرضا.
لا شك أنه موظف محبط من الداخل، ويعمل على إحباط زملائه، ويتحين جميع الفرص للتخلص من العمل بحيث يكثر من الخروج بعذر أو بغير عذر. كما أنه يتحين الفرص المناسبة للخروج من العمل في حالة غياب الرئيس أو خروجه. يعمد إلى تأخير العمل أو تأجيله مدعيًا أسبابًا واهية. ويتصف أداؤه بالعشوائية وعدم الترتيب وإنتاجيته بالضعف وعدم التطوير وتعامله بالتهاون وعدم الاكتراث.
أما الطريقة المناسبة للتعامل مع الموظف المتذمر فتتلخص في محاولة الجلوس معه وبحث أسباب تذمره وإحباطه ثم تكليفه بمهام يرغب في أدائها. وبالمقابل ينبغي تجنب تكليفه بالمهام الوظيفية المهمة أو التي تحتاج إلى مقابلة الجمهور. كما ينبغي التأكد من التزامه بالدوام الرسمي وتنفيذ ما أوكل إليه من مهام. وقد يكون أسلوب التدوير الوظيفي مع هذا الموظف فاعلاً حيث يكفل له إبعاد الرتابة والملل عن طريق تغيير مهامه الوظيفية بين فترة وأخرى.
وبالنظر إلى طرق التعامل مع أنواع المرؤوسين فإننا نرى أن بعض هذه الطرق يناسب جميع هذه الأنواع دون استثناء مثل التشجيع والثناء والتدريب والمتابعة وغير ذلك، لكن يتأكد استخدام هذه الطرق مع البعض أكثر من غيرهم نظرًا لمدى حاجتهم لهذه الطرق والفروق الفردية بين هذه الأنواع. ولنفس السبب فإن بعض المرؤوسين يحتاجون إلى الحزم والمتابعة المستمرة للتأكد من أدائهم والبعض الآخر لا يحتاجون إلى ذلك نظرا لقيامهم بدورهم الوظيفي بشكل جيد.
إن أنواع المرؤوسين عديدة ولا يمكن حصرها بسبب كثرة صفات الناس واختلاف سلوكياتهم. ولا شك أن هناك أنواعًا تغلب عليها صفة الإيجابية وأنواعًا أخرى تغلب عليها صفة السلبية. وبالتالي فإنه من المناسب أن نتعامل مع الأفراد على أساس الجوانب الإيجابية لديهم. فلو أن زيدًا إنتاجيته عالية لكنه سريع الغضب فالأولى أن نستغل الجانب الإيجابي لديه في تكليفه بمهام تحتاج إلى إنتاجية عالية. وبالمقابل لا نكلفه بأعمال تتطلب مقابلة الجمهور والتعامل معهم.
المراجع:
1- أندرو برادبيري، كيف تحسن مهارات الاتصال مع الآخرين، دار الفكر للنشر والتوزيع، القاهرة، 2003م.
2- بدر محمد الأنصاري، قياس الشخصية، الكويت: دار الكتاب الحديث، 2000م.
3- براندون توروبوف، فن ومهارة التعامل مع الناس، مكتبة جرير 2000م.
4- بيتر هوني، الأفراد ذوو المشكلات وكيفية التعامل معهم، ترجمة عبدالله القرشي، معهد الإدارة، الرياض، 1424هـ.
5- دونا دبروز، كيف تهتم بموظفيك وتحفزهم، مكتبة جرير، 1999م.
6- خضير حمود، السلوك التنظيمي، دار صفا للنشر والتوزيع، عمان، 2002م.
7- سامي الباحسين، الموظفون ومديروهم لعبة القط والفأر في المؤسسات، جريدة الجزيرة، العدد رقم 12664 في 15/5/1428هـ الموافق 1/6/2007م.
8- سعد سعيد آل غالب، الاتصال في مجال الإدارة حاجة ملحة لنجاح العمل، جريدة الرياض، العدد 13884 في 3 جمادى الآخرة 1427هـ الموافق 29 يونيو 2006م.
9- محمد عبدالله الغيث، فن إدارة العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، جريدة عكاظ، العدد 9979، 15/6/1414هـ.
10- منصور بن صالح اليوسف، الحاجب والرئيس، جريدة الجزيرة، العدد 18، يوم الاثنين، 21/1/1427هـ الموافق 20/2/2006م.
11- هيربرت أي سايمون، السلوك الإداري، ترجمة د عبدالرحمن هيجان، د عبدالله بن إهنية، معهد الإدارة العامة، الرياض، 1424هـ.
12- يوسف الأقصري، الشخصية المؤثرة، دار اللطائف، القاهرة، 2001 م.
13- Jack Philips, Adel Connell, Managing employee retention: a strategic accountability approach, Burlington, Mass Elsevier, 2003.
14- Malcolm Carlaw, Managing and motivating contact center employees: tools and techniques for inspiring outstanding, New York McGraw- Hill، 2003
التحميلات المرفقة
نشرت فى 3 فبراير 2013
بواسطة amer123123
عبد الفتاح أمير عباس أبوذيد
موقع لغوي تربوي وأدبي وقيمي الرؤية والرسالة والأهداف: رؤيتنا: الرؤية : الارتقاء بالمنظومة التعليمية والتربوية بما يؤسس لجيل مبدع منتمٍ لوطنه معتزاً بلغته فخوراً بدينه رسالتنا: السعي لتقديم خدمات تربوية وتعليمية ذات جودة عالية بتوظيف التقنية الحديثة ضمن بيئة جاذبة ومحفزة ودافعة للإبداع الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها · إعداد »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
14,642,425
ساحة النقاش